«البتكوين» تتجاوز 88 ألف دولار وتسجل أعلى مستوى منذ مارس

بدعم من ضعف الدولار وآمال الانفصال عن الأسهم الأميركية

عملات البتكوين والإيثريوم (د.ب.أ)
عملات البتكوين والإيثريوم (د.ب.أ)
TT

«البتكوين» تتجاوز 88 ألف دولار وتسجل أعلى مستوى منذ مارس

عملات البتكوين والإيثريوم (د.ب.أ)
عملات البتكوين والإيثريوم (د.ب.أ)

تشهد الأسواق المالية العالمية مؤشرات على تحوّل ملحوظ في ديناميكيات العلاقة بين «البتكوين» والأسواق الأميركية، في ظل استمرار ضعف الدولار وتصاعد المخاوف المرتبطة بالوضع الاقتصادي العالمي.

فقد ارتفع سعر «البتكوين» بنسبة 1.4 في المائة إلى أعلى مستوى لها منذ أوائل مارس (آذار)، عند نحو 88580 دولاراً ما عزز الآمال في أن أكبر عملة رقمية بدأت أخيراً في الانفصال عن نمطها التقليدي المرتبط بالحركة المتزامنة مع أسهم التكنولوجيا الأميركية. فبعد تأثرها لفترة وجيزة بعمليات البيع الواسعة التي طالت الأصول عالية المخاطر عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض رسوم جمركية شاملة على الحلفاء والخصوم الجيوسياسيين على حدّ سواء، قفزت «البتكوين» بنحو 20 في المائة من أدنى مستوياتها المسجلة في 7 أبريل (نيسان).

ومع هذا الصعود، بدأت العملة المشفرة تتداول بطريقة أقرب إلى الذهب، الذي يُعد الملاذ الآمن الأبرز في أوقات الاضطراب وعدم اليقين. وقد تزامن ذلك مع استمرار الضغوط البيعية على البورصات الأميركية، حيث تراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 2 في المائة في آخر جلسة تداول.

ومنذ فبراير (شباط)، سجّلت الأسواق حركة خروج واضحة من الأصول ذات المخاطر المرتفعة، ترافقت مع قفزة قياسية في أسعار الذهب التي بلغت 3500 دولار للأونصة؛ وهو مستوى تاريخي غير مسبوق.

الدولار الضعيف محرّك رئيسي

جاء التحول المحوري في مسار «البتكوين» بالتزامن مع الهبوط المتسارع لمؤشر الدولار، الذي تراجع من 110 نقاط في يناير (كانون الثاني) إلى ما دون 99 نقطة هذا الأسبوع، بل لامس لفترة وجيزة مستوى 98. هذا التراجع السريع والنادر في وتيرته وحجمه حفّز استجابة فورية من «البتكوين»، التي ارتفعت بنسبة 3 في المائة خلال يوم واحد، متزامنة مع انخفاض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500».

ويُرجح هذا الانفصال في الأداء بين العملة المشفرة والأسهم الأميركية أن العامل الأساسي المحرّك حالياً هو ضعف الدولار، وليس فقط تقلبات شهية المخاطرة التقليدية.

سيناريوهات مستقبلية

تثير هذه المستجدات تساؤلات حول ما إذا كان هذا الانفصال مؤقتاً أم يمثل بداية مرحلة جديدة يُنظر فيها إلى «البتكوين» باعتباره أصلاً مالياً مستقلاً.

فرغم أن ضعف الدولار يُشكّل دعماً قوياً للعملة الرقمية، فإن أي ارتداد في مؤشر الدولار قد يُلقي بثقله على الأسعار، خاصة في ظل بقاء عوائد سندات الخزانة الأميركية مرتفعة، ما يُبقي على الجاذبية النسبية للدولار قائمة.

من جانب آخر، فإن الارتفاع التاريخي في أسعار الذهب يعكس استمرار الأسواق في تسعير مستويات مرتفعة من القلق، وسط تزايد المخاوف من تباطؤ النمو العالمي أو احتمال نشوء أزمة مالية جديدة.

الاعتبارات السياسية على الطاولة

تبقى التطورات السياسية، لا سيما فيما يتعلق بالسياسات التجارية للرئيس ترمب، عاملاً حاسماً في توجيه دفة الأسواق. إذ إن أي تغيّر مفاجئ في توجهات البيت الأبيض قد يدفع الأسواق إلى إعادة تقييم توقعاتها حيال السياسات النقدية والتجارية، وهو ما سينعكس بدوره على مختلف فئات الأصول، بما في ذلك «البتكوين».

وبناءً عليه، تبدو «البتكوين» – التي لطالما وُصفت بـ«الذهب الرقمي» – في طريقها لاستعادة بريقها باعتبارها أصلاً بديلاً في وجه ضعف الدولار والمخاطر النظامية المتزايدة. غير أن مسارها المستقبلي يظل مرهوناً بعوامل متغيرة، أبرزها تحركات العملة الأميركية، ونتائج الظروف السياسية والاقتصادية عالمياً.


مقالات ذات صلة

بدعم من ابنَيْ ترمب... «أميركان بتكوين» تعلن اندماجاً لطرحها في «ناسداك»

الاقتصاد نموذج توضيحي لعملات «بتكوين» ومخطط أسعار (رويترز)

بدعم من ابنَيْ ترمب... «أميركان بتكوين» تعلن اندماجاً لطرحها في «ناسداك»

تعتزم «أميركان بتكوين»، وهي شركة تعدين مدعومة من نجلَي الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الإدراج في «ناسداك» عبر اندماج كامل مع «غريفون ديجيتال ماينينغ».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد شعار بتكوين خلال مؤتمر «توكن 2049» في دبي (أ.ف.ب)

«بتكوين» تتجاوز 100 ألف دولار لأول مرة منذ فبراير

تجاوز سعر بتكوين 100,000 دولار أميركي، يوم الخميس، للمرة الأولى منذ فبراير، واستقرت عند نحو 100,629 دولار.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة )
الاقتصاد صورة توضيحية للرئيس الأميركي دونالد ترمب وهو يحمل عملة بتكوين في هونغ كونغ (رويترز)

سعر «بتكوين» يهبط دون 75 ألف دولار للمرة الأولى منذ 5 أشهر

انخفض سعر «بتكوين» إلى ما دون مستوى 75 ألف دولار، للمرة الأولى منذ 5 أشهر، وسط مخاوف متزايدة من انهيار سوق عالمي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد شعار شركة «بلاك روك» على شاشة في قاعة بورصة نيويورك (أرشيفية - رويترز)

«بلاك روك» تطلق أول منتج «بتكوين» متداول في البورصة بأوروبا

أطلقت شركة «بلاك روك» أول منتج «بتكوين» مُتداول في البورصة في أوروبا، في خطوة تهدف إلى الاستفادة من الطلب المتزايد على تداول العملات الرقمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد العملة المشفرة «بتكوين» في الماء (رويترز)

«بتكوين» تسجل أعلى مستوى منذ 7 مارس متجاوزة 88 ألف دولار

سجلت العملة المشفرة «بتكوين» ارتفاعاً ملحوظاً في تعاملات يوم الاثنين، حيث توسعت مكاسبها لليوم الثاني على التوالي، محققة أعلى مستوى لها منذ 7 مارس.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

جمانا الراشد: العصر الرقمي اليوم يوفّر بيئة مثالية لصناعة المحتوى

جانب من الجلسات الحوارية في «ملتقى سيدات الأعمال» (الشرق الأوسط)
جانب من الجلسات الحوارية في «ملتقى سيدات الأعمال» (الشرق الأوسط)
TT

جمانا الراشد: العصر الرقمي اليوم يوفّر بيئة مثالية لصناعة المحتوى

جانب من الجلسات الحوارية في «ملتقى سيدات الأعمال» (الشرق الأوسط)
جانب من الجلسات الحوارية في «ملتقى سيدات الأعمال» (الشرق الأوسط)

أكدت الرئيسة التنفيذية لـ«المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)»، جمانا الراشد، أن العصر الرقمي الذي نعيشه اليوم يوفّر بيئة مثالية لصناعة المحتوى، بفضل الترابط الرقمي والتقنيات الحديثة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، الذي يتيح للمؤسسات الإعلامية فهم جمهورها وتفضيلاته بشكل أعمق.

وشددت الراشد خلال كلمة لها في ملتقى «فورتشن» للسيدات الأقوى، على أن امتلاك استراتيجية إعلامية واضحة، إلى جانب الاستثمار المستمر في رفع المهارات والتدريب، يُعدّان من الضروريات لتمكين الصحافيين من مواكبة التحديات المتسارعة.

وأضافت أن تقلص مدى الانتباه لدى الجمهور لا يعني تقليل أهمية المحتوى أو التنازل عن النزاهة التحريرية، بل يتطلب تكيّفاً مع سلوك الجمهور المتغيّر والمنصات التي يفضل استهلاك المحتوى من خلالها.

ولفتت الراشد إلى أن التحدي الحقيقي لا يكمن في منافسة الأدوات الرقمية الجديدة، بل في تبنيها ضمن الاستراتيجية الأساسية للمؤسسات الإعلامية، موضحةً أنه «إذا أصبحت هذه الأدوات جزءاً من استراتيجيتك، فلن تعود مضطراً للتنافس معها، بل تكون جزءاً منها».

وأشارت إلى أن منطقة الشرق الأوسط تضم شريحة شبابية واسعة، إذ إن غالبية السكان دون سن الثلاثين، وهم جيل رقمي يعيش على الإنترنت ويستهلك المحتوى عبر الشاشات.

وأكدت أن هذا الجمهور لا يرغب في محتوى مُجدول، بل يريده في الزمان والمكان المناسبين، ما يستدعي تقديم المحتوى بالأشكال والمنصات التي اعتاد عليها. واعتبرت أن استراتيجية المحتوى التي كانت تعتمد سابقاً على نموذج موحّد وإعادة تدوير المواد لم تعد صالحة، مشيرة إلى أهمية إنتاج محتوى أصلي ومخصص لكل منصة، مع الاستفادة من أدوات التحليل الفوري لقياس الأداء.

وفيما يخص التعامل مع الذكاء الاصطناعي، نبهت الراشد إلى ضرورة الالتزام بالمبادئ الصحافية الأساسية، مثل التحقق من صحة المعلومات من مصدرين على الأقل، وعدم الاكتفاء بتتبع ما يتم تداوله على المنصات الرقمية. لكنها في الوقت ذاته أكدت أن الجمهور بات يميل للرجوع إلى المصادر التقليدية والموثوقة للتحقق من الأخبار، خصوصاً في أوقات الأحداث الكبرى والطارئة.

ودعت الراشد وسائل الإعلام إلى استثمار هذه اللحظة لإبراز دورها المحوري في نقل الحقيقة ومواكبة القضايا، مع الحفاظ على النزاهة والمهنية، وقالت: «نحن لا نعيد اختراع العجلة، بل نخلق مصادر جديدة للإيرادات». وأوضحت أن «SRMG» عملت على تنويع مصادر دخلها من خلال تأسيس شركة للفعاليات، ليست فقط لربحية هذا القطاع، بل لتعزيز الحضور التفاعلي لعلامتها القوية التي تضم أكثر من 30 مطبوعة.

كما تطرّقت الراشد إلى تأسيس «SRMG Labs»، الذراع الإبداعية للمجموعة، التي تسهم في تقديم محتوى مخصص وعالي الجودة للعملاء، بالاعتماد على البيانات والتحليلات المستمدة من منصات المجموعة، بما يسهم في تعزيز العائدات وزيادة الربحية.

واختتمت كلمتها بالإشارة إلى أن المجموعة، رغم ريادتها السابقة في العديد من المبادرات الإعلامية مثل إطلاق أول مجلة نسائية وأول مواقع إلكترونية، دخلت التحول الرقمي قبل أكثر من أربع سنوات. وأوضحت أن لدى المجموعة استراتيجية تحول رقمي شاملة، انطلقت من إنتاج محتوى رقمي أصيل للجمهور الرقمي، وهو ما مهّد لتبني الذكاء الاصطناعي والاستفادة منه بشكل فعّال اليوم.