تأثيرات «محدودة» للرسوم الجمركية على سوق العقارات في السعودية

متخصصون توقعوا ارتفاعاً طفيفاً في تكاليف استيراد مواد البناء... واتجاهاً للمشاريع الفاخرة

أحد مشاريع «الوطنية للإسكان» (واس)
أحد مشاريع «الوطنية للإسكان» (واس)
TT

تأثيرات «محدودة» للرسوم الجمركية على سوق العقارات في السعودية

أحد مشاريع «الوطنية للإسكان» (واس)
أحد مشاريع «الوطنية للإسكان» (واس)

بعد أكثر من أسبوعين من فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوماً جمركية بنسبة 10 في المائة على دول مجلس التعاون الخليجي، من ضمن قائمة الرسوم التي فرضها عالمياً، تُطرح تساؤلات عن مدى انعكاس هذه الرسوم على قطاع العقارات في السعودية، والذي يعدُّ ركيزة أساسية في سعي المملكة لتحقيق الاستدامة والنمو الاقتصادي.

رأى مختصون عقاريون واقتصاديون أن تأثيرات الرسوم الجمركية على السوق العقارية السعودية، سوف تكون «معتدلة» و«محدودة»، وتوقعوا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن ترتفع تكاليف استيراد مواد البناء المستخدمة في مشاريع البنية التحتية والتطوير العقاري، بنسب قد تتراوح بين 2 و5 في المائة. وأشاروا إلى أن السوق العقارية سجلت خلال عام 2024 صفقات بنحو 2.5 تريليون ريال (نحو 666 مليار دولار)، مدفوعة بمشاريع «رؤية 2030» والحوافز الضريبية الحكومية، مما يعزز ثقة المستثمرين في القطاع العقاري، واستمراره بوصفه قطاعاً جاذباً للاستثمار الفردي والمؤسسي، وملاذاً آمناً لرؤوس الأموال، في ظل التوترات والتذبذبات التي تشهدها أسواق المال العالمية.

يقول الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد»، محمد حمدي عمر، لـ«الشرق الأوسط»، إن «السوق العقارية السعودية ستواجه تأثيرات معتدلة، نتيجة زيادة الرسوم الجمركية، وما سينشأ عنها من تأثيرات على رسوم التجارة العالمية؛ خصوصاً في تكاليف مواد البناء المستخدمة في مشاريع البنية التحتية والتطوير العقاري»، موضحاً أن السعودية «كانت قد زادت في عام 2020 الرسوم الجمركية على مواد البناء لترتفع مستوياتها من 5 و12 في المائة، وتصل إلى 15 في المائة، لمواد كثيرة، منها الفولاذ والألمنيوم والآلات».

وأضاف: «من المتوقع أن تؤدي الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة في ظل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى زيادة تكاليف استيراد مواد الفولاذ والخرسانة والألمنيوم، بنسبة بين 3.4 في المائة و7 في المائة. وبالطبع، فإن هذا سيلقي بظلاله على ارتفاع تكاليف البناء، والتي قد تزيد بين 2 و5 في المائة سنوياً، نتيجة للطلب المتنامي في ظل مشاريع البنية التحتية والتطوير العقاري القائمة حالياً في أغلب المدن السعودية، وكذلك المخطط لها خلال الفترة القادمة». وتحدث عن «إمكانية إضافة ما بين 10 و20 دولاراً إلى أسعار الصلب، والتي تشكل نحو 20 في المائة من المكونات الرئيسية في البناء، وكذلك الخرسانة التي قد تشهد ارتفاعاً في الأسعار بنسبة تتراوح بين 5 و10 في المائة، نتيجة لارتفاع تكاليف الطاقة والخدمات اللوجستية».

أحد مشاريع وزارة البلديات والإسكان السعودية (الشرق الأوسط)

ولفت حمدي عمر إلى أن هذه التأثيرات وارتفاع التكاليف قد تجبر بعض المطورين على تأجيل أو إلغاء مشاريع ذات هوامش ربح ضئيلة، و«هذا قد يرفع معدلات النقص الحالي في المساكن والمشاريع السكنية في المملكة».

وأشار إلى أن التعاملات العقارية في السعودية وصلت إلى 2.5 تريليون ريال خلال عام 2024، مما يعد رقماً قياسياً مدفوعاً بمشاريع «رؤية 2030» والحوافز الضريبية الحكومية، مثل إعفاءات ضريبة القيمة المضافة للمشترين لأول مرة، مضيفاً أنه رغم حالة التقلبات المالية العالمية فإن نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في المملكة والإصلاحات التي تشهدها يعززان ثقة المستثمرين ويجعل القطاع العقاري في المملكة جاذباً للاستثمار الفردي والمؤسسي.

عقارات في مكة المكرمة غرب السعودية (واس)

وأضاف: «إنه ينبغي الإشارة إلى المخاطر المحتملة من ارتفاع تكاليف مواد البناء وأسعار العقارات، والتي في الأغلب لن تؤثر على المشترين من ذوي الدخل المتوسط؛ بل سوف تطول بشكل أكثر العقارات الفاخرة. ورغم ذلك، نتوقع أن نرى مزيداً من مشاريع العقارات الفاخرة في المملكة، لكي تتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة في هذا الإطار، وتدفقات السياح والمستثمرين الأجانب القادمين إليها».

من جانبه، يرى الخبير والمقيِّم العقاري المهندس أحمد الفقيه، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «سوق العقار السعودية تعتمد بشكل أكبر على السوق الصينية في استيراد مواد البناء المستخدمة في مشاريع التطوير العقاري، وهو ما يشير إلى أن التأثير سيكون محدوداً في سوق التطوير العقاري، وقد لا يذكر في بعض المشاريع»، مضيفاً أن «العقارات في أي سوق عالمية، ومن بينها السوق السعودية، بالإضافة إلى الذهب، ستظل دوماً ملاذاً آمناً وحاضناً لرؤوس الأموال في أي اقتصاد، وبالتالي فستستفيد السوق العقارية من هجرة الأموال من الأسواق المالية، في ظل ما تشهده أسواق المال من اضطرابات وتذبذب مع حرب الرسوم الجمركية الأميركية».


مقالات ذات صلة

الرياض تجمع قادة المدن العربية والأوروبية لتعزيز الشراكات الحضرية والتنموية

الاقتصاد الأمير الدكتور فيصل بن عبد العزيز بن عيّاف (الشرق الأوسط)

الرياض تجمع قادة المدن العربية والأوروبية لتعزيز الشراكات الحضرية والتنموية

أكد أمين منطقة الرياض أن المدن العربية والأوروبية تواجه اليوم تحديات متقاربة وأحياناً متباينة، وهو ما تطلب تصميم الحوار حول محاور رئيسية ترتبط بالجانبين.

آيات نور (الرياض)
خاص غداء عمل بين الرئيس ترمب وولي العهد السعودي في واشنطن عام 2018 (أ.ف.ب) play-circle

خاص الرياض تستقبل ترمب... شراكة استراتيجية وصفقات استثمارية غير مسبوقة

يستعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب لزيارة السعودية في 13 مايو (أيار) الحالي، لتكون محطته الأولى ضمن جولاته الخارجية الرسمية بعد توليه المنصب.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد مجسم للرئيس الأميركي دونالد ترمب أمام العلم الأميركي مطبوعاً عليه عبارة: «تعريفات جمركية» (رويترز)

هل يتراجع ترمب عن رسومه العالية ضد الصين؟

استبق ترمب انعقاد المحادثات بين المسؤولين الأميركيين والصينيين في سويسرا يوم السبت، وألمح إلى أنه قد يخفض الرسوم الجمركية على الصين إلى 80 بالمائة.

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد كيفن هاسيت يتحدث مع عدد من الصحافيين في البيت الأبيض فبراير 2025 (رويترز)

مستشار ترمب الاقتصادي: اتفاقية التجارة مع بريطانيا نموذج لصفقات مقبلة

قال مستشار البيت الأبيض الاقتصادي كيفن هاسيت، يوم الجمعة، إن اتفاقية التجارة مع المملكة المتحدة تُمثّل نموذجاً مبدئياً لاتفاقيات مستقبلية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مصفاة نفطية قرب مدينة ليسيتشانسك الصناعية شرق أوكرانيا (أ.ف.ب)

النفط لمكاسب أسبوعية... والأعين على سويسرا

ارتفعت أسعار النفط، يوم الجمعة، متجهة إلى تحقيق مكاسب أسبوعية، مع ظهور بوادر انحسار التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، أكبر مستهلكي نفط في العالم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

البيت الأبيض يعلن التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين

وزير الخزانة والممثل التجاري الأميركيان يتحدثان إلى الصحافة (أ.ب)
وزير الخزانة والممثل التجاري الأميركيان يتحدثان إلى الصحافة (أ.ب)
TT

البيت الأبيض يعلن التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين

وزير الخزانة والممثل التجاري الأميركيان يتحدثان إلى الصحافة (أ.ب)
وزير الخزانة والممثل التجاري الأميركيان يتحدثان إلى الصحافة (أ.ب)

أعلن البيت الأبيض «التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين»، أمس (الأحد)، بعد أن لمح مسؤولان أميركيان رفيعا المستوى إلى اتفاق محتمل مع بكين عقب محادثات جرت بين البلدين في سويسرا خلال عطلة نهاية الأسبوع.

وبعد بيان البيت الأبيض الذي أشار إلى أن الرئيس دونالد ترمب سيعرض تفاصيله، اليوم (الاثنين)، صدر بيان آخر من رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ أكد إحراز تقدم في المحادثات مع الولايات المتحدة، واصفاً إياها بأنها كانت «صريحة» و«بناءة»، و«أحرزت تقدماً جوهرياً». لكنه أضاف أن «الصين لا تريد خوض حرب تجارية، ولكن إذا أصرت الولايات المتحدة، فلن تخاف منها وستقاتل حتى النهاية». وأكد استعداد الصين للعمل مع الولايات المتحدة لإدارة الخلافات وتوسيع قائمة التعاون، موضحاً أن الطرفين اتفقا على آلية للتفاوض، وأنه سيتم إصدار بيان مشترك اليوم.

ويأتي هذا الإعلان بعد أن صرح وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت للصحافيين بأنه كان هناك «تقدم كبير» في المحادثات بشأن نزع فتيل الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، التي أشعلتها رسوم ترمب الجمركية على الصين بنسبة 145 في المائة.