المستثمرون الصينيون يستعدون ليوم «قاتم» بسبب الرسوم الانتقامية

بكين ردت على ترمب وأكدت استعدادها لـ«القتال حتى النهاية»

شخص يحمل العلم الصيني في بكين (إ.ب.أ)
شخص يحمل العلم الصيني في بكين (إ.ب.أ)
TT
20

المستثمرون الصينيون يستعدون ليوم «قاتم» بسبب الرسوم الانتقامية

شخص يحمل العلم الصيني في بكين (إ.ب.أ)
شخص يحمل العلم الصيني في بكين (إ.ب.أ)

من المقرر أن تفتح الأسواق الصينية أبوابها يوم الاثنين، بعد عطلة نهاية أسبوع طويلة. ويستعد المستثمرون لبداية قاتمة، بسبب رد الصين على الرسوم الجمركية الأميركية.

وكان مؤشر الأسهم الصينية المدرجة في الولايات المتحدة قد انخفض بنسبة 8.9 في المائة يوم الجمعة، وهو أكبر تراجع منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2022، وسط اضطرابات السوق العالمية، بعد أن أعلنت بكين عن فرض رسوم جمركية بنسبة 34 في المائة على جميع الواردات من الولايات المتحدة. جاء ذلك خلال عطلة للأسهم الصينية وهونغ كونغ، والتي ستستأنف التداول يوم الاثنين.

وقد يؤدي انخفاض مماثل في الأسهم المحلية إلى وضع كثير من مؤشرات الأسهم الصينية -مثل مؤشر «هانغ سنغ» للشركات الصينية، صاحب أفضل أداء عالمي لهذا العام- في تصحيح فني، وفي بعض الحالات على وشك الدخول في سوق هبوطية، وفق «بلومبرغ». سيؤدي ذلك إلى إنهاء انتعاش ناشئ في أصول البلاد، ما لم يتدخل المستثمرون المقيمون في البر الرئيسي وصائدو الصفقات، لوقف هذا التراجع.

وقد أدى الرد السريع من جانب الصين، في أعقاب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن أكبر زيادة في الرسوم الجمركية منذ قرن، الأسبوع الماضي، إلى زيادة احتمالات حدوث ركود عالمي. كما عكست عمليات البيع المكثفة في الأسهم الصينية المدرجة في الولايات المتحدة المخاوف من مزيد من ردود الفعل المتبادلة بين أكبر اقتصادين في العالم.

حتى الآن، هذا العام، أظهرت الأسهم الصينية مرونة رغم تصاعد التوترات التجارية. ويعزى ذلك إلى التفاؤل بشأن التقدم الذي أحرزته البلاد في مجال الذكاء الاصطناعي، والتوقعات بأن تدفع الضغوط الخارجية صانعي السياسات إلى زيادة الدعم الاقتصادي. وارتفع مؤشر «إم إس سي آي» للصين بنسبة 13 في المائة منذ بداية العام، مقارنة بانخفاضٍ يقارب 14 في المائة في مؤشر «ستاندرد آند بورز 500».

سيكون اليوان أيضاً محط أنظار؛ إذ لطالما صرَّح المحللون بأن بكين قد تُضعف عُملتها لتعزيز الصادرات، وتخفيف أثر الرسوم الجمركية الأميركية المرتفعة. وقد انخفض اليوان إلى أضعف مستوى له منذ فبراير (شباط) في التعاملات الداخلية، عقب إعلان ترمب عن الرسوم الجمركية.

وكانت الصين قد أعلنت يوم الجمعة عن رسوم متناسبة على جميع السلع الأميركية وضوابط تصدير المعادن النادرة، ما دفع الرئيس الأميركي إلى السخرية من رد فعل بكين، ووصفه بالخطوة «الخاطئة». وفي وقت لاحق، ذكر حساب على موقع «ويبو» تابع لتلفزيون الصين المركزي الحكومي، أن الأمة مستعدة لـ«القتال حتى النهاية».

ويوم السبت، أفادت وكالة أنباء «شينخوا» المملوكة للدولة، بأن بكين ستواصل اتخاذ «إجراءات حازمة» للدفاع عن اقتصادها وحماية سيادتها وأمنها ومصالحها الأخرى.

في غضون ذلك، بدأ المتداولون في تسعير ما يبدو بشكل متزايد كأنه حلقة من ردود الفعل السلبية. لم يُبدِ ترمب أي إشارة تُذكر للتراجع، حتى مع محو 5.4 تريليون دولار من القيمة السوقية لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» في جلستين، وهو أسوأ انهيار منذ أن ضربت الجائحة الولايات المتحدة في عام 2020.

كما يتناقض رد الصين بشكل صارخ مع جهود الدول الآسيوية الأخرى لتلبية مطالب ترمب، بدلاً من اتخاذ خطوات مضادة. فقد أعلنت فيتنام وكمبوديا وإندونيسيا في الأيام الأخيرة أنها منفتحة على المفاوضات، بينما قالت سنغافورة إنها لا تخطط للرد. وتعمل الهند على التوصل إلى اتفاق تجاري ثنائي محتمل لتخفيف الضربة.

وكتب شين أوليفر، كبير الاقتصاديين في شركة «إي إم بي» المحدودة، في مذكرة يوم السبت، أن رد الصين أدى إلى «زيادة المخاوف من الركود، وضربة كبيرة للأرباح. هذا يدفعنا إلى مزيد من الحرب التجارية».


مقالات ذات صلة

الصين تتوقف عن شراء الغاز المسال من الولايات المتحدة

الاقتصاد ناقلة غاز طبيعي مسال تغادر الرصيف بعد تفريغها في محطة الاستلام التابعة لشركة بتروتشاينا في داليان بمقاطعة لياونينغ الصين (رويترز)

الصين تتوقف عن شراء الغاز المسال من الولايات المتحدة

توقفت واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال الأميركي تماماً لأكثر من 10 أسابيع، وفقاً لبيانات الشحن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ سيارات صينية الصنع مُعدّة للتصدير في ميناء (أ.ف.ب)

فرض رسوم على السفن المرتبطة بالصين لدى رسوها في الولايات المتحدة

سيتعيّن على مالكي ومشغّلي السفن المصنوعة في الصين دفع رسوم جديدة عندما ترسو في الموانئ الأميركية، وهو إجراء من المقرر دخوله حيز التنفيذ في غضون 180 يوما.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ)

ترمب: الصين تواصلت مع أميركا بشأن الرسوم الجمركية

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخميس، إن الصين تواصلت مع الولايات المتحدة منذ فرضت رسوماً جمركية على وارداتها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب برئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في البيت الأبيض قبل اجتماعهما (د.ب.أ)

ترمب وميلوني يتفقان على التفاوض لصفقة حول الرسوم الجمركية

عبّر الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن اعتقاده بإمكانية التوصل إلى اتفاق تجاري مع رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، قبل انتهاء فترة تجميد الرسوم الجمركية.

هبة القدسي (واشنطن)
العالم من اجتماع الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (أ.ف.ب) play-circle

ترمب متأكد من إبرام اتفاق جمركي مع الاتحاد الأوروبي

أعلن الرئيس الأميركي الذي يستقبل، الخميس، رئيسة الوزراء الإيطالية أنه واثق بنسبة «100 %» من أنه سيتم التوصل إلى اتفاق بشأن الرسوم الجمركية مع الاتحاد الأوروبي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الصين تتوقف عن شراء الغاز المسال من الولايات المتحدة

ناقلة غاز طبيعي مسال تغادر الرصيف بعد تفريغها في محطة الاستلام التابعة لشركة بتروتشاينا في داليان بمقاطعة لياونينغ الصين (رويترز)
ناقلة غاز طبيعي مسال تغادر الرصيف بعد تفريغها في محطة الاستلام التابعة لشركة بتروتشاينا في داليان بمقاطعة لياونينغ الصين (رويترز)
TT
20

الصين تتوقف عن شراء الغاز المسال من الولايات المتحدة

ناقلة غاز طبيعي مسال تغادر الرصيف بعد تفريغها في محطة الاستلام التابعة لشركة بتروتشاينا في داليان بمقاطعة لياونينغ الصين (رويترز)
ناقلة غاز طبيعي مسال تغادر الرصيف بعد تفريغها في محطة الاستلام التابعة لشركة بتروتشاينا في داليان بمقاطعة لياونينغ الصين (رويترز)

توقفت واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال الأميركي تماماً لأكثر من 10 أسابيع، وفقاً لبيانات الشحن التي تُظهر كيف امتدت الحرب التجارية الصينية الأميركية إلى التعاون في مجال الطاقة، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز».

منذ وصول ناقلة غاز طبيعي مسال حمولتها 69 ألف طن من كوربوس كريستي في تكساس إلى مقاطعة فوجيان الجنوبية في 6 فبراير (شباط)، لم تكن هناك أي شحنات أخرى بين البلدين.

وتمت إعادة توجيه ناقلة ثانية إلى بنغلاديش بعد فشلها في الوصول قبل أن تفرض الصين تعريفة جمركية بنسبة 15 في المائة على الغاز الطبيعي المسال الأميركي في 10 فبراير. وقد ارتفعت التعريفة منذ ذلك الحين إلى 49 في المائة، مما يجعل الغاز الأميركي غير اقتصادي للمشترين الصينيين في المستقبل المنظور.

يُعد تجميد الغاز الطبيعي المسال الأميركي تكراراً لحظر على الواردات استمر لأكثر من عام خلال الولاية الأولى للرئيس دونالد ترمب. لكن تأثير هذه المواجهة قد تكون له تداعيات بعيدة المدى، إذ يُعزز علاقة الصين مع روسيا في مجال الطاقة، ويثير تساؤلات حول التوسع الهائل في محطات الغاز الطبيعي المسال التي تُقدر قيمتها بمليارات الدولارات، الجاري تنفيذها في الولايات المتحدة والمكسيك، وفق الصحيفة البريطانية.

وصرحت آن صوفي كوربو، أخصائية الغاز في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا: «ستكون هناك عواقب بعيدة المدى. لا أعتقد أن مستوردي الغاز الطبيعي المسال الصينيين سيتعاقدون على أي واردات جديدة من الغاز الطبيعي المسال الأميركي».

منذ حرب روسيا على أوكرانيا، استوردت الصين حصةً منخفضةً نسبياً من الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، حيث فضّل المشترون الصينيون إعادة بيع الغاز إلى أوروبا لتحقيق ربح. في العام الماضي، لم يأتِ سوى 6 في المائة من الغاز الطبيعي المسال الصيني من الولايات المتحدة، بانخفاضٍ عن ذروته البالغة 11 في المائة في عام 2021.

ومع ذلك، وقّعت شركات صينية، بما في ذلك «بتروتشاينا» و«سينوبك»، 13 عقداً طويل الأجل لشراء الغاز الطبيعي المسال من محطات أميركية، بعضها يمتد حتى عام 2049، وفقاً لبيانات شركة «كبلر».

كانت هذه الصفقات طويلة الأجل ضروريةً لإطلاق مشروعات ضخمة للغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة، على الرغم من أن كوربو قال إن المطورين حاولوا مؤخراً إعادة التفاوض على الشروط لمراعاة ارتفاع التضخم وتكاليف التعريفات الجمركية الأميركية.

وقالت جيليان بوكارا، المحللة في شركة «كبلر»، إنها لا ترى أي سببٍ لاستئناف التجارة بين البلدين على المدى القصير. في المرة الأخيرة التي حدث فيها هذا، كان هناك توقف تام حتى منحت السلطات الصينية إعفاءات للشركات، ولكن ذلك كان في وقت ازدهار الطلب على الغاز. أضافت: «الآن نتطلع إلى انخفاض النمو الاقتصادي، ونعتقد أن الصينيين قادرون على تحمل فقدان هذه الشحنات لفترة طويلة».

وصرح سفير الصين لدى روسيا في وقت سابق من هذا الأسبوع أن الصين ستزيد على الأرجح وارداتها من الغاز الطبيعي المسال الروسي بدلاً من ذلك. وقال تشانغ هانهوي: «أعلم على وجه اليقين أن هناك الكثير من المشترين. يطلب العديد من المشترين من السفارة المساعدة في إقامة اتصالات مع الموردين الروس، وأعتقد أنه سيكون هناك بالتأكيد المزيد (من الواردات)».

برزت روسيا كثالث أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال إلى الصين، بعد أستراليا وقطر؛ كما يتفاوض البلدان على خط أنابيب غاز جديد، يُعرف باسم «قوة سيبيريا 2». وصرح ريتشارد برونز، من شركة «إنرجي أسبكتس» للاستشارات في مجال الطاقة: «مع ارتفاع الرسوم الجمركية إلى مستوى يُمثل حظراً فعلياً، سنشهد إعادة تنظيم لتدفقات التجارة». وأضاف: «نتوقع أيضاً انخفاض الطلب الآسيوي بمقدار 5-10 ملايين طن ككل. ومن شأن ذلك أن يُخفض أسعار الغاز قليلاً في أوروبا».