ما المتوقع في «يوم التحرير» الأميركي؟

حاويات في ميناء بالتيمور في ماريلاند (أ.ف.ب)
حاويات في ميناء بالتيمور في ماريلاند (أ.ف.ب)
TT
20

ما المتوقع في «يوم التحرير» الأميركي؟

حاويات في ميناء بالتيمور في ماريلاند (أ.ف.ب)
حاويات في ميناء بالتيمور في ماريلاند (أ.ف.ب)

يوم الأربعاء هو «يوم التحرير» في أميركا... وهذه المناسبة هي اللحظة التي يُعلن فيها الرئيس الأميركي دونالد ترمب جوهر سياسته التجارية، خصوصاً فيما يتعلق بالرسوم الجمركية المتبادلة.

قبل ما يقرب من 100 عام، سنّت الولايات المتحدة قانون رسوم جمركية أشعل فتيل حرب تجارية عالمية، وأطال أمد الكساد الكبير وعمّقه. والآن، يراهن ترمب على أن العالم قد تغير بما يكفي لضمان عدم تكرار التاريخ.

ومن المقرر أن يفرض الأربعاء ما يُسمى الرسوم الجمركية المتبادلة، وغيرها من الرسوم فيما سمّاه «يوم التحرير» - وهي خطوة من المتوقع أن تشمل شريحة أوسع من التجارة، مقارنةً برسوم سموت-هاولي لعام 1930 التي لطالما كانت بمثابة قصة تحذيرية حول الحمائية، وفق «بلومبرغ». ويُعد هذا جزءاً من مشروع ترمب الأوسع نطاقاً لتفكيك نظام التجارة العالمي الذي أسهمت الولايات المتحدة في بنائه من حطام تلك الحقبة، اعتقاداً منه أن الأميركيين نالوا معاملة ظالمة.

وكانت تفاصيل مهمة - كمستوى الرسوم الجمركية، ومدتها، وأي إعفاءات لدول أو قطاعات - محل نقاش داخل البيت الأبيض خلال الأيام الأخيرة. ويعتمد كل ذلك على ميول ترمب، المعروف بتقلب تصرفاته، والذي من المقرر أن يستغل مؤتمراً صحافياً في حديقة الورود يوم الأربعاء لإطلاق الرسوم الجمركية الجديدة.

حاويات متراكمة في ميناء بالتيمور في ماريلاند (أ.ف.ب)
حاويات متراكمة في ميناء بالتيمور في ماريلاند (أ.ف.ب)

وفي هذا الإطار، أشارت صحيفة «فاينانشيال تايمز» إلى 4 نقاط تحظى بإجماع المحللين، وهي:

  • سيترك برنامج الرسوم الجمركية متوسط الرسوم المفروضة على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة بين 10 و20 في المائة.
  • سيتم الإعلان عن فرض رسوم جمركية فورية، أو شبه فورية على مجموعة الدول التي تعاني من أكبر الاختلالات التجارية مع الولايات المتحدة (الصين والاتحاد الأوروبي والمكسيك وفيتنام وآيرلندا وألمانيا وتايوان واليابان وكوريا الجنوبية وكندا والهند وتايلاند وإيطاليا وسويسرا وماليزيا). وسيتم فرضها باستخدام شكل أو آخر من أشكال الامتيازات التنفيذية.
  • سيتم تأجيل تطبيق التعريفات القطاعية، بالإضافة إلى تعريفات السيارات، إلى موعد لاحق، ريثما تُجري الإدارة مزيداً من الدراسات. ولكن من المتوقع تطبيق تعريفات قطاعية على أشباه الموصلات والأدوية والأخشاب والنحاس في نهاية المطاف.
  • يتوقع كثيرون في «وول ستريت» إشارات إلى تخفيف محتمل للتعريفات الجمركية على المكسيك وكندا، ربما في شكل تأكيد على أن السلع «المتوافقة» مع اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا بين الدول الثلاث، ستظل معفاة من التعريفات الجمركية.

من ناحية أخرى، لا تعرف «وول ستريت» ما يجب أن تفكر فيه بشأن نقطتين أساسيتين. فما زال من غير الواضح أي التعريفات الجمركية ستتراكم، وأين ستُطبق أعلى تعريفة فقط. كما أن شدة التعامل مع الحواجز غير الجمركية (الحصص، وقيود التراخيص، والضرائب الأخرى، إلخ)، سواء أكانت حقيقية أم مُتخيلة، غير معروفة تقريباً.

وفيما يتعلق بالآثار المترتبة على الرسوم الجمركية في السوق، فإن الإجماع واضح للغاية على أنها سلبية بالنسبة للأسهم، حيث إنها ستقلل من الأرباح، وإيجابية بالنسبة للدولار. ويرى الكثيرون أيضاً أنها إيجابية بالنسبة لأسعار السندات.

وقال مايكل زيزاس، رئيس قسم أبحاث السياسة الأميركية في «مورغان ستانلي»: «النتيجة التي ستكون أكثر فائدة للدخل الثابت مقارنة بالأسهم، هي تلك التي يتلقى فيها المستثمرون وضوحاً كبيراً بشأن الزيادات الكبيرة في التعريفات الجمركية. وقد يبدو ذلك على شكل زيادات في التعريفات الجمركية تتجاوز فروق التعريفات الجمركية، لحساب ضرائب الاستهلاك الأجنبي والحواجز غير الجمركية، بالإضافة إلى إشارة واضحة إلى أن سقف التفاوض مع الشركاء التجاريين مرتفع للتخفيف من الإجراءات الجديدة. وهنا، وفقاً لخبرائنا الاقتصاديين، هناك جانب سلبي واضح لتوقعاتنا للنمو الأميركي التي هي بالفعل أقل من توقعاتنا للنمو في الولايات المتحدة».

لماذا يريد ترمب فرض رسوم جمركية متبادلة؟

لطالما اعتقد ترمب أن الولايات المتحدة تُعامل معاملة غير عادلة في التجارة العالمية. ويجادل بأن كثيراً من الدول تفرض رسوماً جمركية على السلع الأميركية أعلى مما تفرضه الولايات المتحدة على سلعها، مما يُحدث اختلالًا في التوازن.

على سبيل المثال، تفرض الهند رسوماً جمركية أعلى بنسبة تتراوح بين 5 في المائة و20 في المائة من الرسوم الأميركية على 87 في المائة من السلع المستوردة، وفقاً لبيانات منظمة «غلوبال تريد أليرت»، وهي منظمة تُقيّم سياسات التجارة.

وصرّح ترمب بأنه يريد فرض رسوم مماثلة على الواردات الأميركية التي تفرضها دول أخرى على المنتجات الأميركية.

إلى جانب إجبار القوى الكبرى مثل الصين والاتحاد الأوروبي على خفض رسومها الجمركية، يعتقد ترمب أن الرسوم الجمركية المتبادلة ستعزز سياسته الاقتصادية «أميركا أولاً»، من خلال تضييق العجز التجاري للبلاد مع تحسين القدرة التنافسية للمصنّعين الأميركيين.

وقال ترمب للصحافيين عند توقيعه مراسيم فرض الرسوم الجمركية المتبادلة في فبراير (شباط): «هذا ينطبق على كل دولة، وأساساً، عندما يعاملوننا بإنصاف، نعاملهم بإنصاف».

ومع ذلك، أشار الاقتصاديون إلى أن الولايات المتحدة تستفيد من وجود اختلالات تجارية كبيرة مع بقية العالم، إذ يُستخدم الدولار - العملة الاحتياطية العالمية بحكم الواقع - في معظم المعاملات التجارية، مما يُعطي دفعة قوية للاقتصاد الأميركي.

تستخدم الدول الدولارات التي تجنيها من التجارة لاستثمارها في الولايات المتحدة، غالباً في السندات الحكومية والأسهم والعقارات. وهذا يُبقي أسعار الفائدة الأميركية منخفضة، ويسمح للشركات والمستهلكين الأمريكيين بالاقتراض والإنفاق أكثر.

وقد أحدثت أجندة ترمب انقساماً في أوساط الشركات الأميركية. إذ حذّرت غرفة التجارة الأميركية من أن الشركات الصغيرة ستتضرر بشدة. حتى شركة «تسلا» - التي يدعم رئيسها التنفيذي إيلون ماسك علناً أسلوب ترمب - حثّت على توخي الحذر. إلا أن شركات صناعة الصلب وبعض العلامات التجارية الاستهلاكية الشهيرة رحّبت باحتمالية زيادة الرسوم الجمركية الأميركية، إذ شكت من تدفق غير عادل للواردات.


مقالات ذات صلة

انكماش متزايد بقطاع التصنيع الأميركي خلال أبريل

الاقتصاد الروبوتات المستقلة تجمّع سيارة من طراز «إكس» في منشأة تصنيع «بي إم دبليو» بولاية كارولينا الجنوبية (رويترز)

انكماش متزايد بقطاع التصنيع الأميركي خلال أبريل

انكمش قطاع التصنيع الأميركي بشكل أكبر في أبريل (نيسان) الماضي، مع استمرار تأثير الرسوم الجمركية على السلع المستوردة، مما فاقم الضغوط على سلاسل التوريد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد عمال مصنع يشغلون مكابس آلية في شركة «أبيبا كندا» (رويترز)

انكماش حاد للتصنيع الكندي في أبريل بسبب ضبابية التجارة الأميركية

انكمش نشاط قطاع التصنيع في كندا خلال شهر أبريل (نيسان) بأسرع وتيرة منذ الموجة الأولى لجائحة «كوفيد - 19»، في ظل حالة عدم اليقين التي تكتنف السياسات التجارية.

«الشرق الأوسط» (تورونتو )
الاقتصاد أشخاص يصطفون أمام مركز التوظيف في كنتاكي للحصول على إعانات البطالة (أرشيفية - رويترز)

ارتفاع طلبات إعانة البطالة الأميركية أكثر من المتوقع

ارتفع عدد الأميركيين المتقدمين بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة أكثر من المتوقع خلال الأسبوع الماضي، في إشارة محتملة إلى تصاعد عمليات تسريح العمال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد عمال يُسوّون خليطاً مصبوباً في مصنع «آيس ستون» لأسطح الزجاج المعاد تدويره بنيويورك (رويترز)

تباطؤ في تسريح العمالة بأميركا خلال أبريل

تراجعت عمليات تسريح العمالة المُعلنة من قبل أصحاب العمل الأميركيين خلال أبريل إلا أن الشركات واصلت ترددها في تعزيز التوظيف وسط غموض يكتنف التوقعات

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعارات «أمازون» و«أبل» و«فيسبوك» و«غوغل» في صورة مركبة (رويترز)

الذكاء الاصطناعي ينعش أرباح عمالقة التكنولوجيا رغم تحديات الرسوم

تتباين حظوظ الشركات التكنولوجية الكبرى في مشهد الأعمال سريع التغير، حيث يُغذّي الطلب المتزايد على الذكاء الاصطناعي النمو في مجالات الإعلانات السحابية، والرقمية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

انكماش متزايد بقطاع التصنيع الأميركي خلال أبريل

الروبوتات المستقلة تجمّع سيارة من طراز «إكس» في منشأة تصنيع «بي إم دبليو» بولاية كارولينا الجنوبية (رويترز)
الروبوتات المستقلة تجمّع سيارة من طراز «إكس» في منشأة تصنيع «بي إم دبليو» بولاية كارولينا الجنوبية (رويترز)
TT
20

انكماش متزايد بقطاع التصنيع الأميركي خلال أبريل

الروبوتات المستقلة تجمّع سيارة من طراز «إكس» في منشأة تصنيع «بي إم دبليو» بولاية كارولينا الجنوبية (رويترز)
الروبوتات المستقلة تجمّع سيارة من طراز «إكس» في منشأة تصنيع «بي إم دبليو» بولاية كارولينا الجنوبية (رويترز)

انكمش قطاع التصنيع الأميركي، بشكل أكبر، في أبريل (نيسان) الماضي، مع استمرار تأثير الرسوم الجمركية على السلع المستوردة، مما فاقم الضغوط على سلاسل التوريد، وأدى إلى زيادة أسعار المُدخلات.

وأعلن معهد إدارة التوريد (ISM)، يوم الخميس، أن مؤشر مديري المشتريات لقطاع التصنيع تراجع إلى أدنى مستوى له في خمسة أشهر، مسجلاً 48.7 نقطة في أبريل، مقارنة بـ49.0 نقطة في مارس (آذار). وتشير قراءة المؤشر دون 50 نقطة إلى انكماش بالقطاع، الذي يُمثل 10.2 في المائة من الاقتصاد. وكان الاقتصاديون، الذين استطلعت «رويترز» آراءهم، قد توقعوا تراجع المؤشر إلى 48 نقطة.

وشمل الاستطلاع إعلان الرئيس ترمب فرض رسوم جمركية في «يوم التحرير»، والذي أدى إلى فرض رسوم شاملة على معظم الواردات من شركاء الولايات المتحدة التجاريين، بما في ذلك زيادة الرسوم الجمركية على السلع الصينية إلى 145 في المائة، ما أشعل فتيل حرب تجارية مع بكين.

ويعتمد قطاع التصنيع بشكل كبير على المواد الخام المستوردة. وقد أنهى الانخفاض الشهري، الثاني على التوالي، في مؤشر مديري المشتريات انتعاشاً قصيراً بالقطاع، الذي كان مدفوعاً بتوقعات لبيئة تنظيمية أقل صرامة من إدارة ترمب، وخفض أسعار الفائدة من قِبل «الاحتياطي الفيدرالي».

ولم يُظهر المسح أي مؤشرات على أن المصانع استبقت الواردات، الشهر الماضي، على الرغم من أن المخاوف من ارتفاع الأسعار بسبب الرسوم الجمركية دفعت بعض الشركات إلى تقديم طلباتها في وقت أبكر. وقد أثّر تدفق الواردات على الناتج المحلي الإجمالي، في الربع الأول.

وتحسَّن المؤشر الفرعي للطلبات الجديدة المستقبلية في مسح معهد إدارة التوريد (ISM) إلى 47.2، بعد انخفاضه إلى 45.2 في مارس، وهو أدنى مستوى له منذ مايو (أيار) 2023.

وظلّ الإنتاج في المصانع منخفضاً، وتدهور أداء تسليم المورّدين، الشهر الماضي. وارتفع مؤشر تسليم المورّدين، في المسح، إلى 55.2، من 53.5 خلال مارس، مما يشير إلى تباطؤ في عمليات التسليم.

ومع تباطؤ عمليات التسليم، ارتفع مؤشر أسعار المُصنِّعين لمُدخلات الإنتاج إلى 69.8 نقطة، وهو أعلى مستوى له منذ يونيو (حزيران) 2022، مقارنة بـ69.4 نقطة في مارس. وهذا يشير إلى انتعاش أسعار السلع، التي انخفضت في مارس.

كما انخفض مؤشر الواردات، لأول مرة منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي. واستمرت المصانع في تسريح العمالة، وإن تباطأت وتيرة ذلك، إذ ارتفع مؤشر التوظيف بقطاع التصنيع إلى 46.5 نقطة، من 44.7 نقطة في مارس.