مع اهتزاز الثقة بحكومة ترمب... مسؤولون أوروبيون يناقشون مدى الاعتماد على «الفيدرالي» لتأمين الدولار

أوراق نقدية من الدولار (رويترز)
أوراق نقدية من الدولار (رويترز)
TT
20

مع اهتزاز الثقة بحكومة ترمب... مسؤولون أوروبيون يناقشون مدى الاعتماد على «الفيدرالي» لتأمين الدولار

أوراق نقدية من الدولار (رويترز)
أوراق نقدية من الدولار (رويترز)

يتساءل بعض مسؤولي البنوك المركزية الأوروبية وبعض مسؤولي الإشراف على البنوك المركزية الأوروبية، عما إذا كان لا يزال بإمكانهم الاعتماد على «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي لتوفير التمويل بالدولار في أوقات ضغوط السوق، مما يلقي بعض الشكوك حول ما كان حجر الأساس للاستقرار المالي، وفق ما كشفه 6 أشخاص مطلعين لـ«رويترز».

وقالت المصادر إنهم يعدُّون أنه من غير المرجح إلى حد بعيد ألا يحترم «الاحتياطي الفيدرالي» دعمه التمويلي. ولم يعطِ البنك المركزي الأميركي نفسه أي إشارات توحي بذلك.

إلا أن المسؤولين الأوروبيين أجروا مناقشات غير رسمية حول هذا الاحتمال -وهو ما تنقله «رويترز» للمرة الأولى- لأن ثقتهم في حكومة الولايات المتحدة قد اهتزت بسبب بعض سياسات إدارة ترمب. فقد قام الأخير بانفصال حاد عن سياسة الولايات المتحدة القائمة منذ فترة طويلة في عدة مجالات، مثل الظهور بمظهر المؤيد لموقف روسيا بشأن أوكرانيا، وإثارة التساؤلات حول التزام الولايات المتحدة بالأمن الأوروبي، وفرض رسوم جمركية على حلفائها.

وفي بعض المنتديات الأوروبية التي يقيِّم فيها المشاركون المخاطر المحتملة على النظام المالي، ناقش هؤلاء المسؤولون السيناريوهات التي قد تضغط بموجبها الحكومة الأميركية على «الاحتياطي الفيدرالي» لتعليق العمل بالدعم النقدي للدولار، حسب اثنين من المصادر.

وقال المصدران إن بعض المسؤولين يدرسون ما إذا كان بإمكانهم إيجاد بدائل للبنك المركزي الأميركي.

في أوقات ضغوط السوق، قدم بنك الاحتياطي الفيدرالي للبنك المركزي الأوروبي ونظرائه الرئيسيين الآخرين إمكانية الحصول على تمويل بالدولار.

الخلاصة من هذه المناقشات: لا يوجد بديل جيد لـ«الاحتياطي الفيدرالي»، كما قالت المصادر الستة، والتي تضم كبار موظفي الإشراف المصرفي في البنك المركزي الأوروبي والاتحاد الأوروبي الذين لديهم معرفة مباشرة بالمحادثات.

وطلبت جميع المصادر عدم الكشف عن هويتها، للتحدث بصراحة عن المداولات الخاصة.

معروف أن «الاحتياطي الفيدرالي» هو مؤسسة مستقلة مسؤولة أمام الكونغرس. لم يلمح البنك المركزي أبداً إلى أنه لن يقف وراء دعائمه الخلفية، والتي يحتفظ بها بوصفها خط دفاع أول ضد امتداد الصدمات الاقتصادية أو المالية الأجنبية إلى الولايات المتحدة.

وفي سياق منفصل، قال 5 من كبار مسؤولي البنك المركزي في منطقة اليورو، إن المحادثات غير الرسمية -التي عُقدت خارج اجتماعات صانعي السياسات العادية- لم تكن مدفوعة بأي إشارات من «الاحتياطي الفيدرالي» أو من قيادة البنك المركزي الأوروبي.

وقال أحد المصادر المطلعة بشكل مباشر على المحادثات، إن الأمر نوقش في الأسابيع الأخيرة في مجموعات العمل التي تساعد المسؤولين على دراسة القضايا، وشارك فيها كبار موظفي البنوك المركزية الأوروبية وكبار الموظفين الإشرافيين.

وقال آخر إنه من المتوقع أن تُطرح مسألة ما إذا كان بإمكان أوروبا الاعتماد على دعم بنك «الاحتياطي الفيدرالي» في مناقشات أكثر رسمية قريباً. وأوضح أحد المصادر أن المناقشات تأتي وسط «احتمالية تراجع التعاون الدولي من جانب السلطات الأميركية».

وخلال جلسة استماع للبرلمان الأوروبي يوم الخميس، حول تحول الولايات المتحدة إلى الحمائية وتأثيرها على الاقتصاد الأوروبي، قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، إن العلاقة مع «الاحتياطي الفيدرالي» لم تتغير منذ تولي ترمب منصبه في يناير كانون الثاني)

تقييم المخاطر

بصفته البنك المركزي لدول منطقة اليورو العشرين، يضع البنك المركزي الأوروبي السياسة النقدية، وهو مسؤول عن زيادة مرونة النظام المالي، وتحديد المخاطر المحتملة. كما أنه يشرف على البنوك الكبرى في المنطقة، والتي تُعدُّ من بين أكبر البنوك في العالم.

وقالت المصادر إن المناقشات حول بدائل التمويل هي جزء من تحليل أوسع لنقاط الضعف في النظام المالي في منطقة اليورو، وهو ما يقوم به البنك المركزي الأوروبي والجهات التنظيمية الأخرى في الاتحاد الأوروبي بشكل طبيعي؛ حسب المصادر.

الدولار الأميركي هو العُملة المهيمنة على التجارة الاقتصادية وتدفقات رأس المال. وفي أوقات التوتر، يهرع المستثمرون والشركات والمؤسسات المالية إلى العملة الاحتياطية العالمية الآمنة.

وفي الآونة الأخيرة في عام 2023، قدم «الاحتياطي الفيدرالي» عشرات المليارات من الدولارات إلى البنك المركزي السويسري، الأمر الذي مكَّن بدوره بنك «كريدي سويس» من تلبية طلب العملاء على النقد. وفي حين كان لا بد من إنقاذ بنك «كريدي سويس» في نهاية المطاف، فإن «الاحتياطي الفيدرالي» ساعد في تجنب الانهيار الداخلي الذي كان من الممكن أن يدمر النظام المالي، كما يقول المحللون.

وعلى الرغم من الشكوك التي أعرب عنها المسؤولون المصرفيون في أحاديثهم الخاصة، فإن المسؤولين الأوروبيين يرون أن احتمال قيام بنك «الاحتياطي الفيدرالي» بتقليص خطوط تمويله ليس سوى احتمال بعيد للغاية، وذلك وفقاً لمسؤولي البنوك المركزية الخمسة في منطقة اليورو الذين تحدثوا أيضاً إلى «رويترز» شرط عدم الكشف عن هويتهم. وذلك لأن مثل هذه الخطوة من جانب «الاحتياطي الفيدرالي» ستكون لها تداعيات عميقة على الأسواق العالمية والاستقرار المالي والاقتصاد. ومن المحتمل أيضاً أن يرتد ذلك على الاقتصاد الأميركي، ويهدد هيمنة الدولار، ويقلل الطلب على الديون الحكومية الأميركية؛ حسبما قال كثير من المصادر.

وفي حين أن استقلالية «الاحتياطي الفيدرالي» ليست موضع تساؤل، فإن 4 من المصادر الستة المطلعة على المناقشات قالت إن بعض المسؤولين الأوروبيين يشعرون أنه من المحتمل أن تزيد إدارة ترمب من الضغط على البنك المركزي بمرور الوقت، مما يؤدي إلى سيناريو عدم توفير تمويل بالدولار.

وقال أحد المصادر إن المسؤولين في الاتحاد الأوروبي قلقون بشأن اقتراض البنوك الأوروبية على المدى القصير بالدولار، مما يجعل استمرار الوصول إلى خطوط ائتمان «الاحتياطي الفيدرالي» أمراً حيوياً.

وقد أظهرت دراسة حديثة للبنك المركزي الأوروبي أن نحو 17 في المائة من تمويل بنوك منطقة اليورو بالدولار.


مقالات ذات صلة

وزراء ترمب يطلقون تصريحات متضاربة حول إجراء محادثات جمركية مع الصين

العالم العلمان الصيني والأميركي يرفرفان خارج مبنى شركة أميركية في بكين (رويترز) play-circle

وزراء ترمب يطلقون تصريحات متضاربة حول إجراء محادثات جمركية مع الصين

أطلق وزراء في الإدارة الأميركية، اليوم (الأحد)، تصريحات متضاربة حول إجراء الولايات المتحدة محادثات مع الصين بشأن الرسوم الجمركية التي فرض ترمب وردت عليها الصين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد ناقلة الغاز النفطي المسال «غاز جوستيسن» قادمةً من هيوستن في طريقها إلى ميناء أنتويرب بهولندا (إ.ب.أ)

صناعة الغاز الطبيعي المسال في أميركا تُحذر من «استحالة» الامتثال للقيود البحرية الجديدة

أبلغت شركات الغاز الطبيعي المسال إدارة ترمب بأنها لا تستطيع الامتثال للقواعد المتعلقة بالسفن الصينية، التي قالت إنها قد تضر بقطاع تصدير بـ34 مليار دولار سنوياً.

«الشرق الأوسط» (هيوستن)
الاقتصاد سفينة شحن تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (الموقع الإلكتروني لقناة السويس)

ترمب يطالب بالسماح للسفن الأميركية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إنه ينبغي السماح للسفن العسكرية والتجارية التابعة للولايات المتحدة بالمرور عبر قناتي السويس وبنما دون دفع أي رسوم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد أشخاص يمرون أمام متجر «أبل» في شنغهاي (أرشيفية - رويترز)

الشركات الأجنبية في الصين تواجه ضربة مزدوجة بسبب الحرب التجارية

تمثل الشركات الأجنبية والمشاريع المشتركة نحو ثلث إجمالي تجارة الصين، وفقاً لبيانات رسمية توضح مدى تأثر الشركات الدولية في الصين بالحرب التجارية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ترمب يحمل أمراً تنفيذياً موقعاً بشأن الرسوم الجمركية في حديقة البيت الأبيض (رويترز)

بكين تنفي محادثات تجارية مع واشنطن رغم مزاعم ترمب

قالت الصين، السبت، إنها لم تُجرِ أي محادثات مع الولايات المتحدة بشأن القضايا التجارية، على الرغم من ادعاء الرئيس ترمب تلقيه اتصالاً هاتفياً من الرئيس الصيني.

«الشرق الأوسط» (بكين)

مركز دبي التجاري العالمي يحقق ناتجاً اقتصادياً بنحو 6 مليارات دولار في 2024

المركز التجاري العالمي في مدينة دبي الإماراتية (الشرق الأوسط)
المركز التجاري العالمي في مدينة دبي الإماراتية (الشرق الأوسط)
TT
20

مركز دبي التجاري العالمي يحقق ناتجاً اقتصادياً بنحو 6 مليارات دولار في 2024

المركز التجاري العالمي في مدينة دبي الإماراتية (الشرق الأوسط)
المركز التجاري العالمي في مدينة دبي الإماراتية (الشرق الأوسط)

حقق المركز التجاري العالمي نتائج استثنائية خلال عام 2024، وذلك بمساهمة اقتصادية بلغت 22.35 مليار درهم (6.09 مليار دولار)، منها 13.04 مليار درهم (3.55 مليار دولار) ضمن الناتج المحلي الإجمالي لإمارة دبي، مستفيداً من استضافة 100 فعالية كبرى شارك فيها أكثر من مليوني شخص، بزيادة قدرها 32 في المائة على أساس سنوي.

ووفقاً للتقرير السنوي لتقييم الأثر الاقتصادي، أسهمت الفعاليات الكبرى التي نظمها المركز في دعم 85.5 ألف وظيفة، وشهدت حضوراً دولياً قوياً تجاوز 936 ألف مشارك، مما عزز مكانة دبي كمحور عالمي في قطاع الاجتماعات والحوافز والمؤتمرات والمعارض.

وقال الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، إن الأداء القوي للمركز والنتائج تعكس رؤية دبي المستقبلية وقدرتها على تحويل الفرص إلى إنجازات اقتصادية مستدامة بفضل بنيتها التحتية العالمية وبيئتها الاستثمارية المحفزة.

وأضاف: «يُعد قطاع المعارض والمؤتمرات من القطاعات الرئيسية في تعزيز مكانة دبي كمركز عالمي لالتقاء الأفكار وبناء الشراكات، ورافداً أساسياً من روافد تحقيق مستهدفات أجندة دبي الاقتصادية، ونواصل العمل على الارتقاء بقدرات هذا القطاع الحيوي لتأكيد استدامة إسهامه كركيزة أساسية لاقتصاد متنوع يقوده الابتكار... ستظل دبي وجهةً رئيسية للأفكار والاستثمار وريادة الأعمال... والمدينة التي تحوّل الفرص إلى إنجازات، والرؤية إلى قيمة مضافة إيجابية ومستدامة».

ووفقاً للتقرير، بلغ الإنفاق الناتج عن الفعاليات نحو 2.9 مليار درهم (789.7 مليون دولار)، فيما أوضح أن كل درهم يُنفق في فعاليات المركز يحقق ناتجاً اقتصادياً قدره 7.7 درهم (2.10 دولار) في اقتصاد دبي الأوسع.

وساهمت الفعاليات في تحقيق إيرادات مباشرة للقطاعات المرتبطة بلغت 13.17 مليار درهم (3.59 مليار دولار)، شملت قطاعات الفنادق، والسفر، والمطاعم، والأنشطة الترفيهية، حيث جاء الإنفاق في قطاع الترفيه التجاري ما يقارب 1.78 مليار درهم (484.8 مليون دولار) بزيادة 36 في المائة، وقطاع التجزئة بنحو 2.64 مليار درهم (719.2 مليون دولار) بزيادة 34 في المائة.

بالإضافة إلى أن بلغ الإنفاق في قطاع المطاعم والأغذية والمشروبات: 2.23 مليار درهم (607.2 مليون دولار) بزيادة 30 في المائة، والإقامة في الفنادق: 3.41 مليار درهم (928.8 مليون دولار) بزيادة 15 في المائة، والسفر الجوي والنقل الداخلي نحو 2.86 مليار درهم (778.8 مليون دولار) بزيادة 8 في المائة.

وأكد هلال المري، المدير العام لسلطة مركز دبي التجاري العالمي، أن التوسعات الجارية، ومنها المرحلة الأولى من توسعة مركز دبي للمعارض، ستسهم في تعزيز قدرة الإمارة على استضافة الفعاليات الكبرى ودعم النمو المستدام.

وبيّن التقرير أن المشاركين الدوليين، الذين بلغ متوسط إنفاق الواحد منهم 9,833 درهماً (2,678.5 دولار)، كانوا عاملاً رئيسياً في زيادة العائد الاقتصادي مقارنة بالمشاركين المحليين الذين بلغ متوسط إنفاقهم 1673 درهماً (456 دولاراً).

وتصدرت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قائمة المشاركات الدولية بنسبة 32 في المائة، تلتها أوروبا بنسبة 27 في المائة، فيما جاءت أكبر الجنسيات من السعودية، والهند، والصين، وتركيا، وعمان، والمملكة المتحدة.

كما كشف التقرير أن القطاعات الثلاثة - الرعاية الصحية والطب والعلوم، والأغذية والفنادق والمطاعم، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات - ساهمت بـ58 في المائة من القيمة الاقتصادية الإجمالية، محققة ناتجاً مضافاً بلغ 7.59 مليار درهم (2.07 مليار دولار)، مما يؤكد تنوع الفعاليات وأثرها الواسع على الاقتصاد المحلي.