ألمانيا تنهي عقود التقشف... «البوندسرات» يوافق على خطة الإنفاق الضخمة

لتعزيز النمو والدفاع

جلسة للمجلس الاتحادي الألماني لمناقشة إصلاح قاعدة الديون وحزمة التمويل المستقبلية للدفاع والبنية التحتية وحماية المناخ (د.ب.أ)
جلسة للمجلس الاتحادي الألماني لمناقشة إصلاح قاعدة الديون وحزمة التمويل المستقبلية للدفاع والبنية التحتية وحماية المناخ (د.ب.أ)
TT
20

ألمانيا تنهي عقود التقشف... «البوندسرات» يوافق على خطة الإنفاق الضخمة

جلسة للمجلس الاتحادي الألماني لمناقشة إصلاح قاعدة الديون وحزمة التمويل المستقبلية للدفاع والبنية التحتية وحماية المناخ (د.ب.أ)
جلسة للمجلس الاتحادي الألماني لمناقشة إصلاح قاعدة الديون وحزمة التمويل المستقبلية للدفاع والبنية التحتية وحماية المناخ (د.ب.أ)

وافق المجلس الاتحادي الألماني (البوندسرات) يوم الجمعة على خطة إنفاق ضخمة تهدف إلى إنعاش النمو في أكبر اقتصاد في أوروبا وتعزيز الجيش، متجاوزاً العقبة الأخيرة في مسار التحول السياسي التاريخي.

وتنهي التشريعات الجديدة عقوداً من المحافظة المالية في ألمانيا؛ إذ أنشأت صندوقاً بقيمة 500 مليار يورو (546 مليار دولار) لتمويل مشاريع البنية التحتية، مع تخفيف القواعد الصارمة للاقتراض للسماح بزيادة الإنفاق على الدفاع، وفق «رويترز».

ونجح الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي، اللذان يجريان محادثات ائتلافية بعد انتخابات الشهر الماضي، في تمرير الحزمة في البرلمان المنتهية ولايته لتجنب معارضة المشرعين من أقصى اليسار واليمين في «البوندستاغ» الجديد الذي يبدأ عمله في 25 مارس (آذار).

ودافع الزعيم المقبل، فريدريش مرتس، عن الجدول الزمني الضيق الذي أغضب الأحزاب المعارضة المتطرفة، بالإشارة إلى الوضع الجيوسياسي المتغير بسرعة.

ويخشى قادة الاتحاد الأوروبي من أن التحولات في السياسة الأميركية تحت إدارة الرئيس دونالد ترمب قد تعرض القارة لهجوم متزايد من روسيا والصين المتزايدتين قوة.

وقال ماركوس سويدير، رئيس وزراء بافاريا: «التهديد من الشرق، من موسكو، لا يزال قائماً، في حين أن الدعم من الغرب لم يعد كما اعتدنا عليه». وأضاف: «العلاقة مع الولايات المتحدة قد اهتزت عميقاً بالنسبة لي ولعديد من الآخرين. الألمان قلقون».

«خطة مارشال» الألمانية

تشكل هذه الإصلاحات تراجعاً كبيراً عن «قاعدة الديون» التي تم فرضها بعد الأزمة المالية العالمية في 2008، والتي تعرضت لانتقادات عديدة باعتبارها قديمة وتضع ألمانيا في قيد مالي.

وقال رئيس بلدية برلين، كاي فيغنر: «دعونا نكن صرحاء: ألمانيا قد أُهملت جزئياً على مر العقود». وأضاف: «لقد تم إدارة بنيتنا التحتية في السنوات الأخيرة أكثر من أن يتم تطويرها بشكل فعّال».

ووصف سويدير الحزمة بأنها «خطة مارشال»، في إشارة إلى المساعدات الاقتصادية الأميركية التي ساعدت في إنعاش الاقتصاد الأوروبي بعد الحرب العالمية الثانية.

ومع ذلك، يرى الاقتصاديون أن الأمر سيستغرق وقتاً قبل أن تبدأ التحفيزات في التأثير إيجابياً على الاقتصاد الذي انكمش على مدى عامين متتاليين.

وقال الاقتصادي في بنك «بيرنبرغ»، سالومون فيدلر: «ربما يستغرق الأمر حتى منتصف العام قبل أن تتمكن الحكومة الجديدة من تمرير موازنة عادية لعام 2025». وأضاف أنه لن يكون قبل وقت لاحق من هذا العام حتى يبدأ الإنفاق الجديد في التأثير بشكل فعلي.

انطلاقة قوية لمرتس؟

تمنح موافقة البرلمان على التشريعات مرتس الذي فاز حزبه في الانتخابات الشهر الماضي، انتصاراً كبيراً قبل أن يؤدي اليمين مستشاراً. ومع ذلك، فقد كلفه ذلك بعض الدعم؛ إذ وعد مرتس خلال حملته الانتخابية بعدم فتح صنابير الإنفاق بشكل فوري، ليعلن بعدها بفترة قصيرة عن تحول كبير في السياسة المالية.

واتهمه البعض، بما في ذلك داخل معسكره، بأنه خدع الناخبين. وأظهر استطلاع للرأي أجرته قناة «زد دي إف» يوم الجمعة أن 73 في المائة من المشاركين يشعرون بالخذلان منه، بما في ذلك 44 في المائة من ناخبي الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي.

وأظهر الاستطلاع أيضاً انخفاض دعم الحزب إلى 27 في المائة، في حين ارتفع دعم حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف إلى 22 في المائة.

وقال مرتس يوم الجمعة إنه يشعر بالقلق من هذه الاتهامات، لكنه فهمها إلى حدٍّ ما، مشيراً إلى أنه كان عليه أن يتصرف بسرعة بسبب التغيرات التي طرأت على السياسة الأميركية.

وأضاف في حدث في فرنكفورت: «أعلم أنني قد استنفدت مصداقيتي بشكل كبير، بما في ذلك مصداقيتي الشخصية».


مقالات ذات صلة

تركيا تحاول إقناع المستثمرين بالبقاء بعد أزمة إمام أوغلو

شؤون إقليمية استمرار الاحتجاجات الحاشدة على احتجاز رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (د.ب.أ)

تركيا تحاول إقناع المستثمرين بالبقاء بعد أزمة إمام أوغلو

عقد وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك، ورئيس البنك المركزي فاتح كاراهان، مباحثات مع مستثمرين دوليين. في مسعى لتلافي أزمة اعتقال إمام أوغلو.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد هشام طلعت مصطفى رئيس «طلعت مصطفى القابضة» مع فهد خاطر رئيس «ألاميدا للرعاية الصحية» بعد توقيع الاتفاقية (الشرق الأوسط)

شراكة بين «طلعت مصطفى» و«ألاميدا» بمشروعات طبية في مصر والسعودية

أعلنت مجموعة «طلعت مصطفى» أنها أبرمت شراكة استراتيجية مع مجموعة «ألاميدا»، لتطوير وإدارة الرعاية الطبية والصحية في مصر والسعودية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد باحث يستخدم ملعقة من مسحوق الغرافيت في أحد المعامل (رويترز)

اليابان تفرض 95.2 % رسوماً على أقطاب الغرافيت الصينية

قرر مجلس الوزراء الياباني فرض رسوم مكافحة إغراق بنسبة 95.2 بالمائة على صادرات أقطاب الغرافيت الصينية لمدة 4 أشهر.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد أوراق نقدية من اليورو (رويترز)

تحسّن المعنويات الاقتصادية يدفع عوائد سندات اليورو إلى الارتفاع

ارتفعت عوائد سندات منطقة اليورو مع تزايد إقبال المتداولين على الأصول ذات المخاطر العالية، مدعومة بمؤشرات مرونة في الرسوم الجمركية الأميركية المقبلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد فاكهة وخضراوات معروضة في إحدى الأسواق بالعاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

بنك اليابان: حيازات السندات ستواصل كبح العائدات

صرّح محافظ بنك اليابان بأن حيازات البنك الضخمة من السندات الحكومية ستواصل خفض العائدات طويلة الأجل لفترة من الوقت

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

«موديز»: القوة المالية الأميركية في تراجع مستمر بسبب العجز المالي وارتفاع الديون

بورصة نيويورك في حي المال في مانهاتن (رويترز)
بورصة نيويورك في حي المال في مانهاتن (رويترز)
TT
20

«موديز»: القوة المالية الأميركية في تراجع مستمر بسبب العجز المالي وارتفاع الديون

بورصة نيويورك في حي المال في مانهاتن (رويترز)
بورصة نيويورك في حي المال في مانهاتن (رويترز)

قالت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني، يوم الثلاثاء، إن القوة المالية الأميركية في طريقها للاستمرار في التراجع على مدى عدة سنوات، مع اتساع عجز الموازنة وصعوبة تحمل عبء الديون.

وأضافت الوكالة، في تقريرها، أن الوضع المالي للولايات المتحدة قد تدهور أكثر منذ أن خفّضت «موديز» توقعاتها بشأن التصنيف الائتماني الأميركي «إيه إيه إيه» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، وفق «رويترز».

يأتي هذا التقرير في وقت تتزايد فيه حالة عدم اليقين في الأسواق المالية الأميركية، حيث أثار قرار الرئيس دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية عقابية على شركاء تجاريين رئيسيين مخاوف المستثمرين من ارتفاع ضغوط الأسعار وتباطؤ اقتصادي حاد.

وقالت وكالة «موديز»: «حتى في ظل سيناريو اقتصادي ومالي إيجابي للغاية واحتمالية منخفضة، تظل القدرة على تحمل الديون أضعف مقارنةً بالدول الأخرى المصنفة (Aaa) التي تتمتع بتصنيف ائتماني عالٍ».

وتعد «موديز» آخر وكالة تصنيف ائتماني رئيسية تُبقي على تصنيف «إيه إيه إيه» للديون السيادية الأميركية، رغم أنها خفّضت توقعاتها في أواخر عام 2023 بسبب اتساع العجز المالي وارتفاع مدفوعات فوائد الديون.

وأضافت الوكالة، يوم الثلاثاء، أن ديون الحكومة الأميركية أصبحت أقل قدرة على التحمل بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، ما يعني أن الدور المركزي لسوق الدولار وسندات الخزانة أصبح أكثر أهمية في دعم التصنيف «إيه إيه إيه».

وأشارت الوكالة إلى أنه بالنظر إلى التأثير الائتماني السلبي المحتمل للرسوم الجمركية المرتفعة المستمرة، وتخفيضات الضرائب غير الممولة، والمخاطر الاقتصادية الجانبية الكبيرة، فإن احتمالات استمرار هذه القوى في تعويض اتساع العجز المالي وانخفاض القدرة على تحمل الديون تبدو ضئيلة.