الأسواق العالمية بين التفاؤل الآسيوي والمخاوف الأميركية

وسط ترقب لقرار «الفيدرالي»

متداول كوري جنوبي يشاهد الشاشات داخل بنك هانا في سيول بكوريا الجنوبية (إ.ب.أ)
متداول كوري جنوبي يشاهد الشاشات داخل بنك هانا في سيول بكوريا الجنوبية (إ.ب.أ)
TT
20

الأسواق العالمية بين التفاؤل الآسيوي والمخاوف الأميركية

متداول كوري جنوبي يشاهد الشاشات داخل بنك هانا في سيول بكوريا الجنوبية (إ.ب.أ)
متداول كوري جنوبي يشاهد الشاشات داخل بنك هانا في سيول بكوريا الجنوبية (إ.ب.أ)

تفاعلت الأسواق العالمية بقوة مع المستجدات الاقتصادية والجيوسياسية، حيث سجلت العقود الآجلة للأسهم الأميركية تراجعاً مقابل ارتفاع ملحوظ للأسهم في آسيا، في ظل تقييم المستثمرين للفجوة المتزايدة بين الاقتصاد الأميركي وبقية الاقتصادات العالمية. يأتي ذلك بالتزامن مع أسبوع حافل باجتماعات البنوك المركزية الكبرى، حيث تترقب الأسواق قرار مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي، والذي من المتوقع أن يبقي أسعار الفائدة دون تغيير عند اختتام اجتماعه يوم الأربعاء.

وفي أوروبا، انعكست التطورات السياسية والاقتصادية على أداء الأسواق، حيث تلقت الأسهم دعماً ملحوظاً من خطة الإصلاح المالي الألمانية، التي تتضمن إنشاء صندوق استثماري بقيمة 500 مليار يورو (540 مليار دولار) يهدف إلى تعزيز البنية التحتية وتخفيف قيود الاقتراض. وقد وافقت لجنة الموازنة البرلمانية الألمانية على هذا المشروع يوم الأحد، على أن يُعرض للتصويت في البوندستاغ يوم الثلاثاء، ثم في البوندسرات يوم الجمعة. وقد ساهم هذا الزخم في استقرار اليورو بالقرب من أعلى مستوياته في خمسة أشهر، حيث بلغ 1.0883 دولار، وفق «رويترز».

وقال بول ماكيل، الرئيس العالمي لأبحاث العملات الأجنبية في بنك «إتش إس بي سي»: «سيكون لتخفيف القيود المالية في ألمانيا تأثير جوهري على سعر اليورو، وسيتم اختبار ذلك بوضوح يوم الثلاثاء عند تصويت البوندستاغ على الحزمة. وفي حال عدم إقرارها، فقد يشكل ذلك ضربة قوية لليورو.»

وسجلت العقود الآجلة لمؤشر «يوروستوكس 50» ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.04 في المائة، في حين واصلت العقود الآجلة لمؤشر «داكس» مكاسبها بزيادة قدرها 0.22 في المائة. كما شهدت العقود الآجلة لمؤشر «فوتسي» ارتفاعاً بنسبة 0.15 في المائة، مما يعكس أداءً إيجابياً للأسواق الأوروبية.

أما في الأسواق الآسيوية، فقد أظهرت البيانات الصينية تسارع نمو مبيعات التجزئة خلال شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط)، وهو ما يُعتبر تطوراً إيجابياً لصانعي السياسات، رغم استمرار ارتفاع معدلات البطالة وتراجع الإنتاج الصناعي. ولم يكن رد فعل الأسواق كبيراً تجاه هذه البيانات، إذ ينتظر المستثمرون إعلانات رسمية من الجهات التنظيمية في بكين حول مزيد من الإجراءات لدعم الاستهلاك. وقد تراجع مؤشر «سي إس آي 300» الصيني بنسبة 0.26 في المائة، بينما ارتفع مؤشر «شنغهاي» المركب بنسبة 0.2 في المائة، وقفز مؤشر «هانغ سنغ» في هونغ كونغ بنسبة 0.9 في المائة. وكان مجلس الدولة الصيني قد كشف يوم الأحد عن مجموعة من التدابير التحفيزية، بما في ذلك رفع مستويات دخل الأفراد وإنشاء برامج لدعم رعاية الأطفال، بهدف تعزيز الإنفاق المحلي.

وجاء ذلك بعد أيام قليلة من تعهد الهيئة التنظيمية المالية في الصين بتخفيف القيود على الائتمان الاستهلاكي وتيسير شروط القروض، في خطوة تهدف إلى تقديم دعم طويل الأجل وتعزيز القدرة الشرائية للمستهلكين.

وفي هذا السياق، قال لين سونغ، كبير الاقتصاديين لشؤون الصين الكبرى في بنك «آي إن جي»: «نتوقع أن يؤدي التركيز المتزايد هذا العام على تحفيز الاستهلاك، إلى جانب قاعدة المقارنة المنخفضة من العام الماضي، إلى تحقيق نمو معتدل في الاستهلاك خلال 2025. ومع ذلك، فإن استمرار هذا التحسن سيعتمد إلى حد كبير على مدى استدامة الانتعاش في إنفاق المستهلكين».

واستقر اليوان عند 7.2384 للدولار في السوق المحلية. وسجّل مؤشر «إم إس سي آي»، الذي يعدّ المقياس الأوسع نطاقاً لأداء أسواق الأسهم في منطقة آسيا والمحيط الهادئ خارج اليابان، ارتفاعاً بنسبة 0.9 في المائة، في حين شهد مؤشر «نيكي» الياباني مكاسب بلغت 0.93 في المائة، ما يعكس موجة من التفاؤل في الأسواق الآسيوية وسط تحسن التوقعات الاقتصادية.

في المقابل، لم تكن الأسواق الأميركية على نفس المسار، حيث أظهرت العقود الآجلة للأسهم تراجعاً ملحوظاً، إذ انخفض مؤشر «ناسداك» بنسبة 0.71 في المائة، بينما فقد مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» نحو 0.63 في المائة من قيمته. وأثار وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت مخاوف المستثمرين عندما صرح بأنه «لا توجد ضمانات» بعدم حدوث ركود اقتصادي، وهو ما عزز القلق بشأن مستقبل الاقتصاد الأميركي. وقد زادت هذه المخاوف بعد أن رفض الرئيس دونالد ترمب في وقت سابق التنبؤ بما إذا كانت البلاد ستواجه ركوداً، في ظل استمرار الجدل حول تأثير سياساته التجارية، لا سيما فيما يتعلق بالرسوم الجمركية التي يهدد بفرضها.

وقال طوني سيكامور من «آي جي»: «عندما يرفض الرجلان الرئيسيان - الرئيس ترمب ومساعده الأيمن في الشؤون الاقتصادية - استبعاد حدوث ركود، فإن ذلك يُنذرنا بأن هناك أوقاتاً صعبة قادمة». وأضاف: «وهذا يوحي لي بأنهما على استعداد لتحمل هذا الألم قصير المدى من أجل تحقيق نصر طويل المدى».

وقد انعكس هذا القلق على أداء الدولار، حيث استقر مؤشره عند 103.72، بالقرب من أدنى مستوياته في خمسة أشهر، ما يعكس فقدانه أكثر من 4 في المائة من قيمته منذ بداية العام. في الوقت ذاته، ظل الين الياباني مستقراً عند 148.85 مقابل الدولار، وسط ترقب المستثمرين لاجتماع بنك اليابان، حيث من المتوقع أن يُبقي البنك المركزي الياباني أسعار الفائدة دون تغيير، على الرغم من تزايد التوقعات بتشديد سياسته النقدية لاحقاً هذا العام.


مقالات ذات صلة

النفط يرتفع على وقع مخاوف بشأن إمدادات إيران وروسيا وكندا

الاقتصاد مضخات الرفع تضخ النفط في حقل نفط على شواطئ بحر قزوين بباكو (رويترز)

النفط يرتفع على وقع مخاوف بشأن إمدادات إيران وروسيا وكندا

ارتفعت أسعار النفط في التعاملات الآسيوية المبكرة يوم الثلاثاء بفعل مخاوف بشأن الإمدادات، مع استعداد إيران لرفض مقترح الاتفاق النووي الأميركي.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد موظف بنك في بانكوك يقارن بين ورقة دولار مزيفة وأخرى أصلية (أرشيفية - رويترز)

هبوط الدولار يدفع المستثمرين نحو «تجارة الفائدة» في الأسواق الناشئة

أدى تراجع الدولار الأميركي منذ بداية رئاسة دونالد ترمب إلى جعله العملة المُفضّلة لتمويل تداولات «تجارة الفائدة»؛ ما حفّز تدفقات قوية نحو عملات الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة )
عالم الاعمال «بنك البلاد» يحصد «الدرع الفضية» من «يوتيوب» بوصفه أول مؤسسة مالية سعودية

«بنك البلاد» يحصد «الدرع الفضية» من «يوتيوب» بوصفه أول مؤسسة مالية سعودية

حقق «بنك البلاد» إنجازاً بحصوله على جائزة «الدرع الفضية» من «يوتيوب»، بعد تجاوز عدد المشتركين في قناته الرسمية على منصة «يوتيوب» حاجز 100 ألف مشترك.

الاقتصاد أحد المستثمرين في بورصة الكويت يراقب هبوط أسهم الشركات (أ.ف.ب)

معظم أسواق الخليج تتراجع وسط ضبابية الرسوم الجمركية الأميركية

توتر تجاري بين واشنطن وبكين يدفع معظم بورصات الخليج للتراجع، والسوق السعودية تهبط 1.5 %، بينما ترتفع قطر والكويت رغم الضغوط العالمية.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد رسم بياني لمؤشر أسعار الأسهم الألماني «داكس» في بورصة فرنكفورت (رويترز)

الأسهم الأوروبية تتراجع رغم اقترابها من مكاسب شهرية قوية

تراجعت الأسهم الأوروبية، يوم الجمعة، وسط أجواء حذرة، بعدما أعادت محكمة أميركية فرض الرسوم الجمركية التي أقرَّها الرئيس دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«طيران الرياض» و«كيه إل إم» الفرنسية توقعان مذكرة تفاهم للتعاون الاستراتيجي

دوغلاس وسميث يتصافحان بعد توقيع مذكرة التفاهم (لينكد إن)
دوغلاس وسميث يتصافحان بعد توقيع مذكرة التفاهم (لينكد إن)
TT
20

«طيران الرياض» و«كيه إل إم» الفرنسية توقعان مذكرة تفاهم للتعاون الاستراتيجي

دوغلاس وسميث يتصافحان بعد توقيع مذكرة التفاهم (لينكد إن)
دوغلاس وسميث يتصافحان بعد توقيع مذكرة التفاهم (لينكد إن)

وقّعت شركة «طيران الرياض»، الناقل الوطني الجديد في السعودية، مذكرة تفاهم مع «الخطوط الجوية الفرنسية - كي إل إم» (Air France - KLM)، مما يُمثّل خطوة هامة في مجال الربط العالمي للمسافرين بين الرياض وباريس وأمستردام ووجهاتٍ أبعد.

تُرسي مذكرة التفاهم، التي وقّعها الرئيس التنفيذي لشركة «طيران الرياض» توني دوغلاس، والرئيس التنفيذي لمجموعة الخطوط الجوية الفرنسية - كي إل إم، بنجامين سميث، خلال الاجتماع السنوي العام للاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) لعام 2025؛ الأساس لشراكة ديناميكية، وفقاً بيان.

ورهناً بالموافقات التنظيمية، يهدف التعاون إلى تقديم مجموعة واسعة من المزايا للضيوف تدريجياً، وفتح آفاقٍ جديدة في أوروبا الغربية، وأميركا الشمالية والجنوبية، والشرق الأوسط، وآسيا، والسعودية.

وفق البيان، ستُركّز هذه الشراكة الاستراتيجية على تعزيز الربط الشبكي، حيث سيعمل الشريكان معاً لتعظيم الفرص المستقبلية من خلال مركز «طيران الرياض» في العاصمة السعودية، ومركزي «الخطوط الجوية الفرنسية - كي إل إم» في مطاري باريس - شارل ديغول وأمستردام - شيبول.

وتمتد الشراكة أيضاً إلى مجالات مثل الصيانة والإصلاح والتجديد (MRO)، والتحول الرقمي، والاستدامة، وخدمات الشحن، مما يضمن نهجاً شاملاً لتقديم قيمة مضافة.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة «طيران الرياض» توني دوغلاس: «نحن ملتزمون بربط الرياض بالعالم، وستُسرّع شراكتنا مع الخطوط الجوية الفرنسية - كي إل إم، الرائدة عالمياً في مجال الطيران، كما نسعى لتحقيق رؤيتنا، وتقديم تجارب استثنائية، وتحقيق رؤيتنا طويلة المدى: (إعادة تعريف السفر الجوي من خلال الابتكار والتميز التشغيلي والخدمات التي تُركّز على راحة الضيوف)».

وأضاف أن «هذه الشراكة لا تُعزز شبكتنا الدولية فحسب، بل تُعزز أيضاً الثقة في مسار نمونا ودورنا في دعم أهداف التنويع الاقتصادي الأوسع للمملكة العربية السعودية في إطار (رؤية 2030)».

من جهته، قال الرئيس التنفيذي لـ«مجموعة الخطوط الجوية الفرنسية - كي إل إم»، بنجامين سميث، إن السعودية «تبرز بسرعة باعتبارها سوقاً رئيسية للطيران». وأضاف: «مع علاماتنا التجارية الثلاث: الخطوط الجوية الفرنسية، والخطوط الجوية الملكية الهولندية، وترانسافيا، التي تخدم البلاد الآن، ومع هذه الاتفاقية الجديدة مع طيران الرياض، نهدف إلى مواصلة تعزيز حضورنا في المنطقة».