تراجعت الأسهم الآسيوية رغم بيانات المصانع الصينية المتفائلة، وذلك بعد بداية قوية في التعاملات المبكرة، إذ يبدو أن الرسوم الجمركية المرتفعة على الواردات الأميركية من السلع الصينية ستدخل حيز التنفيذ يوم الثلاثاء.
وفي هونغ كونغ، قفزت أسهم سلسلة الشاي الصينية «ميكسوي بينغ تشنغ» بنسبة 43 في المائة يوم الاثنين عقب طرحها العام الأولي بقيمة 444 مليون دولار، حيث سجلت الشركة رقماً قياسياً محلياً للاشتراكات التي تجاوزت تريليون دولار هونغ كونغ (128 مليار دولار). وتزعم أنها أكبر سلسلة بيع بالتجزئة للأغذية عالمياً، بأكثر من 45 ألف منفذ. ورغم البداية القوية، تراجع مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ بنسبة 0.2 في المائة ليصل إلى 22898.55 نقطة، بينما انخفض مؤشر «شنغهاي» المركب بنسبة 0.3 في المائة مسجلاً 3310.52 نقطة. وفي طوكيو، ارتفع مؤشر «نيكي 225» بنسبة 1.7 في المائة ليبلغ 37785.47 نقطة، وفق «وكالة أسوشييتد برس».
وأغلقت الأسواق في كوريا الجنوبية بسبب عطلة، بينما سجل مؤشر «ستاندرد أند بورز/ إس إكس 200» في أستراليا ارتفاعاً بنسبة 0.9 في المائة ليصل إلى 8245.70 نقطة، في حين انخفض مؤشر «تايكس» في تايوان بنسبة 1.3 في المائة وتراجع مؤشر «إس إي تي» في بانكوك بنسبة 0.8 في المائة.
وأظهرت استطلاعات رأي مديري المصانع الصينيين علامات تحسن خلال فبراير (شباط)، مدفوعة بارتفاع الطلبات الجديدة، نتيجة تحرك الشركات بسرعة للتكيف مع الرسوم الجمركية المتزايدة على الصادرات إلى الولايات المتحدة، حيث رفعت إدارة الرئيس دونالد ترمب الرسوم الجمركية على السلع الصينية إلى 20 في المائة اعتباراً من يوم الثلاثاء. وأفادت صحيفة «غلوبال تايمز» التابعة للحزب الشيوعي الصيني بأن بكين تدرس خطوات انتقامية، من بينها فرض رسوم جمركية أعلى على صادرات الولايات المتحدة من المواد الغذائية والسلع الزراعية الأخرى.
وفي وول ستريت، قفز مؤشر «ستاندرد أند بورز 500» يوم الجمعة بنسبة 1.6 في المائة، بينما ارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي بنسبة 1.4 في المائة، وسجل مؤشر «ناسداك» المركب زيادة بنسبة 1.6 في المائة ليصل إلى 18847.28 نقطة. وكان مؤشر «ستاندرد أند بورز 500» قد شهد تراجعاً في خمسة من الأيام الستة السابقة بفعل تقارير اقتصادية أضعف من المتوقع، ومخاوف بشأن تأثير التعريفات الجمركية التي فرضها ترمب، مما أدى إلى تراجعه عن أعلى مستوياته القياسية خلال الأسبوع الماضي. كما انخفضت الأسهم المرتبطة بطفرة الذكاء الاصطناعي بشكل حاد، وهبطت قيمة عملة البتكوين بأكثر من 20 في المائة من ذروتها القياسية.
ويوم الجمعة، ارتفعت أسهم شركة «إنفيديا» بنسبة 4 في المائة بعد خسارة بلغت 8.5 في المائة يوم الخميس، مما جعلها القوة الدافعة الأكبر لصعود مؤشر «ستاندرد أند بورز 500». وقد جاء هذا الانتعاش في الأسواق مدفوعاً بتقرير اقتصادي حمل بين طياته مؤشرات متباينة، حيث أظهر تباطؤاً طفيفاً في التضخم على مستوى البلاد، كما توقع خبراء الاقتصاد، وفقاً للمقياس الذي يفضله بنك الاحتياطي الفيدرالي. ويُعد هذا التطور إيجابياً للأسواق، إذ قد يمنح البنك المركزي مجالاً لمواصلة خفض سعر الفائدة الرئيسي في وقت لاحق من هذا العام.
وأبقى بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة مستقرة حتى الآن في عام 2025 بعد خفضها بشكل كبير في أواخر العام الماضي، وذلك نتيجة المخاوف المستمرة بشأن التضخم، الذي لا يزال مرتفعاً رغم انخفاضه عن ذروته في عام 2022. وتتصاعد المخاوف من أن يؤدي رفع التعريفات الجمركية والسياسات الاقتصادية الأخرى التي يتبناها ترمب إلى ارتفاع تكاليف المعيشة.
وأفاد تقرير يوم الجمعة بأن الأسر الأميركية خفضت إنفاقها خلال شهر يناير (كانون الثاني)، مما قد يؤثر سلباً على أحد المحركات الرئيسية التي حالت دون حدوث ركود رغم ارتفاع أسعار الفائدة. وتعوّل الأسواق على أن يستخدم ترمب التعريفات الجمركية كأداة تفاوضية وليس كسياسة ثابتة، حيث قد يساعد ذلك في تقليل الأثر السلبي على الاقتصاد العالمي، مقارنة بالمخاوف الأولية. ومع ذلك، أظهرت التقارير الأخيرة أن الحديث المتزايد عن التعريفات الجمركية جعل المستهلكين الأميركيين يستعدون لموجة تضخم أعلى بكثير، وهو ما قد يُضعف الاقتصاد.
وأشار محللو «بنك أوف أميركا» في تقرير بحثي إلى أن حالة عدم اليقين بشأن التعريفات الجمركية وإلغاء القيود التنظيمية والسياسات الأخرى قد تؤدي إلى تراجع ثقة المستثمرين، حيث أوضحوا أنه إذا لم يظهر ترمب توجهاً نحو سياسات أكثر دعماً للأسواق، فقد يستمر تآكل الثقة بشكل متزايد. وعلى الرغم من ذلك، يُحتمل أن يكون جزءاً كبيراً من تراجع إنفاق الأسر الأميركية في يناير ناتجاً عن عوامل مؤقتة مثل الطقس البارد القاسي، بدلاً من كونه مؤشراً على تباطؤ اقتصادي حقيقي، خاصة بعد أن أنهى الاقتصاد الأميركي عام 2024 بنمو قوي.
