الصادرات السعودية غير النفطية تواصل مسارها التصاعدي بارتفاع 18.1 %

مختصون لـ«الشرق الأوسط»: البنى التحتية للخدمات اللوجستية ساهمت في ارتفاع التصدير

ميناء الملك عبد الله (الشرق الأوسط)
ميناء الملك عبد الله (الشرق الأوسط)
TT
20

الصادرات السعودية غير النفطية تواصل مسارها التصاعدي بارتفاع 18.1 %

ميناء الملك عبد الله (الشرق الأوسط)
ميناء الملك عبد الله (الشرق الأوسط)

واصلت الصادرات السعودية غير النفطية (شاملة إعادة التصدير) تسجيل ارتفاع مستمر، وصل إلى 18.1 في المائة خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي، على أساس سنوي، لتصل إلى 29 مليار ريال (7.7 مليار دولار)، بينما ارتفعت تلك غير النفطية (باستثناء إعادة التصدير) بنسبة 15.9 في المائة.

وحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء، الصادرة الثلاثاء، انخفضت الصادرات النفطية بنسبة 10 في المائة في ديسمبر، وتراجعت حصتها من الصادرات الإجمالية من 74.3 في المائة في هذا الشهر خلال 2023 إلى 68.8 في المائة في 2024.

وأظهرت البيانات أن فائض الميزان التجاري للمملكة تراجع بنسبة 56.1 في المائة على أساس سنوي، في الشهير الأخير من العام الماضي.

وجاء الضغط على الميزان التجاري من عاملين رئيسين، هما: زيادة الواردات السلعية بنسبة 27.1 في المائة إلى 79 مليار ريال على أساس سنوي، في مقابل تراجع الصادرات السلعية بنسبة 2.8 في المائة إلى 94 مليار ريال.

وتشهد الإيرادات النفطية انخفاضاً مطَّرداً في المملكة، بسبب التخفيضات الطوعية للإنتاج، التزاماً بقرارات تحالف «أوبك بلس» للحفاظ على استقرار السوق.

تنويع مصادر الدخل

من جانبهم، يرى مختصون أن تطوير البنى التحتية للمطارات والمواني والطرقات، إلى جانب الدعم المستمر للقطاع الخاص، ساهم في ارتفاع الصادرات غير النفطية، مؤكدين أن البلاد تتجه في مسارها الصحيح لتصبح مركزاً لوجستياً عالمياً.

وذكر المختصون لـ«الشرق الأوسط» أن الدولة تعمل على استراتيجيات تهدف إلى تنويع مصادر الدخل في الاقتصاد الوطني، وبالتالي فإن دعم الصادرات غير النفطية يعد أحد المرتكزات الرئيسية لتحقيق مستهدف البلاد في المرحلة المقبلة.

وقال أستاذ المالية والاستثمار في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الدكتور محمد مكني، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع الصادرات غير النفطية يؤكد اهتمام الحكومة بهذا القطاع؛ لأن البلاد تعمل على استراتيجيات تهدف إلى تنويع مصادر الدخل في الاقتصاد السعودي، ومنها زيادة الصادرات غير النفطية.

ولفت إلى أن المملكة منذ بداية العام المنصرم تحقق أرقاماً قياسية في هذا الإطار، وحققت الصادرات غير النفطية نمواً بنحو 17 في المائة قياساً بـ2023، بناءً على الجهود التي تستهدف الوصول إلى 50 في المائة عام 2030.

قطاع البتروكيميائيات

وتطرق الدكتور مكني إلى أهمية إنشاء هيئة تنمية الصادرات السعودية، التي تركز بشكل كبير على الصادرات غير النفطية، مؤكداً أن القوى التي ترتكز عليها المملكة في الصادرات غير النفطية متعلقة بالبتروكيميائيات، مبيناً أن هذا القطاع يسجل نحو 30 في المائة من إجمالي الصادرات غير النفطية لعدة أسباب، أهمها قوة المملكة في الطاقة والنفط، وبالتالي فإن البتروكيميائيات لها علاقة مباشرة، وهي تمثل عنصراً قوياً للمملكة، تأتي عقبها صناعة المطاط، وغيرها.

وأكمل بأن الدعم الموجه نحو القطاع غير النفطي والشركات والمصدرين، سواءً من الحكومة، والغرف التجارية، وحزمة الاستثمارات، ساهم أيضاً في رفع حجم المنافسة، لأنها تمثل عنصراً مهماً في تحقيق مستهدفاتها في تنويع مصادر الدخل للاقتصاد الوطني.

تشجيع الاستثمارات

بدوره، أوضح المستشار وأستاذ القانون التجاري، الدكتور أسامة العبيدي، لـ«الشرق الأوسط»، أن الزيادة في معدل الصادرات غير النفطية تعود لارتفاع صادرات الصناعات الكيميائية، وهي من أهم القطاعات غير النفطية، إضافة إلى اللدائن والمطاط ومصنوعاتها. وتعود كذلك لارتفاع معدلات إعادة التصدير لهذا الشهر، ما أدى إلى ارتفاع الصادرات غير النفطية.

وأبان أن الزيادة في معدل الصادرات عير النفطية تعكس الجهود الكبيرة التي قامت بها الحكومة السعودية لتنويع الاقتصاد، وخفض الاعتماد على النفط بوصفه مصدر دخل أساسياً ووحيداً، وفقاً لـ«رؤية 2030»، ودعمها وتشجيعها للاستثمارات الأجنبية والمحلية، وتحفيز القطاعات غير النفطية، ومنها الصناعة والتجارة والتعدين والسياحة، إلى جانب تشجيع المستثمرين والمنشآت الصغيرة والمتوسطة.

وأرجع الدكتور العبيدي ارتفاع الصادرات غير النفطية إلى الجهود التي بُذلت في تحسين البنية التحتية للمطارات والمواني والطرق والمستودعات التي تُستخدم في عمليات التصدير، ضمن استراتيجية المملكة للتحول إلى مركز لوجيستي عالمي يربط قارات العالم، إضافة إلى تحسين وتسهيل عمليات الإنتاج وجودة المنتجات والتوريد والتصدير.

وتوقع المستشار وأستاذ القانون التجاري استمرار هذه الزيادة في معدل الصادرات غير النفطية، خلال المرحلة المقبلة.

مؤشر مديري المشتريات

من ناحيته، أفاد كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، «الشرق الأوسط»، بأن أحدث قراءة لمؤشر مديري المشتريات لبنك الرياض أظهرت تفوقاً غير مسبوق في القطاع غير النفطي، بتجاوزه 60.5. ويعكس هذا التحسن الحيوي مساهمة القطاع الخاص في تعزيز الاقتصاد الوطني، وهو ما ينسجم مع أهداف «رؤية 2030» التي تسعى إلى تنويع القاعدة الاقتصادية، وتقليل الاعتماد على النفط، بوصفه مصدراً رئيساً للدخل.

وطبقاً للدكتور الغيث، فبالتوازي مع هذا النمو شهد الاقتصاد السعودي زيادة في الواردات؛ خصوصاً في قطاعات الآلات والأجهزة والمعادن، مما يعكس استراتيجية المملكة الرامية إلى تطوير القطاع الصناعي وتحديث بنيته التحتية. في الوقت نفسه، ورغم التحديات، سجل الميزان التجاري السلعي انخفاضاً في الفائض بنسبة 52.4 في المائة، مقارنة بالربع الرابع من عام 2023، مما يبرز أهمية تعزيز الصادرات الوطنية لتحقيق التوازن في التجارة الخارجية.

وأضاف أن المملكة تسعى بخطى حثيثة للارتقاء بمكانتها، بوصفها قوة اقتصادية إقليمية وعالمية؛ حيث تستمر في تعزيز بيئة استثمارية جاذبة ودعم الشراكات الدولية. وهذا يتم بالتزامن مع الجهود نحو تحقيق نمو اقتصادي مستدام ومتوازن، وتوسيع دور القطاع الخاص في المشهد الاقتصادي الوطني.

وتابع الدكتور نايف الغيث، بأن التحول المنشود نحو اقتصاد متنوع يعتمد على صناعات متطورة يمثل هدفاً أساسياً في «رؤية 2030»، ويسهم في تحقيق ناتج محلي غير نفطي يتجاوز 65 في المائة. ويعد هذا التوجه محوراً في دعم التنمية المستدامة، لتصبح البلاد نموذجاً يحتذى به في تحقيق التقدم الاقتصادي الشامل الذي يخدم الأجيال القادمة.


مقالات ذات صلة

اتحاد الغرف السعودية يطلق «المعرض العائم» بمشاركة 24 دولة

الاقتصاد سفينة «أرويا كروز» (الشرق الأوسط)

اتحاد الغرف السعودية يطلق «المعرض العائم» بمشاركة 24 دولة

تستعد اللجنة الوطنية للامتياز التجاري، تحت مظلة اتحاد الغرف السعودية، وبرعاية رئيس الاتحاد حسن الحويزي، لإطلاق المعرض الدولي الأول العائم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

«ستاندرد آند بورز»: عقارات التجزئة السعودية تستعد لنهضة استثنائية بدفع من «رؤية 2030»

يشهد قطاع عقارات التجزئة في السعودية مؤشرات نمو قوية للسنوات القادمة، مدفوعاً بـ«رؤية 2030» التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد، والتحول إلى مركز سياحي وترفيهي عالمي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص وزير الطاقة الأميركي خلال المؤتمر الصحافي في وزارة الطاقة السعودية (رويترز)

خاص وزير الطاقة الأميركي: واشنطن تشجِّع حلفاءها بالشرق الأوسط على تلبية الطلب المتزايد

قال وزير الطاقة الأميركي كريس رايت، في حوار خاص مع «الشرق الأوسط»، إن أميركا والسعودية تتشاركان رؤيةً مشتركةً لتوفير طاقة أكثر بأسعار معقولة.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد دار الأوبرا الملكية معلم معماري فريد يعيد تعريف المشهد الثقافي في السعودية (شركة الدرعية)

تطوير «دار الأوبرا الملكية» في الدرعية بـ1.36 مليار دولار

أعلنت «شركة الدرعية» عن ترسية عقد مشروع تطوير «دار الأوبرا الملكية» بتكلفة استثمارية تبلغ 5.1 مليار ريال، بصفته أحد أبرز الأصول الثقافية ضمن خطة تطوير المنطقة.

«الشرق الأوسط» (الدرعية)
يوميات الشرق تتيح الشراكة التعاون مع ناشري «PMC» البارزين لإنشاء محتوى إبداعي وحملات مخصصة (SRMG)

«SRMG للحلول الإعلامية» تبرم شراكة استراتيجية مع «بنسكي ميديا»

أبرمت شركة SRMG للحلول الإعلامية (SMS) شراكة استراتيجية مع بنسكي ميديا (PMC)، تهدف إلى تعزيز حضور المعلنين في المنطقة على نطاق عالمي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

المستثمرون الأجانب يزيدون حيازاتهم من السندات الصينية 37 مليار دولار

عاملان يرفعان علم الصين أمام شاشات تعرض أسعار الأسهم والسندات في شنغهاي (رويترز)
عاملان يرفعان علم الصين أمام شاشات تعرض أسعار الأسهم والسندات في شنغهاي (رويترز)
TT
20

المستثمرون الأجانب يزيدون حيازاتهم من السندات الصينية 37 مليار دولار

عاملان يرفعان علم الصين أمام شاشات تعرض أسعار الأسهم والسندات في شنغهاي (رويترز)
عاملان يرفعان علم الصين أمام شاشات تعرض أسعار الأسهم والسندات في شنغهاي (رويترز)

زادت المؤسسات الأجنبية حيازاتها من السندات المحلية الصينية بأكثر من 270 مليار يوان (36.99 مليار دولار) حتى الآن هذا العام، الأمر الذي يعكس جاذبية ثاني أكبر سوق للسندات في العالم، حسبما ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا)، السبت.

وقالت «شينخوا»، نقلاً عن بنك الشعب الصيني (البنك المركزي)، إن إجمالي حيازات المؤسسات الأجنبية من السندات الصينية بلغ 4.5 تريليون يوان حتى 15 أبريل (نيسان).

ووفقاً للوكالة، لا يمثّل الأجانب سوى نحو 2.4 في المائة من سوق السندات الصينية، البالغة قيمتها 25 تريليون دولار، مما يشير إلى إمكانات كبيرة للنمو.

وأضافت «شينخوا» أن بنك الشعب الصيني سيعمل بثبات على تعزيز انفتاح سوق السندات وجذب المزيد من المستثمرين الأجانب، مع تعميق العلاقات بين مناطق؛ مثل: الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية وأوروبا وأفريقيا.

تأتي جهود الصين لجذب الاستثمار الأجنبي في الوقت الذي تهدّد فيه الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب بزعزعة ثقة المستثمرين بالأصول الأميركية.

إلى ذلك، سجل الاستثمار الأجنبي المباشر في الصين انتعاشاً طفيفاً في مارس (آذار) الماضي، رغم تراجع إجمالي التدفقات خلال الربع الأول مقارنة بالعام الماضي، وفقاً لبيانات رسمية صدرت مؤخراً.

وأفادت وزارة التجارة الصينية، في بيان صحافي، بأن حجم الاستثمار الأجنبي المباشر قيد الاستخدام الفعلي في البر الرئيسي ارتفع بنسبة 13.2 في المائة على أساس سنوي في مارس الماضي.

في المقابل، بلغ إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الأشهر الثلاثة الأولى 269.2 مليار يوان (نحو 37.35 مليار دولار)، مسجلاً انخفاضاً بنسبة 10.8 في المائة على أساس سنوي.

وأضافت الوزارة أنه خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى مارس، تمّ تأسيس 12603 شركات جديدة باستثمارات أجنبية على مستوى البلاد، ما يمثّل نمواً سنوياً بنسبة 4.3 في المائة.

وبشكل تفصيلي، بلغ حجم الاستثمار الأجنبي المباشر قيد الاستخدام الفعلي في قطاعي التصنيع والخدمات خلال الفترة ذاتها 71.51 مليار يوان و193.33 مليار يوان على التوالي.

وبلغ الاستثمار الأجنبي المباشر قيد الاستخدام الفعلي في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة 78.61 مليار يوان، مع نمو الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع خدمات التجارة الإلكترونية، وقطاع تصنيع الأدوية الحيوية، وقطاع تصنيع معدات الطيران والفضاء، وقطاع تصنيع الأدوات الطبية بنسبة 100.5 في المائة، و63.8 في المائة، و42.5 في المائة، و12.4 في المائة على التوالي.

وأظهرت البيانات ارتفاع استثمارات دول رابطة جنوب شرقي آسيا (آسيان) بنسبة 56.2 في المائة خلال هذه الفترة، واستثمارات الاتحاد الأوروبي بنسبة 11.7 في المائة.

وشهدت الاستثمارات من سويسرا والمملكة المتحدة واليابان وجمهورية كوريا نمواً بنسبة 76.8 في المائة، و60.5 في المائة، و29.1 في المائة، و12.9 في المائة على التوالي.