«المركزي الأسترالي» يخفض الفائدة لأول مرة منذ 2020 مع تباطؤ التضخم

محافظة المصرف: زيادة الرسوم الجمركية الأميركية تهدد النشاط الاقتصادي العالمي

يقف طائر الأبيس بجوار مقر بنك الاحتياطي الأسترالي في سيدني (رويترز)
يقف طائر الأبيس بجوار مقر بنك الاحتياطي الأسترالي في سيدني (رويترز)
TT
20

«المركزي الأسترالي» يخفض الفائدة لأول مرة منذ 2020 مع تباطؤ التضخم

يقف طائر الأبيس بجوار مقر بنك الاحتياطي الأسترالي في سيدني (رويترز)
يقف طائر الأبيس بجوار مقر بنك الاحتياطي الأسترالي في سيدني (رويترز)

خفض البنك المركزي الأسترالي يوم الثلاثاء سعر الفائدة القياسي لأول مرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2020، في خطوة تأتي على خلفية تباطؤ التضخم في البلاد.

وخفض البنك سعر الفائدة النقدية بمقدار ربع نقطة مئوية، من 4.35 في المائة إلى 4.1 في المائة، في أول اجتماع لمجلس إدارته لهذا العام. وكان هذا الخفض متوقعاً على نطاق واسع بعد أن سجل التضخم زيادة طفيفة بلغت 0.2 في المائة فقط في الربع الأول من ديسمبر (كانون الأول)، ليصل إلى 2.4 في المائة لعام 2024. وكانت معدلات التضخم قد بلغت ذروتها في العام الماضي عند 7.8 في المائة، وفق «وكالة أسوشييتد برس».

ويواصل البنك المركزي تعديل أسعار الفائدة بهدف الحفاظ على التضخم ضمن النطاق المستهدف الذي يتراوح بين 2 في المائة و3 في المائة. وأكد المجلس في بيان له أن «التضخم قد تراجع بشكل ملحوظ منذ ذروته في عام 2022، حيث أسهمت أسعار الفائدة المرتفعة في تحقيق التوازن بين الطلب الكلي والعرض».

وفي تصريحات لاحقة، حذرت محافظة البنك ميشيل بولوك من الانسياق وراء التوقعات الاقتصادية التي تشير إلى المزيد من الخفض الحاد لأسعار الفائدة في المستقبل القريب. وأضافت أن المجلس سيواصل دراسة الوضع الاقتصادي في اجتماعه المقبل في الأول من أبريل (نيسان).

وأشارت بولوك إلى أن «بعض البنوك المركزية الأخرى قد خفضت أسعار الفائدة بشكل حاد للغاية خلال العام الماضي، لكننا اتبعنا استراتيجية مختلفة عن العديد من هذه البنوك». وأضافت قائلة: «في حين أن التضخم لدينا ظل ثابتاً، استقر القرار على أن إعادة التضخم إلى النطاق المستهدف قد تتطلب وقتاً أطول قليلاً، دون التأثير على انخفاض معدلات البطالة».

وقد ظل معدل البطالة في أستراليا عند مستويات منخفضة تاريخياً، حيث بلغ 4 في المائة في ديسمبر (كانون الأول)، بعد أن كان 3.9 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وحذرت بولوك أيضاً من أن خطط الولايات المتحدة لزيادة الرسوم الجمركية على شركائها التجاريين قد تؤثر سلباً على النشاط الاقتصادي عالمياً.

وقالت بولوك: «التهديدات المتعلقة بالرسوم الجمركية وما يحدث في الخارج هي أمور شديدة الغموض وقد تكون أسوأ مما نتوقع».

ويعد هذا التحول في السياسة النقدية تطوراً مرحباً به بالنسبة للحكومة اليسارية الوسطية برئاسة رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز، التي تسعى لإعادة انتخابها في الانتخابات المقررة في 17 مايو (أيار).

من جانبه، رحب وزير الخزانة جيم تشالمرز بقرار المجلس المستقل، حيث قال في بيان: «إن هذا هو التخفيف الذي يحتاجه الأستراليون ويستحقونه. لن يحل كل مشاكل اقتصادنا أو تحديات ميزانيات الأسر، ولكنه سيسهم في التخفيف من الضغوط الاقتصادية».

وأضاف تشالمرز إلى أن حكومته نجحت في كبح جماح التضخم دون العواقب السلبية التي شهدتها دول أخرى، مثل ارتفاع معدلات البطالة والانكماش الاقتصادي أو الركود.

وحدثت اثنتا عشرة زيادة في أسعار الفائدة من بين آخر 13 زيادة منذ انتخاب الحكومة في مايو 2022. وبدأت الدورة في الأيام الأخيرة من حكومة سابقة، عندما ارتفع سعر الفائدة من 0.1 في المائة إلى 0.35 في المائة في 4 مايو 2022.

ومن المتوقع أن تظل قضايا مثل ارتفاع تكاليف المعيشة ونقص المساكن في أستراليا من أبرز القضايا في الحملة الانتخابية المقبلة.

يُذكر أن البنك المركزي كان قد أبقى على سعر الفائدة عند 4.35 في المائة منذ نوفمبر 2023، وهو أعلى مستوى منذ أن انخفض من 4.5 في المائة إلى 4.25 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) 2011.


مقالات ذات صلة

رسوم ترمب الجمركية تدفع النمسا إلى دعم اتفاق «ميركوسور»

الاقتصاد منظر أفقي بوسط مدينة فيينا النمساوية يظهر فيه مساكن ومبانٍ تجارية (رويترز)

رسوم ترمب الجمركية تدفع النمسا إلى دعم اتفاق «ميركوسور»

دفعت الرسوم الجمركية العالمية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، النمسا إلى التخلُّص من معارضتها الطويلة لاتفاق تجاري بين الاتحاد الأوروبي وتجمع «ميركوسور»

«الشرق الأوسط» (فيينا)
العالم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز) play-circle

الأمم المتحدة: لا أحد يفوز في حرب تجارية

حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أنه «لا أحد يفوز في حرب تجارية»، حسبما قال المتحدث باسمه يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرفع تقرير «حواجز التجارة الخارجية» في حديقة البيت الأبيض (رويترز) play-circle

ترمب: هذا هو «الوقت المثالي» لخفض أسعار الفائدة الأميركية

دعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم (الجمعة)، رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) جيروم باول إلى خفض أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد اجتماع الحوار الاقتصادي رفيع المستوى بين الاتحاد الأوروبي وتركيا عقد في بروكسل بعد انقطاع 6 سنوات (حساب وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك في «إكس»)

تركيا إلى التفاوض مع أميركا لإزالة الرسوم الجمركية الإضافية

تعتزم تركيا التفاوض مع الولايات المتحدة لإزالة الرسوم الجمركية الإضافية التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب. واستأنفت الحوار الاقتصادي مع الاتحاد الأوروبي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

مؤشر «فيدرالي» رئيسي يثير إنذار ركود حاد على غرار 2008

شهد أحد المؤشرات المفضلة لدى الاحتياطي الفيدرالي تدهوراً هذا الأسبوع بسرعة تدهوره نفسها عام 2008، في أحدث دلالة على استعداد مستثمري السندات لتباطؤ اقتصادي حاد.

«الشرق الأوسط» (لندن )

أسواق النفط تشهد صدمة فورية لكن «غير مستدامة»

حفارة نفط بالقرب من محطة طاقة توربينية غازية في حقل نفط حوض بيرميان خارج أوديسا تكساس (رويترز)
حفارة نفط بالقرب من محطة طاقة توربينية غازية في حقل نفط حوض بيرميان خارج أوديسا تكساس (رويترز)
TT
20

أسواق النفط تشهد صدمة فورية لكن «غير مستدامة»

حفارة نفط بالقرب من محطة طاقة توربينية غازية في حقل نفط حوض بيرميان خارج أوديسا تكساس (رويترز)
حفارة نفط بالقرب من محطة طاقة توربينية غازية في حقل نفط حوض بيرميان خارج أوديسا تكساس (رويترز)

تتداول أسعار النفط عند أدنى مستوى لها منذ أكثر من 3 سنوات، وذلك بعد أن رفعت الصين الرسوم الجمركية على السلع الأميركية، كرد فعل انتقامي؛ مما أدى إلى ازدياد احتدام حرب تجارية عالمية يخشى المستثمرون من أن تؤدي إلى ركود اقتصادي.

وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت 4.56 دولار، أي 6.5 في المائة، إلى 65.58 دولار للبرميل عند التسوية في جلسة الجمعة، آخر تعاملات الأسبوع، وانخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 4.96 دولار، أي 7.4 في المائة، إلى 61.99 دولار عند التسوية.

وسجَّل خام برنت أكبر خسارة أسبوعية بالنسبة المئوية في عام ونصف العام، بينما تكبَّد خام غرب تكساس الوسيط أكبر خسارة في عامين.

يأتي هذا بعد صدمة قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بفرضه رسوماً جمركية على دول العالم كافة، بحد أدنى 10 في المائة، مع ترقب السوق ردود فعل الدول على هذه الرسوم، وبالإضافة إلى ذلك انعكس قرار «أوبك بلس» باستمرار الزيادة في الإنتاج لتلبية الطلب العالمي على النفط، بشكل فوري على الأسعار، لكن خبير الاقتصاد الكلي وأسواق النفط أحمد معطي، قال: «صدمة فورية غير مستدامة».

وتأتي زيادات «أوبك»، أو بالأحرى تخفيف قيود الإنتاج، بالتزامن مع الإجراءات المحتملة التي قد يتخذها ترمب ضد صادرات النفط الإيرانية، التي قد تؤدي إلى حجب أكثر من مليون برميل يومياً عن السوق، وهو ما سيقدم دعماً للأسعار بشكل فوري.

وتوقَّع معطي لـ«الشرق الأوسط»، أن تجذب أسعار النفط الجاذبة، عند هذه المستويات، كثيراً من الدول إلى الشراء والتخزين بكميات كبيرة، وهو ما قد يرفع الأسعار عند مستويات الـ70 دولاراً أو أكثر.

وأرجع معطي هبوط النفط «بشكل عنيف»، إلى ظروف السوق الحالية. وقال: «هذا شيء طبيعي في هذا الوقت مع كل هذه القرارات التي ضغطت على الأسعار بشكل فوري... وأبرزها الرسوم الجمركية، التي يخشى الجميع من تداعياتها».

وتتوقع «أوبك» زيادة قدرها 1.45 مليون برميل يومياً، للطلب العالمي على النفط، بينما يتوقع نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، أن الطلب العالمي على النفط من المتوقع أن يرتفع إلى ما بين مليون و1.5 مليون برميل يومياً هذا العام.

أضاف معطي: «رد الصين بفرض رسوم على الولايات المتحدة، زاد من مخاوف المستثمرين من حرب تجارية شاملة قد تطال الطلب العالمي على النفط، لأن الصين أكبر مستورد للنفط وثاني أكبر مستهلك في العالم، وهو ما زاد من مخاوف من منع كامل لسلع محددة بين البلدين في حال استمرار التصعيد».

وأشار إلى استمرار تقليل «أوبك بلس» تخفيضات الإنتاج، الذي جاء بالتزامن مع إعلان الحرب التجارية الشاملة التي أعلنها ترمب، وهو ما ضغط على أسعار النفط بهذا الشكل.

وقال معطي: «النفط سلعة مؤثرة ومتأثرة بما يحدث حول العالم، ونتيجة الرسوم الجمركية، فإن المستثمرين يقيِّمون حالياً حجم التأثيرات على هذه السلعة المهمة. أتوقع مع تراجع الأسعار لهذه المستويات نتيجة كل هذه التداعيات العالمية، أن تصبح هذه الأسعار مغرية جداً للشراء... وبناء عليه فمن الممكن أن يصعد مرة أخرى لمستويات الـ70 دولاراً... ووقتها سيستقر فترة عند هذه المستويات».

إعفاء النفط من الرسوم

ونظراً لأهمية النفط بوصفه سلعةً رئيسيةً تدخل في كثير من السلع كاملة الصنع، أعلن البيت الأبيض، الأربعاء الماضي، إعفاء واردات النفط والغاز والمنتجات المكررة من الرسوم الجمركية الجديدة الشاملة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

ويمثل هذا الإعفاء مصدر ارتياح لقطاع النفط الأميركي، الذي عبَّر عن مخاوفه من أن الرسوم الجديدة قد تربك التدفقات وترفع التكاليف على كل شيء، بدءاً من النفط الخام الكندي الذي يغذي مصافي الغرب الأوسط، ووصولاً إلى شحنات البنزين والديزل الأوروبية إلى الساحل الشرقي.

وأوضح مسؤول في البيت الأبيض أن الحماية التجارية لا تنطبق على واردات الطاقة من كندا أو المكسيك - المُعفاة بالفعل بموجب اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا - ولا تنطبق على واردات الطاقة من أي دولة أخرى.

وكندا والمكسيك هما أكبر مصدرَين للنفط الخام المستورد إلى الولايات المتحدة، في حين تعد أوروبا مصدراً مهماً للوقود المستورد إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة، حيث تقل مصافي النفط.

ونتيجة لذلك، فإن النفط سيكون في تداول حر في أكبر اقتصاد في العالم، نظراً لأهميته الاقتصادية والسياسية أيضاً، وهو نهج قد يذهب إليه كثير من الدول الأخرى التي تفكر في ردود انتقامية على رسوم ترمب.

أميركا تخزن النفط قبل فرض الرسوم

لاحظت «الشرق الأوسط»، أن الإدارة الأميركية قامت بتخزين النفط الخام على مدار الأسبوع الذي سبق إعلان الرسوم الجمركية الشاملة.

فوفقاً لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، يوم الأربعاء الماضي، ارتفعت مخزونات النفط الخام الأميركية بشكل حاد، الأسبوع الماضي، وزيادة الواردات، وذلك رغم تراجع معدلات تشغيل المصافي. مع العلم أن النفط كان يتداول عند مستويات الـ70 دولاراً للبرميل وقت تكثيف الشراء من أميركا.

وتوضِّح هذه البيانات توقعات الإدارة الأميركية باضطراب في الأسواق لفترة محدودة، إذ إنها لو كانت تتوقَّع تراجع النفط لمستويات دون الـ70 دولاراً، لكانت انتظرت، غير أن الأسعار الحالية «المغرية» قد تدفعها لزيادة المخزونات التجارية خلال الفترة المقبلة.

وذكرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، أن مخزونات النفط الخام ارتفعت بمقدار 6.2 مليون برميل إلى 439.8 مليون برميل في الأسبوع المنتهي خلال 28 مارس (آذار)، مقارنة بتوقعات بانخفاض قدره 2.1 مليون برميل.

وارتفعت مخزونات النفط الخام في مركز التسليم لدى كوشينغ بولاية أوكلاهوما بمقدار 2.4 مليون برميل.

وذكرت الإدارة أن صافي واردات الولايات المتحدة من النفط الخام ارتفع بمقدار 999 ألف برميل يومياً ليصل إلى 2.585 مليون برميل يومياً.

وبلغت واردات النفط الخام من كندا، أكبر مورِّد للنفط للولايات المتحدة، أعلى مستوى لها منذ 3 يناير (كانون الثاني) الأسبوع الماضي، حيث ارتفعت بمقدار 438 ألف برميل يومياً لتصل إلى 4.42 مليون برميل يومياً.