استقرار أسواق آسيا الناشئة بعد تراجع حدة مخاوف الرسوم الجمركية

المستثمرون يراقبون أسعار الأسهم في سوق كوالالمبور (رويترز)
المستثمرون يراقبون أسعار الأسهم في سوق كوالالمبور (رويترز)
TT
20

استقرار أسواق آسيا الناشئة بعد تراجع حدة مخاوف الرسوم الجمركية

المستثمرون يراقبون أسعار الأسهم في سوق كوالالمبور (رويترز)
المستثمرون يراقبون أسعار الأسهم في سوق كوالالمبور (رويترز)

حققت أسواق الأسهم في الدول الآسيوية الناشئة بعض الاستقرار، الأربعاء؛ حيث تمكَّنت الأسهم الإندونيسية من إنهاء سلسلة خسائر استمرت 5 أيام، في وقت تراجعت فيه وتيرة الأخبار المتعلقة بالرسوم الجمركية الأميركية، ما ساعد على تهدئة صعود الدولار، ومنح العملات الآسيوية فرصة للانتعاش.

وقد اتخذت الأسواق الآسيوية موقفاً دفاعياً خلال اليومين الماضيين، وذلك بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن فرض رسوم جمركية على واردات الصلب والألمنيوم، إلى جانب تعهد بفرض رسوم انتقامية على الدول التي تفرض ضرائب على الصادرات الأميركية.

ورغم أن هذه الخطط كان من المقرر أن تنتهي الأربعاء، فإن ترمب أعلن عنها مسبقاً، وهو ما كان بمثابة مفاجأة للأسواق. وفي هذا السياق، قال جيسون كوان، مدير أبحاث الاستثمار والاستشارات في «سي آي إم بي»: «من المتوقع أن تظل أسواق الأسهم عرضة للتقلبات حتى تتمكن من الحصول على توضيح بشأن هذه القضية (الرسوم الجمركية الأميركية)»، وفق «رويترز».

أما بالنسبة لأداء الأسواق، فقد شهدت جاكرتا أكبر المكاسب؛ حيث ارتفعت الأسهم بنسبة 1.2 في المائة، تلتها الفلبين؛ إذ صعدت الأسهم بنسبة 1 في المائة. وكان التراجع الذي استمر لأربعة أيام في الأسهم الإندونيسية ناتجاً عن قرار «إم إس سي آي» بعدم إضافتها إلى أحد مؤشراتها، بالإضافة إلى تزايد الضغوط الناتجة عن الأرباح الضعيفة لبنك «مانديري» الرائد في السوق.

وفي مانيلا، يترقب المستثمرون اجتماع البنك المركزي، الخميس؛ حيث تزايدت التوقعات بخفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس لدعم الاقتصاد الذي فشل في تحقيق أهداف النمو للعامين المتتاليين. ومن ناحية أخرى، ظل البيزو الفلبيني دون تغيير إلى حد كبير.

على صعيد آخر، ارتفعت الأسهم الماليزية خلال الأسبوع، بعد أن أعلنت الحكومة عن خطوات بنَّاءة لتعزيز العلاقات التجارية مع دول أخرى، بدلاً من الاعتماد على فرض الرسوم الجمركية. وقد ارتفعت الأسهم الماليزية بنسبة 0.5 في المائة، الأربعاء، لتُسجِّل زيادة أسبوعية قدرها 2.7 في المائة.

وقال لويد تشان، كبير محللي العملات في بنك «إم يو إف جي»: «الحكومة تتخذ خطوات حاسمة لضمان استمرار النمو هذا العام، كما أنها تستكشف خيارات لتنويع صادراتها، لا سيما لتجنب الاعتماد الكلي على الاقتصادين الأميركي والصيني، بل لتوسيع أسواق جديدة».

وفي هذا السياق، لم تشهد عملة الرينغيت الماليزي أي تغييرات ملحوظة، في حين توقفت الزيادة في الدولار الأميركي التي كانت مدفوعة بالرسوم الجمركية، وذلك قبيل صدور بيانات التضخم الأميركية، وأخبار أخرى تتعلق بالملف التجاري.

من جهة أخرى، استقر كل من الدولار التايواني ونظيره السنغافوري، في حين سجّلت الروبية الهندية ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.1 في المائة. ومع ذلك، شهد الدونغ الفيتنامي انخفاضاً بنسبة 0.2 في المائة، ليصل إلى مستوى قياسي منخفض جديد، وتراجع الوون الكوري الجنوبي بنسبة 0.1 في المائة. كما أغلقت أسواق تايلاند بسبب عطلة عامة.


مقالات ذات صلة

رسوم ترمب الجمركية تهدد بتسليم صناعة السيارات الكهربائية للصين

الاقتصاد سيارات كهربائية قيد الإنتاج بمصنع لشركة «نيو» الصينية في هيفاي بمقاطعة آنهوي الصينية (رويترز)

رسوم ترمب الجمركية تهدد بتسليم صناعة السيارات الكهربائية للصين

بعد إعلان الرسوم الجمركية المتبادلة، تتجه الأنظار لمتابعة التداعيات المتوقعة على واحدة من أبرز الصناعات الأميركية، ألا وهي صناعة السيارات.

إيلي يوسف (واشنطن)
الاقتصاد رئيسة المكسيك تشير بيدها أثناء مؤتمرها الصحافي بالقصر الوطني بمدينة مكسيكو (أ.ف.ب)

رئيسة المكسيك: لا نخطط لفرض رسوم انتقامية على الولايات المتحدة

قالت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم الأربعاء إن المكسيك لا تخطط لفرض رسوم جمركية انتقامية على الولايات المتحدة

«الشرق الأوسط» (مكسيكو)
الاقتصاد متداول يعمل في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)

«وول ستريت» تتراجع وسط مخاوف من تأثير رسوم ترمب

تراجعت المؤشرات الرئيسية في «وول ستريت»، يوم الأربعاء، مع تزايد قلق المستثمرين بشأن التأثير المحتمل للرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد مقر البنك المركزي الروسي في موسكو (رويترز)

«المركزي الروسي»: رسوم ترمب قد تؤثر سلباً على النمو والتضخم

قال البنك المركزي الروسي، يوم الأربعاء، إن زيادة الرسوم الجمركية الأميركية قد تُبطئ النمو الاقتصادي العالمي وتُفاقم التضخم.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في حفل جوائز «ماجستير فن الطهي الإيطالي» بروما (رويترز)

ميلوني: رسوم ترمب ستضر بالمنتجين الإيطاليين

قالت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، في روما، اليوم (الأربعاء)، إن فرض رسوم جمركية أميركية جديدة سيؤثر سلباً على المنتجين الإيطاليين.

«الشرق الأوسط» (روما)

رسوم ترمب الجمركية تهدد بتسليم صناعة السيارات الكهربائية للصين

سيارات كهربائية قيد الإنتاج بمصنع لشركة «نيو» الصينية في هيفاي بمقاطعة آنهوي الصينية (رويترز)
سيارات كهربائية قيد الإنتاج بمصنع لشركة «نيو» الصينية في هيفاي بمقاطعة آنهوي الصينية (رويترز)
TT
20

رسوم ترمب الجمركية تهدد بتسليم صناعة السيارات الكهربائية للصين

سيارات كهربائية قيد الإنتاج بمصنع لشركة «نيو» الصينية في هيفاي بمقاطعة آنهوي الصينية (رويترز)
سيارات كهربائية قيد الإنتاج بمصنع لشركة «نيو» الصينية في هيفاي بمقاطعة آنهوي الصينية (رويترز)

مع إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، اليوم عن نهاية «عصر المستعمرات» والاحتفال بـ«يوم تحرير الاقتصاد» الأميركي، تتجه الأنظار لمتابعة التداعيات المتوقعة على واحدة من أبرز الصناعات الأميركية؛ ألا وهي صناعة السيارات. بيد أن تلك التداعيات لا تتعلق فقط بقطاع السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري؛ بل تطول أيضاً وخصوصاً مستقبل صناعة السيارات الكهربائية، التي يتعزز الطلب العالمي عليها نتيجة تغير المناخ، مع تصدر الصين هذا القطاع.

إنهاء «عصر الاستعمار»

المستشار التجاري لترمب، بيتر نافارو، يؤكد على أن «الغش» من جانب كبار مصنعي السيارات في العالم؛ اليابان وألمانيا، ودول أخرى، نجح في «تحويلنا إلى مستعمرات» لصناعتهم. وفيما يقتنع الرئيس الأميركي بأن «العصر الذهبي» يمكن استرجاعه عبر العودة إلى سياسة فرض الرسوم الجمركية لحماية الصناعة المحلية، والحصول على أجور أعلى، وتأمين ملايين الوظائف، واستعادة قاعدة تصنيع قوية لمواجهة المنافسين، فإن أبحاثاً عدة تشير إلى أن العودة إلى هذا العصر ليست فقط غير ممكنة؛ بل وتاريخياً لعبت دوراً ضئيلاً في نهوض الاقتصاد الأميركي.

فسياسة الحمائية، عبر فرض الرسوم الجمركية، أظهرت في السابق أنها لم تساهم في تحويل الولايات المتحدة إلى مُصنّع قادر على المنافسة عالمياً. وتشير الدراسات على وجه الخصوص إلى أن الرسوم الجمركية لم تُقدّم أي فائدة لصناعة السيارات الأميركية الناشئة في منتصف القرن الماضي، بل كان لها تأثير سلبي على إنتاجية العمل، ومتوسط ​​حجم المنشآت، والناتج الإجمالي، والقيمة المضافة، وعدد المنشآت، والتوظيف. كما أنها ساهمت أيضاً في تأخير تطوير المحركات الأميركية التي تعمل على الاحتراق الداخلي. وبدلاً من أن تساهم الحمائية في تطوير صناعة السيارات الأميركية، فقد أدت إلى تشويهها، فالسيارات الأميركية تجد نفسها في وضع أقل تنافسية مع السيارات الأجنبية، وتتكبد خسائر فادحة، ليس فقط خارج أميركا، بل وداخلها، بعدما لجأ المصنعون الأجانب إلى فتح مصانعهم في الولايات المتحدة لتفادي الرسوم الجمركية.

خسارة المعركة أمام اليابان وألمانيا

وتشير تلك الدراسات إلى أن ما سُميت «ضريبة الدجاج» بنسبة 25 في المائة؛ التي فُرضت في ستينات القرن الماضي على الشاحنات الخفيفة وشاحنات «البيك أب»، رداً على تعريفة أوروبية على الدجاج الأميركي، أدت إلى تركيز شركات صناعة السيارات الأميركية على تصنيع شاحنات «البيك أب»، وسيارات الدفع الرباعي المصنفة «شاحناتٍ خفيفة»، التي تُمثل اليوم نحو 4 أخماس مبيعات سيارات الركاب الجديدة. أما السيارات، التي تخضع لتعريفة جمركية ضئيلة بنسبة 2.5 في المائة، فقد أصبحت ثانوية. وكان من نتائجها أن العلامات التجارية الأميركية تُنتج بعضاً من أقل سيارات الركاب كفاءة في استهلاك الوقود، فضلاً عن فقدها كثيراً من جاذبيتها في الأسواق الأجنبية المهمة، حيث إن اهتمام الناس لا يقتصر على تغير المناخ، بل ويفضلون كذلك قيادة السيارات الصغيرة الموفرة؛ بسبب ارتفاع أسعار البنزين، أو ضيق الطرق، أو حسابات أخرى.

ويجادل مؤيدو قيود التصدير بأنها شجعت شركات السيارات اليابانية على إنشاء مرافق إنتاج في الولايات المتحدة، لتصبح جزءاً من النظام البيئي المحلي، وتوظف عمالاً أميركيين. لكن في الواقع، بحلول عام 1991، شكلت الشركات اليابانية 15في المائة من الإنتاج المحلي للسيارات والشاحنات الخفيفة، وسرعان ما تكيفت مع ما يرغبه الأميركيون.

أشخاص يمرون أمام سيارات «نيو» المعروضة داخل «نيو هاوس» بمركز تصنيع السيارات الكهربائية الصيني في هيفاي (رويترز)
أشخاص يمرون أمام سيارات «نيو» المعروضة داخل «نيو هاوس» بمركز تصنيع السيارات الكهربائية الصيني في هيفاي (رويترز)

صناعة السيارات الأميركية مهددة

ورغم أن «اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا)» ربطت صناعة السيارات، عبر ضم المكسيك، لمساعدة شركات السيارات الأميركية على منافسة منافسيها في أسواق العمالة الرخيصة بآسيا، فإن تقويض هذه الاتفاقية من قبل ترمب في ولايته الأولى كان له أثر سلبي، ليس فقط على الشاحنات الخفيفة التي أُبقيت صناعتها داخل أميركا وكندا، بل وعلى السيارات الخفيفة؛ جراء حرمان المكسيك من تصنيعها من دون فرض رسوم جمركية عليها، وهو ما يتوقع أن تتضاعف تأثيراته اليوم مع فرض ترمب رسومه الجمركية على هذين البلدين، حيث ستكون النتيجة المباشرة صدمة كبيرة على مستوى صناعة السيارات الأميركية رغم أن نقابات العمال تدعم هذه الرسوم. بيد أن أعضاءها قلقون بالفعل بشأن تسريح العمال، فارتفاع الأسعار وسلاسل التوريد المتعثرة (نتيجة الرسوم الجمركية الجديدة على قطع غيار السيارات التي تعبر حدود أميركا الشمالية مرات عدة) يؤثران سلباً على الطلب ويعيقان الإنتاج.

الصين تهيمن على السيارات الكهربائية

لكن من بين أخطر النتائج المتوقعة أيضاً، ما يتعلق بمستقبل صناعة السيارات برمتها، في ظل تصاعد الطلب على السيارات الكهربائية حول العالم. فالصين ليست فقط رائدة في هذه الصناعة، بل هي تمتلك خط إنتاج كاملاً؛ يبدأ من تعدين ومعالجة المعادن التي تدخل في صناعة البطاريات، إلى إنتاج البطاريات، وصولاً إلى التصنيع النهائي للسيارات الكهربائية الرخيصة. ومع إعلان إحدى شركاتها الرائدة نجاحها في تطوير نظام شحن فائق السرعة، فقد يزيل ذلك أحد أهم العوائق من أمام جاذبية امتلاك سيارة كهربائية. وإذا ألغى ترمب الحوافز الضريبية لشراء السيارات الكهربائية المحلية، فقد يكون من غير المستبعد أن تتخلى الشركات الأميركية عنها تماماً ليس فقط لمصلحة العودة إلى محركات الاحتراق الداخلي؛ بل ولمصلحة الشركات الصينية الرخيصة، في ظل عدم قدرتها على منافستها محلياً وفي الأسواق الخارجية أيضاً.