نشاط الأعمال في منطقة اليورو يعود إلى النمو بداية 2025 بعد انكماش شهرَيْن

ألمانيا تشهد تحسّناً في قطاع الخدمات... وتراجع ملحوظ في فرنسا

أفق مدينة فرنكفورت مع الحي المصرفي (رويترز)
أفق مدينة فرنكفورت مع الحي المصرفي (رويترز)
TT

نشاط الأعمال في منطقة اليورو يعود إلى النمو بداية 2025 بعد انكماش شهرَيْن

أفق مدينة فرنكفورت مع الحي المصرفي (رويترز)
أفق مدينة فرنكفورت مع الحي المصرفي (رويترز)

عاد نشاط الأعمال في منطقة اليورو إلى النمو في بداية العام بعد شهرَيْن من الانكماش، مع استقرار الطلب. وارتفع مؤشر مديري المشتريات المركب النهائي لمنطقة اليورو الذي جمعته شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال»، ويُعد مقياساً موثوقاً للصحة الاقتصادية العامة، إلى 50.2 في يناير (كانون الثاني) من 49.6 في ديسمبر (كانون الأول)، وهو ما يطابق التقدير الأولي، وأعلى قليلاً من علامة 50 التي تفصل الانكماش عن النمو.

وكان التوسع في قطاع الخدمات المهيمن في المنطقة متواضعاً، لكنه أسهم في تعويض التباطؤ المستمر في قطاع التصنيع. بلغ مؤشر مديري المشتريات للخدمات 51.3، منخفضاً قليلاً عن 51.6 في ديسمبر، وفق «رويترز».

وعلق كبير الاقتصاديين في بنك «هامبورغ» التجاري، سايروس دي لا روبيا، قائلاً: «لقد لعب النمو في قطاع الخدمات دوراً حاسماً في الحفاظ على الاقتصاد لدى منطقة اليورو في حالة توسع طوال العام الماضي». وأضاف: «النمو البطيء، ولكن المتسارع قليلاً في الطلبات الجديدة والتوظيف، يمنح الأمل في أن يكتسب هذا القطاع مزيداً من الزخم في الربع الأول من العام الحالي».

وفي الشهر الماضي، استوعبت شركات الخدمات المزيد من الموظفين لتلبية الطلب المتزايد. ومع ذلك، تضاءل التفاؤل بشأن العام المقبل؛ إذ انخفض مؤشر توقعات الأعمال إلى 58.5 من 58.8، وهو أقل من المتوسط التاريخي منذ منتصف عام 2024.

وأوضح دي لا روبيا قائلاً: «نظراً إلى كثير من حالات عدم اليقين السياسي، خصوصاً مع الانتخابات الجديدة في ألمانيا والحكومة الهشة في فرنسا، فإن هذا التراجع ليس مفاجئاً. لا يُتوقع حدوث قفزات نمو كبيرة في هذا القطاع في الوقت الراهن».

كما ارتفعت تكاليف المدخلات الإجمالية والأسعار المفروضة بوتيرة أسرع الشهر الماضي؛ حيث قفز مؤشر أسعار المدخلات المركب إلى أعلى مستوى له في عامين تقريباً، مسجلاً 58.5 مقابل 57.0. هذا في الوقت الذي خفّض فيه البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مجدداً الأسبوع الماضي، مع ترك احتمالية لمزيد من التخفيض في مارس (آذار).

وفي ألمانيا، بدأ قطاع الخدمات عام 2025 بشكل إيجابي؛ حيث بلغ نمو نشاط الأعمال أعلى مستوى له في ستة أشهر، وشهد التوظيف زيادة متواضعة. وارتفع مؤشر مديري المشتريات النهائي لقطاع الخدمات التابع لبنك «هامبورغ» التجاري إلى 52.5 في يناير، من 51.2 في ديسمبر، مما يتماشى مع القراءة الأولية.

وقال دي لا روبيا: «هذه بداية مشجعة للعام. يبدو أن النمو لديه فرصة للانتعاش مرة أخرى»، مشيراً إلى أن مؤشر مديري المشتريات المركب ارتفع فوق علامة 50 نقطة لأول مرة في سبعة أشهر.

وسلّط المسح الضوء على التفاؤل المتزايد بين الشركات، مدفوعاً بآمال في تحفيز الاقتصاد بعد الانتخابات وانخفاض أسعار الفائدة.

وعلى الرغم من البداية الإيجابية، أظهر المسح أن الطلب الأساسي لا يزال ضعيفاً. وقد تمّت الإشارة إلى عدم اليقين لدى العملاء ونقص مشروعات القطاع العام بوصفها عوامل تحد من الطلب، إلى جانب انخفاض ملحوظ في الأعمال الجديدة من الخارج.

أما في فرنسا فقد انكمش قطاع الخدمات بشكل أسرع من التقديرات الأولية في يناير؛ حيث تراجع نشاط الأعمال للشهر الخامس على التوالي وسط ضعف الطلب المستمر وعدم اليقين السياسي. وانخفض مؤشر مديري المشتريات في قطاع الخدمات الذي جمعته شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال»، إلى 48.2 في يناير من 49.3 في ديسمبر، متراجعاً إلى ما دون عتبة 50 التي تفصل النمو عن الانكماش. وكان مؤشر مديري المشتريات الأولي لشهر يناير قد سجل 48.9 نقطة.

وأُرجع هذا الانكماش إلى ضعف الطلب من العملاء وعدم اليقين السياسي الذي أثر في النشاط الاقتصادي. وقال الخبير الاقتصادي في بنك «هامبورغ» التجاري، طارق كمال شودري، إن «عدم اليقين السياسي أضعف النشاط، وفقاً لبعض أعضاء اللجنة، في حين أرجع آخرون التباطؤ إلى ضعف الطلب من العملاء وانخفاض الثقة بالتوقعات الاقتصادية».

وكانت فرنسا قد شهدت حالة من عدم الاستقرار السياسي منذ أن دعا الرئيس إيمانويل ماكرون إلى انتخابات مبكرة في يونيو (حزيران) الماضي، ما أدى إلى برلمان معلّق وزيادة في العجز المالي العام.

وحول التوظيف، انخفضت الوظائف في قطاع الخدمات في يناير بأسرع معدل منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2020؛ حيث أشارت الشركات إلى عدم استبدال المغادرين الطوعيين وانتهاء العقود المؤقتة بصفتها أسباباً لخفض الوظائف. كما انخفضت ثقة الأعمال إلى أدنى مستوى لها في 56 شهراً؛ مما يعكس حالة عدم اليقين بشأن الوضع السياسي المحلي.

وعلى الرغم من الضغوط المتزايدة على التكاليف؛ حيث ارتفعت أسعار المدخلات بأسرع وتيرة في خمسة أشهر، خفّض مقدمو الخدمات أسعارهم لأول مرة منذ أبريل (نيسان) 2021، مدفوعين بتقليص أسعار الفائدة والجهود المبذولة للحفاظ على القدرة التنافسية.

كما أشار المسح إلى انخفاض طفيف في الأعمال الجديدة، مع تسجيل أوامر التصدير علامات استقرار، لكن الشركات ظلّت حذرة بشأن التوقعات المستقبلية؛ حيث كانت التوقعات عند أضعف مستوياتها منذ مايو (أيار) 2020.

ويواجه الرئيس ماكرون ضغوطاً كبيرة من أجل تحقيق الاستقرار السياسي لمنع مزيد من الاضطرابات في سوق العمل. وحول مؤشر مديري المشتريات المركب لشهر يناير، الذي يشمل قطاعي الخدمات والتصنيع، فقد سجل 47.6 نقطة، أقل من التقديرات الأولية البالغة 48.3 نقطة، ليظل تحت عتبة الخمسين للشهر الخامس على التوالي.


مقالات ذات صلة

«الأعمال السعودي الهندي»: زيارة مودي تدشّن شراكة استراتيجية جديدة للقطاع الخاص

الاقتصاد صورة تجمع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في عام 2019 (واس)

«الأعمال السعودي الهندي»: زيارة مودي تدشّن شراكة استراتيجية جديدة للقطاع الخاص

في وقتٍ يبدأ فيه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي زيارة رسمية إلى السعودية يوم الثلاثاء، عبّر قطاع الأعمال عن تفاؤله الكبير بنتائج الزيارة.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
الاقتصاد من داخل أحد مصانع «بي آر إف» (موقع الشركة)

«بي آر إف» البرازيلية وشركة تابعة لـ«السيادي» السعودي تنشئان مصنعاً للأغذية في جدة

أعلنت شركتا  «بي آر إف» البرازيلية و«تطوير المنتجات الحلال» السعودية بدء أعمال إنشاء مصنع للأغذية المُعالجة في مدينة جدة (غرب المملكة).

«الشرق الأوسط» (جدة)
الاقتصاد عَلَما الولايات المتحدة والصين (أ.ب)

الصين تنسحب من استثمارات الأسهم الخاصة الأميركية

أفادت صحيفة «فاينانشيال تايمز» بأن الصناديق الصينية المدعومة من الدولة تتراجع عن الاستثمار في صناديق شركات رأس المال الخاص التي تتخذ من أميركا مقراً لها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
عالم الاعمال «استثمار القابضة» تحقق ارتفاعاً في صافي الأرباح بنسبة 50% لتصل إلى 170 مليون ريال

«استثمار القابضة» تحقق ارتفاعاً في صافي الأرباح بنسبة 50% لتصل إلى 170 مليون ريال

أعلنت «استثمار القابضة» تحقيق صافي أرباح قدره 170 مليون ريال قطري خلال الربع الأول من عام 2025، مسجلة نمواً ملحوظاً بنسبة 50 % عن الفترة نفسها من العام الماضي.

الاقتصاد تركيان ينقلان بضائع بمنطقة أمينونو في إسطنبول (أ.ب)

تركيا تتمسك ببرنامجها الاقتصادي رغم التوتر الداخلي و«رسوم ترمب»

أكدت تركيا أنها لن تغير برنامجها الاقتصادي بسبب التطورات الأخيرة في الأسواق وكذلك بالتجارة العالمية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«شيفرون» تعلن عن أول إنتاج للنفط في مشروع «باليمور» في خليج المكسيك

شعار شركة «شيفرون» على شاشة في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
شعار شركة «شيفرون» على شاشة في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«شيفرون» تعلن عن أول إنتاج للنفط في مشروع «باليمور» في خليج المكسيك

شعار شركة «شيفرون» على شاشة في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
شعار شركة «شيفرون» على شاشة في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)

أعلنت شركة «شيفرون»، عملاق النفط الأميركي، يوم الاثنين، أنها بدأت إنتاج النفط والغاز من مشروع في خليج المكسيك بالولايات المتحدة، مما يُقرّب الشركة خطوة نحو هدفها المتمثل في زيادة الإنتاج من حوض المحيط بنسبة 50 في المائة هذا العام.

يتألف مشروع «باليمور»، الذي تبلغ تكلفته 1.6 مليار دولار، والواقع على بُعد نحو 160 ميلاً جنوب شرقي نيو أورلينز، من 3 آبار من المتوقع أن تُنتج ما يصل إلى 75 ألف برميل من المكافئ النفطي يومياً.

وتهدف «شيفرون» إلى زيادة إنتاج النفط والغاز من الخليج إلى 300 ألف برميل من المكافئ النفطي يومياً بحلول عام 2026، وفي الوقت نفسه، تعمل على خفض التكاليف بما يصل إلى 3 مليارات دولار في جميع أنحاء أعمالها.

وبدلاً من بناء منصة إنتاج جديدة في «باليمور»، ستنقل الآبار النفط والغاز إلى منصة قائمة، وهو ما قالت الشركة إنه سيسمح لها بزيادة الإنتاج بتكلفة أقل.

وقال بروس نيماير، رئيس قسم الاستكشاف والإنتاج في الشركة للأميركتين، في مقابلة: «يتميز مشروع باليمور بربطه بمنشأة قائمة، مما سمح لنا بطرح الإنتاج في السوق بسرعة أكبر». وأضاف أن هذا المشروع هو الأول لشركة شيفرون في تكوين جيولوجي في الخليج يُسمى نورفليت؛ حيث شهدت صناعة النفط والغاز تاريخياً اكتشافات أقل مقارنة بأجزاء أخرى من حوض المحيط.

وأوضح نيماير أن التطورات التكنولوجية أساسية لتوسيع نطاق استكشاف الموارد، مثل استخدام عُقد قاع المحيط، ما يسمح لعلماء الجيوفيزياء بجمع بيانات أفضل تحت قاع المحيط.

تُشغل شركة «شيفرون» مشروع باليمور بحصة 60 في المائة، بينما تمتلك شركة «توتال إنرجيز»، المالكة المشاركة، حصة 40 في المائة. وتمتلك «باليمور» ما يُقدر بنحو 150 مليون برميل من المكافئ النفطي من الموارد القابلة للاستخراج. وتمتلك الشركة 370 عقد إيجار في خليج المكسيك، وتتوقع المشاركة في صفقة إيجار هذا العام من قِبل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وفقاً لنيماير.

يأتي إطلاق شركة «باليمور» الناشئة بعد إعلان شركة «شيفرون» عن أول إنتاج نفطي في أغسطس (آب) من مشروع أنكور في خليج المكسيك، الذي يُعدّ إنجازاً تكنولوجياً رائداً، إذ يُمكنه العمل في ضغوط مياه عميقة تصل إلى 20 ألف رطل لكل بوصة مربعة.