قال محللون ومتعاملون في السوق لـ«رويترز» إن الرسوم التجارية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على واردات النفط الكندية والمكسيكية ستمنح المصافي الأوروبية والآسيوية ميزة تنافسية أمام منافسيها الأميركيين.
وذكر مسؤولون في البيت الأبيض أن ترمب أمر (السبت) بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على الواردات الكندية والمكسيكية و10 في المائة على السلع القادمة من الصين بدءاً من يوم الثلاثاء لمعالجة حالة الطوارئ الوطنية بشأن الفنتانيل والأجانب غير الشرعيين الذين يدخلون الولايات المتحدة. وأضافوا أن منتجات الطاقة من كندا ستخضع لرسوم جمركية بنسبة 10 في المائة فقط، لكنَّ واردات الطاقة المكسيكية ستُفرض عليها رسوم بنسبة 25 في المائة كاملة.
تكاليف درجات الخام
وقالت مصادر صناعية إن الرسوم الجمركية على أكبر مصدرين لواردات الخام الأميركي سترفع تكاليف درجات الخام الأثقل التي تحتاج إليها المصافي الأميركية لإنتاجها على النحو الأمثل، مما يقلل من ربحيتها وربما يجبرها على خفض الإنتاج.
ويتيح ذلك لمصافي التكرير في الأسواق الأخرى فرصة لتعويض الفارق. وتعد الولايات المتحدة حالياً مُصدّرةً للديزل ومستوردة للبنزين.
وقال ديفيد ويتش، كبير الاقتصاديين في شركة «فورتكسيا» الاستشارية: «إن انخفاض صادرات الديزل الأميركية من شأنه أن يدعم الهوامش الأوروبية، في حين قد يبقى المزيد من فرص التصدير في سوق البنزين المضغوطة بشدة».
وأضاف: «لذا فإن هذا الأمر إيجابي بشكل عام بالنسبة إلى شركات التكرير الأوروبية، ولكن على الأرجح ليس بالنسبة إلى المستهلكين الأوروبيين».
وقال مسؤول تنفيذي في إحدى شركات السمسرة: «قد تتحسن هوامش الربح الأوروبية لأن الشمال الشرقي الأميركي سيضطر إلى استيراد مزيد من البنزين. أعتقد أن شركات التكرير الأوروبية والآسيوية هي الرابح الأكبر».
وقال ماتياس توغني، مؤسس شركة التحليلات «نيكست باريل»، إن الرسوم الجمركية ستجبر بائعي النفط الخام، المتأثرين على الأرجح، على خفض الأسعار للعثور على مشترين. وأضاف أن شركات التكرير الآسيوية مهيأة لاستيعاب الخام المكسيكي والكندي المخفض، وهو أمر قد يعزز هوامش أرباحها.
«ترانس ماونتن»
وقال راندي هوربورون، رئيس قسم التكرير في شركة «إنرجي أسبكتس»، إن شركات التكرير الآسيوية قد تحصل على ميزة تنافسية لأن لديها المعدات اللازمة لتشغيل الخامات الثقيلة وهي أيضاً في خضم رفع معدلات تشغيلها.
ويعني توسيع خط أنابيب «ترانس ماونتن» في كندا، الذي أُطلق في مايو (أيار) الماضي، أن خط الأنابيب يمكنه الآن شحن 590 ألف برميل إضافي يومياً إلى ساحل المحيط الهادئ الكندي.
كما يمكن لمصافي التكرير في آسيا والمحيط الهادئ أن تستغل فرص موازنة الوقود إلى الساحل الغربي الأميركي، التي قد تتضرر من ارتفاع تكاليف اللقيم المتكبَّدة من الحصول على الخام من مناطق أبعد، حسبما أضاف ويتش من «فورتكسيا».
ومن المؤكد أن هناك توقعات أن تستمر شركات التكرير في الغرب الأوسط في شراء الخام الكندي، حتى مع التعريفة الجمركية، ويمكنها ببساطة تمرير التكاليف إلى عملائها في المضخة.
وقال ستيوارت جليكمان، محلل أبحاث الأسهم في شركة «سي إف آر إيه» للأبحاث: «يمكن للناس في الغرب الأوسط أن يتطلعوا إلى إنفاق 20 أو 25 سنتاً إضافياً للغالون».
لغز اللقيم الأميركي
أظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة أن الخامين الكندي والمكسيكي مثّلا نحو 28 في المائة من حاجة المصافي الأميركية من الخام في عام 2023، حيث تعتمد المصافي الداخلية في الغرب الأوسط بشكل خاص على البراميل الكندية.
وقال محللون إن قدرة المصافي الأميركية على تشغيل إمدادات أكثر وفرة من خام غرب تكساس الوسيط الخفيف بدلاً من النفط الكندي والمكسيكي ستكون محدودة بسبب اختلاف نوعيتهما.
وقال نيل كروسبي، المحلل في شركة «سبارتا كوموديتيز»: «من المحتمل أن يكون استخدام مزيد من خام غرب تكساس الوسيط في المصافي المحلية محدود النطاق، فهم يحتاجون حقاً إلى الوقود المتبقي».
وعلى الرغم من أن بعض المصافي الأميركية قد أكملت تحديثات لمعالجة المزيد من الخامات الخفيفة، فإن ذلك سيؤدي إلى نقصٍ في تحميل الوحدات الثانوية، مما يؤثر على كل من الاقتصاد والكفاءة، حسبما قال هوربورون من شركة «إنرجي أسبيكتس».
وصلت واردات الولايات المتحدة من الخام الكندي إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق في الأسبوع المنتهي في 3 يناير (كانون الثاني)، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة، وهي علامة محتملة على تخزين المصافي مع اقتراب موعد فرض الرسوم الجمركية. وتراجعت الواردات قليلاً منذ ذلك الحين، حيث بلغت آخر مرة 3.72 مليون برميل يومياً في الأسبوع المنتهي في 24 يناير، لكنها لا تزال مرتفعة على أساس سنوي، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة.
وفي الوقت نفسه، شهدت شركات التكرير الأميركية بالفعل تراجعاً في الأرباح من مستويات قياسية في عام 2022. فعلى سبيل المثال، أعلنت شركة النفط الكبرى «شيفرون» أرباح الربع الرابع أقل من تقديرات «وول ستريت»، بعد أن أدى ضعف الهوامش إلى خسارة أعمال التكرير الخاصة بها للمرة الأولى منذ عام 2020.
وقد تؤثر التعريفات الجمركية وبالتالي ارتفاع الأسعار على قدرة شركات التكرير الأميركية على تحقيق أرباح قوية.
وأضاف كروسبي من «سبارتا»: «إن آليات فرض التعريفات الجمركية على المكسيك وكندا صعبة للغاية بالنسبة إلى القدرة التنافسية للنظام الأميركي».