تهديدات ترمب تضرب أسهم الصين واليوان

«المركزي» يضخ سيولة ضخمة في النظام المصرفي

سفينة شحن تحمل حاويات في ميناء هونغ كونغ الصيني (أ.ف.ب)
سفينة شحن تحمل حاويات في ميناء هونغ كونغ الصيني (أ.ف.ب)
TT

تهديدات ترمب تضرب أسهم الصين واليوان

سفينة شحن تحمل حاويات في ميناء هونغ كونغ الصيني (أ.ف.ب)
سفينة شحن تحمل حاويات في ميناء هونغ كونغ الصيني (أ.ف.ب)

هبطت أسهم الصين وهونغ كونغ واليوان، يوم الأربعاء، بعد أن لمح الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى فرض رسوم جمركية جديدة على الواردات الصينية، مما أنهى فترة راحة قصيرة للأسواق.

وانخفض مؤشرا «سي إس آي 300» الصيني، و«شنغهاي المركب» بنسبة 0.9 في المائة لكل منهما عند الإغلاق، مما يمثّل أكبر تراجع يومي لهما فيما يقرب من أسبوعين. وانخفض مؤشر «هانغ سنغ» القياسي في هونغ كونغ بنسبة 1.6 في المائة، متراجعاً عن أعلى مستوى في 5 أسابيع.

وضعف اليوان المحلي بنحو 0.2 في المائة، رغم تثبيت نقطة المتوسط عند أعلى مستوى في أكثر من شهرين من قِبل البنك المركزي. وقبل فتح السوق، حدّد بنك الشعب الصيني سعر النقطة الوسطى، الذي يُسمح لليوان بالتداول حوله في نطاق 2 في المائة، عند 7.1696 يوان مقابل الدولار، وهو أقوى مستوى له منذ 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وأعلى بمقدار 946 نقطة من تقديرات «رويترز».

وقال ترمب، يوم الثلاثاء، إن إدارته تناقش فرض رسوم عقابية بنسبة 10 في المائة على الواردات الصينية في وقت مبكر من الشهر المقبل، وذلك لأن «الفنتانيل» المخدر لا يزال يُرسل من الصين إلى الولايات المتحدة عبر المكسيك وكندا.

وقال رئيس استراتيجية النقد الأجنبي في آسيا لدى «آر بي سي كابيتال ماركتس»، ألفين تان، إن «فرض رسوم جمركية بنسبة 10 في المائة على الواردات الصينية سيكون أقل بكثير من معدل 60 في المائة الذي ذكره في حملته للمساعدة في تقليص العجز التجاري الذي يتجاوز الآن تريليون دولار سنوياً».

وخلال فترة ولاية ترمب الأولى رئيساً، ضعف اليوان بأكثر من 12 في المائة مقابل الدولار خلال سلسلة من إعلانات التعريفات الجمركية المتبادلة بين الولايات المتحدة والصين بين مارس (آذار) 2018 ومايو (أيار) 2020.

ويتوقع تان أن تبرز الحمائية التجارية الأميركية في الأشهر المقبلة، ولكن في الوقت الحالي يعني الإعفاء من التعريفات أن الدولار الأميركي يُتداول على قدم وساق، ولن يضعف اليوان المحلي إلى ما بعد 7.35 لكل دولار قبل عطلة رأس السنة القمرية الجديدة التي تستمر أسبوعاً، والتي تبدأ الأسبوع المقبل.

وأنهت تصريحات ترمب الارتياح قصير الأمد في ساعات التداول الآسيوية يوم الثلاثاء، بعد أن أحجم ترمب عن إعلان أي رسوم جمركية خاصة بالصين في أول يوم له في منصبه يوم الاثنين.

وقال المحلل في شركة الأبحاث «ماكرو هايف»، ليانغ دينغ: «كانت تعليقاته عابرة... بوجه عام، ربما ينتظر ترمب نتائج مراجعة المرحلة الأولى لاتفاقية التجارة لكسب بعض الوقت للحوار مع الصين»... ومع ذلك، يعتقد دينغ أن العلاقة التجارية بين البلدَيْن تطورت من «إعادة التوازن» إلى «الانفصال».

وإذا رُفعت الرسوم الجمركية في النهاية فقد يوجه ذلك ضربة قوية إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم، الذي كان يعاني من أزمة عقارية مطولة، وضعف الطلب الاستهلاكي الذي يُثقل كاهل النشاط الاقتصادي.

وقاد قطاع العقارات الانخفاضات في الأسواق على الصعيد المحلي؛ حيث هبط بنسبة 4.1 في المائة، مقلصاً المكاسب التي حققها في اليوم السابق. كما تخلّى قطاع الرقائق في الصين عن مكاسبه السابقة ليتراجع بنسبة 1 في المائة، بعد أن أعلن ترمب استثماراً من القطاع الخاص يصل إلى 500 مليار دولار لتمويل البنية الأساسية للذكاء الاصطناعي للتفوق على الدول المنافسة.

وفي غضون ذلك، ضخ بنك الشعب (المركزي) الصيني، يوم الأربعاء، سيولة بقيمة 1.1575 تريليون يوان في النظام المصرفي من خلال آلية إعادة الشراء العكسية لأجل 14 يوماً بفائدة قدرها 1.65 في المائة، وذلك بعدما ضخ، يوم الثلاثاء، 256 مليار يوان، وفقاً للآلية نفسها.

ويقول البنك المركزي إن هذه الخطوات تستهدف المحافظة على سيولة نقدية في النظام المصرفي مقبولة ووفيرة، حسب وكالة أنباء الصين الجديدة.

وتُعد إعادة الشراء العكسية، المعروفة بـ«الريبو العكسي»، عمليات يشتري فيها البنك المركزي الأوراق المالية من البنوك التجارية من خلال تقديم عطاءات، مع الاتفاق على بيعها إليها مرة أخرى في المستقبل.


مقالات ذات صلة

الصين تحث «دبلوماسية الأعمال» على حماية التجارة العالمية

الاقتصاد جانب من اجتماع الرئيس الصيني شي جينبينغ مع الرؤساء التنفيذيين العالميين في قاعة الشعب الكبرى بالعاصمة بكين يوم الجمعة (إ.ب.أ)

الصين تحث «دبلوماسية الأعمال» على حماية التجارة العالمية

حثّ الرئيس الصيني شي جينبينغ، في اجتماعٍ ضمّ رؤساء تنفيذيين من الشركات متعددة الجنسيات، يوم الجمعة، على حماية الصناعة العالمية وسلاسل التوريد.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

تباطؤ التضخم في أكبر اقتصادات اليورو يدعم سياسة التيسير النقدي

أظهرت بيانات يوم الجمعة أن معدل التضخم في مارس جاء أقل من المتوقع في اثنين من أكبر اقتصادات منطقة اليورو، مما عزز التوقعات بخفض آخر لأسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد مصنع «يو إس ستيل» في ولاية بنسلفانيا الأميركية (أ.ب)

«نيبون» و«يو إس ستيل» تسعيان لإقناع ترمب بإتمام الصفقة

أفادت دورية «سيمافور» الخميس بأن شركتَي «نيبون ستيل» اليابانية و«يو إس ستيل» الأميركية تجريان محادثات من شأنها الحفاظ على صفقة اندماجهما البالغة 14 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد عمال يجهزون الطلبيات في مركز توزيع «أمازون» قرب برلين (رويترز)

ارتفاع البطالة في ألمانيا بأسرع وتيرة منذ أكتوبر 2024

ارتفع عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا خلال شهر مارس (آذار) بأسرع وتيرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2024، مما يعكس استمرار الضغوط الاقتصادية على سوق العمل.

«الشرق الأوسط»
الاقتصاد صورة عامة للحي المالي في لندن (رويترز)

النمو البريطاني يسجل ارتفاعاً هامشياً في الربع الأخير وسط تباطؤ الإنفاق

سجّل الناتج المحلي الإجمالي البريطاني ارتفاعاً هامشياً بنسبة 0.1 في المائة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2024.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الصين تحث «دبلوماسية الأعمال» على حماية التجارة العالمية

جانب من اجتماع الرئيس الصيني شي جينبينغ مع الرؤساء التنفيذيين العالميين في قاعة الشعب الكبرى بالعاصمة بكين يوم الجمعة (إ.ب.أ)
جانب من اجتماع الرئيس الصيني شي جينبينغ مع الرؤساء التنفيذيين العالميين في قاعة الشعب الكبرى بالعاصمة بكين يوم الجمعة (إ.ب.أ)
TT

الصين تحث «دبلوماسية الأعمال» على حماية التجارة العالمية

جانب من اجتماع الرئيس الصيني شي جينبينغ مع الرؤساء التنفيذيين العالميين في قاعة الشعب الكبرى بالعاصمة بكين يوم الجمعة (إ.ب.أ)
جانب من اجتماع الرئيس الصيني شي جينبينغ مع الرؤساء التنفيذيين العالميين في قاعة الشعب الكبرى بالعاصمة بكين يوم الجمعة (إ.ب.أ)

حثّ الرئيس الصيني شي جينبينغ، في اجتماعٍ ضمّ رؤساء تنفيذيين من الشركات متعددة الجنسيات، يوم الجمعة، على حماية الصناعة العالمية وسلاسل التوريد، في الوقت الذي تسعى فيه بكين إلى تهدئة مخاوف الشركات الأجنبية بشأن صحة الاقتصاد الصيني وسط تهديدات بفرض مزيد من الرسوم الجمركية الأميركية.

وتسعى بكين جاهدةً لتبديد المخاوف من أن تجدد الحرب التجارية مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب سيزيد من تقليص نمو ثاني أكبر اقتصاد في العالم، الذي يكافح للتعافي منذ الجائحة. كما أن القلق المستمر إزاء تشديد اللوائح الصينية، والحملات المفاجئة على الشركات الأجنبية، وعدم تكافؤ الفرص لصالح الشركات الصينية المملوكة للدولة، كلها عوامل تُضعف ثقة الشركات.

وقال شي لقادة الأعمال، ومن بينهم رؤساء شركات «أسترازينيكا»، و«فيديكس»، و«أرامكو السعودية»، و«ستاندرد تشارترد»، و«تويوتا»: «علينا العمل معاً للحفاظ على استقرار الصناعة العالمية وسلاسل التوريد، وهو ضمان مهم للتنمية السليمة للاقتصاد العالمي».

وانضم نحو 40 مديراً تنفيذياً إلى الاجتماع، مثّل معظمهم قطاع الأدوية. وقال مصدر مطلع على خطط الاجتماع إن الاجتماع استمرَّ لأكثر من 90 دقيقة بقليل، ودُعيت 7 شركات للتحدث.

وقال شون شتاين، رئيس مجلس الأعمال الأميركي - الصيني، وهو أحد الحاضرين في الاجتماع: «لقد شعر الرؤساء التنفيذيون الذين تحدَّثت معهم، وتحدَّثت مع كثير منهم، بأن الأمر يستحق العناء». وأضاف: «لم يكتفِ الرئيس بالاعتراف بالتحديات المختلفة التي تواجه الشركات والصناعة، بل تعهد في كثير من الحالات باتخاذ الحكومة إجراءات».

وجلس المسؤولون التنفيذيون في تشكيل حدوة حصان، حيث جلس الرئيس التنفيذي لشركة «مرسيدس-بنز» أولا كالينيوس، وراج سوبرامانيام من «فيديكس»، مباشرةً أمام شي. كما جلس في الصف الأول الرئيس التنفيذي لبنك «إتش إس بي سي» جورج الحديري، والرئيس التنفيذي لشركة «إس كيه هاينكس» كواك نوه جونغ، والرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو السعودية»، أمين الناصر، ورئيس مجلس إدارة شركة «هيتاشي»، توشياكي هيغاشيهارا.

وصرَّح فرنك بورنوا، نائب الرئيس وعميد كلية الأعمال الدولية الصينية الأوروبية في شنغهاي: «يُمثل هذا الاجتماع مثالاً واضحاً على دبلوماسية الأعمال. فالآن لا يقتصر الأمر على الحوار بين الهيئات، وكيانات منظمة التجارة العالمية، والدول، بل يشمل أيضاً دبلوماسية تقودها شركات لا تُمثل نفسها فحسب، بل تُمثل قطاعاتها أيضاً»، مُضيفاً أن نجاحه سيعتمد على الأفعال المستقبلية وليس مجرد الأقوال.

وازدادت وتيرة الاجتماعات بين المسؤولين التنفيذيين الأجانب والمسؤولين الصينيين رفيعي المستوى خلال الشهر الماضي، بعد أن أظهرت البيانات الرسمية انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 27.1 في المائة على أساس سنوي بالعملة المحلية في عام 2024. ويُمثل ذلك أكبر انخفاض في الاستثمار الأجنبي المباشر منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008.

وقال شي: «تسهم الشركات الأجنبية بثلث واردات وصادرات الصين، ورُبع القيمة المضافة الصناعية، وسُبع عائدات الضرائب، مما يخلق أكثر من 30 مليون وظيفة». وأضاف: «في السنوات الأخيرة، تأثر الاستثمار الأجنبي في الصين أيضاً بعوامل جيوسياسية... وكثيراً ما أقول إن إطفاء أضواء الآخرين لا يزيدك إشراقاً».

وأكد شي أن «الصين كانت دائماً وستظل بالتأكيد وجهةً استثماريةً مثاليةً وآمنةً وواعدةً للمستثمرين الأجانب». وما زالت الصين مصدراً رئيسياً للمنتجات إلى دول العالم، وتفخر بسوق محلية تضم 1.4 مليار نسمة. غير أن الإفراط في البناء في قطاع العقارات قد قيَّد تريليونات الدولارات من رؤوس الأموال، مما أضعف ثقة الشركات والمستهلكين وحرم الاقتصاد من حيويته السابقة، بينما تفاقم حرب الرسوم الجمركية التي تشنها الولايات المتحدة هذه المشكلات.

وتحمَّلت الشركات الخاصة، التي توفر حصةً كبيرةً من النمو والوظائف في اقتصاد البلاد الذي تهمين عليه الدولة، كثيراً من العبء بعد سنوات من الحملات التنظيمية الصارمة التي هزَّت ثقة رواد الأعمال والمستثمرين الآخرين.

وجدَّد ترمب حربه التجارية مع الصين منذ توليه منصبه، وأعلن موجة جديدة من التعريفات الجمركية «المتبادلة» ستدخل حيز التنفيذ في 2 أبريل (نيسان)، مستهدفاً الدول التي تفرض حواجز تجارية على المنتجات الأميركية، التي قد تشمل الصين. وفرض ترمب رسوماً جمركية بنسبة 20 في المائة على الصادرات الصينية هذا الشهر، مما دفع الصين للرد بفرض رسوم إضافية على المنتجات الزراعية الأميركية.

وقال شي في الاجتماع: «إن جوهر العلاقات الاقتصادية والتجارية الصينية - الأميركية هو تحقيق المنفعة المتبادلة، والفوز المشترك».

وكان الزعيم الصيني قد خصَّ قادة الأعمال الأميركيين بلقاء خاص العام الماضي بعد منتدى التنمية الصيني، لكن شتاين، من مجلس الأعمال الأميركي - الصيني، قال إنه من غير المرجح أن تصبح مثل هذه الاجتماعات جزءاً لا يتجزأ من قمة الأعمال السنوية، التي عُقدت هذا العام يومَي 23 و24 مارس (آذار)، موضحاً أن «رسالة الصين هي أنها ليست حدثاً سنوياً، وأنه لا ينبغي للشركات أن تتوقع ذلك».