«الجيل زد» يقود اندفاعة شباب الصين نحو الادخار

أنماط الحياة المقتصدة تزيد من المخاطر الاقتصادية

متنزهون يلتقطون صوراً تذكارية على ضفة النهر مقابل الحي المالي بمدينة شنغهاي الصينية (رويترز)
متنزهون يلتقطون صوراً تذكارية على ضفة النهر مقابل الحي المالي بمدينة شنغهاي الصينية (رويترز)
TT

«الجيل زد» يقود اندفاعة شباب الصين نحو الادخار

متنزهون يلتقطون صوراً تذكارية على ضفة النهر مقابل الحي المالي بمدينة شنغهاي الصينية (رويترز)
متنزهون يلتقطون صوراً تذكارية على ضفة النهر مقابل الحي المالي بمدينة شنغهاي الصينية (رويترز)

يتزايد الاتجاه نحو المزيد من الاقتصاد في الإنفاق الذي بدأ في الصين أثناء الاضطراب الاقتصادي الناجم عن الوباء، وتعمق وسط الأزمة في سوق العقارات، مع تجنب الجيل زد لدعوات الحكومة للإنفاق؛ ومضاعفة الادخار بدلا من ذلك.

وعلى موقع «شاوهونغشو» Xiaohongshu (البطاطا الحلوة) الصيني المشابه لـ«إنستغرام»، أو «ريد نوت» RedNote كما يُعرف في الغرب، يتبادل العديد من الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً الملاحظات حول كيفية الإنفاق بشكل أقل على الغداء خلال العمل والتسوق بأسعار رخيصة.

كما يشارك المؤثرون نصائح حول تحويل الانضباط المالي إلى أسلوب حياة. ويبلغ إجمالي المنشورات حول كيفية توفير المال أكثر من 1.5 مليون منشور مع أكثر من 130 مليون مشاهدة.

وقالت آفا سو، التي انضمت إلى مجموعة «علي بابا» بعد تخرجها قبل ستة أشهر فقط وتكسب راتباً مريحاً نسبياً: «أشعر أن الاقتصاد سيئ للغاية، ويبدو أنه من الصعب على الجميع كسب المال، لذلك أعتقد أنه من المهم حماية محفظتي الخاصة».

وقالت سو، 26 عاماً، التي ترى أن صناعة الإنترنت «غير مستقرة»، إنها قللت من الإنفاق الاندفاعي ولديها خطة طويلة الأجل لتوفير مليوني يوان (273 ألف دولار) - أي 100 ضعف راتبها الشهري.

ووفقاً لبيانات من «يوي باو»، وهو صندوق سوق أموال عبر الإنترنت شهير على تطبيق الدفع «علي باي» Alipay، قام المستخدمون المولودون بعد عام 2000 بمتوسط ​​20 إيداعاً شهرياً في النصف الثاني من عام 2024، وهو ضعف العدد لشهر مايو (أيار) الماضي... وكان رقم شهر مايو نفسه أعلى بنسبة 10 في المائة من مستواه المتوسط في العام السابق عليه.

وقالت يو باو أيضاً إن الأموال التي كان لدى كل شخص في حسابه في ذلك الشهر كانت ما يقرب من 3000 يوان، أي أكثر بنسبة 50 في المائة من نفس الشهر من العام السابق.

ويحذر بعض خبراء الاقتصاد من أن الادخار الراسخ قد يؤدي إلى تفريغ الطلب في الوقت الذي يعتمد فيه صناع السياسات على الاستهلاك المحلي لدعم الناتج المحلي الإجمالي للصين. كما أن التشاؤم المستمر، الذي أدى بالفعل إلى انخفاض أسعار المستهلك من السيارات إلى الشاي، من شأنه أن يضعف أيضاً الإمكانات الأطول أجلاً لثاني أكبر اقتصاد في العالم.

ويتناقض هذا الوضع بشكل صارخ مع مواقف الإنفاق الحر لما يسمى جيل «ضوء القمر»، وهو مصطلح يستخدم لوصف أولئك الذين ولدوا في الثمانينيات والتسعينيات.

وقال هو-فونغ هونغ، أستاذ الاقتصاد السياسي بجامعة «جونز هوبكنز»، إنهم لم يروا في جيلهم سوى فرص العمل المتزايدة، وارتفاع الدخول، ونوعية الحياة التي استمرت في التحسن، وكانوا معروفين بإنفاق رواتبهم بالكامل بحلول نهاية كل شهر... لكنه أضاف أن كوفيد-19، والتباطؤ الاقتصادي، والحملة الحكومية الصارمة على شركات التكنولوجيا وأجزاء أخرى من القطاع الخاص جعلت الشباب اليوم يشعرون أنهم بحاجة إلى الاستعداد للأسوأ. وقال هونغ: «إن هذا الفقدان للتفاؤل هو الأول منذ بداية إصلاح السوق في الصين في عام 1978».

ويعني التشاؤم أن العديد من الشباب يبحثون عن وظائف «سهلة» في الإدارات الحكومية أو الشركات المملوكة للدولة والتي يعتقدون أنها توفر المزيد من الأمن الوظيفي. وقالت سو إنها تخطط لاجتياز امتحان الخدمة المدنية في وقت ما في المستقبل.

وظل معدل البطالة بين حوالي 100 مليون صيني تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاماً مرتفعاً في العامين الماضيين. وبلغ معدل البطالة بين الشباب أعلى مستوى له على الإطلاق عند 21.3 في المائة في يونيو (حزيران) 2023، مما دفع المسؤولين إلى وقف إصدار سلسلة البيانات و«إعادة تقييم» كيفية تجميع الأرقام. وبلغ معدل البطالة بين الشباب المعاد معايرته 15.7 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي.

أما ليلي لي، وهي معلمة اللغة الإنجليزية في المدرسة الثانوية تبلغ من العمر 26 عاماً من شنتشن والتي بدأت أحدث وظيفة لها في سبتمبر (أيلول)، فهي توفر 80 في المائة من راتبها الشهري الذي يزيد على 10000 يوان (1364 دولاراً)، مما يقلل بشكل كبير من الأشياء غير الضرورية مثل الملابس أو تذاكر الحفلات الموسيقية.

وكانت لي تطمح للعمل في عالم الشركات، لكنها أصبحت معلمة مدرسة من أجل الاستقرار. وقالت إنها لا تزال تخطط للبحث عن وظيفة أخرى في العامين إلى الثلاثة أعوام القادمة لكنها غير متأكدة مما إذا كانت ستجد واحدة.

وعلى عكس فلسفة «جيل الألفية» المتمثلة في الاستمتاع بالحياة على أكمل وجه، فإن القلق الوجودي لـ«جيل زد» الصيني تعمق فقط جنباً إلى جنب مع الوعكة الاقتصادية في البلاد.

وقال غاري نغ، كبير خبراء الاقتصاد في «ناتيكسيس» في هونغ كونغ: «قد يؤدي اتجاه (التراجع) إلى تكثيف المنافسة السعرية وتغذية الانكماش مع نضال الشركات من أجل مواجهة ضعف الطلب. وقد يؤدي مثل هذا التخفيض في الاستهلاك إلى فجوة بالمنتجات والخدمات متوسطة السعر. وسوف يتباطأ النمو المحتمل للصين في الأمد البعيد».

وأظهرت البيانات الصادرة يوم الجمعة أن الناتج المحلي الإجمالي للصين في عام 2024 نما بنسبة 5.0 في المائة، لكن من المتوقع أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي على مدى العامين المقبلين.


مقالات ذات صلة

بأكثر من 55 إدراجاً... السوق السعودية الأكثر نمواً عالمياً في 2024

الاقتصاد جانب من الجلسات الحوارية (ملتقى الأسواق المالية)

بأكثر من 55 إدراجاً... السوق السعودية الأكثر نمواً عالمياً في 2024

مع طرح أكثر من 55 إدراجاً في مجالات مختلفة خلال العام المنصرم، أصبحت السوق المالية السعودية الأكثر نموّاً على مستوى العالم في سوق الإدراجات.

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد مبنى وزارة الصناعة والثروة المعدنية في السعودية (واس)

السعودية تُخصص 3 مجمعات للأنشطة التعدينية في منطقتي الشرقية والمدينة المنورة

خصصت وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية، 3 مواقع لإقامة مجمعات تعدينية في منطقتي المدينة المنورة والشرقية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من الضاحية المالية في جزيرة هونغ كونغ الصينية (أ.ف.ب)

بنوك الاستثمار العالمية تحسّن نظرتها لأسواق الصين

حسَّنت بنوك استثمار عالمية نظرتها وتوصياتها تجاه الاستثمار في الأسواق الصينية، وذلك وسط موجة صعود دعمها لقاء الرئيس الصيني شي جينبينغ الأخير مع قادة الأعمال.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد متداوِل يتابع شاشاته وخلفه رسم بياني لمؤشر «داكس» في «بورصة فرنكفورت»... (رويترز)

تحسن «معنويات المستثمرين» في ألمانيا بأسرع وتيرة خلال عامين

تحسنت «معنويات المستثمرين» في ألمانيا بأسرع وتيرة منذ عامين في فبراير (شباط)، بدفع من توقعات بانتعاش الاقتصاد مع حكومة جديدة بعد الانتخابات المقررة يوم الأحد.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد أحد المشاة يسير أمام شاشة تعرض حركة الأسهم في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)

مستثمرو اليابان يتكالبون على الأصول الأجنبية بعد 3 أشهر من الفتور

تحول المستثمرون اليابانيون إلى مشترين صافين للأسهم الأجنبية في يناير الماضي، وسط ارتفاع عالمي للأسهم تجاهل التوترات التجارية

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

عضو في «المركزي الأوروبي»: تخفيضات الفائدة يجب أن تعوض تأثير الانكماش في الميزانية

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
TT

عضو في «المركزي الأوروبي»: تخفيضات الفائدة يجب أن تعوض تأثير الانكماش في الميزانية

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، بيرو تشيبولوني، الثلاثاء، إن تخفيضات أسعار الفائدة يجب أن تُعوض التأثير التقييدي الناتج عن الانكماش في ميزانية البنك، ما يُشير إلى أن تكاليف الاقتراض قد تحتاج إلى أن تنخفض أكثر مما يعتقد البعض.

ويُخطط «المركزي الأوروبي» للسماح بترتيب مئات المليارات من اليوروهات، إن لم يكن تريليونات، من الديون، لتنقضي في السنوات المقبلة، وفي عام 2025 وحده من المتوقع أن تستحق نحو 500 مليار يورو (522 مليار دولار) من السندات، معظمها ديون حكومية، بوصفها جزءاً من عملية التكيف التدريجي المتفق عليها مسبقاً، وفق «رويترز».

ويعمل تقليص حيازات السندات تدريجياً -المعروف أيضاً بالانكماش الكمي، الذي جرى الاتفاق عليه عندما كانت معدلات التضخم مرتفعة للغاية- الآن ضد هدف البنك المركزي الأوروبي المتمثل في تخفيف تكاليف الاقتراض لاقتصاد ظل راكداً بشكل عام لمدة عامين.

وقال تشيبولوني في مناسبة مع مؤسسة «إم إن آي» الإعلامية: «في حين تمارس تخفيضات أسعار الفائدة ضغوطاً هبوطية بشكل رئيسي على الطرف القصير من منحنى العائد، فإن انكماش الميزانية العمومية يمارس ضغوطاً صعودية على الاستحقاقات الأطول أجلاً». وأضاف: «يؤدي ذلك إلى تشديد الظروف المالية».

وقال إن «التوازن الصحيح» يتطلب ضمان أن تكون قراراتنا بشأن أسعار الفائدة تعوض بشكل مناسب عن التشديد الناجم عن تقليص ميزانيتنا.

ويُشير هذا الرأي إلى أن تشيبولوني قد يُفضل الاستمرار في تخفيض أسعار الفائدة؛ حيث إن الانكماش في الميزانية قد يستمر لسنوات، ما يضغط على تكاليف الاقتراض على المدى الطويل.

وترى الأسواق الآن 3 تخفيضات أخرى لأسعار الفائدة هذا العام، ما سيُخفض سعر الإيداع المرجعي إلى 2 في المائة، وهو على الأرجح أدنى نقطة في دورة التيسير الحالية.

وفي ذروته في أوائل عام 2022، كانت حيازات البنك الكبيرة من السندات تخفض عوائد السندات السيادية لمدة 10 سنوات، بنحو 175 نقطة أساس، ولكن هذا التأثير الآن تراجع إلى نحو 75 نقطة أساس ويتناقص، وفقاً لما قاله تشيبولوني.

وامتنع تشيبولوني عن تقديم حجم مثالي لميزانية البنك، وقال إن هذا يعتمد إلى حد كبير على احتياجات السيولة للبنوك التجارية.

ولا يزال البنك المركزي الأوروبي يمتلك نحو 4.2 تريليون يورو من السندات التي جرى شراؤها لأغراض السياسة النقدية.

وقال تشيبولوني: «يجب أن يظل الانخفاض الإضافي في ميزانيتنا على مسار تدريجي وقابل للتنبؤ به لتجنب تأثيرات التضخم المالي».