من المتوقع أن يرفع بنك اليابان أسعار الفائدة يوم الجمعة، ما لم تحدث أي صدمات في السوق عندما يتولى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب منصبه، وهي الخطوة التي من شأنها أن ترفع تكاليف الاقتراض القصير الأجل إلى مستويات غير مسبوقة منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008.
ومن شأن تشديد السياسة النقدية أن يؤكد عزم البنك المركزي على رفع أسعار الفائدة بشكل مطَّرد، والتي تبلغ الآن 0.25 في المائة، إلى ما يقرب من 1 في المائة، وهو المستوى الذي يرى المحللون أنه لا يبرِّد ولا يسخِّن الاقتصاد الياباني.
وفي الاجتماع الذي يستمر يومين وينتهي يوم الجمعة، من المرجح أن يرفع بنك اليابان سعر الفائدة القصير الأجل إلى 0.5 في المائة، ما لم يقلب خطاب تنصيب ترمب وأوامره التنفيذية الأسواق المالية، حسبما قالت مصادر لـ«رويترز».
وفي تقرير التوقعات ربع السنوي، من المتوقع أيضاً أن يرفع المجلس توقعاته للأسعار على أساس التوقعات المتزايدة بأن مكاسب الأجور الواسعة النطاق ستبقي اليابان على المسار الصحيح، لتحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة الذي حدده البنك بشكل مستدام.
وستكون زيادة أسعار الفائدة من جانب بنك اليابان هي الأولى منذ يوليو (تموز) من العام الماضي، عندما صدمت هذه الخطوة -إلى جانب بيانات الوظائف الأميركية الضعيفة- المتداولين، وأثارت هزة في الأسواق العالمية في أوائل أغسطس (آب) الماضي.
وفي محاولة لتجنب تكرار ما حدث، مهَّد بنك اليابان للأمر بعناية بإشارات واضحة من المحافظ كازو أويدا، ونائبه، الأسبوع الماضي، بأن رفع أسعار الفائدة أمر وارد. وتسببت هذه التصريحات في انتعاش الين؛ حيث حددت الأسواق احتمالات رفع أسعار الفائدة بنحو 80 في المائة يوم الجمعة.
كما كانت هناك تلميحات إلى تحرك في الأمد القريب الشهر الماضي. ففي حين أحجم بنك اليابان عن رفع أسعار الفائدة في اجتماعه يومي 18 و19 ديسمبر (كانون الأول)، اقترح عضو مجلس الإدارة المتشدد ناوكي تامورا رفع أسعار الفائدة. وأظهرت محاضر الاجتماع أن بعض زملائه رأوا أن الظروف مهيأة لرفع أسعار الفائدة في وقت قريب.
ومع اعتبار تشديد السياسة النقدية هذا الأسبوع أمراً شبه مؤكد، يتحول انتباه السوق إلى إحاطة أويدا بعد الاجتماع، للحصول على أدلة حول توقيت ووتيرة الزيادات اللاحقة.
ونظراً لتجاوز التضخم لهدف بنك اليابان البالغ 2 في المائة لمدة 3 سنوات تقريباً، وتسبب ضعف الين في إبقاء تكاليف الواردات مرتفعة، فمن المرجح أن يؤكد أويدا على عزم صناع السياسات مواصلة رفع أسعار الفائدة.
ولكن هناك أسباباً وجيهة للحذر. ففي حين رفع صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي في عام 2025، فإن سياسات ترمب تخاطر بزعزعة استقرار الأسواق، وتأجيج حالة عدم اليقين بشأن آفاق الاقتصاد الياباني المعتمد على التصدير.
وقد تتفاقم حالة عدم اليقين السياسي المحلي أيضاً؛ حيث قد يكافح ائتلاف الأقلية الذي يتزعمه رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا لتمرير الميزانية من خلال البرلمان، والفوز بانتخابات البرلمان المقرر إجراؤها في يوليو المقبل.
كما يطارد الضرر الاقتصادي الناجم عن زيادات أسعار الفائدة في الماضي صناع السياسات في بنك اليابان. فقد أنهى بنك اليابان التيسير الكمي في عام 2006، ودفع أسعار الفائدة القصيرة الأجل إلى 0.5 في المائة في عام 2007، وهي الخطوات التي أثارت عاصفة من الانتقادات السياسية باعتبارها سبباً في تأخير نهاية الانكماش.
وخفض بنك اليابان أسعار الفائدة من 0.5 في المائة إلى 0.3 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) 2008، ثم إلى 0.1 في المائة في ديسمبر من العام نفسه؛ حيث دفعت الأزمة المالية العالمية اليابان إلى الركود. ومنذ ذلك الحين، أدت خطوات غير تقليدية مختلفة إلى إبقاء تكاليف الاقتراض عالقة بالقرب من الصِّفر.
وقال جيفري يونغ، الرئيس التنفيذي لشركة «ديب ماكرو»: «لقد عانت اليابان من انخفاض دائم في معدل النمو ومعدل التضخم ومستوى أسعار الفائدة. لذا فإن صناع السياسات والمستثمرين ومجتمع الأعمال ما زالوا يتساءلون: هل تحررنا حقاً من ذلك؟ وسيتعين على بنك اليابان أن يشرح بعناية شديدة أنه يرفع أسعار الفائدة للابتعاد عن السياسة غير العادية التي تبناها».