انتعاش قطاع التصنيع الأميركي في ديسمبر رغم تحديات الأسعار

مؤشر «مديري المشتريات» يرتفع لأعلى مستوى له في 9 أشهر

روبوتات مستقلة تقوم بتجميع سيارة «إس يو في» بمصنع «بي إم دبليو» في ساوث كارولاينا (رويترز)
روبوتات مستقلة تقوم بتجميع سيارة «إس يو في» بمصنع «بي إم دبليو» في ساوث كارولاينا (رويترز)
TT

انتعاش قطاع التصنيع الأميركي في ديسمبر رغم تحديات الأسعار

روبوتات مستقلة تقوم بتجميع سيارة «إس يو في» بمصنع «بي إم دبليو» في ساوث كارولاينا (رويترز)
روبوتات مستقلة تقوم بتجميع سيارة «إس يو في» بمصنع «بي إم دبليو» في ساوث كارولاينا (رويترز)

اقترب قطاع التصنيع في الولايات المتحدة من التعافي في ديسمبر (كانون الأول)؛ إذ شهد انتعاشاً في الإنتاج وزيادة في الطلبات الجديدة، رغم أن المصانع واجهت تحديات مرتبطة بارتفاع أسعار المدخلات مع نهاية العام.

وذكر معهد إدارة التوريد، الجمعة، أن مؤشر «مديري المشتريات الصناعي» ارتفع إلى 49.3 في الشهر الماضي، وهو أعلى مستوى منذ مارس (آذار)، مقارنة بـ48.4 في نوفمبر (تشرين الثاني).

وتُشير قراءة مؤشر «مديري المشتريات» دون 50 إلى انكماش في القطاع، الذي يُشكل 10.3 في المائة من الاقتصاد الأميركي، وكان ديسمبر هو الشهر التاسع على التوالي الذي يتداول فيه المؤشر دون عتبة الـ50.

وقد توقّعت استطلاعات «رويترز» من خبراء اقتصاديين أن يظل المؤشر دون تغيير عند 48.4، في حين عانى قطاع التصنيع من تأثيرات السياسة النقدية المشددة التي اتبعها مجلس الاحتياطي الفيدرالي في عامي 2022 و2023 لمحاربة التضخم. ومع ذلك، أظهرت مسوحات معنويات السوق، بما في ذلك مؤشر «مديري المشتريات»، أن هناك مبالغة في تقدير انخفاض إنتاج المصانع.

وفي الشهر الماضي، أظهرت بيانات حكومية نمواً في قطاع التصنيع بنسبة 3.2 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث، ما أسهم في نمو الاقتصاد الأميركي بمعدل 3.1 في المائة خلال تلك الفترة.

وفي سياق آخر، خفّض البنك المركزي الأميركي سعر الفائدة القياسي بمقدار 25 نقطة أساس إلى نطاق 4.25 - 4.50 في المائة في الشهر الماضي. وكان هذا هو الخفض الثالث على التوالي في أسعار الفائدة منذ أن بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في دورة التيسير في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد أن رفع أسعار الفائدة بمقدار 5.25 نقطة مئوية في عامي 2022 و2023.

من جانب آخر، يمكن أن يُسهم تعهد إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب القادمة بخفض الضرائب في تقديم دفعة لقطاع التصنيع. ولكن قد تؤدي السياسات الأخرى، مثل فرض رسوم جمركية أعلى على السلع المستوردة، إلى رفع أسعار المواد الخام.

وتوقّع «الفيدرالي» أن يقوم بخفض الفائدة مرتين هذا العام، وهو ما يعدّ أقل من التوقعات السابقة التي كانت تُشير إلى 4 تخفيضات في سبتمبر، وذلك بسبب مرونة الاقتصاد الأميركي وعدم اليقين بشأن تأثير سياسات إدارة ترمب.

أما بالنسبة للطلبات الجديدة، فقد ارتفع مؤشر معهد إدارة التوريدات للطلبات الجديدة إلى 52.5 من 50.4 في نوفمبر، وهو ما يُمثل أول توسع في المؤشر منذ مارس (آذار)، كما انتعش الإنتاج الصناعي بعد عدة أشهر من الانكماش.

وارتفع مقياس الأسعار التي يدفعها المصنعون إلى 52.5 من 50.3 في نوفمبر، في حين ارتفع مقياس الواردات إلى 49.7 من 47.6 في الشهر السابق، ما يُشير إلى أن المصنعين قد يستوردون مزيداً من السلع استعداداً لرسوم جمركية أعلى. وكان الرئيس ترمب قد تعهّد بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع المنتجات القادمة من المكسيك وكندا، إضافة إلى رسوم جمركية بنسبة 10 في المائة على السلع الصينية.

كما ارتفع مقياس تسليمات الموردين إلى 50.1 من 48.7 في نوفمبر، وهو ما يُشير إلى تباطؤ في عمليات التسليم. وفي المقابل، انكمش تشغيل المصانع بشكل أكبر؛ إذ تراجع مؤشر وظائف التصنيع في المسح إلى 45.3 من 48.1 في نوفمبر. ومع ذلك، لا يُعدّ هذا المقياس مؤشراً موثوقاً لقياس الرواتب في تقرير التوظيف الذي تتابعه الحكومة من كثب.


مقالات ذات صلة

«قناة بنما»: ما تاريخها؟ وهل يستطيع ترمب استعادة السيطرة عليها؟

الولايات المتحدة​ سفينة شحن تَعبر قناة بنما في سبتمبر الماضي (أ.ب)

«قناة بنما»: ما تاريخها؟ وهل يستطيع ترمب استعادة السيطرة عليها؟

يستنكر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الرسوم المتزايدة التي فرضتها بنما على استخدام الممر المائي الذي يربط المحيطين الأطلسي والهادئ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)

عائدات سندات الخزانة الأميركية تسجل أعلى مستوى منذ أبريل

سجلت عائدات سندات الخزانة قفزة كبيرة يوم الأربعاء، حيث سجلت عائدات السندات القياسية لمدة عشر سنوات أعلى مستوى لها منذ أبريل (نيسان) الماضي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر (أ.ب)

كبير مسؤولي «الفيدرالي» يواصل دعم خفض الفائدة رغم التضخم والتعريفات الجمركية

قال أحد كبار صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي إنه لا يزال يدعم خفض أسعار الفائدة هذا العام على الرغم من ارتفاع التضخم واحتمال فرض تعريفات جمركية

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يصطف الناس خارج مركز التوظيف في لويسفيل بكنتاكي (رويترز)

انخفاض غير متوقع في طلبات إعانة البطالة الأسبوعية الأميركية

انخفض عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع في الأسبوع الماضي مما يشير إلى استقرار سوق العمل بداية العام

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد تباطؤ نمو الرواتب الخاصة في الولايات المتحدة خلال ديسمبر

تباطؤ نمو الرواتب الخاصة في الولايات المتحدة خلال ديسمبر

تباطأ نمو الرواتب الخاصة في الولايات المتحدة بشكل حاد خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وفق تقرير التوظيف الوطني.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كبير مسؤولي «الفيدرالي» يواصل دعم خفض الفائدة رغم التضخم والتعريفات الجمركية

عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر (أ.ب)
عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر (أ.ب)
TT

كبير مسؤولي «الفيدرالي» يواصل دعم خفض الفائدة رغم التضخم والتعريفات الجمركية

عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر (أ.ب)
عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر (أ.ب)

قال أحد كبار صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي، الأربعاء، إنه لا يزال يدعم خفض أسعار الفائدة هذا العام، على الرغم من ارتفاع التضخم، واحتمال فرض تعريفات جمركية واسعة النطاق في ظل إدارة ترمب المقبلة.

وقال كريستوفر والر، العضو المؤثر في مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، إنه يتوقع أن يقترب التضخم من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في الماضي في الأشهر المقبلة. وفي بعض التعليقات الأولى التي أدلى بها مسؤول في بنك الاحتياطي الفيدرالي حول التعريفات الجمركية على وجه التحديد، قال إن الرسوم الجمركية الأكبر على الواردات من غير المرجح أن تدفع التضخم إلى الارتفاع هذا العام، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقال والر في باريس في منظمة «التعاون الاقتصادي والتنمية»: «رسالتي الأساسية هي أنني أعتقد أن مزيداً من التخفيضات ستكون مناسبة». وأضاف: «إذا لم يكن للتعريفات الجمركية، كما أتوقع، تأثير كبير أو مستمر على التضخم، فمن غير المرجح أن تؤثر على وجهة نظري».

وتُعد تعليقاته جديرة بالاهتمام؛ نظراً لأن تأثير الرسوم الجمركية يشكل بطاقة جامحة هذا العام بالنسبة للاقتصاد الأميركي. وقد هبطت الأسواق المالية في الأشهر الأخيرة جزئياً بسبب المخاوف من أن التضخم قد يستمر في كونه مشكلة، وأن التعريفات الجمركية قد تجعل الأمر أسوأ. ويميل المنتجون إلى رفع الأسعار للعملاء للتعويض عن التكاليف الزائدة للرسوم الجمركية على المواد والسلع المستوردة.

ومع ذلك، فإن والر أكثر تفاؤلاً بشأن التضخم من كثير من مستثمري «وول ستريت». وقال: «أعتقد أن التضخم سيستمر في إحراز تقدم نحو هدفنا البالغ 2 في المائة على المدى المتوسط، ​​وأن مزيداً من التخفيضات (للمعدلات) ستكون مناسبة». وفي حين ظل التضخم ثابتاً في الأشهر الأخيرة - حيث ارتفع إلى 2.4 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً للمقياس المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي - زعم والر أن الأسعار خارج قطاع الإسكان، وهو ما يصعب قياسه، تتباطأ.

وتتعارض تصريحات والر مع التوقعات الزائدة في «وول ستريت» بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد لا يخفض سعر الفائدة الرئيس كثيراً، إن فعل ذلك على الإطلاق، هذا العام مع استمرار ارتفاع الأسعار. ويبلغ المعدل حالياً حوالي 4.3 في المائة بعد عدة تخفيضات في العام الماضي من أعلى مستوى له منذ عقدين من الزمن عند 5.3 في المائة. وتتوقع الأسواق المالية خفض أسعار الفائدة مرة واحدة فقط في عام 2025، وفقاً لتسعير العقود الآجلة التي تتبعها أداة «فيد ووتش».

ولم يذكر والر عدد التخفيضات التي يدعمها على وجه التحديد. وقال إن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي توقعوا خفضين هذا العام في ديسمبر (كانون الأول). لكنه أشار أيضاً إلى أن صناع السياسات دعموا مجموعة واسعة من النتائج، من عدم التخفيضات إلى ما يصل إلى خمسة تخفيضات. وأضاف أن عدد التخفيضات سيعتمد على التقدم نحو خفض التضخم.

وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن تأثير التعريفات الجمركية على سياسة الفيدرالي والتضخم يصعب قياسه مسبقاً، حتى يتضح أي الواردات ستتأثر بالتعريفات، وما إذا كانت الدول الأخرى سترد بتعريفات خاصة بها. ولكن في المؤتمر الصحافي الأخير لـ«الفيدرالي» في ديسمبر، أقر باول بأن بعض صناع السياسات التسعة عشر في البنك المركزي بدأوا في دمج التأثير المحتمل لسياسات الرئيس المنتخب دونالد ترمب على الاقتصاد.

وقال باول: «لقد اتخذ بعض الناس خطوة أولية للغاية وبدأوا في دمج تقديرات مشروطة للغاية للتأثيرات الاقتصادية للسياسات في توقعاتهم في هذا الاجتماع». وقال إن مسؤولين آخرين لم يتخذوا مثل هذه الخطوة، في حين لم يحدد البعض ما إذا كانوا قد فعلوا ذلك.

وقد اقترح مسؤولون آخرون في «الفيدرالي» مؤخراً أن يتحرك البنك ببطء أكبر بشأن خفض أسعار الفائدة هذا العام، بعد الخفض في كل من اجتماعاته الثلاثة الأخيرة في عام 2024. وقالت ليزا كوك، عضو مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، يوم الاثنين، إن البنك المركزي يمكنه «المضي قدماً بحذر أكبر» في خفض أسعار الفائدة.

وقال والر، في جلسة أسئلة وأجوبة، إن أحد أسباب ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل يرجع إلى القلق من أن عجز موازنة الحكومة الفيدرالية، الضخم بالفعل، قد يظل كذلك أو حتى يزيد. وقد أدت أسعار الفائدة طويلة الأجل المرتفعة إلى ارتفاع تكلفة الرهن العقاري والاقتراض الآخر، مما زاد من الضغوط على كل من الشركات والمستهلكين.

وقال: «في مرحلة ما، ستطالب الأسواق بقسط لقبول مخاطر التمويل»، مثل هذا الاقتراض الزائد.