الإيرادات العمانية ترتفع 15 % في 2024 مدفوعة بزيادة أسعار النفط

تتوقع عجزاً بقيمة 1.6 مليار دولار في 2025 مع التركيز على التنمية الاجتماعية

العاصمة العمانية مسقط (وكالة الأنباء العمانية)
العاصمة العمانية مسقط (وكالة الأنباء العمانية)
TT

الإيرادات العمانية ترتفع 15 % في 2024 مدفوعة بزيادة أسعار النفط

العاصمة العمانية مسقط (وكالة الأنباء العمانية)
العاصمة العمانية مسقط (وكالة الأنباء العمانية)

كشفت البيانات الأولية، الصادرة عن وزارة المالية العمانية، الخميس، تسجيل البلاد إيرادات تُقدر بنحو 12.7 مليار ريال عماني (33 مليار دولار) في عام 2024، بارتفاع نسبته 15 في المائة عن التوقعات الواردة في الميزانية، في حين جرى تقليص الإنفاق إلى 11.65 مليار ريال (30 مليار دولار)؛ أي بانخفاض قدره 4 في المائة عن المخطط له. وهذا التوجه أسفر عن تحول العجز المتوقع بقيمة 640 مليون ريال إلى فائض فعلي قدره 540 مليون ريال.

وتأثرت الميزانية بشكل إيجابي من ارتفاع متوسط سعر النفط بنسبة 37 في المائة تقريباً، ليصل إلى 82 دولاراً للبرميل، مقارنةً بالتوقعات الأولية التي كانت تُقدر بـ60 دولاراً.

يُذكر أن متوسط إنتاج النفط في عمان انخفض بشكل طفيف إلى 1.001 مليون برميل يومياً، بدلاً من 1.031 مليون برميل.

ووجَّهت عمان إيراداتها الإضافية في عام 2024، التي تبلغ 468 مليون ريال، نحو تعزيز الإنفاق الاجتماعي وتحفيز النمو الاقتصادي، حيث خصصت 176 مليون ريال لدعم المنتجات النفطية، و125 مليون ريال لقطاع الكهرباء والمياه والصرف الصحي والنفايات، و111 مليون ريال لتمكين ميزانية قطاعي الصحة والتعليم لتغطية التوسع في تقديم الخدمات، بينما قدمت 50 مليون ريال للمنتفعين من الضمان الاجتماعي والأُسر المُعسرة والدخل المحدود، وأخيراً 6 ملايين ريال لإعفاء 532 قرضاً على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

وانخفض إجمالي الدين العام في 2024 بنحو 5.3 في المائة، من 15.2 مليار ريال بداية العام، إلى 14.4 مليار ريال، وأصبح يشكل من الناتج المحلي الإجمالي 34 في المائة، مقارنة مع 36.5 في المائة بداية العام.

توسع ملحوظ

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد صندوق النقد الدولي، في ختام مشاوراته مع السلطات العُمانية، أن اقتصاد البلاد يشهد توسعاً ملحوظاً مع انخفاض التضخم وتحسن الأوضاع المالية، حيث بلغ النمو الاقتصادي في عمان 1.2 في المائة خلال 2023، ثم تسارع إلى 1.9 في المائة خلال النصف الأول من 2024، مدفوعاً بنمو قوي في القطاعات غير الهيدروكربونية؛ مثل البناء والصناعات التحويلية والخدمات، رغم تقليصات إنتاج النفط.

وأوضح الصندوق أن عمان حققت تقدماً كبيراً في تنفيذ إصلاحات «رؤية 2040»، شملت تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي، وزيادة مرونة سوق العمل، وتحسين بيئة الأعمال. كما أشار إلى رفع التصنيف الائتماني السيادي للبلاد إلى الدرجة الاستثمارية، ما يعكس تحسناً في الأسس الاقتصادية.

وتوقَّع التقرير، الصادر عن صندوق النقد الدولي، استمرار النمو الاقتصادي بنسبة 1.2 في المائة خلال 2024، مع احتمال الانتعاش بدءاً من عام 2025 نتيجة زيادة إنتاج الهيدروكربونات، وتوسع القطاعات غير الهيدروكربونية. ورغم التحديات الاقتصادية؛ مثل تقلبات أسعار النفط والمخاطر الجيوسياسية، تُواصل عمان جهودها لتعزيز التنوع الاقتصادي، وجذب الاستثمارات، وتحسين بيئة الأعمال.

الميزانية العامة للدولة في 2025

وفيما يتعلق بالميزانية العامة للدولة في 2025، فقد جرى اعتمادها من قِبل سلطان عمان، هيثم بن طارق، والتي تتوقع فيها الدولة أن تسجل عجزاً بـ620 مليون ريال (1.6 مليار دولار)، بإجمالي إيرادات 11.18 مليار ريال (29 مليار دولار)، بارتفاع 1.5 في المائة عن العام الماضي، وإنفاق يبلغ 11.80 مليار ريال (30.65 مليار دولار) بزيادة 1.3 في المائة عن 2024.

وقال وزير المالية العماني، سلطان الحبسي، إنه رغم التحسن المتوقع لعام 2025، لكن المؤشرات العالمية تشير إلى عزم الاقتصادات الكبرى تبنّي سياسات مالية من شأنها أن تزيد التوترات التجارية العالمية، مما يؤدي إلى إبطاء حركة التجارة والنمو الاقتصادي، وضعف الطلب على النفط مشكلاً تحدياً للدول التي تعتمد على صادراته.

وأوضح الحبسي أن ميزانية عام 2025 أُعِدّت وفق نهج يمكّن الحكومة من الحفاظ على استمرار الاستقرار المالي والاقتصادي والاجتماعي، حيث تم تخصيص ما يزيد عن 5 مليارات ريال لقطاعات التعليم والصحة والإسكان والرعاية الاجتماعية، ونحو 1.58 مليار ريال للدعم الحكومي، منها 577 مليون ريال لمنظومة الحماية الاجتماعية، و520 مليون ريال لدعم قطاع الكهرباء.

وأشار الحبسي، في كلمته أثناء اللقاء الإعلامي لميزانية 2025، إلى أنه «تعزيزاً للتنمية اللامركزية في المحافظات، وفق التوجيهات السامية، فقد بلغ إجمالي ما جرى الالتزام به فعلياً من المبلغ المعتمَد لتنمية المحافظات نحو 147 مليون ريال حتى نهاية عام 2024».

وتعمل عمان على مشاريع لتحسين الأداء المالي، منها تسعير الخدمات الحكومية؛ والذي يهدف إلى مراجعة رسوم الخدمات الحكومية بصفة دورية، وتقليل عدد الإجراءات والتكاليف المزدوجة، بالإضافة إلى مشروع تحديث القانون المالي ولائحته التنفيذية بما يتواكب مع أنظمة ومشاريع تطوير الإجراءات المالية، إلى جانب نظام ميزانية البرامج والأداء، الذي يعمل على تحديد أولويات الإنفاق العام، وإعداد ميزانية مدمجة تجمع بين الإنمائية والتجارية.


مقالات ذات صلة

ارتفاع حاد لسندات لبنان الدولارية مع تفاؤل المستثمرين بالإصلاحات

الاقتصاد الرئيس اللبناني المنتخب حديثاً جوزيف عون يلقي خطاباً في مبنى البرلمان ببيروت (أ.ف.ب)

ارتفاع حاد لسندات لبنان الدولارية مع تفاؤل المستثمرين بالإصلاحات

ما إن انتخب مجلس النواب اللبناني العماد جوزيف عون رئيساً جديداً للبلاد بعد أكثر من عامين على الشغور الرئاسي حتى عززت سندات لبنان الدولارية مكاسبها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد مبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

نائبة محافظ «بنك إنجلترا»: خفض تدريجي للفائدة يلوح في الأفق

قالت نائبة محافظ بنك إنجلترا، سارة بريدن، يوم الخميس، إن الأدلة الأخيرة تدعم بقوة فرضية خفض أسعار الفائدة تدريجياً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من إطلاق استراتيجية قطر للصناعة والتجارة (الشرق الأوسط)

قطر تطلق استراتيجيتها للصناعة والتجارة 2024 - 2030 لتحقيق نمو مستدام

أطلقت وزارة التجارة والصناعة القطرية، الخميس، استراتيجيتها للفترة 2024 - 2030، التي تتضمن 188 مشروعاً، منها 104 مشروعات مخصصة للصناعات التحويلية.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
الاقتصاد معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

وافق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها وجدت أن الاتحاد الأوروبي فرض «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة عليها مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد

«الشرق الأوسط» (بكين)

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.