تركيا: قرار بزيادة الحد الأدنى للأجور يحبط التوقعات ويثير جدلاً

خبراء عدّوه إصراراً على مكافحة التضخم ومقدمة لخفض الفائدة

وزير العمل والضمان الاجتماعي وداد إيشيكهان وممثلو اتحادات نقابات العمال خلال إعلان الحد الأدنى الجديد للأجور (موقع الوزارة)
وزير العمل والضمان الاجتماعي وداد إيشيكهان وممثلو اتحادات نقابات العمال خلال إعلان الحد الأدنى الجديد للأجور (موقع الوزارة)
TT

تركيا: قرار بزيادة الحد الأدنى للأجور يحبط التوقعات ويثير جدلاً

وزير العمل والضمان الاجتماعي وداد إيشيكهان وممثلو اتحادات نقابات العمال خلال إعلان الحد الأدنى الجديد للأجور (موقع الوزارة)
وزير العمل والضمان الاجتماعي وداد إيشيكهان وممثلو اتحادات نقابات العمال خلال إعلان الحد الأدنى الجديد للأجور (موقع الوزارة)

أثار قرار الحكومة التركية رفع الحد الأدنى للأجور لعام 2025 بنسبة 30 في المائة غضباً واسعاً في أوساط العمال والمعارضة وعلى مستوى الشارع التركي، إذ جاءت الزيادة مخيبة للآمال في ظل ارتفاع معدل التضخم والأسعار.

وأعلن وزير العمل والضمان الاجتماعي التركي، وداد إيشيكهان، رفع الحد الأدنى الصافي للأجور بنسبة 30 في المائة بدءاً من مطلع العام المقبل 2025، ليصبح 22 ألفاً و104 ليرات تركية (نحو 650 دولاراً) بدلاً من 17 ألفاً وليرتين (نحو 488 دولاراً).

وجاء القرار بعد 4 جولات من اجتماعات لجنة تحديد الحد الأدنى للأجور، التي تضم ممثلين عن الحكومة التركية والعمال وأرباب العمل، حيث اختتم الاجتماع الرابع في ساعة متأخرة من ليل الثلاثاء - الأربعاء.

وبحسب بيانات مؤسسة الضمان الاجتماعي التركية، يتقاضى نحو 7 ملايين شخص في تركيا الحد الأدنى للأجور، فيما يصل عدد من يتقاضون راتباً شهرياً يتراوح بين الحد الأدنى وضعفه إلى 13 مليون شخص.

استياء عام

وبلغ حد الجوع لأسرة مكونة من 4 أفراد 20 ألفاً و562 ليرة تركية، بحسب ما أعلن اتحاد نقابات العمال الأتراك في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فيما بلغ حد الفقر (إجمالي الدخل المطلوب للأسرة للغذاء والنفقات الأساسية الأخرى) 66 ألفاً و976 ليرة.

جانب من الاجتماع الأخير لمناقشة الحد الأدنى للأجور (وزارة العمل والتضامن الاجتماعي التركية)

وتبلغ تكلفة المعيشة الشهرية لموظف واحد في تركيا، بحسب الاتحاد، 26 ألفاً و712 ليرة تركية، مع احتساب التضخم بواقع 0.64 شهرياً و46.60 في المائة لـ12 شهراً، و67.20 في المائة متوسط سنوي.

ولفت الاتحاد إلى أن انخفاض القدرة الشرائية دفع الأفراد للتوفير حتى في نفقات الغذاء، رغم أنها تعد من الاحتياجات الأساسية لحياة الإنسان، وإلى أن شريحة كبيرة من المجتمع تعاني فقدان القدرة الشرائية بسبب ارتفاع الأسعار، وانتقد النظام الضريبي ووصفه بـ«غير العادل».

ويتزامن ارتفاع تكاليف المعيشة في تركيا مع انخفاض قيمة الليرة التركية، الذي يقابله ازدياد في المستوى العام للأسعار، بالإضافة إلى غلاء المحروقات وأجور المواصلات وإيجارات المنازل.

إردوغان متحدثاً في البرلمان التركي الأربعاء (الرئاسة التركية)

وهنأ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في كلمة خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية، الأربعاء، الشعب بالزيادة الجديدة في الحد الأدنى للأجور.

وقال: «هذا الرقم يتوافق مع زيادة صافية بنسبة 30 في المائة مقارنة بعام 2024، لقد ظللنا مرة أخرى صادقين في وعدنا بعدم تعريض موظفينا للتضخم، وآمل في أن يكون الحد الأدنى الجديد للأجور مفيداً للموظفين وأصحاب العمل».

وسبق أن وعد إردوغان بزيادة الحد الأدنى للأجور بأعلى من معدل التضخم السنوي البالغ أكثر من 47 في المائة.

وجاءت النسبة الجديدة التي أعلن عنها مخيبة للآمال، وأعربت اتحادات ونقابات العمال عن عدم الرضا، فضلاً عن حالة الاستياء العام التي عبر عنها الأتراك عبر منصات التواصل الاجتماعي، لافتين إلى أنه لن يغير من الوضع شيئاً في ظل التضخم وارتفاع الأسعار.

زعيم المعارضة رئيس حزب الشعب الجمهوري رفض الزيادة الجديدة (من حسابه في إكس)

وأعلن زعيم المعارضة، رئيس حزب الشعب الجمهوري، أن «هذا القرار الذي اتخذ على عجل هو آخر علامة على أن رجب طيب إردوغان انفصل عن واقع هذا البلد»، مضيفاً، عبر حسابه في «إكس»: «قلنا من قبل إن الزيادة يجب ألا تقل عن 30 ألف ليرة تركية أي نحو 50 في المائة.

تأثير على التضخم والفائدة

وقال خبراء اقتصاديون إن التوقعات بخفض أسعار الفائدة من جانب البنك المركزي التركي تعززت يوم الأربعاء بعد زيادة الحد الأدنى للأجور بأقل من المطلوب، حيث أظهرت تصميم الحكومة على تحقيق أهداف خفض التضخم.

وبينما يعقد البنك المركزي التركي اجتماع لجنته للسياسة النقدية، الخميس، أكد الخبراء أن الزيادة بنسبة 30 في المائة ستختبر جهود الحكومة لمكافحة سنوات من التضخم المرتفع المزمن حيث قد تضغط على الأسعار.

وأضافوا أن زيادة الأجور التي أثرت على نحو 9 ملايين عامل، جعلت من المؤكد أن البنك المركزي سيبدأ تخفيف السياسة.

وقالت كبيرة الاقتصاديين في «ألب ياتيرم»، فيليز إيريلماز: «لقد ارتفعت التوقعات بخفض سعر الفائدة البالغ 50 في المائة، بمقدار 150 نقطة إلى 200 نقطة أساس، ومع ذلك، فإن خفضاً بمقدار 250 نقطة أساس لن يكون مفاجأة».

ووفقاً لاستطلاع أجرته «رويترز»، ونُشر الأسبوع الماضي، من المتوقع أن يبدأ البنك المركزي التركي دورة تخفيف بعد 8 أشهر من السياسة الثابتة.

وتوقع خبراء الاقتصاد أن يكون أول خفض لأسعار الفائدة بين 150-250 نقطة أساس.

وبحسب الشريك المؤسس في «بورومجيكجي للاستشارات»، هالوك بورومجيكجي، من المتوقع أن يكون لهذه الزيادة في الحد الأدنى للأجور، التي تقع عند الحد الأدنى من التوقعات، تأثير إضافي على مؤشر أسعار المستهلك أقل من نقطة واحدة، ونعتقد أنها خففت يد البنك المركزي في بدء تخفيضات أسعار الفائدة.

ارتفاع أسعار الغذاء تزيد من معاناة الأتراك (إعلام تركي)

وانخفض التضخم السنوي بتركيا إلى 47.09 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) من أعلى مستوى سنوي بلغ 75 في المائة في مايو (أيار) 2023، ويرجع ذلك أساساً إلى السياسات النقدية والمالية الصارمة، لكن التضخم الأساسي لم يظهر تراجعاً حتى الآن.

في الوقت ذاته، كشف تقرير مشترك صادر عن «اليونيسف» ومعهد الإحصاء التركي، الأربعاء، أن ثلث الأطفال في تركيا يعيشون في فقر مدقع، مما يجبر العديد منهم على ترك الدراسة والعمل لدعم أسرهم.

وبحسب التقرير، يعيش نحو 7 ملايين من نحو 22.2 مليون طفل داخل تركيا في فقر.

وصنفت «اليونيسف» تركيا في المرتبة 38 من بين 39 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي أو منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من حيث فقر الأطفال بين عامي 2019 و2021، حيث بلغ معدل فقر الأطفال 34 في المائة.

وحذر خبراء من نشوء «جيل ضائع» يعاني من سوء التغذية ونقص التعليم، لافتين إلى أن عمالة الأطفال أصبحت شائعة جداً.


مقالات ذات صلة

تقرير دولي: منظومات ذكية ومجتمعات ممكّنة تشكل مستقبل الاقتصاد الرقمي

الاقتصاد جانب من اجتماع خلال منتدى حوكمة الإنترنت الذي عقد مؤخراً بالعاصمة الرياض (الشرق الأوسط)

تقرير دولي: منظومات ذكية ومجتمعات ممكّنة تشكل مستقبل الاقتصاد الرقمي

كشف تقرير دولي عن عدد من التحديات التي قد تواجه الاقتصاد الرقمي في العام المقبل 2025، والتي تتضمن الابتكار الأخلاقي، والوصول العادل إلى التكنولوجيا، والفجوة…

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد نمو إيرادات القطاع غير الربحي بنسبة 33 % في عام 2023 (واس)

القطاع غير الربحي في السعودية يحقق نمواً ملحوظاً بإيرادات تتجاوز 14.5 مليار دولار

ارتفع إجمالي إيرادات منظمات القطاع غير الربحي في السعودية إلى 54.4 مليار ريال (14.5 مليار دولار) في عام 2023، بنمو نسبته 33 في المائة مقارنةً بعام 2022.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد سفينة حاويات تغادر ميناء قينغداو في شرق الصين (أ.ف.ب)

البنك الدولي يرفع توقعاته للنمو في الصين

رفع البنك الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين لعامي 2024 و2025، لكنه حذر من ضعف ثقة المستهلكين والشركات، إلى جانب التحديات في قطاع العقارات

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي التركي (رويترز)

«المركزي التركي» يخفض سعر الفائدة إلى 47.50 %

خفض «المركزي التركي» سعر فائدة «إعادة الشراء لمدة أسبوع (الريبو)»، المعتمد معياراً أساسياً لأسعار الفائدة، من 50 إلى 47.50 في المائة، متجاوزاً التوقعات السابقة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد مشاة أمام مبنى وزارة المالية بالعاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

اليابان تتوقع أول فجوة إيجابية في الناتج منذ 7 سنوات

قالت الحكومة اليابانية، يوم الخميس، إنها تتوقَّع تعافي الناتج الاقتصادي إلى قدرته الكاملة في السنة المالية المقبلة، لأول مرة في 7 سنوات.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

«وول ستريت» تتراجع مع ارتفاع العائدات على بعض الأسهم

أشخاص يلتقطون صوراً لمبنى بورصة نيويورك في الحي المالي (أ.ب)
أشخاص يلتقطون صوراً لمبنى بورصة نيويورك في الحي المالي (أ.ب)
TT

«وول ستريت» تتراجع مع ارتفاع العائدات على بعض الأسهم

أشخاص يلتقطون صوراً لمبنى بورصة نيويورك في الحي المالي (أ.ب)
أشخاص يلتقطون صوراً لمبنى بورصة نيويورك في الحي المالي (أ.ب)

تراجعت المؤشرات الرئيسية لبورصة «وول ستريت» في أحجام تداول خفيفة، يوم الخميس، تحت ضغط ارتفاع العائدات على بعض الأسهم، في وقتٍ يتوقع فيه المستثمرون عادةً دفعة نهاية العام، المعروفة باسم «رالي الميلاد».

وارتفعت العائدات على السندات الحكومية بشكل طفيف عبر مختلف الفئات، حيث بلغ العائد على السندات القياسية لأجل 10 سنوات، أعلى مستوى له منذ أوائل مايو (أيار) الماضي عند 4.64 في المائة، وفق «رويترز».

ومن بين الأسهم ذات القيمة السوقية الضخمة، تراجعت أسهم أمازون بنسبة 0.3 في المائة، بينما انخفضت أسهم «ميتا بلاتفورمز» بنسبة 0.6 في المائة. كما كانت أسهم العقارات الحساسة لأسعار الفائدة من بين الأكثر تضرراً، حيث انخفضت بنسبة 0.4 في المائة، في حين تراجعت أسهم السلع الاستهلاكية التقديرية بنسبة 0.5 في المائة.

وقال جورج سيبولوني، مدير المحافظ في شركة «بن ميوتشوال» لإدارة الأصول: «نحن الآن عند نقطة تحول في عائد سندات الخزانة، وخاصة لأجل 10 سنوات. أيّ تحرك صعودي في العائدات يميل إلى خلق ضعف في سوق الأسهم».

وانخفض مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 123.50 نقطة، أو 0.30 في المائة، ليصل إلى 43173.53 نقطة، بينما خسر مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» نحو 15.13 نقطة، أو 0.25 في المائة، ليبلغ 6024.91 نقطة. كما تراجع مؤشر «ناسداك» المركب بمقدار 46.45 نقطة، أو 0.23 في المائة، ليصل إلى 19984.67 نقطة.

في المقابل، اختتمت الأسواق في أوروبا ولندن وأجزاء من آسيا تعاملاتها، يوم الخميس.

وكانت أسواق الأسهم قد سجلت مكاسب متتالية في الجلسات الأخيرة، حيث دعّمتها بشكل رئيسي أسهم الشركات الكبرى وأسهم النمو مثل «أبل»، و«تسلا»، و«ألفابت»، و«أمازون»، و«إنفيديا»، و«مايكروسوفت»، و«ميتا بلاتفورمز»، التي شكلت أكثر من نصف العائد الإجمالي لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، هذا العام، والبالغ 28.4 في المائة. وفي حال جرى استبعاد أكبر سبع شركات من حيث القيمة السوقية، فإن العائد الإجمالي للمؤشر كان سيصل إلى 13.2 في المائة فقط خلال عام 2024.

وفي هذا الشهر، واجهت الأسهم الأميركية عقبة بسبب التوقعات التي تشير إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يخفض أسعار الفائدة بشكل أقل في 2025. ومع ذلك سجلت المؤشرات الرئيسية مستويات قياسية، هذا العام؛ مدفوعة بالأمل في بيئة أسعار فائدة أقل، إلى جانب التوقعات بأن الذكاء الاصطناعي سيسهم في تعزيز أرباح الشركات.

وعلى الرغم من ذلك، بدأ المستثمرون التشكيك في استدامة هذا الارتفاع، خاصة في ظل التقييمات المرتفعة، وتواصل جذب الأموال من الشركات الكبرى.

ورغم تلك التحديات، يواصل المستثمرون الأمل في نهاية قوية للعام، وهو ما يُعرف بـ«رالي الميلاد»، التي عادةً ما تستفيد من انخفاض السيولة، وحصاد الخسائر الضريبية، واستثمار المكافآت السنوية. وقد سجل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» متوسط ​​مكاسب بنسبة 1.3 في المائة، في آخِر خمسة أيام تداول من ديسمبر (كانون الأول)، إلى جانب اليومين الأولين من يناير (كانون الثاني)، منذ عام 1969.

وفي قطاع العملات المشفرة، تراجعت أسهم الشركات المرتبطة بالبتكوين، بعد أن هبطت العملة الرقمية الأكبر في العالم بنسبة تزيد عن 3 في المائة. كما انخفضت أسهم «كوين بيس غلوبال» بنسبة 1.4 في المائة، في حين خسرت «رايوت بلاتفورمز» و«مارا هولدينغز» أكثر من 2.4 في المائة لكل منهما.

وفي بورصة نيويورك، تفوقت الأسهم المتراجعة على الرابحة بنسبة 3.08 إلى 1، بينما سجلت بورصة «ناسداك» نسبة 2.03 إلى 1. كما سجل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» ارتفاعين جديدين خلال 52 أسبوعاً، وانخفاضاً جديداً واحداً، بينما سجل مؤشر «ناسداك» المركب 17 ارتفاعاً جديداً، و24 انخفاضاً جديداً.