تسارع نمو الأجور يثير الشكوك حول قرارات بنك إنجلترا المقبلة

رغم تباطؤ الاقتصاد وضعف سوق العمل

أشخاص يسيرون أمام مبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)
أشخاص يسيرون أمام مبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)
TT

تسارع نمو الأجور يثير الشكوك حول قرارات بنك إنجلترا المقبلة

أشخاص يسيرون أمام مبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)
أشخاص يسيرون أمام مبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

سجلت الأجور البريطانية ارتفاعاً فاق التوقعات خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في أكتوبر (تشرين الأول)، مما دفع المستثمرين إلى تقليص توقعاتهم بشأن خفض أسعار الفائدة من قِبل بنك إنجلترا العام المقبل، رغم وجود مؤشرات على تباطؤ اقتصادي.

وأوضح مكتب الإحصاء الوطني البريطاني أن متوسط الدخل الأسبوعي، باستثناء المكافآت، ارتفع بنسبة 5.2 في المائة في الأشهر الثلاثة حتى نهاية أكتوبر مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، متجاوزاً توقعات استطلاع أجرته «رويترز» لخبراء اقتصاديين، والذي رجّح في الغالب زيادة بنسبة 5 في المائة.

وفي هذا السياق، قال آشلي ويب، الخبير الاقتصادي في «كابيتال إيكونوميكس»: «لن تغيّر البيانات كثيراً من تركيز البنك، الذي لا يزال منشغلاً بمخاطر التضخم المرتفع، رغم القلق المتزايد من ضعف النشاط الاقتصادي».

وسجل الجنيه الإسترليني ارتفاعاً بأكثر من ثلث سنت مقابل الدولار الأميركي عقب نشر هذه البيانات. من جهة أخرى، قلّص المستثمرون رهاناتهم على خفض أسعار الفائدة من قِبل بنك إنجلترا، مع تسعير خفضين فقط بواقع ربع نقطة مئوية في تكاليف الاقتراض حتى نهاية عام 2025.

ومن المتوقع أن يبقي البنك المركزي أسعار الفائدة ثابتة في اجتماعه يوم الخميس، في انتظار تقييم تأثير موازنة وزيرة المالية راشيل ريفز التي أُعلنت في 30 أكتوبر، خاصة مع تكاليفها المرتفعة على أصحاب العمل، ومدى انعكاس ذلك على سوق العمل.

وكانت بيانات رسمية صدرت الأسبوع الماضي قد أظهرت انكماش الاقتصاد البريطاني في شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر، في أول انخفاض متتالٍ للناتج منذ عام 2020. كما أشار مسح للشركات نُشر يوم الاثنين إلى أن الشركات خفّضت عدد موظفيها في نوفمبر (تشرين الثاني) بأعلى معدل منذ جائحة «كوفيد - 19».

وأنهت الزيادة الأخيرة في وتيرة نمو الأجور العادية - التي تسارعت من 4.9 في المائة في الأشهر الثلاثة حتى سبتمبر - تباطؤاً مطرداً بدأ في منتصف عام 2023.

التحديات مستمرة

وفي القطاع الخاص تحديداً - الذي يحظى باهتمام خاص من قِبل بنك إنجلترا - ارتفعت الأرباح، باستثناء المكافآت، بنسبة 5.4 في المائة في الفترة بين أغسطس (آب) وأكتوبر، وهو أسرع معدل نمو منذ الأشهر الثلاثة المنتهية في مايو (أيار) من هذا العام، بحسب أرقام مكتب الإحصاء الوطني.

ومع ذلك، تساءل روب وود، كبير الاقتصاديين في «بانثيون ماكروإيكونوميكس»، عما إذا كان نمو الأجور قوياً فعلاً كما يبدو، مشيراً إلى احتمال أن يكون هذا النمو تصحيحاً لقراءات ضعيفة وغير مألوفة في الأشهر السابقة.

وأظهرت مسوحات الأعمال الأخيرة انخفاضاً في الطلب على التوظيف بعد أن تضمنّت موازنة ريفز زيادة قدرها 25 مليار جنيه إسترليني (31.8 مليار دولار) في مساهمات الضمان الاجتماعي المفروضة على أصحاب العمل.

وفي هذا السياق، أفاد مكتب الإحصاء الوطني يوم الثلاثاء بأن البيانات الأولية الصادرة عن مكتب الضرائب البريطاني أظهرت انخفاض عدد الموظفين المسجلين في قوائم الرواتب بمقدار 35 ألفاً في نوفمبر. كما تراجع عدد الوظائف الشاغرة بمقدار 31 ألفاً خلال الأشهر الثلاثة حتى نوفمبر، ليصل إلى 818 ألف وظيفة مقارنة بالربع السابق. ومع ذلك، ظل هذا الرقم أعلى بـ22 ألف وظيفة عن مستواه قبل الجائحة بين يناير (كانون الثاني) ومارس 2020.

وأظهرت بيانات أخرى أن معدل البطالة استقر عند 4.3 في المائة خلال الأشهر الثلاثة حتى أكتوبر. لكن عملية احتساب هذا المعدل تخضع لإعادة تقييم بسبب انخفاض معدلات الاستجابة للمسح، ما يجعل المؤشر الحالي أقل موثوقية لتقييم حالة سوق العمل.

وقالت غاورا سوري، الخبيرة الاقتصادية في شركة «برايس ووترهاوس كوبرز» في المملكة المتحدة، إن «التحدي المستمر الذي يواجه بنك إنجلترا هو عدم قدرته على الاعتماد كلياً على بيانات سوق العمل حتى يتمكن مكتب الإحصاء الوطني من معالجة قضايا البيانات التي تؤثر على مسح القوى العاملة».

وأضافت: «حتى ذلك الحين، سيضطر البنك، إلى حد كبير، إلى اتخاذ قراراته بناءً على مجموعة واسعة من المؤشرات لتقييم أوضاع سوق العمل».


مقالات ذات صلة

«سال» السعودية للخدمات اللوجيستية توسع خدماتها بتوقيع عدة اتفاقيات

الاقتصاد جانب من توقيع الاتفاقيات (سال)

«سال» السعودية للخدمات اللوجيستية توسع خدماتها بتوقيع عدة اتفاقيات

وقعت شركة «سال» السعودية للخدمات اللوجيستية شراكات استراتيجية بارزة تتماشى مع «رؤية 2030» التي تسعى إلى تطوير القطاع وتعزيز مكانة المملكة كمركز لوجيستي عالمي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

رين من «المركزي الأوروبي»: استقرار التضخم يُمهد لمزيد من خفض الفائدة

قال أولي رين، عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، الثلاثاء، إن التضخم في منطقة اليورو يظهر بوضوح علامات استقرار بالقرب من الهدف الذي حدده البنك المركزي.

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)
الاقتصاد غروب الشمس فوق أفق فرانكفورت (رويترز)

تدهور حاد في معنويات الشركات الألمانية وسط حالة من عدم اليقين

أظهرت دراسة استقصائية نُشرت يوم الثلاثاء أن معنويات الشركات الألمانية تدهورت بشكل أكبر من المتوقع في ديسمبر (كانون الأول).

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد محافظ «بنك كوريا» ري تشانغ يونغ يتحدث في حلقة نقاشية ضمن اجتماعات ربيع 2023 لـ«البنك الدولي» و«صندوق النقد» بواشنطن (رويترز)

محافظ «بنك كوريا»: المخاوف من أزمة نقد أجنبي «مبالغ فيها»

أكد محافظ «البنك المركزي الكوري»، ري تشانغ يونغ، في جلسة استجواب برلمانية أن المخاوف بشأن أزمة محتملة في النقد الأجنبي مبالغ فيها.

«الشرق الأوسط» (سيول)
الاقتصاد برج اللوتس... الأطول في جنوب آسيا وسط العاصمة كولومبو (رويترز)

سريلانكا تنجح في إعادة هيكلة ديونها بقيمة 12.55 مليار دولار

وقَّع حاملو السندات في سريلانكا على اقتراح الحكومة لإعادة هيكلة سنداتها الدولية البالغة 12.55 مليار دولار، مما يمثل خطوة مهمة في إتمام إصلاح ديونها.

«الشرق الأوسط» (كولومبو )

السعودية: ندعم الاستثمارات الصناعية بـ«حوافز معيارية» تنافسية محلياً وعالمياً

أحد المصانع في السعودية (الشرق الأوسط)
أحد المصانع في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

السعودية: ندعم الاستثمارات الصناعية بـ«حوافز معيارية» تنافسية محلياً وعالمياً

أحد المصانع في السعودية (الشرق الأوسط)
أحد المصانع في السعودية (الشرق الأوسط)

في خطوة ضمن مساعي السعودية لتنويع مصادر الدخل وجذب الاستثمارات المحلية والإقليمية نحو قطاع الصناعة، جاءت موافقة مجلس الوزراء على الحوافز المعيارية للقطاع الصناعي عاملاً محفزاً جديداً لدعم النمو الاقتصادي، وتنويع مصادر الدخل، وتمكين القطاع ليصبح أكثر جاذبية للاستثمارات المحلية والدولية.

وتمضي السعودية - أكبر اقتصاد عربي - في فتح أبواب الاستثمار في البلاد أمام الصناعات الجديدة والواعدة، وتعزيز جاذبية البلاد بوصفها وجهة عالمية للاستثمارات الصناعية والشراكات، من خلال هذه الحوافز المعيارية الجديدة في القطاع، مما يدفع لزيادة الصناعات المحلية ونموها، وزيادة التنافسية محلياً وعالمياً.

وقال وزير الصناعة والثروة المعدنية، بندر الخريف، إن الحوافز التي عملت عليها وزارة الصناعة والثروة المعدنية، ووزارة الاستثمار، تأتي في إطار الجهود المبذولة لتحقيق مستهدفات «رؤية 2030»، وتمكين القطاع ليصبح أكثر جاذبية للاستثمارات، مؤكداً أنها ستساهم بشكل كبير في زيادة الاستثمار، وتشجيع الابتكار، وتعزيز مكانة المملكة بوصفها وجهة صناعية عالمية.

رحلة التحول

من ناحيته، أوضح وزير المالية محمد الجدعان، أن الحوافز المعيارية للقطاع الصناعي داعمة وممكنة لرحلة التحول في المملكة، مما يساهم في تحقيق التنويع الاقتصادي، ورفع مساهمة المنظومة في إجمالي الناتج المحلي.

وأكدت وزارة الصناعة والثروة المعدنية ووزارة الاستثمار، على أن إطلاق الحوافز المعيارية سيكون على دفعات متتالية، تشمل جميع القطاعات بهدف تمكين وتنمية التصنيع المحلي للمنتجات التي لم يتم إنتاجها بعد داخل المملكة.

كما تهدف إلى دفع القدرة التنافسية المستدامة للقطاع الصناعي، إضافة إلى المساهمة في تحقيق مستهدفات الاستراتيجيتين الوطنيتين للصناعة والاستثمار، وتعزيز الإنتاجية في عددٍ من القطاعات ذات الأولوية، واستقطاب التقنيات المتقدمة والشركات الدولية.

الفرص الاستثمارية

ومن المقرر أن تعقد وزارة الصناعة والثروة المعدنية، ووزارة الاستثمار؛ حفل إطلاق يوم 12 يناير (كانون الثاني) 2025، للإعلان عن المزيد من التفاصيل المتعلقة بالحوافز المعيارية للقطاع الصناعي، بالإضافة إلى مجموعة من الفرص الاستثمارية المصاحبة.

كما سيتضمن حفل الإطلاق جلسات حوارية وورشات عمل بمشاركة العديد من الشركات.

تحفيز التصدير

وعادة ما تكون الحوافز المعيارية للقطاع الصناعي تتضمن مجموعة من الامتيازات والتسهيلات التي تقدمها الحكومة بهدف تعزيز وتطوير القطاع الصناعي في البلاد، وتهدف هذه الحوافز إلى تشجيع الاستثمار في الصناعة، وزيادة الإنتاجية، وتحفيز التصدير، بما يتماشى مع «رؤية 2030» لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

يذكر أن وزارة الصناعة والثروة المعدنية قد أصدرت سابقاً دليلاً يوضح أبرز ممكّنات القطاع الصناعي، التي تشمل حوافز مثل تمويل رأس المال العامل، وحوافز التصدير، وتمويل ما قبل التصدير.