نائبة بالبرلمان الفرنسي: نتطلع لتعاون مستدام مع السعودية في ظل «رؤية 2030»

الابتكار والتكنولوجيا أفقان جديدان لتطوير الشراكات الثنائية

نائبة البرلمان الفرنسي أميليا لكرافي (الشرق الأوسط)
نائبة البرلمان الفرنسي أميليا لكرافي (الشرق الأوسط)
TT

نائبة بالبرلمان الفرنسي: نتطلع لتعاون مستدام مع السعودية في ظل «رؤية 2030»

نائبة البرلمان الفرنسي أميليا لكرافي (الشرق الأوسط)
نائبة البرلمان الفرنسي أميليا لكرافي (الشرق الأوسط)

مع التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها السعودية في إطار «رؤية 2030»، تتجه الأنظار نحو بناء شراكات استراتيجية بين المملكة وفرنسا لتعزيز التعاون في مجالات الابتكار، التكنولوجيا، والأمن السيبراني، حيث أكدت في هذا السياق، أمل - أميليا لكرافي، النائبة الفرنسية وممثلة الفرنسيين المقيمين خارج فرنسا، أهمية «رؤية 2030» كونها منصةً لتحقيق تعاون مستدام بين البلدين.

وأشارت لكرافي إلى أن «رؤية 2030» توفر فرصاً غير مسبوقة لتعزيز الشراكة الاقتصادية بين فرنسا والمملكة، مشددة على أهمية دعم الابتكار والتكنولوجيا بصفتهما ركيزتين أساسيتين للتعاون، موضحة أن الخطوة الأولى لتعزيز هذه الشراكة تكمن في تمكين مجالس الأعمال الفرنسية - السعودية، إلى جانب تنظيم اجتماعات دورية تجمع الشركات والخبراء لمناقشة القضايا القانونية والضريبية، مثل إنشاء الشركات دون شريك محلي. هذا بالإضافة إلى إنشاء منصة موحدة تُسهّل الحصول على المعلومات اللازمة للشركات وتنسق بين الجهات المختلفة كالسفارات و«بيزنس فرنس».

وأضافت أن فرنسا يجب أن تسلط الضوء على المزايا الاستثمارية التي تقدمها للمستثمرين السعوديين، مع توفير إجابات سريعة وواضحة للتحديات القانونية والإجرائية.

الابتكار والذكاء الاصطناعي

يعدّ الابتكار والتكنولوجيا من الركائز الأساسية لتعاون مستقبلي ناجح، وأشارت لكرافي إلى أن الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة يمثلان مجالات واعدة للتعاون بين البلدين. وأوضحت أن الذكاء الاصطناعي يُعدّ أولوية استراتيجية لكل من فرنسا والسعودية، مشيرةً إلى أن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الرياض مؤخراً أكدت على الإمكانات الهائلة في هذا المجال.

وبيّنت لكرافي أن فبراير (شباط) المقبل، سيشهد استضافة باريس حدثاً عالمياً حول الذكاء الاصطناعي، وستكون المملكة ضيفاً شريكاً، مشيرةً إلى أن هذا الحدث سيشكل منصة لتعزيز الشراكات بين المؤسسات والشركات من البلدين، كما اقترحت إنشاء محاور تنافسية في السعودية على غرار النموذج الفرنسي، تجمع بين الشركات الكبرى، الشركات الناشئة، والباحثين المحليين والدوليين.

تعزيز رأس المال

ومن خلال خبرتها الطويلة في تقييم وإدارة رأس المال غير الملموس، أكدت لكرافي أن هذا العنصر يُعدّ مفتاحاً لتعزيز تنافسية الشركات في كلا البلدين. وقالت: «يمثل رأس المال غير الملموس، الذي يشمل العلامة التجارية، السمعة، والعمليات الداخلية، نحو 60 في المائة من قيمة الشركات. يجب أن تستثمر الشركات في توثيق هذا النوع من الأصول وتأمينه، سواء عبر تسجيل العلامات التجارية، أو تعزيز الأمن السيبراني، أو تحسين جودة الإدارة الداخلية».

كما شددت على أهمية تطوير أدوات قياس وتقييم لرأس المال غير الملموس؛ مما يساعد الشركات على بناء الثقة وجذب المستثمرين والعملاء بشكل أكبر.

الأمن السيبراني

مع تصاعد التهديدات السيبرانية عالمياً، أشارت لكرافي إلى ضرورة تعزيز التعاون بين فرنسا والسعودية في هذا المجال. وأوضحت أن فرنسا لديها خبرة واسعة في حماية أنظمة المعلومات من خلال مؤسسات مثل «إيه إن إس إس إي ANSSI»؛ مما يتيح تبادل المعرفة مع المملكة لتطوير معايير مشتركة للأمن السيبراني، بما في ذلك وضع قواعد إلزامية لتأمين الشركات التي تحصل على تمويل حكومي، مؤكدة على أهمية التوعية بأثر الهجمات السيبرانية، حيث كشفت عن أن 80 في المائة من الشركات التي تتعرض لهجمات كبيرة تُغلق خلال ثلاث سنوات.

أميليا لكرافي أثناء حديثها لـ«الشرق الأوسط»

ريادة الأعمال النسائية

وعلى الرغم من غياب برامج فرنسية محددة لتعزيز ريادة الأعمال النسائية في السعودية، أطلقت لكرافي مبادرة شخصية من خلال «دائرة الأندية التجارية». وأوضحت فكرتها بقولها: «نهدف إلى ربط الأندية التجارية الفرنسية - السعودية في الرياض وجدة مع نظيراتها في أفريقيا. من خلال هذه الدائرة، يمكن إنشاء لجنة مخصصة لريادة الأعمال النسائية لتنظيم زيارات الخبرات وتبادلها».

كأس العالم 2034

وعلى هامش إعلان السعودية استضافة كأس العالم 2034، أشارت لكرافي إلى أن هذا الحدث يمثل فرصة لتعريف العالم بالقيم الإسلامية وقيم المملكة. وقالت: «هذا الحدث لن يضع المملكة فقط في دائرة الضوء، لكنه سيتيح للعالم فرصة للتعرف على قيم السلام، التنوع، الحرية، والأخوة التي تتبناها السعودية. إنه لحظة تاريخية ستغير حياة السعوديين وتبرِز المملكة وجهةً عالمية».

وبصفتها نائب رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية الفرنسية - القطرية، تحدثت لكرافي عن التأثير الإيجابي لهذه الديناميكية على العلاقات الإقليمية. وأكدت أن التفاعل بين دول الخليج يدفع نحو تعزيز التبادل الاقتصادي والثقافي؛ مما يسهم في دفع العلاقات الفرنسية - الخليجية نحو الأفضل.

نظرة للمستقبل

اختتمت لكرافي حديثها بالتأكيد على أن التعاون بين فرنسا والسعودية لا يقتصر على الجانب الاقتصادي فقط، بل يمتد إلى بناء جسور ثقافية واجتماعية تسهم في تحقيق رؤى مشتركة. وقالت: «علاقاتنا مع السعودية تتجاوز الحدود الاقتصادية. نحن نخلق روابط جديدة يومياً، سواء على مستوى القادة، البرلمانيين، أو المواطنين. أرى مستقبلاً واعداً لهذه الشراكة التي ستعزز مكانة البلدين على الساحة الدولية».


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي خلال لقاء جمعهما على غداء عمل في باريس (واس)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الفرنسي تطورات غزة ولبنان

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي جان نويل، الجمعة، التطورات في قطاع غزة وعلى الساحة اللبنانية، والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (باريس)

وزيرة مغربية لـ«الشرق الأوسط»: تحسين شبكات الكهرباء وإعادة التدوير ضمن أولوياتنا

TT

وزيرة مغربية لـ«الشرق الأوسط»: تحسين شبكات الكهرباء وإعادة التدوير ضمن أولوياتنا

وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلى بنعلي خلال «مؤتمر التعدين الدولي» في الرياض (الشرق الأوسط)
وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلى بنعلي خلال «مؤتمر التعدين الدولي» في الرياض (الشرق الأوسط)

تشكّل أسعار الكهرباء في المغرب وسياسات الطاقة المحور الأبرز في الإصلاحات الاقتصادية التي تجريها المملكة، وتستحوذ على جانب مهم من مباحثات ومراجعات صندوق النقد الدولي مع حكومة البلاد. وأكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلى بنعلي أن تحسين شبكات الكهرباء يشكل أولوية قصوى للمغرب، مع تصاعد الطلب عليها، وذلك خلال مقابلة مع «الشرق الأوسط» على هامش «مؤتمر التعدين الدولي في الرياض»، الأربعاء.

وقال صندوق النقد الدولي إن المغرب يحتاج إلى مواصلة التقدم نحو تحرير أسواق الكهرباء وتعزيز مشاركة القطاع الخاص في قطاع الطاقة المتجددة لتقليل اعتماده على الوقود المستورد، وفق تقرير للصندوق في إطار المراجعة الثانية لاتفاق «تسهيل الصلابة والاستدامة».

وأوضحت ليلى بنعلي أن المغرب حقق تقدماً كبيراً في مجال الطاقة المتجددة، ويعمل الآن على توسيع هذا التقدم ليشمل تطوير شبكات الكهرباء والاتصالات.

وأكدت أن المغرب يمتلك مجموعة واسعة من المعادن المهمة، بما في ذلك غالبية المعادن الفلزية التي تلعب دوراً مهماً في مجالات الطاقة والانتقال الرقمي. وقد تم اكتشاف آثار لهذه المعادن في المغرب، بما في ذلك المعادن البحرية.

إعادة التدوير

كما شددت على أهمية الاستثمار في إعادة التدوير، موضحة أن مواجهة تحديات الطاقة والانتقال الرقمي في العالم لن تتم إلا من خلال إعادة تدوير المعادن الاستراتيجية مثل النفط الموجود في الهواتف الجوالة والميكروفونات.

لهذا السبب، بيّنت ليلى بنعلي أن المغرب يسعى للاستثمار في هذا المجال أيضاً، ويعمل بشكل وثيق مع شركائه الاستراتيجيين في السعودية ودول الخليج، بالإضافة إلى التعاون مع دول أوروبا وآسيا وأميركا الشمالية في هذا الاتجاه.

من جانب آخر، ذكرت الوزيرة المغربية خلال جلسات المؤتمر أن بلادها تُعد من كبرى الدول الخمس عالمياً في مجال الطاقة والتعدين، بفضل ارتباطها اللوجيستي بالقارة الأوروبية في الطاقة.

فرص استثمارية

وقالت ليلى بنعلي إن لدى المغرب العديد من الفرص الاستثمارية المستقبلية؛ أبرزها «مشروع البنية التحتية للغاز» تقدر قيمته بـ4 مليارات دولار، ويسهم بشكل كبير في تسريع انتقال المغرب نحو قطاع طاقة مستدام.

وتطرّقت ليلى بنعلي إلى مشروع خط أنابيب الغاز النيجيري - المغربي الذي يُعد من المشاريع الاستراتيجية المهمة؛ حيث يربط 13 دولة في أفريقيا ويتيح لها الوصول إلى المحيط الأطلسي. وهذا الأمر يعزز الرؤية الأطلسية في تعزيز التعاون الطاقوي بين القارة ودول المنطقة.

وأضافت أن فرص الاستثمار بين المغرب والسعودية تزداد بفضل الشراكة الاستراتيجية التي تم توقيعها العام الماضي في مجالات التعدين، خاصة المعادن الاستراتيجية والنادرة، و«هذه الشراكة لا تقتصر على الاستثمارات المالية فقط، بل تشمل أيضاً التعاون في البحث والتطوير وإنشاء مراكز التميز». وأبانت أن هناك العديد من الفرص المشتركة في مجال الطاقة بين البلدين.

وفي هذا السياق، ذكرت ليلى بنعلي أنه تم إطلاق عدد من مراكز التميز يوم الثلاثاء، بينما تم اختيار جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية في المغرب لتكون أحد 3 مراكز تميز في المنطقة الكبرى. وبالتالي، يركز المغرب على عدد من المعادن الاستراتيجية مثل الكوبالت والليثيوم، بالإضافة إلى النحاس وغيره من المعادن الضرورية للتحول الطاقوي.