ستارمر يكشف «خطة التغيير» لتعزيز الاقتصاد البريطاني

أعلن عن مشاريع بنية تحتية ضخمة وزيادة دخل الأسرة بحلول 2029

رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر خلال خطابه «خطة التغيير» في باكينغهامشير (أ.ب)
رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر خلال خطابه «خطة التغيير» في باكينغهامشير (أ.ب)
TT

ستارمر يكشف «خطة التغيير» لتعزيز الاقتصاد البريطاني

رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر خلال خطابه «خطة التغيير» في باكينغهامشير (أ.ب)
رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر خلال خطابه «خطة التغيير» في باكينغهامشير (أ.ب)

عرض رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، «خطة التغيير» للحكومة، مشيراً إلى أنها ستتيح للشعب تقييم أداء حزب العمال بناءً على تنفيذ وعوده. وفي خطابه في باكينغهامشير، الخميس، بعد خمسة أشهر من فوزه في الانتخابات العامة في يوليو (تموز)، كشف ستارمر عن 6 معايير أساسية لفترة ولايته الحالية.

ورغم نفي مصادر حكومية أن يكون الخطاب بمثابة «إعادة ضبط»، فإن ستارمر كان تحت ضغط لتوضيح رؤية «حكومة العمال» بشكل أكبر.

وقال ستارمر: «ننشر اليوم معايير جديدة قابلة للقياس، تمنح الشعب البريطاني القدرة على محاسبتنا، لأن هذه المساءلة جزء من تحويل تركيزنا واستمرارنا نحو التغيير طويل الأمد».

وتعهد ستارمر بتنفيذ 150 مشروعاً كبيراً للبنية التحتية، مما «يضاعف ثلاث مرات عدد القرارات المتعلقة بالبنية التحتية الوطنية مقارنة بالبرلمان السابق»، وأشار إلى أنه «لا يمكن الاستثمار في الخدمات العامة دون اتخاذ قرارات صعبة»، لكنه أكد أنه لن يدعم تحقيق معاييره من خلال «الزيادات المستمرة في الضرائب على الشعب البريطاني».

ويواجه ستارمر، ووزيرة المالية رايتشل ريفز، ردود فعل سلبية بشأن قرارهما في موازنة أكتوبر (تشرين الأول) زيادة الضرائب، مثل مساهمات التأمين الوطني لأرباب العمل.

وقال رئيس الوزراء إن «حكومة العمال» تواجه «تحدياً هائلاً لتحقيق هذه المعايير بحلول نهاية هذه الفترة البرلمانية»، مضيفاً أنهم «يبدأون من نقطة الصفر».

رفع دخل الأسر المتاح

تعهد ستارمر برفع الدخل الحقيقي المتاح للأسر بحلول عام 2029، وتحقيق «مستويات معيشة أعلى في كل منطقة من البلاد»، بحيث «يكون لدى العاملين المزيد من المال في جيوبهم». ووفقاً لمكتب مسؤولية الموازنة، من المتوقع أن ينمو الدخل الحقيقي المتاح للأسر وللفرد -وهو مقياس لمستويات المعيشة- بمتوسط يزيد قليلاً على 0.5 في المائة سنوياً خلال هذه الفترة البرلمانية. وسبق أن وعد حزب العمال بـ«تحقيق أعلى معدل نمو اقتصادي مستدام بين دول مجموعة السبع»، وأكد ستارمر أن هذا الهدف لا يزال قائماً.

مساعدة المزيد من الأطفال على «الجاهزية المدرسية»

وَعَدَ ستارمر بزيادة نسبة الأطفال الذين يُعدّون «جاهزين للمدرسة» بعمر الخامسة، من 67.7 في المائة إلى 75 في المائة بحلول عام 2028. وتم تقديم الإطار المستخدم لتقييم «التطور الجيد» في سبتمبر (أيلول) 2021، وتحسنت النتائج عاماً بعد عام. لكن ظهرت مخاوف بشأن «الجاهزية المدرسية» منذ جائحة «كوفيد-19»، حيث حذر قادة المدارس من أن الأطفال يصلون إلى الروضة دون «مهارات حياتية أساسية».

توظيف 13 ألف شرطي إضافي

كما تعهد ستارمر بتوظيف 13 ألف شرطي إضافي، بما يشمل الشرطة الخاصة وضباط دعم المجتمع، لتوفير «مزيد من الشرطة في الشوارع»، ووعد بأن يكون لكل حي شرطي معين يمكن التواصل معه للتعامل مع القضايا المحلية، وذلك بدعم من تمويل حكومي بقيمة 100 مليون جنيه إسترليني في عام 2025-2026. وقال ستارمر: «يجب ألا يشعر أي شخص بعدم الأمان»، واصفاً الوعد بأنه «راحة للملايين من الأشخاص الذين يخشون المشي في شوارعهم».

بناء 1.5 مليون منزل

أكد ستارمر التزام حزب العمال ببناء 1.5 مليون منزل جديد خلال هذه الفترة البرلمانية، وأضاف: «نظام التخطيط لدينا عائق كبير أمام اقتصادنا، يمنع بناء الطرق، وصلات الشبكة، المختبرات، خطوط القطارات، المخازن، مزارع الرياح، محطات الطاقة... إنه يخنق النمو الذي يحتاج إليه بلدنا».

وأضاف: «نظام التخطيط لدينا بمثابة حاجز أمام اقتصادنا بحيث يحجب مستقبلاً بأكمله، ويمنع هذا البلد من بناء الطرق وشبكات الطاقة والمختبرات وخطوط القطارات والمستودعات ومزارع الرياح ومحطات الطاقة... مما يخنق النمو الذي تحتاج إليه بلادنا، ويخنق طموح الأسر العاملة».

وقال ستارمر إن الحكومة ستعمل على «تبسيط عملية الموافقة في مشروع قانون التخطيط والبنية التحتية المقبل»، وتعهد أيضاً بتنفيذ 150 «مشروعاً رئيسياً للبنية التحتية» من أجل «مضاعفة عدد القرارات المتعلقة بالبنية التحتية الوطنية مقارنة بالبرلمان الأخير».

خفض قوائم الانتظار في هيئة الخدمات الصحية الوطنية

قال ستارمر: «حتى هيئة الخدمات الصحية الوطنية تفقد ثقة الجمهور البريطاني... فهي غير قادرة على توفير الرعاية في الوقت المناسب والكرامة التي تعتمد عليها بريطانيا، وهو عقد ثمين بين الدولة والشعب». كما كرر وعده بمعالجة 92 في المائة من مرضى هيئة الخدمات الصحية الوطنية في غضون 18 أسبوعاً من الإحالة.

وقال إنه عازم على إعادة هيئة الخدمات الصحية الوطنية إلى «وضعها الطبيعي» حتى يمكن استعادة «الكرامة والرعاية» لملايين الأشخاص. وتستعد الحكومة لنشر خطتها الصحية التي تمتد لعشر سنوات لهيئة الخدمات الصحية الوطنية في ربيع عام 2025.

الطاقة النظيفة بحلول عام 2030

تعهد ستارمر أيضاً بالطاقة النظيفة بحلول عام 2030 والتعجيل بالوصول إلى صافي الصفر.

وأشار إلى أن «الطاقة البريطانية المحلية» ستجعل البلاد «أكثر أماناً». ومع ذلك، هناك تساؤلات حول ما إذا كانت سياسة حزب العمال في هذا المجال قد تم تخفيفها. وتتضمن الوثيقة التي صدرت مصاحبة للخطاب تحقيق 95 في المائة من الطاقة النظيفة بحلول عام 2030، وهو ما يبدو أقل من التعهد السابق بتحقيق 100 في المائة. وقال رئيس الوزراء إن الهدف «هو نفسه تماماً كما كان دائماً».


مقالات ذات صلة

النفط يقفز أكثر من 3 % مع شبح عقوبات جديدة على إيران وروسيا

الاقتصاد ناقلة النفط «سونيون» التي تعرضت لهجوم حوثي في البحر الأحمر قبل عدة أسابيع (أ.ب)

النفط يقفز أكثر من 3 % مع شبح عقوبات جديدة على إيران وروسيا

قفزت أسعار النفط يوم الجمعة مع تركيز المتعاملين على اضطرابات الإمدادات المحتملة في حالة فرض المزيد من العقوبات على روسيا وإيران.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متسوقون يخرجون من متجر «يونيكلو» في أحد شوارع العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

عائدات السندات اليابانية بأعلى مستوياتها في 14 عاماً

ارتفعت عوائد السندات الحكومية اليابانية القياسية إلى أعلى مستوى لها في نحو 14 عاما يوم الجمعة مع تزايد احتمالات رفع الفائدة

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد أوراق الجنيه الإسترليني (رويترز)

ثقة المتداولين في الجنيه الإسترليني تشهد أكبر تراجع منذ أزمة موازنة 2022

سجلت ثقة المتداولين في الجنيه الإسترليني أكبر انخفاض لها هذا الأسبوع منذ أزمة موازنة المملكة المتحدة في عام 2022، وفقاً لبيانات سوق الخيارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد صورة جوية لمحطة حاويات بميناء هامبورغ (رويترز)

الفائض التجاري الألماني مع الولايات المتحدة يقترب من مستوى قياسي

يقترب الفائض التجاري الألماني مع الولايات المتحدة من مستوى قياسي قبيل تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب منصبه، وفقاً لتحليل بيانات مكتب الإحصاء الألماني.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)

«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

علَّق البنك المركزي الصيني شراء سندات الخزانة يوم الجمعة، مما رفع العائدات لفترة وجيزة وأثار تكهنات بأنه يكثف دفاعه عن عملة اليوان

«الشرق الأوسط» (بكين)

بيانات التضخم الأميركية الأسبوع المقبل تضع الأسواق تحت الاختبار

متداول في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

بيانات التضخم الأميركية الأسبوع المقبل تضع الأسواق تحت الاختبار

متداول في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول في بورصة نيويورك (رويترز)

قد تختبر بيانات التضخم في الولايات المتحدة الأسبوع المقبل أعصاب المستثمرين في أسواق الأسهم، ما يزيد من المخاوف المتعلقة بارتفاع عائدات سندات الخزانة وعدم اليقين المحيط بسياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وبعد سنوات من الأداء المتفوق، شهدت أسواق الأسهم تراجعاً في بداية عام 2025، فحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» مكاسب ضئيلة حتى الآن هذا العام. ويُعتبر انتعاش التضخم أحد المخاطر الرئيسية التي تهدد الأسهم، خاصةً في ظل قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بالتراجع عن تخفيضات أسعار الفائدة المتوقعة نظراً لارتفاع التضخم بوتيرة أسرع مما كان متوقعاً في السابق، وفق «رويترز».

وبحسب تصريحات المستثمرين، يُعد مؤشر أسعار المستهلك الشهري، المقرر صدوره في 15 يناير (كانون الثاني)، من أكثر مقاييس التضخم التي يتم مراقبتها من كثب، وقد يتسبب في المزيد من التقلبات في السوق، إذا جاء أعلى من التوقعات. وفي هذا السياق، قالت مارتا نورتون، كبيرة استراتيجيي الاستثمار في شركة «إمباور لخدمات التقاعد والثروة»: «إذا شهدنا تسارع التضخم مرة أخرى، فسيشكل ذلك مصدر قلق كبير للأسواق. سيكون هناك تأثير كبير مع كل قراءة جديدة للتضخم».

وتشير توقعات السوق إلى زيادة بنسبة 0.3 في المائة في مؤشر أسعار المستهلك لشهر ديسمبر (كانون الأول) على أساس شهري، وفقاً لاستطلاع أجرته «رويترز». ورغم أن بنك الاحتياطي الفيدرالي كان متفائلاً بما يكفي ليبدأ في خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول)، فإن وتيرة التضخم السنوي لا تزال أعلى من هدفه البالغ 2 في المائة. ويتوقع البنك الآن زيادة بنسبة 2.5 في المائة في التضخم خلال عام 2025.

وكشف محضر أحدث اجتماع لبنك الاحتياطي الفيدرالي، الذي صدر يوم الأربعاء، عن قلق المسؤولين من أن سياسات ترمب المتعلقة بالتجارة والهجرة قد تؤدي إلى إبطاء الجهود الرامية إلى تقليص التضخم.

ومن المتوقع أن يوقف «الفيدرالي» دورة خفض أسعار الفائدة في اجتماعه القادم نهاية الشهر، ولكن بيانات مؤشر أسعار المستهلك القوية قد تؤدي إلى تعديل توقُّعات السوق بشأن الخفض المقبل لتكون في وقت لاحق من العام.

وفي ظل «الأسئلة الوشيكة» بشأن السياسات المالية والتعريفات الجمركية المحتملة، قال مات أورتون، كبير استراتيجيي السوق في «ريموند جيمس لإدارة الاستثمار»: «إذا كانت الصورة التضخمية التي نشهدها تتحرك في الاتجاه غير الصحيح، فإن ذلك قد يتحدى توقعات السوق».

كما قد يتسبب رقم مرتفع في مؤشر أسعار المستهلك في رفع عائدات سندات الخزانة، ما سيكون له تداعيات واسعة النطاق على الأسواق المالية. فقد شهدت سندات الخزانة الحكومية هذا الأسبوع بيعاً مكثفاً، ما دفع عوائد السندات البريطانية لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2008. وعادةً ما ترتفع العائدات عندما تنخفض أسعار السندات، ما يضغط على الأسهم عبر عدة قنوات، بما في ذلك زيادة تكاليف الاقتراض بالنسبة للمستهلكين والشركات.

وتتصدّر بيانات مؤشر أسعار المستهلك جدول الأحداث الاقتصادية في الأسابيع القادمة، حيث تشهد الأسواق أسبوعاً مزدحماً من التطورات الهامة. وبداية من الأسبوع المقبل، ستبدأ نتائج أرباح البنوك الكبرى مثل «جيه بي مورغان» و«غولدمان ساكس»، ضمن تقارير الربع الرابع لشركات مؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، التي من المتوقع أن تشهد نمواً في أرباحها بنسبة تصل إلى 10 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وفي هذا الوقت أيضاً، سيتولى الرئيس المنتخب ترمب منصبه في 20 يناير. ويستعد المستثمرون لتحركات سريعة من إدارته في مجالات مثل فرض التعريفات الجمركية على الواردات من الصين وشركاء تجاريين آخرين، بالإضافة إلى ضوابط أكثر صرامة على الهجرة.

وقد أثارت التكهنات بشأن سياسات ترمب بالفعل تقلبات في الأسواق. على سبيل المثال، انخفض الدولار وارتفعت الأسهم الأوروبية بعد تقرير نشرته «واشنطن بوست» يفيد بأن مساعدي ترمب يدرسون فرض رسوم جمركية على الواردات الأساسية فقط. وقد نفى ترمب التقرير. وقال براينت فان كرونكايت، مدير المحافظ الأول في «أولسبرينغ غلوبال إنفستمنتس»: «ما زلنا ننتظر لنفهم بشكل كامل تأثير تصريحات ترمب».