الجدعان: نسعى لتحقيق التوازن في السياسة الضريبية

السعودية وقّعت اتفاقيات دولية لتعزيز التعاون الضريبي والجمركي

وزير المالية السعودي محمد الجدعان (حساب الوزير على منصة إكس)
وزير المالية السعودي محمد الجدعان (حساب الوزير على منصة إكس)
TT

الجدعان: نسعى لتحقيق التوازن في السياسة الضريبية

وزير المالية السعودي محمد الجدعان (حساب الوزير على منصة إكس)
وزير المالية السعودي محمد الجدعان (حساب الوزير على منصة إكس)

تعمل الحكومة السعودية على تحسين النظام الضريبي وتسهيل الامتثال الضريبي، مع التركيز على أهمية زيادة كفاءة التحصيل الضريبي وتعزيز العدالة في تطبيقه، كما تسعى إلى تحقيق التوازن في السياسة الضريبية بحيث لا تؤثر سلباً على الاقتصاد أو على جذب الاستثمارات.

هذا ما أعلنه وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، في كلمة له خلال انعقاد مؤتمر الزكاة والضريبة والجمارك الذي جرى فيه توقيع اتفاقيات لتعزيز التعاون الضريبي والجمركي بين المملكة وكرواتيا وكوسوفو والكويت، من أجل تمكين التجارة والاستثمار، وتسهيل التحديات الضريبية وتبني التقنيات الجمركية الحديثة.

ويستمر المؤتمر حتى يوم الخميس، كما يضم عدداً من الجلسات الحوارية، بالإضافة إلى أكثر من 70 ورشة عمل، بمشاركة نحو 90 جهة محلية ودولية في المعرض المصاحب.

مواجهة التحديات

خلال المؤتمر، أكد الجدعان أن المملكة حققت تقدماً كبيراً في تحقيق مستهدفات «رؤية 2030»، مشيراً إلى دور هيئة الزكاة والضريبة والجمارك في التحول الرقمي، حيث سجلت 99.35 في المائة في مؤشر الأمم المتحدة للحكومة الرقمية. وأوضح أنها تسهم في تسهيل الأعمال وتعزيز التعاون الدولي، بهدف مواجهة التحديات الضريبية والجمركية ودعم النمو الاقتصادي.

كما شدد الجدعان على أهمية التعاون الدولي لمواجهة التحديات الاقتصادية، مع ضرورة تحسين النظام الضريبي لجذب الاستثمارات وتعزيز العدالة، مع تعزيز كفاءة الإنفاق الحكومي. مضيفاً أن السعودية تركز على الاستثمار في قطاعات جديدة مثل السياحة والصناعات لتعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل.

وفيما يتعلق بالضرائب، أوضح الجدعان أن الحكومة السعودية تعمل على تحسين النظام الضريبي وتسهيل الامتثال الضريبي، مع التركيز على أهمية زيادة كفاءة التحصيل الضريبي وتعزيز العدالة في تطبيقه. إذ تسعى البلاد إلى تحقيق التوازن في السياسة الضريبية بحيث لا تؤثر سلباً على الاقتصاد أو على جذب الاستثمارات، مشدداً على ضرورة أن تتم زيادة الضرائب بحذر وتقييم تأثيرها بشكل دقيق.

وزير المالية السعودي محمد الجدعان (هيئة الزكاة والضريبة والجمارك)

تيسير التجارة

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قال المتحدث باسم هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، حمود الحربي، إن الهيئة تواصل تركيزها على الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي والرقمنة في تنفيذ استراتيجياتها، بما في ذلك تعزيز الأمن وتيسير التجارة.

وأضاف الحربي أن الهيئة حققت عدداً من النجاحات في هذا المجال، حيث احتلت المركز الأول بين 226 جهة حكومية في الحوكمة الرقمية، وذلك من خلال التزامها بالمعايير الأساسية، كما نجحت في تنفيذ مشروعات كبيرة مثل الفوترة الإلكترونية.

وأوضح أن الهيئة تعمل على تمكين الأمن اللوجيستي، بالإضافة إلى تيسير التجارة من خلال تطوير مناطق إيداع خاصة ومناطق لتسهيل الإجراءات الجمركية، بما يسهم في تحقيق «رؤية 2030»، وجعل السعودية منصة لوجيستية رائدة.

وزير المالية البحريني سلمان آل خليفة (هيئة الزكاة والضريبة والجمارك)

الإطار المؤسسي

وفي جلسة حوارية خلال المؤتمر بعنوان «تعافي الاقتصاد ونموه في ظل التحديات العالمية»، تحدث وزير المالية البحريني، سلمان آل خليفة، عن ضرورة تحديث الإطار المؤسسي المتعدد الأطراف لمواجهة التحديات الاقتصادية الجديدة، مشيراً إلى أن مؤسسات «بريتون وودز» بحاجة للتكيف مع التغيرات في التجارة العالمية، مثل الرقمنة واستخدام الذكاء الاصطناعي.

وفيما يتعلق بالبحرين، تحدث آل خليفة عن نجاح برنامج التنوع الاقتصادي، حيث أصبحت القطاعات غير النفطية تمثل أكثر من 85 في المائة من الناتج المحلي، مع التركيز على الخدمات المالية، واللوجيستيات، والسياحة والتصنيع.

تحديات الرقمنة

من جانبها، أشارت وزيرة المالية الإندونيسية، سري مولياني إندراواتي، إلى التحديات التي تفرضها الرقمنة على جمع الضرائب، وضرورة تحديث الأنظمة الضريبية لضمان العدالة في توزيع الضرائب بين الدول. مشيدة بالتجربة السعودية في هذا المجال.

وقالت إن إندونيسيا بدأت في فرض ضرائب على المعاملات الرقمية والعملات المشفرة نتيجة للزيادة الكبيرة في هذه الأنشطة، وقالت إن الدول بحاجة إلى تطوير آليات لتحديد حق كل دولة في فرض الضرائب، خصوصاً في ظل الأنشطة الاقتصادية العابرة للحدود مثل منصات التجارة الإلكترونية.


مقالات ذات صلة

اقتصاد سوريا في دوامة سقوط نظام الأسد

الاقتصاد أحد مؤيدي المعارضة السورية يرسم علم المعارضة السورية على خده أثناء مشاركته في احتفالات سيطرة الثوار على دمشق (إ.ب.أ)

اقتصاد سوريا في دوامة سقوط نظام الأسد

سيكون الثامن من ديسمبر بداية حقبة جديدة في مسيرة سوريا، وذلك بعد 13 عاماً من الصراعات والأزمات تركت اقتصاد البلاد في موت سريري.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

الأنشطة غير النفطية تقود نمو الاقتصاد السعودي بعد 4 فصول من الانكماش

قادت الأنشطة غير النفطية في السعودية نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، ليحقق ما نسبته 2.8 في المائة على أساس سنوي بنهاية الرُّبع الثالث من عام 2024.

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد جانب من حفل وضع حجر الأساس لمصنع إنتاج البوليمرات (وكالة الأنباء العمانية)

سلطنة عُمان تضع حجر الأساس لمصنع إنتاج البوليمرات

احتفلت سلطنة عُمان الأحد بوضع حجر الأساس لمصنع إنتاج البوليمرات الذي يبلغ إجمالي قيمة الاستثمار نحو 300 مليون دولار ويغطي مساحة 240 ألف متر مربع

«الشرق الأوسط» (مسقط)
الاقتصاد وزيرة الخزانة البريطانية تلقي كلمة بجوار عمدة لندن أليستر كينغ في حفل العشاء السنوي في مانشن هاوس في لندن (أرشيفية- رويترز)

ريفز تتعهد بشراكة اقتصادية «طموحة» مع الاتحاد الأوروبي

ستصبح وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز أول مستشارة بريطانية تحضر اجتماعاً لوزراء المالية الأوروبيين منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (رويترز)

الأنشطة غير النفطية تقود النمو الاقتصادي في السعودية إلى 2.8 % في الربع الثالث

قادت الأنشطة غير النفطية في السعودية نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال الربع الثالث من العام الحالي بنسبة 2.8 في المائة على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

اقتصاد سوريا في دوامة سقوط نظام الأسد

أحد مؤيدي المعارضة السورية يرسم علم المعارضة السورية على خده أثناء مشاركته في احتفالات سيطرة الثوار على دمشق (إ.ب.أ)
أحد مؤيدي المعارضة السورية يرسم علم المعارضة السورية على خده أثناء مشاركته في احتفالات سيطرة الثوار على دمشق (إ.ب.أ)
TT

اقتصاد سوريا في دوامة سقوط نظام الأسد

أحد مؤيدي المعارضة السورية يرسم علم المعارضة السورية على خده أثناء مشاركته في احتفالات سيطرة الثوار على دمشق (إ.ب.أ)
أحد مؤيدي المعارضة السورية يرسم علم المعارضة السورية على خده أثناء مشاركته في احتفالات سيطرة الثوار على دمشق (إ.ب.أ)

سيكون الثامن من ديسمبر (كانون الأول) بداية حقبة جديدة في مسيرة سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، ليس سياسياً فقط بل اقتصادياً، وذلك بعد ثلاثة عشر عاماً من الصراعات والأزمات تركت اقتصاد البلاد الواقعة تحت عقوبات أميركية وأوروبية في حالة من الموت السريري، وأعادته عقوداً إلى الوراء من حيث التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية، وأذابت ناتجها المحلي الإجمالي الذي قد يستغرق إحياؤه عقدين أو أكثر. وفي حين أن إعادة بناء البنية التحتية المادية المدمرة ستكون مهمة ضخمة، فإن إعادة بناء رأس المال البشري والاجتماعي لسوريا سيكون تحدياً أعظم بلا شك.

لقد كان أول انعكاسات إعلان هذا السقوط الانهيار الحاد في الليرة السورية التي تفاوت سعرها بشكل حاد بين المحافظات، مما يعكس حالة عدم الاستقرار الاقتصادي والتضخم الجامح الذي تشهده البلاد. إذ هوت قيمة العملة السورية مقابل الدولار الأميركي بنسبة 42 في المائة في تداولات مدينة دمشق لتصل إلى قاع غير مسبوق، حيث بات الدولار الواحد يساوي 22 ألف ليرة سورية. وفي مدينة حلب، وصل الدولار إلى 36 ألف ليرة بهبوط نسبته 64 في المائة. كما أن هذه الأسعار تختلف من بائع لآخر ومن مكان لآخر داخل البلدة الواحدة، في مختلف مناطق البلاد.

وزير المالية السوري رياض عبد الرؤوف توقع في تصريحات صحافية، ألا يستمر تدهور سعر صرف الليرة طويلاً، معتبراً أنه تدهور مبني في الأساس على ضعف الحياة السياسية والتقهقر السابق. كما توقع أن تكون معدلات نمو الاقتصاد جيدة خلال 2025، مشدداً على أن السياسة المالية يجب أن يتم وضعها لصالح الشعب السوري. وتوقع أن تقوم الحكومة السورية المقبلة بمراجعة جميع الاتفاقات.

في عام 2023، انخفضت قيمة الليرة السورية انخفاضاً كبيراً بنسبة 141 في المائة مقابل الدولار الأميركي. تشير التقديرات إلى أن تضخم أسعار المستهلكين ارتفع بنسبة 93 في المائة، وقد تفاقم هذا الوضع بسبب خفض الدعم الذي تقدمه الحكومة، وفق تقرير صادر عن البنك الدولي.

وفي هذا الوقت، أظهرت مقاطع مصورة تداولها ناشطون أشخاصاً يخروجون مسرعين من مصرف سوريا المركزي ومحملين بأكياس قيل إنها مليئة بالنقود، فيما ظهر حاكم مصرف سوريا المركزي، محمد عصام هزيمة، في فيديو من داخل المصرف، أكد فيه أنه تم نهب بعض الأموال، وبعد مجيء قوات المعارضة المسلحة تم استعادة جزء منها، وتم تأمين الوضع الأمني للمصرف. وقال: «بوجود المعارضة المسلحة حالياً (فإن) الوضع الأمني لمصرف سوريا المركزي والأبنية المحيطة به مؤمنة بإحكام بجميع المداخل، وهي تحت رعايتة وولايته». وأوضح أن أموال المصرف المركزي هي أموال لسوريا، وليست تابعةً لأي شخص، وهذه الأموال تستخدم في شراء الدواء والغذاء.

شخصان يتعانقان خلال مظاهرة للاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد خارج السفارة السورية في مدريد (رويترز)

«سقوط» الناتج المحلي

بدأت الحرب الأهلية في سوريا بعد قمع حركة الاحتجاجات السلمية التي دعت إلى الإطاحة بالأسد في عام 2011. وذكر تقرير للبنك الدولي في مايو (أيار) الماضي أن اقتصاد البلاد، الذي حافظ على وتيرة نمو نشطة قبل الانتفاضة، يعاني منذ ذلك الحين، حيث من المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 1.5 في المائة هذا العام، ليزيد من الانخفاض الذي بلغ 1.2 في المائة في عام 2023.

ووفقاً للإحصاءات الرسمية، انكمش الناتج المحلي الإجمالي لسوريا بنسبة 54 في المائة بين عامي 2010 و2021. وقال البنك الدولي إن تأثير الصراع قد يكون أكبر من ذلك بكثير.

وقال التقرير: «سيظل الاستهلاك الخاص، وهو المحرك الرئيسي للنمو، ضعيفاً في عام 2024 مع استمرار ارتفاع الأسعار في تآكل القوة الشرائية. ومن المتوقع أن يظل الاستثمار الخاص ضعيفاً وسط وضع أمني متقلب، وحالة كبيرة من عدم اليقين الاقتصادي والسياسي».

واعتباراً من عام 2022، أثر الفقر على 69 في المائة من السكان - أي ما يعادل حوالي 14.5 مليون سوري. وقال البنك الدولي إن الفقر المدقع، الذي كان شبه معدوم قبل النزاع، أثر على أكثر من واحد من كل أربعة سوريين في عام 2022، وربما يكون قد تدهور أكثر بسبب تأثير زلزال فبراير (شباط) 2023.

كما توقع البنك الدولي ارتفاع معدل التضخم إلى 99.7 في المائة في 2024، ما يعني استمرار الأسعار في الارتفاع بشكل كبير، مما يفاقم معاناة السوريين ويزيد من صعوبة تأمين احتياجاتهم الأساسية.

وأثرت الاضطرابات المرتبطة بالصراع تأثيراً شديداً على التجارة الخارجية، وأدى انهيار الإنتاج الصناعي والزراعي المحلي إلى زيادة اعتماد سوريا على الواردات. وزاد الاعتماد على الواردات الغذائية مع نشوب الصراع، وإن كان ذلك قائماً قبل عام 2011.

كما ساهمت عوامل خارجية عديدة، بما في ذلك الأزمة المالية لعام 2019 في لبنان وجائحة «كوفيد - 19» والحرب في أوكرانيا، في زيادة تآكل رفاهية الأسر السورية.

انخفاض في إنتاج النفط

ويشهد قطاع الطاقة في سوريا اضطرابات منذ عام 2011، إذ انخفض إنتاج النفط والغاز الطبيعي بشكل كبير. وقال البنك الدولي إن بيانات حرق الغاز ليلاً أظهرت انخفاضاً في إنتاج النفط بنسبة 3.5 في المائة سنوياً في العام الماضي، ويرجع ذلك جزئياً إلى الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية بسبب الزلازل والصراع.

وقالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية إن إنتاج البلاد من النفط، الذي بلغ متوسطه أكثر من 400 ألف برميل يومياً بين عامي 2008 و2010، وصل إلى أقل من 25 ألف برميل يومياً بحلول مايو 2015. وبلغ متوسط الإنتاج حوالي 91 ألف برميل برميل يومياً في عام 2023.

وقال البنك الدولي: «بينما كان الإنتاج في انخفاض بالفعل قبل الصراع بسبب تقادم حقول النفط، إلا أن الحرب سرّعت من وتيرة الانخفاض بشكل حاد».

وأوضح البنك الدولي أن اقتصاد سوريا في الوقت الحاضر مدفوع بالكبتاغون، إذ تعد البلاد «منتجاً ومصدرّاً رئيسياً» لهذه المادة.

وتقدر القيمة السوقية الإجمالية لـ«الكبتاغون» سوري المنشأ بما يتراوح بين 1.9 مليار دولار و5.6 مليار دولار سنوياً، وهو ما يعادل تقريباً الناتج المحلي الإجمالي لسوريا الذي قدر بـ6.2 مليار دولار العام الماضي، حسبما ذكر البنك الدولي في تقريره.

وأضاف التقرير أن «الجهات الفاعلة المتمركزة في سوريا، أو المرتبطة بها، تحقق أرباحاً من بيع (الكبتاغون) تصل إلى 1.8 مليار دولار سنوياً، أي ما يعادل تقريباً ضعف الإيرادات المتأتية من جميع الصادرات السورية المشروعة في عام 2023».

وتقدّر المملكة المتحدة قيمة التجارة العالمية في «الكبتاغون» بحوالي 57 مليار دولار، إذ يتم إنتاج 80 في المائة من الإمدادات العالمية في سوريا.

والسؤال اليوم: ماذا ينتظر الاقتصاد السوري بعد سقوط نظام الأسد؟