الصين تمهّد إلى قبول نمو «أقل من 5 %»

تباطؤ نمو الخدمات في نوفمبر... والمخاوف تخيّم على الأسواق

عامل توصيل يسير في أحد شوارع الحي المالي بالعاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)
عامل توصيل يسير في أحد شوارع الحي المالي بالعاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)
TT

الصين تمهّد إلى قبول نمو «أقل من 5 %»

عامل توصيل يسير في أحد شوارع الحي المالي بالعاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)
عامل توصيل يسير في أحد شوارع الحي المالي بالعاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)

قالت صحيفة «الشعب اليومية» الرسمية الصينية، يوم الأربعاء، إن الصين ليست ملتزمة بتحقيق معدلات نمو محددة للناتج المحلي الإجمالي، وإن وتيرة أقل من 5 في المائة للاقتصاد «مقبولة».

وفي مارس (آذار)، حدّدت الحكومة الصينية هدفاً للنمو «نحو 5 في المائة» لهذا العام، لكن ثاني أكبر اقتصاد في العالم كافح من أجل اكتساب الزخم إلى حد كبير، بسبب أزمة قطاع العقارات المطولة ومشكلات ديون الحكومات المحلية.

واتخذت بكين سلسلة من تدابير التحفيز منذ أواخر سبتمبر (أيلول)، لكن نتائجها كانت متواضعة حتى الآن. ويقول خبراء الاقتصاد إن مزيداً من الدعم السياسي مطلوب لتعزيز التعافي، ويرون أن تهديد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بالرسوم الجمركية يشكل عائقاً رئيساً للنمو.

وقالت صحيفة الحزب الشيوعي الحاكم، في افتتاحيتها، إن «التركيز بالنسبة إلى الاقتصاد الصيني ينصبّ على التحسينات النوعية، والنمو الكمي المعقول». وتابعت: «إذا لم نتحرر من (تقديس السرعة) واستمرت البلاد في التوسع بشكل أعمى وإطلاق المشروعات بلا تمييز، حتى لو عزّزنا النمو مؤقتاً، فسيكون ذلك على حساب استنفاد إمكانات النمو في المستقبل»، مضيفة أنه «بعد العمل الجاد، من المقبول أن نكون أعلى أو أقل قليلاً من 5 في المائة».

وحذّرت الافتتاحية أيضاً من المخاطر الاقتصادية الناجمة عن عدم الاستقرار الاقتصادي العالمي المتزايد وعدم اليقين الجيوسياسي. وأكدت -في إشارة واضحة إلى تهديد ترمب بالتعريفات الجمركية والجهود الأميركية المستمرة لفرض قيود على التكنولوجيا الصينية وصادرات السلع الأوسع نطاقاً-: «قد تصعّد بعض الدول جهودها لاحتوائنا وقمعنا».

وفي إشارة إلى فترة صعبة مقبلة، قالت صحيفة «الشعب اليومية»، إن نمو الاستهلاك المحلي «لا يزال ضعيفاً، ومن الصعب بشكل متزايد تثبيت الاستثمار»، مضيفة أن التعافي الاقتصادي ليس قوياً بعد.

وأفادت «رويترز» خلال الشهر الماضي بأن مستشاري الحكومة أوصوا بأن تحافظ بكين على هدف النمو الاقتصادي بنحو 5.0 في المائة للعام المقبل.

وبالتزامن مع الافتتاحية، استمر نمو نشاط قطاع الخدمات في الصين خلال الشهر الماضي؛ ولكن بوتيرة أبطأ من الشهر السابق، حسب مسح مديري مشتريات نُشرت نتائجه يوم الأربعاء.

وأشار المسح إلى تراجع مؤشر مديري مشتريات قطاع الخدمات في الصين خلال نوفمبر إلى 51.5 نقطة، مقابل 52 نقطة خلال أكتوبر (تشرين الأول). وتشير قراءة المؤشر أكثر من 50 نقطة إلى نمو النشاط الاقتصادي للقطاع، في حين تشير قراءة أقل من 50 نقطة إلى انكماش النشاط.

وجاء تراجع وتيرة نمو نشاط قطاع الخدمات متفقاً مع تباطؤ نمو الأعمال الجديدة للقطاع، ففي حين دعّمت التحسينات في الطلب الأساسي وأحوال السوق الأعمال الجديدة، تراجع معدل نموها مقارنة بأكتوبر. كما زادت صادرات الخدمات بوتيرة أسرع من وتيرة نمو الأعمال الجديدة ككل.

ورغم تباطؤ نمو الأعمال الجديدة، استمر مستوى الأعمال القائمة في الارتفاع للشهر الرابع على التوالي خلال نوفمبر. وأدى ذلك إلى زيادة في التوظيف في قطاع الخدمات الصيني؛ حيث تسعى الشركات لتوظيف عمالة جديدة حتى تواجه الزيادة في الطلبيات.

وفي الأسواق، تراجعت أسهم الصين وهونغ كونغ، يوم الأربعاء، عقب نشر بيانات قطاع الخدمات، بالإضافة إلى تصاعد الاحتكاكات التجارية مع الولايات المتحدة؛ مما أدى إلى إضعاف معنويات المستثمرين.

وعند الإغلاق، انخفض مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 0.42 في المائة، ومؤشر «سي إس آي 300» للأسهم القيادية بنسبة 0.54 في المائة، مع انخفاض قطاع السلع الاستهلاكية الأساسية بنسبة 0.67 في المائة، وخسارة مؤشر العقارات 2.39 في المائة. وفي هونغ كونغ، انخفض مؤشر هانغ سنغ بنسبة 0.02 في المائة.

وكانت المشاعر متوترة أيضاً في أعقاب حظر بكين تصدير المعادن الحيوية التي لها تطبيقات عسكرية واسعة النطاق إلى الولايات المتحدة؛ مما أدى إلى تصعيد التوترات التجارية في اليوم التالي لأحدث حملة قمع لواشنطن على قطاع الرقائق الصيني.

وقال العضو المنتدب في «إس بي آي أسيت مانجمنت»، ستيفن إينيس، إن «هذه الضربة الجديدة تزيد من مخاوف الانفصال الاقتصادي، حيث يخيّم وابل التعريفات الجمركية الأميركية الوشيك على اقتصادات آسيا التي يقودها التصدير»، مضيفاً أن تداعيات هذه التدابير المتبادلة قد تعطّل سلاسل التوريد بشكل كبير، مع استهداف قطاعي أشباه الموصلات والتكنولوجيا بشكل مباشر.


مقالات ذات صلة

النفط يقفز أكثر من 3 % مع شبح عقوبات جديدة على إيران وروسيا

الاقتصاد ناقلة النفط «سونيون» التي تعرضت لهجوم حوثي في البحر الأحمر قبل عدة أسابيع (أ.ب)

النفط يقفز أكثر من 3 % مع شبح عقوبات جديدة على إيران وروسيا

قفزت أسعار النفط يوم الجمعة مع تركيز المتعاملين على اضطرابات الإمدادات المحتملة في حالة فرض المزيد من العقوبات على روسيا وإيران.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متسوقون يخرجون من متجر «يونيكلو» في أحد شوارع العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

عائدات السندات اليابانية بأعلى مستوياتها في 14 عاماً

ارتفعت عوائد السندات الحكومية اليابانية القياسية إلى أعلى مستوى لها في نحو 14 عاما يوم الجمعة مع تزايد احتمالات رفع الفائدة

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد أوراق الجنيه الإسترليني (رويترز)

ثقة المتداولين في الجنيه الإسترليني تشهد أكبر تراجع منذ أزمة موازنة 2022

سجلت ثقة المتداولين في الجنيه الإسترليني أكبر انخفاض لها هذا الأسبوع منذ أزمة موازنة المملكة المتحدة في عام 2022، وفقاً لبيانات سوق الخيارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد صورة جوية لمحطة حاويات بميناء هامبورغ (رويترز)

الفائض التجاري الألماني مع الولايات المتحدة يقترب من مستوى قياسي

يقترب الفائض التجاري الألماني مع الولايات المتحدة من مستوى قياسي قبيل تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب منصبه، وفقاً لتحليل بيانات مكتب الإحصاء الألماني.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)

«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

علَّق البنك المركزي الصيني شراء سندات الخزانة يوم الجمعة، مما رفع العائدات لفترة وجيزة وأثار تكهنات بأنه يكثف دفاعه عن عملة اليوان

«الشرق الأوسط» (بكين)

نمو الوظائف الأميركية يفوق التوقعات والبطالة تتراجع إلى 4.1 %

شخص يقف بالقرب من نصب واشنطن التذكاري في واشنطن (رويترز)
شخص يقف بالقرب من نصب واشنطن التذكاري في واشنطن (رويترز)
TT

نمو الوظائف الأميركية يفوق التوقعات والبطالة تتراجع إلى 4.1 %

شخص يقف بالقرب من نصب واشنطن التذكاري في واشنطن (رويترز)
شخص يقف بالقرب من نصب واشنطن التذكاري في واشنطن (رويترز)

تسارع نمو الوظائف في الولايات المتحدة بشكل غير متوقع في ديسمبر (كانون الأول)، بينما انخفض معدل البطالة إلى 4.1 في المائة، مما يعكس قوة سوق العمل في نهاية العام ويعزز النهج الحذر الذي يتبعه بنك الاحتياطي الفيدرالي، فيما يتعلق بتخفيض أسعار الفائدة هذا العام.

وقالت وزارة العمل في تقريرها الخاص بالتوظيف، يوم الجمعة، إن الوظائف غير الزراعية زادت بنحو 256 ألف وظيفة في ديسمبر، بعد زيادة بنحو 212 ألف وظيفة في نوفمبر (تشرين الثاني). وكان خبراء اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا زيادة في الوظائف بنحو 160 ألف وظيفة، بعد إضافة 227 ألف وظيفة في نوفمبر. وتراوحت التوقعات لعدد الوظائف في ديسمبر بين 120 ألفاً و200 ألف.

وعلى الرغم من تباطؤ التوظيف بعد رفع أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأميركي في 2022 و2023، فإن مرونة سوق العمل، التي تعكس في الغالب مستويات تسريح العمال المنخفضة تاريخياً، تستمر في دعم الاقتصاد من خلال تحفيز الإنفاق الاستهلاكي عبر الأجور الأعلى.

ويتوسع الاقتصاد بمعدل أعلى بكثير من وتيرة النمو غير التضخمي التي يبلغ 1.8 في المائة، وهي النسبة التي يعتبرها مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي الحد الأقصى للنمو المستدام. ومع ذلك، تتزايد المخاوف من أن تعهدات الرئيس المنتخب دونالد ترمب بفرض أو زيادة التعريفات الجمركية على الواردات وترحيل ملايين المهاجرين غير المسجلين قد تؤدي إلى عرقلة هذا الزخم.

وتجلى هذا القلق في محضر اجتماع السياسة الأخير لبنك الاحتياطي الفيدرالي في 17 و18 ديسمبر، الذي نُشر يوم الأربعاء؛ حيث أشار معظم المشاركين إلى أنه «يمكن للجنة تبني نهج حذر في النظر» في المزيد من التخفيضات.

وارتفع متوسط الدخل بالساعة بنسبة 0.3 في المائة خلال ديسمبر بعد زيادة بنسبة 0.4 في المائة في نوفمبر، فيما ارتفعت الأجور بنسبة 3.9 في المائة على مدار الـ12 شهراً حتى ديسمبر، مقارنة بزيادة قدرها 4 في المائة في نوفمبر.

ورغم تحسن معنويات الأعمال بعد فوز ترمب بالانتخابات في نوفمبر، وذلك بسبب التوقعات بتخفيضات ضريبية وبيئة تنظيمية أكثر مرونة، لا يتوقع الخبراء الاقتصاديون زيادة كبيرة في التوظيف على المدى القريب، ولم تظهر استطلاعات الأعمال أي مؤشرات على أن الشركات تخطط لزيادة أعداد الموظفين.

وقد انخفض معدل البطالة إلى 4.1 في المائة خلال ديسمبر، من 4.2 في المائة خلال نوفمبر. كما تم مراجعة بيانات مسح الأسر المعدلة موسمياً، التي يُشتق منها معدل البطالة، على مدار السنوات الخمس الماضية.

وقد تم تأكيد تخفيف ظروف سوق العمل من خلال الارتفاع التدريجي في عدد الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم بشكل دائم، إلى جانب زيادة مدة البطالة التي وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ 3 سنوات تقريباً؛ حيث بلغ متوسط مدة البطالة 10.5 أسبوع في نوفمبر.

ويتماشى هذا مع مسح الوظائف الشاغرة ودوران العمالة، الذي يُظهر أن معدل التوظيف يتراجع إلى المستويات التي كانت سائدة في وقت مبكر من جائحة كوفيد-19.

وفي هذا السياق، خفض الفيدرالي في الشهر الماضي سعر الفائدة القياسي بمقدار ربع نقطة مئوية أخرى إلى نطاق 4.25 في المائة -4.50 في المائة، ليصل إجمالي التخفيضات منذ بدء دورة التيسير في سبتمبر (أيلول) إلى 100 نقطة أساس. لكنه أشار إلى أنه يتوقع خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية مرتين فقط هذا العام مقارنة بالـ4 التي كانت متوقعة في سبتمبر، وذلك في ضوء قدرة الاقتصاد على التحمل واستمرار التضخم المرتفع. وكان البنك قد رفع سعر الفائدة بمقدار 5.25 نقطة مئوية في عامي 2022 و2023.

وفي رد فعل على البيانات، ارتفع الدولار بنسبة 0.5 في المائة مقابل الين ليصل إلى 158.765 ين، في حين انخفض اليورو إلى أدنى مستوياته منذ نوفمبر 2022 مقابل الدولار الأميركي، مسجلاً انخفاضاً بنسبة 0.6 في المائة ليصل إلى 1.024 دولار.

كما قفزت عوائد سندات الخزانة الأميركية طويلة الأجل إلى أعلى مستوياتها منذ نوفمبر 2023. وارتفعت عوائد سندات الخزانة القياسية لأجل 10 سنوات إلى 4.786 في المائة، بينما قفزت عوائد سندات الـ30 عاماً إلى 5.005 في المائة، مسجلتين أعلى مستوى لهما منذ نوفمبر 2023.