غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
TT

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)

سيذهب الغانيون إلى صناديق الاقتراع في السابع من ديسمبر (كانون الأول) لاختيار رئيس جديد وبرلمان، في انتخابات تراقبها الأوساط الاستثمارية من كثب لتحديد كيفية توجيه الفائز للاقتصاد الذي يخرج من مرحلة تعثر في سداد الديون.

المتنافسون الرئيسيون لاستبدال الرئيس نانا أكوفو - أدو، البالغ من العمر 80 عاماً، الذي يتنحى بعد ولايتين على رأس دولة تنتج الذهب والكاكاو، هما الرئيس السابق جون دراماني ماهاما ونائب الرئيس الحالي محامودو باوميا. كما أن هناك 11 مرشحاً آخرين يتنافسون على المنصب، وفق «رويترز».

ما الذي يركز عليه المستثمرون؟

وصلت غانا إلى نهاية عملية إعادة هيكلة الديون الطويلة والمعقدة؛ حيث أعادت الحكومة هيكلة 13 مليار دولار من السندات الدولية بوصف ذلك جزءاً من خطة أوسع لخفض الديون بنحو 4.7 مليار دولار وتوفير نحو 4.4 مليار دولار من تخفيف السيولة خلال برنامج صندوق النقد الدولي الحالي الذي يستمر حتى عام 2026.

ومع بقاء الخطوة الأخيرة المتمثلة في التوصل إلى اتفاق مع الدائنين التجاريين غير الأوروبيين، فإن المستثمرين يقومون بالفعل بتقييم فترة ما بعد الانتخابات لمعرفة ما إذا كان الفائز سوف يستمر في الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لضمان استدامة الديون. وتعهد ماهاما (65 عاماً)، الذي يتصدر العديد من استطلاعات الرأي، بمحاولة إعادة التفاوض على شروط اتفاق صندوق النقد الدولي لتأمين المزيد من التمويل. ووعد أيضاً بتعديل القانون لوضع سقف للدين العام يتراوح بين 60 و70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لمنع الاقتراض المفرط.

ومع ذلك، فإن فترة رئاسته السابقة (2012 - 2017) شهدت زيادة ملحوظة في الاقتراض للاستثمار في مشاريع البنية التحتية مثل الطرق، ما أوقعه في انتقادات بسبب نقص الكهرباء وارتفاع التضخم.

من جانبه، يتبنى بوميا (61 عاماً) شعاراً يتمثل في تحديث الاقتصاد من خلال الرقمنة، وخفض الضرائب، وتعزيز الانضباط المالي بهدف رفع النمو السنوي إلى متوسط ​​6 في المائة. وتعهد أيضاً بتحديد الإنفاق العام بنسبة 105 في المائة من عائدات الضرائب في العام السابق، وتقديم خطة ضريبية ثابتة، ونقل 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من الإنفاق العام إلى القطاع الخاص لتوفير البنية الأساسية العامة.

هل يمكن للفائز إعادة التفاوض على برنامج صندوق النقد الدولي؟

من الشائع أن يلجأ القادة الجدد إلى صندوق النقد الدولي لمراجعة البرامج القائمة، كما حدث مؤخراً في سريلانكا. ويقول صندوق النقد الدولي، الذي يعد مقرض الملاذ الأخير لغانا في إعادة هيكلة ديونها بموجب الإطار المشترك لمجموعة العشرين، إن تركيزه الأساسي هو دعم الحكومة في استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي مع تمكين استدامة الدين والنمو الشامل. وقد وافق الصندوق حتى الآن على الأداء الاقتصادي لغانا في إطار برنامج قروضه الحالي البالغة قيمته 3 مليارات دولار.

ويؤكد الصندوق أنه يمكن تعديل برنامج غانا الحالي؛ حيث يتم تطوير برامج الإصلاح المدعومة من الصندوق بالتعاون مع الحكومات وتتم مراجعتها بشكل دوري. ومع ذلك، يجب أن تؤخذ أي مناقشات في الاعتبار مع ضرورة الحفاظ على قدرة البلاد على تحقيق الأهداف الاقتصادية المنشودة.

ما القضايا الاقتصادية الأخرى التي تؤثر في الانتخابات؟

سيتعين على الفائز في الانتخابات أن يعالج عدداً من القضايا الملحة، بما في ذلك أزمة تكاليف المعيشة، والبطالة المتفشية، وارتفاع الأسعار، وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر. ويخطط حزب ماهاما (المؤتمر الوطني الديمقراطي) لزيادة الإنفاق الحكومي في القطاعات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم، فضلاً عن تعزيز البنية الأساسية لدعم النمو وخلق فرص العمل، إذا فاز في الانتخابات.

أما حزب باوميا (الحزب الوطني الجديد) فيرغب في تحسين استقرار الاقتصاد من خلال خفض التضخم وجذب الاستثمارات الخاصة. وستواجه أي من الحكومات المقبلة خيارات محدودة في ظل العبء الثقيل للديون، وفقاً لتقرير «أكسفورد إيكونوميكس». وأظهرت تحليلات أن وعود ماهاما خلال الحملة الانتخابية بتحسين الظروف الاقتصادية للأفراد والأسر قد تجد نفسها في اختبار حقيقي نتيجة الحاجة إلى موازنة هذه الوعود مع مطالب صندوق النقد الدولي بالتحلي بضبط الإنفاق المالي.

السلع الأساسية على المحك

سيتعين على الحكومة الجديدة التعامل مع عملية الترخيص لمشاريع النفط والغاز الجديدة؛ حيث انخفض الإنتاج، الذي بدأ في عام 2010، في السنوات الخمس التي سبقت عام 2024. ويخطط ماهاما لمنح السكان المحليين المزيد من الملكية في مشاريع النفط والتعدين المستقبلية إذا فاز.

ويحتاج قطاع الكاكاو أيضاً إلى اهتمام عاجل. وانخفض الإنتاج في ثاني أكبر منتج للكاكاو في العالم إلى أدنى مستوى له منذ 20 عاماً، بسبب تدني أجور المزارعين، وأمراض النبات، وتهريب الحبوب، والتعدين غير القانوني الذي يدمر المزارع. وسوف تكون سوق الكاكاو العالمية مهتمة بشدة بمعرفة ما إذا كان الرئيس الجديد سينفذ مقترحات صندوق النقد الدولي لإجراء إصلاحات شاملة في القطاع، وما إذا كان نموذج التسويق الجديد الذي حل محل قروض الكاكاو المجمعة التي سادت لأكثر من ثلاثة عقود سوف يستمر.


مقالات ذات صلة

تعافي الصين ينعش مصانع آسيا... و«مخاطر ترمب» تلبد الأفق

الاقتصاد عامل في مصنع لمحركات الجرارات بمدينة ويفانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

تعافي الصين ينعش مصانع آسيا... و«مخاطر ترمب» تلبد الأفق

عززت أكبر اقتصادات التصنيع في آسيا نشاطها في نوفمبر الماضي، مع تمديد مصانع الصين لتعافيها مدفوعاً جزئياً بتحفيز بكين

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد مبنى الجمعية الوطنية في باريس (رويترز)

المستثمرون يعاقبون الأسهم والسندات الفرنسية بسبب الأزمة السياسية

في ظل تصاعد الأزمة السياسية بفرنسا بات المستثمرون داخل الأسواق المالية يعاقبون الأسهم والسندات

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد موظفون يعملون في خط تجميع سيارات «رينو ترافِك» بمصنع سانت أوفيل بفرنسا (رويترز)

مؤشر مديري المشتريات يؤكد تدهور الصناعة في منطقة اليورو

تراجع النشاط الصناعي بمنطقة اليورو بشكل حاد خلال نوفمبر مما أضعف الآمال في انتعاش قريب بعد أن أظهر القطاع بعض علامات الاستقرار

«الشرق الأوسط» (عواصم )
الاقتصاد موظفون يعملون في خط التجميع بمصنع أوروس بمدينة ييلابوغا (رويترز)

بفضل الطلب الجديد والتوسع العسكري... زيادة طفيفة في نشاط التصنيع الروسي

ارتفع النشاط بقطاع التصنيع بروسيا قليلاً خلال نوفمبر بمساعدة التوسع الجديد في الإنتاج والطلبات الجديدة

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد يسير الناس في ساحة الكرملين بالقرب من كاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا بوسط موسكو (رويترز)

بنك «في تي بي» الروسي يتوقع نمواً 1.9 % في 2025 وتضخماً 6.4 %

توقّع بنك «في تي بي» الروسي، ثاني أكبر بنك في البلاد، أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي في 2025 بنسبة 1.9 في المائة، متفوقاً على توقعات صندوق النقد الدولي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

السعودية تطلق «شراكة الرياض العالمية» بـ150 مليون دولار للتصدي للجفاف

TT

السعودية تطلق «شراكة الرياض العالمية» بـ150 مليون دولار للتصدي للجفاف

المهندس عبد الرحمن الفضلي خلال كلمته الافتتاحية في «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط)
المهندس عبد الرحمن الفضلي خلال كلمته الافتتاحية في «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط)

أعلنت السعودية إطلاق «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة لدعم هذه الجهود وتعزيز التعاون بين المنظمات والجهات المعنية، للاستعداد للجفاف قبل وقوعه، ضمن نهج استباقي، وفق ما أعلنه وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس عبد الرحمن الفضلي، في مؤتمر الأطراف «كوب 16»، المُقام حالياً في الرياض.

وتهدف هذه المبادرة إلى توحيد الجهود بين الدول والمجتمعات والقطاعات المتأثرة لمواجهة تحديات الجفاف، وتعزيز القدرة على الصمود أمامه في أكثر من 80 دولة حول العالم.

وأشار وزير البيئة السعودي، خلال إعلانه المبادرة، إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار الجهود الحثيثة والمتسارعة التي تبذلها المملكة لمواجهة هذه الظاهرة العالمية، مؤكداً أهمية التحول من الإغاثة التفاعلية بعد وقوع الجفاف إلى الاستعداد الاستباقي قبل حدوثه، ما يعزز قدرة المجتمعات والدول على التعامل مع تحديات الجفاف والتغير المناخي بفعالية أكبر.

وبيَّن المهندس الفضلي أن التقارير الدولية تشير إلى تدهور أكثر من 100 مليون هكتار من الأراضي الزراعية والغابات والمراعي سنوياً، وهذا يؤثر على أكثر من 3 مليارات شخص حول العالم.

وواصل أن هذا الأمر سيؤدي إلى خسائر تُقدَّر بنحو 6 تريليونات دولار سنوياً، إضافة إلى أضرار في التنوع البيولوجي وتغير المناخ، ما سيؤدي إلى زيادة الهجرة وعدم الاستقرار والأمن في المجتمعات، مؤكداً أهمية زيادة الجهود الدولية على كل المستويات لمواجهة هذه التحديات الدولية.

وتُكثف المملكة جهودها في مكافحة تدهور الأراضي، وإدراكاً منها للدور الرئيسي الذي تلعبه الأراضي من خلال مبادرة «السعودية الخضراء»، حيث التزمت بإعادة تأهيل أكثر من 74 مليون هكتار من الأراضي، وجرى بالفعل إعادة تأهيل 94 ألف هكتار من الأراضي المتدهورة، وزراعة 49 مليون نبتة وشجيرة منذ عام 2021.

وتعمل الرياض على تسريع التعاون الدولي لوقف تدهور الأراضي وعكس مساره، بالاعتماد على الجهود الحثيثة، مثل مبادرة «الشرق الأوسط الأخضر»، ومبادرة «مجموعة العشرين العالمية للأراضي».

وكانت المملكة قد أطلقت مبادرة «مجموعة العشرين العالمية للأراضي» في عام 2020، للحد من الأراضي المتدهورة بنسبة 50 في المائة بحلول عام 2040.

وتُقدم رئاسة المملكة لمؤتمر الأطراف «كوب 16» حدثاً استثنائياً من حيث الحجم والطموح، وتلتزم أيضاً برفع مستوى الوعي العالمي بالقضايا والحلول ذات الصلة بتدهور الأراضي والجفاف والتصحر؛ لضمان قدرة القطاعين العام والخاص والمنظمات غير الحكومية والمجتمع العلمي على الالتقاء لتبادل الأفكار وإيجاد الحلول العاجلة وتمويلها.