«بنك إنجلترا»: تأثير الموازنة على التضخم يثير الغموض بشأن خفض الفائدة

«المركزي» يطلق استشارة حول قواعد البنية التحتية للأسواق المالية بعد «البريكست»

مبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)
مبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)
TT

«بنك إنجلترا»: تأثير الموازنة على التضخم يثير الغموض بشأن خفض الفائدة

مبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)
مبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

قال كبار مسؤولي بنك إنجلترا، الثلاثاء، إن «التأثيرات المحتملة للزيادات الضريبية في أول موازنة تقدّمها الحكومة البريطانية على التضخم تُعدّ أكبر نقطة غموض فيما يتعلق بنية البنك في خفض أسعار الفائدة تدريجياً».

وأكد حاكم بنك إنجلترا، أندرو بيلي، أن الموازنة التي أُعلنت في 30 أكتوبر (تشرين الأول)، التي رفعت الضرائب على أصحاب العمل، تمثل زيادة في تكلفة العمالة. وأضاف أن تأثير هذه الزيادة على الأسعار الاستهلاكية لا يزال غير واضح، إذ يبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كانت الشركات ستلجأ إلى تسريح العمال، ورفع الأسعار، أم تقليص الأرباح، وفق «رويترز».

وكان بنك إنجلترا قد خفض سعر الفائدة الأساسي إلى 4.75 في المائة من 5 في المائة خلال وقت سابق من الشهر الحالي، بينما رفع توقعاته بشأن التضخم بشكل ملحوظ نتيجة لتدابير الموازنة. وأوضح البنك في حينه أنه سيواصل إجراء التخفيضات بشكل تدريجي.

وقال بيلي في تقرير قبيل ظهوره أمام لجنة الخزانة في البرلمان: «النهج التدريجي في إزالة قيود السياسة النقدية سيساعدنا في مراقبة كيفية تأثير هذه التغيرات، جنباً إلى جنب مع المخاطر الأخرى المتعلقة بتوقعات التضخم».

من جانبها، أعربت نائبة الحاكم للسياسة النقدية، كلير لومباردلي، التي تُعد من المعتدلين في اللجنة، عن قلقها الأكبر بشأن المخاطر التصاعدية على ضغوط الأسعار مقارنة بالمخاطر التنازلية، مشيرة إلى أن استمرار التضخم في الارتفاع قد يُكلف الاقتصاد الكثير.

النهج التدريجي

ويتوقع الاقتصاديون الذين استطلعت «رويترز» آراءهم أن يتجاوز التضخم هدف بنك إنجلترا البالغ 2 في المائة عندما تُنشر بيانات أكتوبر يوم الأربعاء، وأنه سيستمر في الارتفاع خلال الأشهر المقبلة.

من جهتها، قالت العضوة الوحيدة في لجنة السياسة النقدية التي صوتت لترك أسعار الفائدة دون تغيير هذا الشهر، كاثرين مان، إن الزيادات الضريبية على أصحاب العمل قد توفر للشركات فرصة لتمرير زيادات في الأسعار، مما قد يقوّض جهود بنك إنجلترا في إعادة التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المائة في السنوات المقبلة.

أما آلان تايلور، أحدث عضو في لجنة السياسة النقدية، فقد أكد أن النهج التدريجي في خفض تكاليف الاقتراض يتماشى مع تسعير الأسواق الذي يتوقع نحو أربعة تخفيضات بمقدار ربع نقطة حتى نهاية 2025.

وأضاف: «لكن هذا لا يعني بالضرورة أن هذا هو السيناريو الذي سيحدث. إذا كانت الظروف أضعف، وفي رأيي الشخصي إذا كانت المخاطر مائلة إلى الجانب السلبي الآن مقارنة بالمخاطر التصاعدية قبل عام، فقد نسرع في ذلك».

وكانت الأسواق قد توقعت في البداية نحو أربعة تخفيضات لأسعار الفائدة من بنك إنجلترا حتى نهاية 2025 قبل أن تعلن الحكومة عن موازنتها الكبيرة في 30 أكتوبر. ولكن هذه التوقعات تراجعت الآن إلى ما بين تخفيضين أو ثلاثة منذ إعلان الموازنة وانتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.

وقالت كاثرين: «اللجنة تستخدم مصطلح (التدريجي)، لكنني لا أفعل».

استشارة بشأن قواعد الأسواق المالية

على صعيد آخر، أعلن بنك إنجلترا، الثلاثاء، عن إطلاق استشارة حول القواعد المقترحة للبورصات، ومشغلي أنظمة الدفع، وبنية الأسواق المالية الأخرى بعد البريكست، وذلك في إطار سعيه لتعزيز الشفافية.

وأوضح بنك إنجلترا أن هذه الاستشارة بشأن قواعده الأساسية الجديدة تمثل أول استخدام فعلي لصلاحياته الجديدة في وضع تنظيمات قانونية ملزمة للوسطاء المركزيين وودائع الأوراق المالية المركزية في المملكة المتحدة، وفق «رويترز».

وتسري القواعد الجديدة، التي أصبحت المملكة المتحدة قادرة على تحديدها بشكل مستقل بعد مغادرتها الاتحاد الأوروبي، على أنظمة الدفع التي ينظمها بنك إنجلترا إضافة لمقدمي الخدمات المحددين.

وقالت نائبة محافظ بنك إنجلترا للاستقرار المالي، سارة بريدن، في بيان: «بالاستفادة من الأسس القوية التي بنيت عليها منظومتنا بالفعل، نغتنم هذه الفرصة لتوضيح توقعاتنا من الشركات التي نقوم بالإشراف عليها».

وأضافت أنه «إلى جانب تحديث نهجنا في الإشراف، فإن هذا يمثل خطوة مهمة نحو تطوير نظام تنظيمي مرن وفعّال واستشرافي، مع توقع مزيد من التحديثات قريباً».

وأفاد بنك إنجلترا بأن فترة الاستشارة ستستمر حتى 19 فبراير (شباط).


مقالات ذات صلة

«المركزي الروسي» يدرس خفض الفائدة في 2025 بشرط استقرار الاقتصاد

الاقتصاد مشاة يسيرون أمام مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

«المركزي الروسي» يدرس خفض الفائدة في 2025 بشرط استقرار الاقتصاد

قالت محافظة البنك المركزي الروسي، إلفيرا نابيولينا، إن البنك قد يبدأ في خفض سعر الفائدة الرئيس، الذي يبلغ حالياً 21 في المائة، في العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد متسوقة في إحدى الأسواق التركية (إكس)

تحركات تركية إضافية لكبح التضخم

أعلن وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك أن الحكومة ستتخذ إجراءات إضافية ضرورية لمعالجة التضخم المرتفع، متوقعاً تراجع التضخم إلى خانة الآحاد في عام 2026.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد أدريانا كوغلر (أ.ب)

مسؤولة كبيرة في «الفيدرالي» تدافع عن استقلالية «المركزي» عقب فوز ترمب

قدّمت مسؤولة في بنك الاحتياطي الفيدرالي دفاعاً مطولاً عن الاستقلال السياسي للبنك المركزي يوم الخميس، بعد أيام فقط من إعادة انتخاب الرئيس السابق دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مقر البنك المركزي عند غروب الشمس في برازيليا (رويترز)

المركزي البرازيلي يحذر... رفع الفائدة قد يستمر إذا تفاقمت توقعات التضخم

قال البنك المركزي البرازيلي يوم الثلاثاء إن أي تدهور إضافي في توقعات التضخم قد يطيل دورة التشديد النقدي، مع استمرار الإجراءات التي يتخذها البنك المركزي.

«الشرق الأوسط» (برازيليا )
الاقتصاد صورة عامة لمبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

كبير اقتصاديِّي «بنك إنجلترا»: ضغوط التضخم تظل مرتفعة وتعرقل تحقيق هدف 2 %

قال كبير اقتصاديي بنك إنجلترا هوو بيل إن بيانات سوق العمل التي تم نشرها صباح الثلاثاء أظهرت أن ضغوط التضخم في بريطانيا لا تزال مرتفعة بشكل كبير.

«الشرق الأوسط» (لندن )

الأسواق العالمية تترنّح تحت وطأة تهديدات بوتين النووية

صواريخ يارس الباليستية العابرة للقارات الروسية في ساحة الحمام بموسكو خلال عرض عسكري (رويترز)
صواريخ يارس الباليستية العابرة للقارات الروسية في ساحة الحمام بموسكو خلال عرض عسكري (رويترز)
TT

الأسواق العالمية تترنّح تحت وطأة تهديدات بوتين النووية

صواريخ يارس الباليستية العابرة للقارات الروسية في ساحة الحمام بموسكو خلال عرض عسكري (رويترز)
صواريخ يارس الباليستية العابرة للقارات الروسية في ساحة الحمام بموسكو خلال عرض عسكري (رويترز)

أثارت تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن تعديل العقيدة النووية لبلاده، ردود فعل فورية في الأسواق المالية العالمية، حيث سارع المستثمرون إلى التحوط باللجوء إلى الأصول الآمنة. هذه الخطوة، التي وسّعت الظروف التي يمكن أن تبرر استخدام روسيا لأسلحتها النووية، أشعلت المخاوف من تصعيد عسكري خطير، ما دفع الأسواق إلى حالة من التقلب الحاد.

وفي هذا السياق، شهدت الأسهم العالمية تراجعاً حاداً، بينما ارتفعت أسعار الذهب والين الياباني، مع تزايد مخاوف المستثمرين بشأن الاستقرار الجيوسياسي، في مشهد يؤكد هشاشة الأسواق أمام التهديدات الاستراتيجية الكبرى.

وأوضح المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أن «الاتحاد الروسي يحتفظ بالحق في استخدام الأسلحة النووية حال تعرضه لهجوم باستخدام الأسلحة التقليدية ضد روسيا أو جمهورية بيلاروسيا، ما يشكل تهديداً خطيراً للسيادة أو السلامة الإقليمية». كما أشار إلى أن الهجوم على روسيا من أي دولة غير نووية، بمشاركة أو دعم من دولة نووية، سيُعتبر هجوماً مشتركاً، وفقاً لتقرير من قناة «إن بي سي نيوز».

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

ارتفاع الأصول الآمنة

وشهدت الأسهم العالمية تراجعاً حاداً، مع هروب المستثمرين إلى الأصول الآمنة، استجابة لتصاعد التوترات بين روسيا والولايات المتحدة بسبب الحرب في أوكرانيا. وقد انعكس هذا التوتر على الأسواق المالية، حيث تراجعت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية بشكل ملحوظ، وسط تنامي المخاوف من تصعيد محتمل للصراع.

ولجأ المستثمرون إلى التحوط بالاستثمار في أصول آمنة مثل الذهب والين الياباني، وقفز مؤشر تقلبات بورصة شيكاغو للأوراق المالية، المعروف باسم «مؤشر الخوف»، إلى 17.88، وهو أعلى مستوى له منذ انتخابات الولايات المتحدة في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، قبل أن ينخفض قليلاً إلى 16.61.

وتراجعت العقود الآجلة المرتبطة بمؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 327 نقطة، أو بنسبة 0.7 في المائة هذا العام، وانخفضت عقود «ستاندرد آند بورز 500» بمقدار 31.5 نقطة، أو بنسبة 0.53 في المائة هذا العام، فيما تراجعت عقود «ناسداك 100» بمقدار 111.5 نقطة، أو بنسبة 0.54 في المائة هذا العام.

وفي أوروبا، تراجع مؤشر الأسهم الرئيسي إلى أدنى مستوى له خلال ثلاثة أشهر. وخسر مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي مكاسبه المبكرة، لينخفض بنسبة 0.9 في المائة هذا العام، مسجلاً ثالث يوم من الخسائر، مع ارتفاع الأصول الآمنة مثل الذهب والدولار الأميركي.

مخطط لمؤشر الأسهم الألماني «داكس» في بورصة فرانكفورت (رويترز)

المعادن والعملات تحت الضغط

وأدى احتمال التصعيد النووي إلى دفع المستثمرين نحو الأسواق الآمنة، ما أسهم في ارتفاع أسعار الذهب بنسبة 1 في المائة. في المقابل، تراجعت أسعار النحاس لثلاثة أشهر في بورصة المعادن بلندن بنسبة 0.3 في المائة هذا العام إلى 9042 دولاراً للطن المتري في التداول الرسمي.

وظلت أسعار الألمنيوم مستقرة عند 2607 دولارات، بينما انخفض الرصاص بنسبة 0.4 في المائة هذا العام ليصل إلى 1983 دولاراً، نتيجة تدفق كبير للمعادن إلى مخازن البورصة في سنغافورة لليوم الثاني على التوالي. كما تراجع الزنك بنسبة 0.1 في المائة هذا العام إلى 2947.5 دولار، فيما انخفضت أسعار القصدير بنسبة 0.4 في المائة هذا العام إلى 28900 دولار، وارتفع النيكل بنسبة 1.2 في المائة هذا العام إلى 15915 دولاراً.

وفي أسواق العملات، ارتفع الين الياباني بنسبة 0.7 في المائة هذا العام مقابل الدولار الأميركي و0.36 في المائة هذا العام مقابل اليورو. كما أضاف الفرنك السويسري 0.3 في المائة هذا العام مقابل اليورو.

وفي هذا السياق، قال رئيس استراتيجية الفوركس العالمية في «بنك أوف أميركا»، أثاناسيوس فامفاكيديس: «كانت هذه خطوة تقليدية للتحوط من المخاطر في أسواق العملات بعد هذا الإعلان»، مشيراً إلى رد الفعل على بيان الكرملين. وأضاف: «الأسواق كانت غافلة عن المخاطر الجيوسياسية، حيث ركزت على قضايا أخرى. لكن الاتجاه العام نحو المخاطرة في السوق أصبح أكثر تمدداً بعد الانتخابات الأميركية».

جندي أوكراني يطلق قذيفة من مدفع هاوتزر ذاتي الحركة في منطقة دونيتسك (رويترز)

النفط

في المقابل، انخفضت العقود الآجلة للنفط الخام بشكل طفيف، بعد ارتفاعها بنحو 3 في المائة في الجلسة السابقة وسط مخاوف من تصاعد الحرب بين أوكرانيا وروسيا.

وبلغت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط عن ديسمبر (كانون الأول) 68.79 دولار للبرميل، بانخفاض 37 سنتاً، أو 0.53 في المائة منذ بداية العام. في حين انخفضت العقود الآجلة لبرنت عن يناير (كانون الثاني) إلى 73.02 دولار للبرميل، بتراجع 28 سنتاً، أو 0.38 في المائة منذ بداية العام.