مؤتمر «كوب 29» يبني على بيان مجموعة العشرين للمضي في المفاوضات

وزير المناخ والبيئة النرويجي توري ساندفيك يلقي بياناً خلال مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP29) في باكو 19 نوفمبر 2024 (رويترز)
وزير المناخ والبيئة النرويجي توري ساندفيك يلقي بياناً خلال مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP29) في باكو 19 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

مؤتمر «كوب 29» يبني على بيان مجموعة العشرين للمضي في المفاوضات

وزير المناخ والبيئة النرويجي توري ساندفيك يلقي بياناً خلال مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP29) في باكو 19 نوفمبر 2024 (رويترز)
وزير المناخ والبيئة النرويجي توري ساندفيك يلقي بياناً خلال مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP29) في باكو 19 نوفمبر 2024 (رويترز)

رحّب المشاركون في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 29) بالمؤشّرات الإيجابية الصادرة عن بيان مجموعة العشرين الملتئمة في ريو دي جانيرو، بشأن تمويل الحلول المناخية للبلدان النامية، لكنهم شدّدوا على أن الشقّ الأصعب من المهمّة ينبغي إنجازه في باكو عاصمة أذربيجان، التي تعقد فيها فعاليات مؤتمر المناخ.

ولم يتطرّق بيان ريو دي جانيرو إلى مسألة تقليل الاعتماد التدريجي على مصادر الطاقة الأحفورية التي تمّ الاتفاق عليها خلال مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين للمناخ في دبي، ما أثار استياء في أوساط المنظمات غير الحكومية.

«خطوة جيّدة»

ولم يتوصّل قادة مجموعة العشرين إلى أيّ اختراق، لكنهم أعربوا، على ما يبدو، عن النيّة إلى التوصّل إلى اتفاق في باكو في ختام «كوب 29»، الجمعة، مع التحفّظ عن الدخول في تفاصيل المناقشات.

وقال سيمن ستيل، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة حول تغيّر المناخ (الثلاثاء)، إن «وفود مجموعة العشرين لها نظامها الخاص هنا في باكو؛ حيث نحن بأشدّ الحاجة إلى أن تتوقّف البلدان عن التشبّث بمواقفها، وتتّجه سريعاً نحو أرضية مشتركة للتفاهم».

وقد دعا القادة في تصريحاتهم إلى «زيادة الموارد التمويلية والاستثمارات العامة والخاصة لصالح المناخ في البلدان النامية». وتطرّقت فقرات عدة من البيان إلى الحاجة إلى تعزيز الاستثمارات الخاصة والمتعددة الأطراف باتّجاه البلدان قيد النمو.

وجاء في بيان المجموعة: «نقرّ بالحاجة إلى تعزيز الاستثمارات وزيادتها من كلّ المصادر والقنوات المالية؛ لسدّ الثغرة التمويلية فيما يخصّ الانتقال في مجال الطاقة في العالم، لا سيّما في البلدان النامية».

وأثار البيان أيضاً فكرة فرض ضريبة على كبار الأغنياء على نحو مبدئي. وهي فكرة أشادت بها منظمات غير حكومية عدة، متلمّسة فيها بصمة الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.

وفي تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» من باكو، أشاد رئيس فريق المفاوضات الذي يمثّل أغلبية البلدان النامية، المعروفة باسم «مجموعة السبع والسبعين + الصين»، الدبلوماسي الأوغندي أدونيا أييباري، بإقرار مجموعة العشرين «بالحاجة إلى زيادة التمويل في مجال المناخ» لرفعه من «مليارات إلى آلاف المليارات المتأتية من المصادر كافة»، وفق الصياغة المستخدمة في بيان ريو دي جانيرو.

وقدّر عالما اقتصاد معروفان مفوّضان من الأمم المتحدة المساعدة المناخية الخارجية للبلدان النامية بتريليون دولار في السنة.

غير أن الدبلوماسي الأوغندي أعرب عن الأسف على أن البيان لم يحدّد الجهات الواجب عليها تقديم التمويل، مع الاكتفاء باستخدام عبارة «من المصادر كافة» بدلاً من استعراض جهات التمويل العام بوضوح، وهي إحدى المسائل الخلافية في باكو.

وقال أدونيا أييباري: «طلبنا بوضوح أن يأتي ذلك من مصادر عامة على شكل قروض بأسعار فائدة تفضيلية أو مساعدات»، مشيراً إلى أن البيان يبقى رغم من ذلك «خطوة جيّدة» للتوصّل إلى اتفاق بحلول نهاية المؤتمر، الجمعة.

ولفت محمّد أدوو من مجموعة «باوورشيفت أفريكا» البحثية، بالقول: «كنّا بحاجة إلى مؤشّر قويّ من مجموعة العشرين وحصلنا عليه على الصعيد المالي».

غير أن آخرين هم أكثر حذراً فيما يتعلّق بالأثر الفعلي على مؤتمر «كوب 29» إذ إن بيان مجموعة العشرين لم يتطرّق إلى صلب المناقشات الجارية في باكو، القائمة على القيمة الإجمالية للمبلغ ومساهمة بلدان مثل الصين.

وكشف مفاوض أوروبي رفيع المستوى، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية» بدأ عمله يوم الثلاثاء، مثل كلّ المشاركين في «كوب 29»، عن أنه بتفحّص بيان مجموعة العشرين الممتدّ على 22 صفحة: «كنّا ننتظر زخماً كبيراً، ولعلّ توقّعاتنا كانت جدّ مرتفعة».

وقالت فريديريكي رودر من منظمة «غلوبال سيتيزن» غير الحكومية، إن مجموعة العشرين «أعادت رمي الكرة في مرمى الكوب»، مقرّةً بأن «البرازيل أدّت دورها على أكمل وجه لكن مجموعة العشرين لم تحذُ حذوها».

وصرّحت ريبيكا تيسن من الشبكة الواسعة للمنظمات غير الحكومية «كلايمت أكشن نتوورك» بأن «قادة مجموعة العشرين لم يرسلوا الإشارات السياسية اللازمة من ريو إلى باكو».

واكتفت المجموعة بالقول بشأن المفاوضات الجارية في باكو: «نتوقّع النجاح للهدف الكمّي الجماعي الجديد في باكو».


مقالات ذات صلة

قمة الـ20 تعطي معالجة الفقر والمناخ زخماً... لكنها منقسمة حول حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا وترمب

أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا في اليوم الأخير من القمة (إ.ب.أ)

قمة الـ20 تعطي معالجة الفقر والمناخ زخماً... لكنها منقسمة حول حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا وترمب

نجحت البرازيل بصفتها الدولة المضيفة في إدراج أولويات رئيسية من رئاستها في الوثيقة النهائية لقمة العشرين بما في ذلك مكافحة الجوع وتغير المناخ.

خاص قام أفراد المجتمع بزراعة أكثر من مليون شجيرة في متنزه ثادق السعودي لإصلاح الأراضي المتدهورة ومعالجة التصحر (برنامج الأمم المتحدة للبيئة)

خاص ثياو قبل «كوب 16»: العالم يحتاج 355 مليار دولار سنوياً لمكافحة التصحر

مع اقتراب انعقاد «كوب 16» يترقّب العالم خطوات حاسمة في معالجة أكبر التحديات البيئية التي تواجه كوكب الأرض.

آيات نور (الرياض)
أميركا اللاتينية الجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب) play-circle 01:31

«مجموعة العشرين» تعقد قمتها وسط أوضاع عالمية غير مستقرة

تنطلق «قمة العشرين» في البرازيل وسط صعوبات التوصل إلى تسوية حول المناخ والحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط وفي ظل ترقب عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أميركا اللاتينية جانب من التحضيرات للجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب) play-circle 01:31

«مجموعة العشرين» تعقد قمتها وسط أوضاع عالمية غير مستقرة

تنطلق «قمة العشرين» في البرازيل وسط صعوبات التوصل إلى تسوية حول المناخ والحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط، وفي ظل ترقب عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
الاقتصاد عمال بحقل للشاي في ناندي هيلز غرب نيروبي عاصمة كينيا (رويترز)

أميركا والإمارات: تمويل مهمة الابتكار الزراعي للمناخ يتجاوز 29 مليار دولار

أعلنت الولايات المتحدة والإمارات خلال «كوب 29» في باكو، أن تمويل مهمة الابتكار الزراعي للمناخ التي تقودها الدولتان وصل إلى 29.2 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (باكو)

الأسواق العالمية تترنّح تحت وطأة تهديدات بوتين النووية

صواريخ يارس الباليستية العابرة للقارات الروسية في ساحة الحمام بموسكو خلال عرض عسكري (رويترز)
صواريخ يارس الباليستية العابرة للقارات الروسية في ساحة الحمام بموسكو خلال عرض عسكري (رويترز)
TT

الأسواق العالمية تترنّح تحت وطأة تهديدات بوتين النووية

صواريخ يارس الباليستية العابرة للقارات الروسية في ساحة الحمام بموسكو خلال عرض عسكري (رويترز)
صواريخ يارس الباليستية العابرة للقارات الروسية في ساحة الحمام بموسكو خلال عرض عسكري (رويترز)

أثارت تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن تعديل العقيدة النووية لبلاده، ردود فعل فورية في الأسواق المالية العالمية، حيث سارع المستثمرون إلى التحوط باللجوء إلى الأصول الآمنة. هذه الخطوة، التي وسّعت الظروف التي يمكن أن تبرر استخدام روسيا لأسلحتها النووية، أشعلت المخاوف من تصعيد عسكري خطير، ما دفع الأسواق إلى حالة من التقلب الحاد.

وفي هذا السياق، شهدت الأسهم العالمية تراجعاً حاداً، بينما ارتفعت أسعار الذهب والين الياباني، مع تزايد مخاوف المستثمرين بشأن الاستقرار الجيوسياسي، في مشهد يؤكد هشاشة الأسواق أمام التهديدات الاستراتيجية الكبرى.

وأوضح المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أن «الاتحاد الروسي يحتفظ بالحق في استخدام الأسلحة النووية حال تعرضه لهجوم باستخدام الأسلحة التقليدية ضد روسيا أو جمهورية بيلاروسيا، ما يشكل تهديداً خطيراً للسيادة أو السلامة الإقليمية». كما أشار إلى أن الهجوم على روسيا من أي دولة غير نووية، بمشاركة أو دعم من دولة نووية، سيُعتبر هجوماً مشتركاً، وفقاً لتقرير من قناة «إن بي سي نيوز».

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

ارتفاع الأصول الآمنة

وشهدت الأسهم العالمية تراجعاً حاداً، مع هروب المستثمرين إلى الأصول الآمنة، استجابة لتصاعد التوترات بين روسيا والولايات المتحدة بسبب الحرب في أوكرانيا. وقد انعكس هذا التوتر على الأسواق المالية، حيث تراجعت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية بشكل ملحوظ، وسط تنامي المخاوف من تصعيد محتمل للصراع.

ولجأ المستثمرون إلى التحوط بالاستثمار في أصول آمنة مثل الذهب والين الياباني، وقفز مؤشر تقلبات بورصة شيكاغو للأوراق المالية، المعروف باسم «مؤشر الخوف»، إلى 17.88، وهو أعلى مستوى له منذ انتخابات الولايات المتحدة في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، قبل أن ينخفض قليلاً إلى 16.61.

وتراجعت العقود الآجلة المرتبطة بمؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 327 نقطة، أو بنسبة 0.7 في المائة هذا العام، وانخفضت عقود «ستاندرد آند بورز 500» بمقدار 31.5 نقطة، أو بنسبة 0.53 في المائة هذا العام، فيما تراجعت عقود «ناسداك 100» بمقدار 111.5 نقطة، أو بنسبة 0.54 في المائة هذا العام.

وفي أوروبا، تراجع مؤشر الأسهم الرئيسي إلى أدنى مستوى له خلال ثلاثة أشهر. وخسر مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي مكاسبه المبكرة، لينخفض بنسبة 0.9 في المائة هذا العام، مسجلاً ثالث يوم من الخسائر، مع ارتفاع الأصول الآمنة مثل الذهب والدولار الأميركي.

مخطط لمؤشر الأسهم الألماني «داكس» في بورصة فرانكفورت (رويترز)

المعادن والعملات تحت الضغط

وأدى احتمال التصعيد النووي إلى دفع المستثمرين نحو الأسواق الآمنة، ما أسهم في ارتفاع أسعار الذهب بنسبة 1 في المائة. في المقابل، تراجعت أسعار النحاس لثلاثة أشهر في بورصة المعادن بلندن بنسبة 0.3 في المائة هذا العام إلى 9042 دولاراً للطن المتري في التداول الرسمي.

وظلت أسعار الألمنيوم مستقرة عند 2607 دولارات، بينما انخفض الرصاص بنسبة 0.4 في المائة هذا العام ليصل إلى 1983 دولاراً، نتيجة تدفق كبير للمعادن إلى مخازن البورصة في سنغافورة لليوم الثاني على التوالي. كما تراجع الزنك بنسبة 0.1 في المائة هذا العام إلى 2947.5 دولار، فيما انخفضت أسعار القصدير بنسبة 0.4 في المائة هذا العام إلى 28900 دولار، وارتفع النيكل بنسبة 1.2 في المائة هذا العام إلى 15915 دولاراً.

وفي أسواق العملات، ارتفع الين الياباني بنسبة 0.7 في المائة هذا العام مقابل الدولار الأميركي و0.36 في المائة هذا العام مقابل اليورو. كما أضاف الفرنك السويسري 0.3 في المائة هذا العام مقابل اليورو.

وفي هذا السياق، قال رئيس استراتيجية الفوركس العالمية في «بنك أوف أميركا»، أثاناسيوس فامفاكيديس: «كانت هذه خطوة تقليدية للتحوط من المخاطر في أسواق العملات بعد هذا الإعلان»، مشيراً إلى رد الفعل على بيان الكرملين. وأضاف: «الأسواق كانت غافلة عن المخاطر الجيوسياسية، حيث ركزت على قضايا أخرى. لكن الاتجاه العام نحو المخاطرة في السوق أصبح أكثر تمدداً بعد الانتخابات الأميركية».

جندي أوكراني يطلق قذيفة من مدفع هاوتزر ذاتي الحركة في منطقة دونيتسك (رويترز)

النفط

في المقابل، انخفضت العقود الآجلة للنفط الخام بشكل طفيف، بعد ارتفاعها بنحو 3 في المائة في الجلسة السابقة وسط مخاوف من تصاعد الحرب بين أوكرانيا وروسيا.

وبلغت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط عن ديسمبر (كانون الأول) 68.79 دولار للبرميل، بانخفاض 37 سنتاً، أو 0.53 في المائة منذ بداية العام. في حين انخفضت العقود الآجلة لبرنت عن يناير (كانون الثاني) إلى 73.02 دولار للبرميل، بتراجع 28 سنتاً، أو 0.38 في المائة منذ بداية العام.