واشنطن تحذّر من الاستثمارات الصينية على هامش افتتاح ميناء في بيرو

«ظِل ترمب» يخيّم على اجتماعات «آبيك» ولقاء شي وبايدن

رافعات عملاقة في الميناء الجديد المُنشأ بتمويل صيني قرب العاصمة البيروفية ليما (أ.ف.ب)
رافعات عملاقة في الميناء الجديد المُنشأ بتمويل صيني قرب العاصمة البيروفية ليما (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تحذّر من الاستثمارات الصينية على هامش افتتاح ميناء في بيرو

رافعات عملاقة في الميناء الجديد المُنشأ بتمويل صيني قرب العاصمة البيروفية ليما (أ.ف.ب)
رافعات عملاقة في الميناء الجديد المُنشأ بتمويل صيني قرب العاصمة البيروفية ليما (أ.ف.ب)

دعت الولايات المتحدة الخميس بلدان أميركا اللاتينية إلى توخي الحذر من الاستثمارات الصينية، تزامناً مع تدشين الرئيس الصيني شي جينبينغ ميناءً رئيسياً في بيرو.

ويفتتح شي الذي يزور بيرو إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن في إطار قمة «آبيك»، أول ميناء بتمويل صيني في أميركا الجنوبية، وهو مجمّع بكلفة 3.5 مليار دولار في تشانساي شمال ليما مصمم ليكون مركزاً تجارياً إقليمياً.

ومن شأن الميناء أن يسمح لبلدان أميركا الجنوبية بتجاوز المواني في المكسيك والولايات المتحدة لدى التعامل تجارياً مع آسيا.

وقال وكيل وزير الخارجية الأميركية لشؤون أميركا اللاتينية براين نيكولز: «نعتقد أنه من الضروري أن تضمن البلدان في نصف الكرة الأرضية الجنوبي بأن أنشطة الصين تحترم القوانين المحلية وتحافظ على حماية حقوق الإنسان والبيئة».

وفي إشارة إلى العلاقة التاريخية بين الولايات المتحدة وبيرو، قال نيكولز: «سنركّز على بناء هذه العلاقات، وضمان أن البيروفيين يفهمون تعقيدات التعامل مع بعض المستثمرين الآخرين في حين يمضون قدماً في ذلك».

ولفت إلى أن الولايات المتحدة قدمت مؤخراً الدعم لبيرو، بما في ذلك التبرّع بقطارات لمدينة ليما، والتنسيق في مجال الفضاء بقيادة «ناسا»، والتبرع بتسع مروحيات من طراز «بلاك هوك» لمساعدة الشرطة على التعامل مع الجريمة العابرة للحدود.

وقال وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون شرق آسيا، دان كريتنبرينك، إن الولايات المتحدة تأتي بـ«أجندة إيجابية»، ولا تسعى لإجبار البلدان على الاختيار بين القوى المتنافسة. وأفاد الصحافيين: «نريد التأكد من أن البلدان لديها إمكانية الاختيار وبأنها قادرة على القيام بخياراتها بحرية ومن دون إكراه».

وعدَّت الولايات المتحدة على مدى قرنين أميركا اللاتينية ضمن دائرة اهتمامها، لكنها واجهت منافسة متزايدة حول العالم، خصوصاً في الجانب الاقتصادي، من قِبل الصين. ويشير صانعو السياسات في الولايات المتحدة عادة إلى الديون المرتبطة بالمشاريع الصينية واعتماد الصين على عمالها في المشاريع الكبرى.

ويأتي افتتاح الميناء بينما يحضر الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الصيني شي جينبينغ، الجمعة، اليوم الأول من قمة زعماء منطقة آسيا والمحيط الهادي (آبيك)، قبل اجتماع ثنائي في ظل حالة من الغموض الدبلوماسي بعد فوز دونالد ترمب في الانتخابات.

ومن المقرر أن يعقد بايدن وشي محادثات السبت، في حين رجَّح مسؤول في الإدارة الأميركية أنه سيكون الاجتماع الأخير بين زعيمي أكبر اقتصادين في العالم قبل أن يؤدي ترمب اليمين في يناير (كانون الثاني). ومع تبني الرئيس الجمهوري المنتخب نهج مواجهة مع بكين في ولايته الثانية، يحظى هذا الاجتماع الثنائي بمتابعة وثيقة.

تأسست مجموعة «آبيك» في عام 1989 بهدف تحرير التجارة الإقليمية، وهي تجمع 21 اقتصاداً تمثل معاً نحو 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأكثر من 40 في المائة من التجارة العالمية.

كان من المقرر أن يركز برنامج القمة على التجارة والاستثمار للنمو الشامل، كما يُطلق عليه مؤيدوه، لكن عدم اليقين بشأن الخطوات التالية لترمب يخيّم الآن على الأجندة، كما هي الحال بالنسبة لمحادثات المناخ «كوب 29» الجارية في أذربيجان، وقمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو الأسبوع المقبل.

وأعلن ترمب خلال الأسبوع أنه سيعين السيناتور ماركو روبيو المعروف بمواقفه المتشددة حيال الصين وزيراً للخارجية. والخميس، عقد وزراء منتدى «آبيك»، ومن بينهم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اجتماعاً مغلقاً في ليما لتحديد توجهات القمة.

وتحضر القمة أيضاً اليابان، وكوريا الجنوبية، وكندا، وأستراليا وإندونيسيا، من بين دول أخرى، لكن سيغيب عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

تستند أجندة ترمب «أميركا أولاً» إلى اتباع سياسات تجارية حمائية، وزيادة استخراج الوقود الأحفوري وتجنب الصراعات الخارجية، وتهدد بالتالي التحالفات التي بناها بايدن بشأن قضايا تتراوح بين الحرب في أوكرانيا والشرق الأوسط، وتغير المناخ والتجارة العالمية.

وهدَّد الرئيس الجمهوري المنتخب بفرض تعريفات جمركية تصل إلى 60 في المائة على واردات السلع الصينية لتعديل ما يقول إنه خلل في التجارة الثنائية. ومن جانبها، تواجه الصين أزمة إسكان مطولة وتباطؤاً في الاستهلاك، وهو ما سيزداد سوءاً في حال اندلاع حرب تجارية جديدة مع واشنطن... لكن خبراء الاقتصاد يقولون إن فرض رسوم عقابية سيضرّ أيضاً بالاقتصاد الأميركي وباقتصادات دول أخرى.


مقالات ذات صلة

ترمب يدرس تعيين لاري كودلو مذيع «فوكس بيزنس» في منصب اقتصادي كبير

الولايات المتحدة​ لاري كودلو المدير السابق للمجلس الاقتصادي الوطني للولايات المتحدة يتحدث خلال ندوة في واشنطن 26 يوليو 2022 (رويترز)

ترمب يدرس تعيين لاري كودلو مذيع «فوكس بيزنس» في منصب اقتصادي كبير

يدرس الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، تعيين لاري كودلو، المذيع في شبكة «فوكس بيزنس»، بأحد المناصب الكبيرة التي تدير السياسات الاقتصادية في إدارته المقبلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد زوار يتجهون إلى مدخل قاعة المؤتمرات التي تحتضن اجتماعات «كوب 29» في باكو (د.ب.أ)

«كوب 29» يشهد دعوات للإصلاح والتحول من «التفاوض» إلى «التنفيذ»

قال مجموعة من الزعماء السابقين وخبراء المناخ إن محادثات المناخ السنوية للأمم المتحدة لم تعد تفي بالغرض الذي تجرى من أجله وتحتاج إلى إصلاح.

«الشرق الأوسط» (باكو (أذربيجان))
الاقتصاد العلم البريطاني يرفرف أمام ساعة «بيغ بن» أعلى مبنى البرلمان في وسط لندن (رويترز)

مخاوف التضخم في بريطانيا تزداد بعد الموازنة الجديدة وفوز ترمب

بلغ التضخم في بريطانيا ذروته عند أكثر من 11 في المائة قبل عامين إثر اندلاع الحرب في أوكرانيا، وهو أعلى مستوى بين الدول الكبرى الغنية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد حقل نفطي وسط منطقة سكنية في ولاية كاليفورنيا الأميركية (رويترز)

ضبابية أسعار الفائدة وطلب الصين يضغطان أسواق النفط

انخفضت أسعار النفط، الجمعة، مع عكوف المستثمرين على تقييم مؤشرات على أن الطلب في الصين لا يزال ضعيفاً في ظل التعافي الاقتصادي المضطرب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أبراج سكنية في مشروع تحت الإنشاء بمدينة نانجينغ شرق الصين (أ.ف.ب)

بيانات الصين تظهر صعوبة التعافي و«تهديد ترمب» يلوح في الأفق

أظهرت البيانات المتباينة الصادرة من الصين صعوبة التعافي الاقتصادي، خصوصاً مع الاستعداد لعودة ترمب إلى البيت الأبيض

«الشرق الأوسط» (بكين)

مخاوف التضخم في بريطانيا تزداد بعد الموازنة الجديدة وفوز ترمب

العلم البريطاني يرفرف أمام ساعة «بيغ بن» أعلى مبنى البرلمان في وسط لندن (رويترز)
العلم البريطاني يرفرف أمام ساعة «بيغ بن» أعلى مبنى البرلمان في وسط لندن (رويترز)
TT

مخاوف التضخم في بريطانيا تزداد بعد الموازنة الجديدة وفوز ترمب

العلم البريطاني يرفرف أمام ساعة «بيغ بن» أعلى مبنى البرلمان في وسط لندن (رويترز)
العلم البريطاني يرفرف أمام ساعة «بيغ بن» أعلى مبنى البرلمان في وسط لندن (رويترز)

في الوقت الذي كانت فيه بريطانيا على وشك تجاوز أزمة التضخم، جاء الإعلان عن زيادة الإنفاق الحكومي الكبير من قبل الحكومة الجديدة، متزامناً مع مخاطر اندلاع حرب تجارية عالمية نتيجة خطط التعريفات الجمركية التي طرحها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مما يهدد بتمديد أمد هذه الأزمة.

وبلغ التضخم في بريطانيا ذروته عند أكثر من 11 في المائة قبل عامين إثر اندلاع الحرب في أوكرانيا، وهو أعلى مستوى بين الدول الكبرى الغنية. لكن تراجع التضخم استغرق وقتاً أطول مقارنة بدول أخرى، ويرجع ذلك جزئياً إلى نقص العمالة الناتج عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وفق «رويترز».

ورغم استبعاد عودة التضخم إلى مستويات تتجاوز الـ 10 في المائة، فإن بنك إنجلترا رفع توقعاته للتضخم للأعوام الثلاثة المقبلة بعد إعلان موازنة 30 أكتوبر (تشرين الأول) التي تضمنت زيادة الضرائب على أصحاب العمل، مما ينذر بارتفاع الأسعار والأجور.

وألقى فوز ترمب بظلاله على المشهد الاقتصادي، حيث دفع المستثمرين إلى خفض توقعاتهم بشأن تخفيضات أسعار الفائدة من بنك إنجلترا خلال العام المقبل، ما يضع تحدياً جديداً أمام تعهد رئيس الوزراء كير ستارمر بجعل بريطانيا الاقتصاد الأسرع نمواً بين دول مجموعة السبع.

أثر الموازنة على التضخم

وقالت شركة الاستشارات «بانثيون ماكرو إيكونوميكس» للعملاء في مذكرة يوم الخميس: «نعتقد أن موازنة المملكة المتحدة وانتخاب ترمب سيعززان التضخم ومعدلات الفائدة في المملكة المتحدة».

وتسببت الزيادة الكبيرة في الإنفاق العام المدرجة في الموازنة، وتأثيرها المتوقع على النمو الاقتصادي، في تقليص توقعات المستثمرين من أربعة تخفيضات في أسعار الفائدة بحلول نهاية 2025 إلى ثلاثة تخفيضات فقط.

لكن مع إعلان ترمب عن تعيينات متشددة لإدارته، تقلصت هذه التوقعات مرة أخرى إلى تخفيضين فقط بنهاية 2025، مقارنة بخمسة تخفيضات متوقعة من البنك المركزي الأوروبي في منطقة اليورو.

التداعيات العالمية للتعريفات الجمركية

توجد سيناريوهات قد تُخفف من التضخم، مثل تأثر صادرات الصين إلى الولايات المتحدة سلباً بسبب تعريفات ترمب، مما قد يخفض أسعارها في الأسواق الأخرى.

ومع ذلك، إذا طالت التعريفات الجمركية بريطانيا ودول أخرى وردت بالمثل، فإن الضرر الذي قد يلحق بسلاسل التوريد العالمية قد يؤدي إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي وارتفاع التضخم بوتيرة أسرع من المتوقع.

المخاطر التي تواجه البنوك المركزية

قال كبير الاقتصاديين في المملكة المتحدة لدى «بانثيون ماكرو إيكونوميكس»، روب وود: «بنك إنجلترا، كغيره من البنوك المركزية، بالكاد بدأ السيطرة على التضخم ولن يستطيع تجاهل تأثير التعريفات التجارية باعتبارها مجرد صدمة عابرة، خاصة مع استمرار النمو القوي في الأجور».

وأضاف: «لا يمكن للبنك أن يعتبر هذه صدمة مؤقتة. هذا يعني أن تخفيضات أسعار الفائدة ستكون أبطأ من المتوقع».

ويتوقع وود أن يرتفع التضخم في بريطانيا إلى 3 في المائة بحلول الربع الثالث من 2025، متجاوزاً توقعات بنك إنجلترا البالغة 2.8 في المائة.

مستقبل أسعار الفائدة

رغم أن كثيرا من الاقتصاديين يتوقعون أن يخفض بنك إنجلترا أسعار الفائدة بأكثر مما يتوقعه المستثمرون حالياً، فإن أحمد كايا من «المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية» حذر من أن الارتفاع المتوقع في التعريفات الجمركية قد يدفع البنك إلى اتخاذ موقف متشدد.

وانخفض معدل التضخم الرئيسي في بريطانيا إلى ما دون هدف بنك إنجلترا البالغ 2 في المائة لأول مرة منذ 2021 في سبتمبر (أيلول)، حيث بلغ 1.7 في المائة. لكن مسؤولي البنك يؤكدون أن الضغوط الأساسية ما زالت قوية.

وخفض بنك إنجلترا أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية فقط من أعلى مستوياتها خلال 16 عاماً عند 5.25 في المائة، في نهج أكثر حذراً مقارنة بمنطقة اليورو والولايات المتحدة.

أسباب التحديات الاقتصادية

قال كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا، هو بيل، إن تعافي بريطانيا من تداعيات الجائحة وصدمات أسعار الطاقة أبطأ من دول أخرى. وأضاف أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى خسارة العمالة أثناء الجائحة، أبقيا نمو الأجور عند مستويات مرتفعة لا تتماشى مع أهداف البنك.

من جانبها، أكدت عضوة لجنة السياسة النقدية، كاثرين مان، أن «التطورات السياسية عبر الأطلسي» قد تؤثر سلباً على النمو الاقتصادي والتضخم في بريطانيا.

ويُعد كل من بيل ومان من بين أكثر المسؤولين تشدداً في بنك إنجلترا، إلا أن المحافظ أندرو بيلي شدد الأسبوع الماضي على أن أسعار الفائدة من المحتمل أن تنخفض بشكل تدريجي، بعد أن كان قد أشار في أكتوبر إلى إمكانية إجراء تخفيضات أسرع.

وفي خطاب ألقاه يوم الخميس، أبدى بيلي قلقه العميق إزاء تصاعد مخاوف الحمائية.

وقال: «الصورة الاقتصادية الحالية غامضة بفعل تأثير الصدمات الجيوسياسية والتفكك الأوسع في الاقتصاد العالمي. وفي ظل الحاجة الملحة إلى اليقظة تجاه التهديدات التي تمس الأمن الاقتصادي، دعونا لا ننسى أهمية الانفتاح على الأسواق والعلاقات التجارية العالمية».