رئيس «كوب - 29»: نستهدف طموحات مناخية عادلة وتمويلات مستدامة... ونقدّر الجهود السعودية

أكد لـ«الشرق الأوسط» أن التوترات الجيوسياسية تشكل تحدياً وقال إن استراتيجية باكو تشمل الدبلوماسية والحلول

أفراد الأمن يسيرون خارج مكان انعقاد مؤتمر «كوب - 29» (أ.ب)
أفراد الأمن يسيرون خارج مكان انعقاد مؤتمر «كوب - 29» (أ.ب)
TT

رئيس «كوب - 29»: نستهدف طموحات مناخية عادلة وتمويلات مستدامة... ونقدّر الجهود السعودية

أفراد الأمن يسيرون خارج مكان انعقاد مؤتمر «كوب - 29» (أ.ب)
أفراد الأمن يسيرون خارج مكان انعقاد مؤتمر «كوب - 29» (أ.ب)

شدد الرئيس المعين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب - 29) مختار باباييف، على أن المؤتمر لديه رؤية واضحة لتعزيز الطموح وتمكين العمل نحو تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية وعدم ترك أحد خلف الركب، وقال: «نستهدف طموحات مناخية عادلة وتمويلات مستدامة»، معلناً تقديره لجهود السعودية في معالجة القضايا المناخية الحرجة.

وتستضيف أذربيجان الاثنين، مؤتمر «كوب - 29»، الذي يستمر حتى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وذلك لبحث التهديدات المزدادة للتغير المناخي، حيث ستكون أولويته القصوى الاتفاق على هدف جديد لتمويل المناخ.

وعشية الاجتماع، قال باباييف في حديث إلى «الشرق الأوسط»، إن الرؤية تشمل «تعزيز الطموح» عبر قيام الأطراف بتقديم الإسهامات المحددة وطنياً، وخطط التكيف الوطنية، وتقارير الشفافية الصادرة كل سنتين، للإشارة إلى التزامها ولتوجيه كيفية دعم كل منا للآخر.

وأضاف باباييف، الذي يشغل أيضاً منصب وزير البيئة والثروات الطبيعية في أذربيجان: «ينطوي (تمكين العمل) على زيادة التمويل المتعلق بالمناخ من قبل عدة جهات لتحويل الطموح إلى عمل، مع هدف جديد منصف وطموح للتمويل المتعلق بالمناخ، والانتهاء من تفعيل المادة السادسة، وإصلاح بنوك التنمية متعددة الأطراف لمعالجة جهود المناخ بصورة أفضل، وتعبئة القطاع الخاص للاضطلاع بدور في هذا المجال».

وتعدّ المادة السادسة جزءاً أساسياً من اتفاق باريس بشأن تغير المناخ، وتركز على تطور أسواق الكربون، وهي الأماكن التي يمكن فيها للدول والشركات والأفراد تداول ما يُعرف بأرصدة انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي.

ولفت باباييف إلى أنه تم إطلاق برنامج عمل «كوب - 29» أيضاً مع مبادرات لدفع التقدم في مروحة من المسائل خارج عملية التفاوض الرسمية، وقال: «كثير من لبنات بناء استراتيجيتنا يستند إلى التقدم الذي أحرزناه والوعود التي قطعناها سابقاً، من اتفاق باريس إلى التقييم العالمي. ومن خلال العمل الوثيق مع الأطراف، بما في ذلك من السعودية، ومجلس التعاون الخليجي، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نأمل في إحراز تقدم حقيقي هذا العام».

التوترات الجيوسياسية

وعن كيفية التعامل مع التوترات الجيوسياسية الراهنة وعدم اليقين لضمان عدم إعاقة الجهود التعاونية اللازمة لمعالجة تغير المناخ بفاعلية خلال «كوب - 29»، قال باباييف إن «التوترات الجيوسياسية تشكل تحديات قائمة في مواجهة تغير المناخ العالمي».

وأضاف: «لكن مؤتمر (كوب - 29) يُشكل فرصة لتوحيد البلدان حول هدف مشترك: معالجة تغير المناخ. وبصفتنا رئيساً لمؤتمر (كوب - 29)، تتركز استراتيجيتنا على الدبلوماسية، والشمول، والحلول العملية لضمان عدم إعاقة التقدم من قبل السياسة». وشرح أن تغير المناخ يؤثر على جميع البلدان، مما يوفر أرضية مشتركة للتعاون، وقال: «وسوف يتم بناء الثقة من خلال مفاوضات شفافة، في ظل تقارير قوية عن الانبعاثات، وتمويل المناخ، والالتزامات. وسوف تكفل أذربيجان، بصفتها ميسراً محايداً، أن يكون لجميع البلدان - لا سيما البلدان الضعيفة - صوت».

التدابير المحددة

وتطرق باباييف خلال حديثه، إلى التزام رئاسة مؤتمر «كوب - 29» بمنح الأولوية لاحتياجات الدول الجزرية الصغيرة النامية وأقل البلدان نمواً، كونها تتأثر بشكل غير متناسب بتغير المناخ رغم أنها تسهم بأقل قدر من الانبعاثات العالمية، وتستطيع أن تخسر أكثر من غيرها جراء أزمة المناخ. وقال: «خلال مشاورات رئاسة مؤتمر (كوب - 29)، عرضنا رؤيتنا القائمة على ركيزتين متوازيتين لتعزيز الطموح وتمكين العمل، مع اعتبار تمويل المناخ على رأس أولوياتنا. وسيكون الاتفاق على هدف جديد منصف وطموح لتمويل المناخ، أو الهدف الكمي الجماعي الجديد، أمراً حاسماً في معالجة الآثار الخطيرة لتغير المناخ التي تواجهها المجتمعات المحلية على خطوط المواجهة، بما في ذلك الدول الجزرية الصغيرة النامية وأقل البلدان نمواً».

أشخاص يدخلون إلى مكان انعقاد مؤتمر «كوب - 29» (أ.ب)

وتوسع بشرح ذلك، حيث قال: «إدراكاً لآثار تغير المناخ التي لا رجعة فيها على الدول الجزرية الصغيرة النامية وأقل البلدان نمواً، تعمل رئاسة مؤتمر (كوب - 29) على جعل الصندوق المعني بالاستجابة للخسائر والأضرار جاهزاً لتوزيع الأموال، ونعمل على تأمين تعهدات إضافية بالتمويل. مما من شأنه أن يوفر الدعم المالي للبلدان التي تواجه تهديدات مباشرة مثل ارتفاع مستويات سطح البحر، والظواهر الجوية المتطرفة، والنزوح». وأكد أن رئاسة أذربيجان لمؤتمر «كوب - 29»، أعلنت مؤخراً أنها سوف تغطي تكاليف مشاركة الدول الجزرية الصغيرة النامية في مبادرة «كوب - 29»، مع ضمان أن يكون لها صوت بارز في المفاوضات ذات الصلة بالمناخ.

الهدف الكمي

وسلط باباييف الضوء على الهدف الكمي الجماعي الجديد، الذي يعد من المحاور الرئيسية في مؤتمر «كوب - 29»، حيث قال: «تتمثل الأولوية التفاوضية القصوى لرئاسة مؤتمر (كوب - 29) في الاتفاق على هدف جديد منصف وطموح لتمويل المناخ».

وأضاف: «نحن نعلم أن الاحتياجات تقدر بالتريليونات، ولكن هناك وجهات نظر مختلفة بشأن كيفية تحقيق ذلك. وسمعنا أيضاً أن الهدف الواقعي لما يمكن للقطاع العام أن يقدمه ويعبئه بشكل مباشر يبدو أنه يبلغ مئات المليارات. ويجب أن يشمل الهدف الجديد أيضاً عناصر نوعية مفصلة، وقد شهدنا بعض التقدم في ميزات الوصول، وترتيبات الشفافية القوية، والبنية، والإطار الزمني الممتد لعشر سنوات».

وتابع: «يتعين علينا جميعاً المضي قدماً وبذل قصارى جهدنا لإنجاز هذا المعلم التاريخي المهم. وعلى كل منا التمسك بزمام العملية، وأن ينخرط بشكل بناء وبحسن نية في العمل بسرعة. جميع الأطراف بحاجة إلى التصميم والقيادة لجبر الفجوات التي لا تزال تفرق بيننا في هذه المرحلة النهائية الحاسمة».

الوفاء بالوعود والتفويضات السابقة

وعدّ الرئيس المعين لـ«كوب - 29» ضمان الوفاء بالوعود والتفويضات السابقة يشكل أولوية رئيسية لرئاسة مؤتمر «كوب - 29»، وقال: «تعدّ الشفافية أمراً أساسياً للثقة المتبادلة في إطار عملية اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وقد دأبت رئاسة مؤتمر (كوب - 29) على تعزيز الشفافية وتقارير الشفافية الصادرة كل سنتين، وستكون تلك التقارير هذه ضرورية في تتبع التقدم المحرز بشأن الالتزامات وتقييم الثغرات والاحتياجات المالية».

وأوضح: «ستكون أذربيجان مثالاً يُحتذى به، وهي تعمل على تقديم تقارير الشفافية الصادرة كل سنتين الخاصة بها قبل مؤتمر (كوب - 29). ونحث الأطراف الأخرى على تقديم تقاريرها في الوقت المحدد، وننظم منبراً للأطراف لإظهار التزامهم بالشفافية ونشر تقارير الشفافية الصادرة كل سنتين في الوقت المناسب».

صندوق الخسائر والأضرار والتعهدات

وبينما أدرك باباييف دور مؤتمر «كوب - 29» على ضمان تعهدات إضافية وتعزيز تماسك الأموال لدعم المجتمعات الضعيفة بصورة أفضل، قال: «تلتزم رئاسة مؤتمر (كوب - 29) بمعالجة هذه الشواغل بصورة مباشرة. وقد أحرزنا تقدماً ملموساً مؤخراً في باك، ونحن فخورون بالدور الذي اضطلعنا به في هذا التقدم حتى الآن».

شخصان يسيران بالقرب من مدخل مؤتمر «كوب - 29» في باكو بأذربيجان (أ.ب)

وتابع: «خلال الاجتماع الثالث لمجلس الصندوق المعني بالخسائر والأضرار، الذي عُقد في باكو، اتخذنا خطوات مهمة لإرساء الأسس اللازمة للإنفاق المالي بدءاً من عام 2025. وسوف يتم تحويل مئات الملايين التي تم التعهد بها بالفعل إلى دعم عملي لأكثر المجتمعات ضعفاً، وسوف نستخدم مؤتمر (كوب - 29) للدعوة إلى تقديم مساهمات إضافية لزيادة تعزيز تأثير الصندوق بصورة أكبر».

وحول جهود السعودية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قال إن السعودية اضطلعت من خلال قيادتها لمجموعة التفاوض العربية على مدى سنوات كثيرة، بدور حاسم في تمثيل وجهات نظر المنطقة العربية وأولوياتها على الساحة العالمية. وأضاف: «نقدر ونثمن كل المساعي التي يبذلها شركاؤنا في السعودية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معالجة القضايا المناخية الحرجة التي تؤثر علينا جميعاً».

وأضاف: «سُررت، في مارس (آذار) من هذا العام، بلقاء وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان في جدة... ناقشنا خلال الاجتماع فرص التعاون في مجال العمل المناخي وكيفية العمل معاً بأكبر قدر من الفاعلية لتحقيق أهداف ومبادئ اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاق باريس».

وأكد ترحيبه بالجهود والمبادرات التي تبذلها المملكة لمعالجة آثار تغير المناخ، وتشمل استخدام مصادر الطاقة المتجددة، وإدارة الانبعاثات وخفضها وإزالتها من خلال مبادرات مثل «المبادرة الخضراء السعودية» و«مبادرة الشرق الأوسط الخضراء»، وتطبيق نهج الاقتصاد الدائري على الكربون وتقنياته، وغيرها من البرامج الوطنية والإقليمية.


مقالات ذات صلة

غوتيريش يحث من «كوب 29» العالم على سد فجوة تمويل بـ359 مليار دولار

الاقتصاد يشاهد المشاركون عرضاً تقديمياً خلال جلسة عامة في مؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ في «كوب 29».(إ.ب.أ)

غوتيريش يحث من «كوب 29» العالم على سد فجوة تمويل بـ359 مليار دولار

جدَّدت مناقشات اليوم الثاني من فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في العاصمة الأذربيجانية باكو، تطلعات دول العالم إلى التوصل لاتفاقات جادة.

«الشرق الأوسط» (باكو)
أوروبا طفل وسط مخيمات النازحين في وسط غزة (رويترز)

كوارث الطقس دفعت 220 مليون شخص إلى النزوح في العقد الأخير

يُسهم تغير المناخ في دفع عدد قياسي من الناس إلى الفرار من منازلهم حول العالم.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
الاقتصاد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر متحدثاً في «كوب 29» (د.ب.أ)

رئيس الوزراء البريطاني يحدد هدفاً جديداً للمناخ لعام 2035

قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إن بريطانيا ستخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 81 في المائة بحلول عام 2035.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يتحدث في مؤتمر «كوب 29» في باكو (د.ب.أ)

غوتيريش يحذر في «كوب 29»: ادفعوا... أو واجهوا كارثة تهدد البشرية

قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لقادة العالم في قمة «كوب 29» في باكو يوم الثلاثاء، إنهم بحاجة إلى «دفع المال»؛ لمنع الكوارث الإنسانية

«الشرق الأوسط»
الاقتصاد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف يتحدث في حفل افتتاح مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (رويترز) play-circle 01:32

الرئيس الأذربيجاني في «كوب 29»: النفط والغاز «هبة من الله»

أكد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف الذي تستضيف بلاده مؤتمر «كوب 29» للمناخ الثلاثاء أن النفط والغاز والموارد الطبيعية الأخرى هي «هبة من الله».

«الشرق الأوسط» (باكو)

غوتيريش يحث من «كوب 29» العالم على سد فجوة تمويل بـ359 مليار دولار

زعماء العالم يلتقطون صورة جماعية في مؤتمر «كوب 29» (إ.ب.أ)
زعماء العالم يلتقطون صورة جماعية في مؤتمر «كوب 29» (إ.ب.أ)
TT

غوتيريش يحث من «كوب 29» العالم على سد فجوة تمويل بـ359 مليار دولار

زعماء العالم يلتقطون صورة جماعية في مؤتمر «كوب 29» (إ.ب.أ)
زعماء العالم يلتقطون صورة جماعية في مؤتمر «كوب 29» (إ.ب.أ)

بينما حثَّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من باكو حيث يُعقد مؤتمر «كوب 29»، القادة الدوليين على سد فجوة تمويل التكيف، البالغة 359 مليار دولار مع تفاقم الآثار المناخية التي تهدد الاستقرار العالمي والمجتمعات الضعيفة، كان لافتاً الانتقاد اللاذع الذي وجهه إلهام علييف رئيس أذربيجان، البلد المستضيف للمؤتمر، إذ انتقد علييف المنتقدين الغربيين لصناعة النفط والغاز في أذربيجان، واصفاً بلاده بأنها ضحية «حملة مدبرة جيداً من الافتراء والابتزاز».

وقد جددت مناقشات اليوم الثاني من فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في العاصمة الأذربيجانية، باكو، تطلعات دول العالم إلى التوصل لاتفاقات جادة؛ للتخفيف من عواقب التغير المناخي، التي باتت واضحة من خلال الفيضانات، والعواصف، وحرائق الغابات، وموجات الحرارة الشديدة، وسط تحذيرات متزايدة بشأن تفاقم أزمة المناخ العالمية، مع الدعوة لإيجاد أرضية نقاش مشتركة.

وصول الضيوف إلى مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي في استاد باكو (رويترز)

وعلى الرغم من مشاركة قادة وممثلين من نحو 200 دولة، فإن بعض القادة الدوليين قرروا عدم حضور المؤتمر، بمَن في ذلك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، الذي من المقرر أن تتولى بلاده رئاسة مؤتمر الأطراف في عام 2025. وفي الوقت نفسه، ألغى المستشار الألماني أولاف شولتس رحلته إلى باكو؛ بسبب انهيار تحالفه الحاكم الأسبوع الماضي.

وأعلنت أكبر بنوك التنمية المتعددة الأطراف في العالم هدفاً جديداً لجمع تمويلات للمناخ بشكل سنوي للدول النامية، بواقع 120 مليار دولار بحلول نهاية العقد.

احتواء الكارثة المناخية

في كلمته الافتتاحية، وجّه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تحذيراً شديد اللهجة إلى قادة العالم، مؤكداً أن البشرية في سباق مع الزمن لاحتواء الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية.

وعبّر غوتيريش عن قلقه من احتمال تجاوز هذا الهدف خلال العام الحالي، واصفاً عام 2024 بأنه «درس في تدمير المناخ». وأشار إلى أن تلك الكوارث المناخية، التي تضر بشكل خاص الدول الفقيرة، هي «قصة ظلم عالمي»، مطالباً الدول الثرية بالوفاء بتعهداتها.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يلقي كلمته (إ.ب.أ)

وأعرب عن الحاجة الملحة لسد الفجوة المتزايدة في تمويل التكيف مع المناخ، التي قد تصل إلى 359 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030.

رئيس الإمارات يدعو لتعاون دولي مستدام

من جهته، أكد رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، التزام بلاده بتسريع العمل المناخي، وبناء اقتصاد مستدام، مشيراً إلى أن الإمارات، التي استضافت مؤتمر «كوب 28» العام الماضي، قدَّمت «اتفاق الإمارات» بوصفه خريطة طريق لتحقيق انتقال عادل في قطاع الطاقة، موضحاً في الوقت نفسه أن التعاون الدولي البنَّاء يوفر فرصة جديدة للنمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام، عادّاً أن «العمل المناخي ليس عبئاً، بل فرصة للتقدم».

اتهام أذربيجان

وفي خطاب لافت، انتقد رئيس أذربيجان، إلهام علييف، وسائل الإعلام الغربية وبعض المنظمات البيئية التي وصفها بأنها «مزيفة»، متهماً إياها بشنِّ حملة تشويه ضد بلاده. ورد علييف على الاتهامات بأن أذربيجان «دولة نفطية» بتأكيده أن النفط والغاز «هبة من الله»، مؤكداً أن «الأسواق العالمية بحاجة إلى هذه الموارد، تماماً كما تحتاج إلى الذهب والشمس والرياح». جاء هذا التصريح في ظل تصاعد الدعوات للابتعاد عن استخدام الوقود التقليدي.

الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف يتحدث في حفل افتتاح المؤتمر (رويترز)

وقال: «لسوء الحظ، أصبحت المعايير المزدوجة، والعادة في إلقاء المحاضرات على البلدان الأخرى، والنفاق السياسي، نوعاً من أسلوب العمل لبعض السياسيين والمنظمات غير الحكومية التي تسيطر عليها الدولة ووسائل الإعلام المزيفة في بعض الدول الغربية».

واستهدف علييف، بشكل خاص، الدول الأوروبية التي وقَّعت على الفور صفقات لتوسيع مشترياتها من الغاز الأذربيجاني في أعقاب الغزو الروسي الكامل لأوكرانيا، وقال: «لم تكن فكرتنا. لقد كان اقتراحاً من المفوضية الأوروبية».

وأشار إلى اجتماعه مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في يوليو (تموز) 2022، عندما وقّع الاتحاد الأوروبي صفقة مع أذربيجان لمضاعفة إمدادات الغاز من البلاد. وقال: «إنهم كانوا بحاجة إلى غازنا؛ بسبب الوضع الجيوسياسي المتغير، وطلبوا منا المساعدة».

ويعتمد اقتصاد أذربيجان بشكل كبير على إنتاج النفط والغاز. وفي عام 2022، شكّل هذا الإنتاج نحو نصف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد و92.5 في المائة من عائدات التصدير، وفقاً لإدارة التجارة الدولية الأميركية.

وقال علييف: «بصفتنا رئيس مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين، فسنكون بالطبع من المدافعين الأقوياء عن التحول الأخضر، ونحن نفعل ذلك. ولكن في الوقت نفسه، يجب أن نكون واقعيين».

واختتم حديثه بانتقاد جماعات المجتمع المدني التي دعت إلى مقاطعة مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين؛ بسبب الحكومة القمعية في أذربيجان، وبصمة الوقود التقليدي. وقال: «لدي أخبار سيئة لهم. لدينا 72 ألف مشارك من 196 دولة. ومن بينهم 80 رئيساً ونائب رئيس ورئيس وزراء. لذا اجتمع العالم في باكو، ونقول للعالم: مرحباً بكم في أذربيجان».

بريطانيا... وتعهدات مناخية طموحة

من جهته، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إن بريطانيا ستخفِّض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 81 في المائة بحلول عام 2035. إذ تعهدت البلاد بهدف مناخي أكثر طموحاً في قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29).

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يصعد إلى المنصة لإلقاء كلمة خلال مؤتمر «كوب 29» (رويترز)

وقال ستارمر، في مؤتمر صحافي، خلال مؤتمر المناخ في باكو بأذربيجان: «في مؤتمر المناخ هذا، سُررت بإعلان أننا نبني على سمعتنا بوصفنا قائداً مناخياً، مع هدف المملكة المتحدة لعام 2035، «NDC (المساهمات المحددة وطنياً)»؛ لخفض جميع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 81 في المائة على الأقل عن مستويات عام 1990».

وقال ستارمر إن الجمهور البريطاني لن يثقل كاهله بسبب الهدف الجديد، الذي يستبعد انبعاثات الطيران والشحن الدوليَّين. وأضاف: «ما لن نفعله هو أن نبدأ في إخبار الناس بكيفية عيش حياتهم. لن نبدأ في إملاء ما يجب أن يفعلوه على الناس».

ويتماشى الهدف الجديد مع توصية من لجنة من مستشاري المناخ الذين قالوا الشهر الماضي إن الهدف يجب أن يتجاوز الخفض الحالي بنسبة 78 في المائة للانبعاثات، قياساً على مستويات عام 1990.

ازدياد اللاجئين بسبب الكوارث المناخية

وعلى هامش القمة، حذَّرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من ازدياد أعداد اللاجئين المتأثرين بتداعيات المناخ، في ظل تصاعد الصدمات المناخية وتكرارها.

وأشار المفوض الأممي، فيليبو غراندي، إلى أن اللاجئين غالباً ما يفرون إلى دول مجاورة تواجه هي أيضاً تحديات مناخية. وذكر التقرير أن 75 في المائة من اللاجئين الذين نزحوا بحلول نهاية العام الماضي يعيشون في مناطق تتعرض لكوارث مناخية متزايدة.

أزمة المناخ تتجاوز البيئة

من جهته، قال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، سيمون ستيل، إن أزمة المناخ لم تعد مجرد قضية بيئية، بل أصبحت ذات تبعات اقتصادية، إذ ُيقدَّر أن الكوارث المناخية قد تكلف بعض الدول حتى 5 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي.

وأضاف: «مع ازدياد التكاليف على الأسر والشركات نتيجة لتغيرات المناخ، يحذِّر الخبراء من أن ارتفاع التضخم قد يستمر ما لم تتخذ الدول إجراءات مناخية أكثر جرأة».

وتابع ستيل: «إن التأثيرات المناخية المتفاقمة ستؤدي إلى زيادة التضخم ما لم تتمكَّن كل دولة من اتخاذ إجراءات مناخية أكثر جرأة». وقال: «دعونا نتعلم الدروس من الجائحة: عندما عانى المليارات لأننا لم نتخذ إجراءات جماعية بالسرعة الكافية. عندما تضررت سلاسل الإمداد. دعونا لا نرتكب هذا الخطأ مرة أخرى. تمويل العمل المناخي هو تأمين عالمي ضد التضخم».