أصول تحت المنظار في الأمتار الأخيرة لـ«سباق البيت الأبيض»

تمثال «الفتاة الشجاعة» أمام مقرّ بورصة «وول ستريت» في ولاية نيويورك الأميركية (أ.ب)
تمثال «الفتاة الشجاعة» أمام مقرّ بورصة «وول ستريت» في ولاية نيويورك الأميركية (أ.ب)
TT

أصول تحت المنظار في الأمتار الأخيرة لـ«سباق البيت الأبيض»

تمثال «الفتاة الشجاعة» أمام مقرّ بورصة «وول ستريت» في ولاية نيويورك الأميركية (أ.ب)
تمثال «الفتاة الشجاعة» أمام مقرّ بورصة «وول ستريت» في ولاية نيويورك الأميركية (أ.ب)

بينما يتوجّه الأميركيون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس جديد، يحاول المستثمرون قياس كيفية تفاعل أسواق الأسهم مع إشارة استطلاعات الرأي ومنصات المراهنات إلى سباق متقارب بين نائبة الرئيس كامالا هاريس، والرئيس السابق دونالد ترمب.

ووفقاً لاستطلاع رأي أجرته «رويترز - إبسوس»، ونُشر يوم الثلاثاء، تقلّص تقدُّم الديمقراطية هاريس على الجمهوري ترمب إلى نقطة مئوية واحدة في المرحلة النهائية من السباق الرئاسي، ويرى أغلبية المحلّلين البالغ عددهم اثني عشر محلّلاً تحدثت إليهم «رويترز» أن عودة ترمب ستعزّز أسواق الأسهم، مع تفضيل بعضهم حكومةً منقسمة.

واكتسبت أسهم العملات المشفّرة، والشركات ذات القيمة السوقية الصغيرة، مكاسب في الفترة التي سبقت الانتخابات.

وقال تود مورغان، رئيس مجلس إدارة شركة «بل إير إنفستمنت أدفايزورز»، إن تعهّد ترمب بخفض الضرائب على الشركات، وتقليل اللوائح، قد يعزّز الأسواق في الأمد القريب إذا فاز.

ومن ناحية أخرى، وعَد ترمب بمضاعفة التعريفات التجارية، وخصوصاً ضد الصين، و«إلغاء جميع الأموال غير المنفَقة» بموجب قانون المناخ الذي وقّعه الرئيس الحالي جو بايدن ونائبته هاريس، والذي يتضمّن مئات المليارات من الدولارات في شكل إعانات للسيارات الكهربائية والطاقة الشمسية، وغيرها من تقنيات الطاقة النظيفة.

وقد يكون الكونغرس المنقسم هو النتيجة الأفضل؛ لأنه يَحُدّ مما يمكن للرئيس إنجازه وإنفاقه، وفقاً لبريان كليمكي؛ كبير استراتيجيّي السوق في شركة «سيتيرا» لإدارة الاستثمار.

البنوك

وبالنسبة للأصول الأكثر تأثراً، قال محلّلو بنك «أوف أميركا» إن فوز ترمب، أو اكتساح الجمهوريين، قد يرفع بنوك «وول ستريت»، مثل «جي بي مورغان تشيس»، وبنك «أوف أميركا» و«ويلز فارغو»، بسبب تحسّن الاستثمار المحلي، وتخفيف القيود التنظيمية، وإضافة الوظائف المحلية وخفض الضرائب، ومع ذلك، يُنظَر إلى المخاوف بشأن العجز التجاري الأوسع والتعريفات الجمركية على أنها سلبية للقطاع، وتشمل قائمة المستفيدين من عمليات الدمج والاستحواذ: «غولدمان ساكس»، و«مورغان ستانلي»، و«لازارد»، و«إيفركور»، وسط نهج أكثر تساهلاً في إنفاذ لوائح مكافحة الاحتكار.

العملات المشفرة

ومن جانب آخر، قد يفيد نهجٌ تنظيمي «أكثر تقبّلاً» للأصول الرقمية في ظل فوز ترمب قطاعَ وأسهم العملات المشفرة، وفقاً لمحلّلي «تي دي كوين»، الذين سلّطوا الضوء على احتمال تعيين الرئيس السابق رئيساً لهيئة الأوراق المالية والبورصات مؤيِّداً للعملات المشفرة، وارتفعت أسهم الشركات ذات العلاقة بالقطاع بين 3.4 و45 في المائة خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وحده.

الطاقة

أما في قطاع الطاقة، فيعتقد محلّلو «مورغان ستانلي» أن رئاسة ترمب قد تُعطي الأولوية لتقليل العبء التنظيمي على إنتاج النفط والغاز المحلي، مع النظر في إمكانية اتّباع سياسات تجارية أكثر تقييداً.

وقالت دانييلا هاثورن، المحلّلة السوقية البارزة في «كابيتال دوت كوم»: «قد يفيد دعم ترمب لصناعات الوقود الأحفوري أسهمَ النفط والغاز، حيث من المرجّح أن يتبنّى سياسات تفضّل الإنتاج المحلي للطاقة».

وقد يستغلّ ترمب السلطة لزيادة مستويات الإنتاج بسرعة، الأمر الذي من شأنه أن يفيد شركات الاستكشاف، مثل «شيفرون»، و«إكسون موبيل» و«كونوكو فيليبس»، ويمكنه أيضاً اتباع سياسة عكس سياسة إدارة بايدن بالتوقّف عن السماح بمشاريع تصدير الغاز الطبيعي المسال الجديدة، مما قد يفيد «بيكر هيوز» و«تشارت إندستريز» على الأرجح، ومع ذلك فإن التعريفة الجمركية المقترَحة من ترمب بنسبة 60 في المائة على الواردات من الصين قد تضرب مُصدّري الغاز الطبيعي المسال، مثل «شينيير إنيرجي» و«نيو فورتريس إنيرجي» في حالة أي إجراءات انتقامية.

الأسهم المرتبطة بترمب

من المتوقع أن تحقِّق «مجموعة ترمب للإعلام والتكنولوجيا»، التي يمتلك ترمب حصة الأغلبية فيها، وشركة البرمجيات «فونوير»، ومنصة مشاركة الفيديو «رامبل»، مكاسبَ أكبر إذا فاز، وتضاعفت قيمة كل من «فونوير» و«ترمب للإعلام والتكنولوجيا» في أكتوبر بعد الأداء البطيء في الأشهر الأخيرة.

السجون

وقد تستفيد مجموعتا «جيو» و«كورسيفيك» من إعادة انتخاب ترمب، على خلفية وعود بشنّ حملة صارمة على الهجرة غير الشرعية، والقيود المفروضة على الهجرة القانونية، مما قد يعزّز الطلب على مراكز الاحتجاز.

شركات النقل

قال محلّلو «ويلز فارغو» إن التعريفات الجمركية المقترحة على الواردات الصينية بموجب ولاية ترمب قد تضرّ بالطلب على شركات نقل الطرود والشحن، على غرار «فيديكس»، و«يو بي إس»، التي لديها تعرُّض كبير للصين.

الأسهم الصغيرة

يمكن للشركات التي تركّز على الولايات المتحدة أن تستفيد من الحوافز التجارية والتعريفات الجمركية التي تفضّل الإنتاج المحلي، وارتفع مؤشر «راسل 2000» للشركات ذات القيمة السوقية الصغيرة بنحو 9 في المائة حتى الآن عام 2024.

البناء أبرز أنصار هاريس

وعلى الجانب الآخر، فإن هناك قطاعات أخرى قد تستفيد من فوز المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، وعلى رأسها شركات بناء المساكن.

وتعهّدت هاريس ببناء المزيد من المنازل، وخفض التكاليف للمستأجرين ومشتري المساكن إلى حد كبير، من خلال الحوافز الضريبية، إلى جانب بيئة أسعار الفائدة المنخفضة، التي يمكن أن تعزّز وتدعم شركات بناء المساكن.

الرعاية الصحية

كان القطاع محوراً رئيسياً لحملة هاريس، وقد تعهّدت بخفض تكاليف الرعاية الصحية، من خلال تنفيذ قيود على أسعار الأدوية الموصوفة، مثل الحدّ من أسعار الأنسولين إلى 35 دولاراً، وقد يؤثر هذا على هوامش الربح لشركات الأدوية العملاقة مثل «إيلي ليلي» و«ميرك» و«فايزر»، ومع ذلك، يتوقّع أندرو ويلز، كبير مسؤولي المعلومات في «سان جاك ألفا»، أن تستفيد شركات التأمين الصحي مثل «هيومانا» و«يونايتد هيلث غروب» من التغطية الموسّعة تحت رئاسة هاريس.

ضرائب الشركات

خُطط هاريس تشمل رفع ضريبة الشركات والأثرياء، ويمكن أن يساعد معدل ضريبة الشركات عند نسبة 28 في المائة في العجز الأميركي، ووفقاً لتحليل الأسهم كانت «مايكروسوفت» و«آبل» و«ألفابت» الشركات الثلاث التي تحمّلت أعلى ضرائب دخل على مدار الأشهر الـ12 الماضية، التي بلغت مجتمِعةً 67.73 مليار دولار.

الطاقة المتجدّدة

من المتوقع أن تزدهر الطاقة الخضراء تحت قيادة هاريس، مع إمكانية زيادة الحوافز والسياسات الداعمة، بالإضافة إلى اللوائح المفروضة على شركات النفط الكبرى، ووفقاً لهاثورن من «كابيتال دوت كوم»، ستهدف هاريس إلى تقليل التلوث بشكل كبير بحلول عام 2035، بما يتماشى مع «اتفاقية باريس»، وهي اتفاقية المناخ التي تعهّد ترمب بسحبها، ويمكن أن تستفيد أيضاً شركات الطاقة المتجددة الكبرى الأميركية ومنتِجو الهيدروجين.


مقالات ذات صلة

هل الأميركيون مستعدون لأول رئيسة في تاريخهم؟

الولايات المتحدة​ كامالا هاريس في ختام حملتها الانتخابية بفيلادلفيا في بنسلفانيا الثلاثاء (أ.ف.ب)

هل الأميركيون مستعدون لأول رئيسة في تاريخهم؟

يتساءل الكثيرون: هل ستشهد انتخابات هذا العام منعطفاً تاريخياً عبر وصول امرأة إلى البيت الأبيض للمرة الأولى في التاريخ الأميركي؟ وهل أميركا مستعدة فعلاً لامرأة؟

رنا أبتر (واشنطن)
العالم العربي صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

مصر والانتخابات الأميركية… لا مرشح مرجحاً ولا توقعات متفائلة

هيمن كل من الحرب في غزة وملف «سد النهضة» الإثيوبي على تقييمات سياسيين وبرلمانيين مصريين بشأن انعكاس نتيجة انتخابات الرئاسة الأميركية على مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص الفلسطينيون لا يريدون من الرئيس الأميركي الجديد سوى وقف الحرب على غزة (رويترز)

خاص الفلسطينيون لا ينتظرون من هاريس أو ترمب... سوى وقف الحرب

لا يعوّل الفلسطينيون على تغيير كبير في السياسة الأميركية بغض النظر عن الفائز في الانتخابات الرئاسية، لكنهم يمنون النفس بوقف للحرب.

كفاح زبون (رام الله)
الاقتصاد العلم الأميركي يرفرف بينما يغادر أحد الناخبين مركز اقتراع بعد الإدلاء بصوته في ديربورن بولاية ميشيغان (أ.ب)

5 تحديات اقتصادية تنتظر الفائز في الانتخابات الأميركية

من طبيعة الحملات الانتخابية أن يتحول السياسيون بغض النظر عن مواقفهم الأولية إلى الخطاب الشعبوي حيث يقدمون وعوداً كبيرة ويتجنبون التطرق إلى التفاصيل السياسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ بدء الانتخابات المبكرة في ولايات أميركية عدة (أ.ف.ب)

صراع على الأغلبية في الكونغرس تزامناً مع السباق الرئاسي

يدور وراء كواليس انتخابات الرئاسة الأميركية سباق قد يوازيها أهمية: السباق التشريعي لانتزاع الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب.

رنا أبتر (واشنطن)

نقابة عمال «بوينغ» تُنهي إضراباً استمر 7 أسابيع

مجسم لطائرة «بوينغ-737» أمام مجمع تابع للشركة في سياتل بواشنطن (أ.ف.ب)
مجسم لطائرة «بوينغ-737» أمام مجمع تابع للشركة في سياتل بواشنطن (أ.ف.ب)
TT

نقابة عمال «بوينغ» تُنهي إضراباً استمر 7 أسابيع

مجسم لطائرة «بوينغ-737» أمام مجمع تابع للشركة في سياتل بواشنطن (أ.ف.ب)
مجسم لطائرة «بوينغ-737» أمام مجمع تابع للشركة في سياتل بواشنطن (أ.ف.ب)

وافق عمال شركة الطيران الأميركية «بوينغ» على مقترح اتفاق جديد، وأنهوا إضراباً استمرّ أكثر من سبعة أسابيع وكلّف الشركة ومزوديها أكثر من 10 مليارات دولار.

وقالت النقابة الدولية للعاملين في مجال الآلات وصناعة الطيران «IAM»، إنه تمت الموافقة بنسبة 59 في المائة من أصوات منتسبيها على ثالث مقترح طُرح للتصويت، وينصّ على رفع الأجور بمعدل قريب جداً مما طالبوا به، على ما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية» في تقرير لها.

وسيعود تالياً أكثر من 33 ألف عامل من منطقة سياتل في شمال غربي الولايات المتحدة، إلى العمل في مصنعَي تجميع كبيرَين، في حين تحاول «بوينغ» التعافي من عدة انتكاسات مُنيت بها.

رئيس نقابة سياتل جون هولدن بعد إعلان إنهاء الإضراب (أ.ب)

ويتضمّن العقد زيادة في الأجور بنسبة 38 في المائة، ومكافأة عند توقيع عقد العمل مع الشركة قدرها 12 ألف دولار، وأحكاماً بزيادة إسهامات الشركة في خطة للتقاعد معروفة باسم «401 K»، وتغطية بعض تكاليف الرعاية الصحية؛ لكنه لا ينص على إعادة العمل بخطة تقاعد سابقة سعى إليها العمال الأكبر سناً.

ووصف رئيس نقابة سياتل، جون هولدن، الاتفاق بأنه «انتصار للعمال» الذين كانوا عازمين على تحسين الأجور التي لم تتغيّر منذ أكثر من عقد، وكانت نتيجة مفاوضات سابقة أغضبت قسماً كبيراً من العاملين. وقال، خلال مؤتمر صحافي: «سيتوقف الإضراب وينبغي علينا الآن استئناف العمل، وبدء تصنيع طائرات، وإعادة هذه الشركة إلى طريق النجاح المالي».

وأضاف: «أنا فخور بالمنتسبين إلى نقابتنا، لقد حققوا الكثير ونحن جاهزون للمضي قدماً». وأوضح أن العقد «يُميل كفة الميزان إلى صالح الطبقة المتوسطة» بعد تقديم تنازلات في السابق إلى صالح المجموعة، وفق بيان صادر عن النقابة.

ورحّب الرئيس التنفيذي لشركة «بوينغ» كيلي أورتبرغ، بموافقة النقابة. وقال إن الإدارة والعمال يجب أن يعملوا معاً «بصفتهم جزءاً من فريق واحد»، وفق بيان صادر عن الشركة. وأضاف: «لن نمضي للأمام إلا من خلال الاستماع إلى بعضنا والعمل معاً. أمامنا الكثير من العمل في المستقبل للعودة إلى التميّز الذي جعل من (بوينغ) شركة رائدة».

شعار الإضراب عند مدخل إحدى منشآت «بوينغ» في سياتل (رويترز)

ورحّب الرئيس الأميركي جو بايدن بالاتفاق، وهنّأ النقابة على زيادة الأجور والأحكام التي «تحسِّن قدرة العمال على التقاعد بكرامة»، وفق بيان صادر عن البيت الأبيض.

وقال بايدن إن «العقود الجيدة تعود بالنفع على العمال والشركات والمستهلكين، وهي أساسية لنمو الاقتصاد الأميركي من الطبقة الوسطى في جميع الاتجاهات ومن القاعدة إلى الأعلى».

وأدى الإضراب إلى إضعاف التوقعات الضعيفة أساساً لشركة «بوينغ» بعد حادثة يناير (كانون الثاني)، عندما انفصل لوح في الجو عن جسم طائرة من طراز «737 ماكس» تابعة لشركة «ألاسكا إيرلاينز».

لم توقع الحادثة إصابات خطرة، لكنها أغرقت «بوينغ» من جديد في حالة أزمة، بعد حادثين لطائرتي «ماكس» سابقين أوقعا عدداً كبيراً من القتلى، قبل أن تحد هيئات تنظيم السلامة الجوية الأميركية من إنتاجها، إلى أن تعيد الشركة الأمور إلى نصابها.

وفي مارس (آذار) الماضي، أعلنت «بوينغ» تغييرات إدارية شملت خروج الرئيس التنفيذي ديف كالهون الذي حلّ محله كيلي أورتبرغ الرئيس السابق لشركة «روكويل كولينز».

منشأة للشركة في إيفريت بواشنطن (أ.ف.ب)

وحذّر أورتبرغ من أن «تحقيق تحول إيجابي في (بوينغ) سيستغرق وقتاً، نظراً إلى التحديات التي تواجهها الشركة والتي تشمل أيضاً مشكلات كبيرة في إدارة التكاليف في العقود الدفاعية ومهام فضائية تطرح الكثير من المشكلات».

ونفّذ العمال الإضراب بسبب استيائهم من ركود الأجور منذ أكثر من عشر سنوات، وهي مشكلة تفاقمت بسبب ارتفاع التضخم في السنوات الأخيرة وارتفاع تكاليف المعيشة في منطقة سياتل.

كما تجاوز إضراب «بوينغ» نظيره الخاص بعمال السيارات المتحدين في عام 2023 في ديترويت، فكان الأكثر تكلفة في القرن الحادي والعشرين، وفقاً لمجموعة «أندرسون الاقتصادية» التي قدّرت الضرر الاقتصادي الإجمالي بنحو 11.6 مليار دولار.