دخل الاستثمارات والعمليات يدفع البنوك السعودية لتحقيق أعلى أرباح ربعية في تاريخها

وصلت إلى 5.47 مليار دولار في الربع الثالث من 2024 بزيادة 13.49%

العاصمة السعودية الرياض توجد بها مقار رئيسية لأكبر البنوك (رويترز)
العاصمة السعودية الرياض توجد بها مقار رئيسية لأكبر البنوك (رويترز)
TT

دخل الاستثمارات والعمليات يدفع البنوك السعودية لتحقيق أعلى أرباح ربعية في تاريخها

العاصمة السعودية الرياض توجد بها مقار رئيسية لأكبر البنوك (رويترز)
العاصمة السعودية الرياض توجد بها مقار رئيسية لأكبر البنوك (رويترز)

واصلت البنوك السعودية تسجيل مستويات قياسية جديدة في الأرباح الربعية، خلال الربع الثالث من 2024، بعد أن نما صافي أرباحها بنسبة 13.49 في المائة، عن الربع المماثل مع العام السابق، ولتحقق أعلى أرباح فصلية في تاريخها بـ5.47 مليار دولار (20.52 مليار ريال) مقابل تحقيقها لنحو 4.8 مليار دولار (18.08 مليار ريال) في الربع المماثل من العام السابق، وبزيادة قدرها 651 مليون دولار (2.44 مليار ريال).

يأتي هذا النمو في صافي أرباح البنوك، واستمرار تسجيلها لأرباح ربعية قياسية بفعل ارتفاع استثمارات البنوك وزيادة دخل العمليات الناشئة من العمولات الخاصة وعمليات تمويل الأفراد والمنشآت ورسوم الخدمات البنكية والمصرفية.

وبحسب إعلانات البنوك السعودية الـ10، المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول)، لنتائجها المالية، سجلت جميع البنوك نمواً في صافي أرباحها خلال الربع الثالث من 2024 مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، باستثناء البنك السعودي الفرنسي (بي إس إف) الذي تراجعت أرباحه بنسبة 7.79 في المائة، لتستقر أرباحه عند 1.15 مليار ريال.

في المقابل، استمر البنك الأهلي السعودي في استحواذه على النصيب الأكبر من صافي الأرباح المجمعة للبنوك، وارتفعت أرباحه عن الربع المماثل بنحو 7.11 في المائة، لتسجل 5.37 مليار ريال، مقارنة بنحو 5.01 مليار ريال في الربع ذاته من العام السابق، كما جاء مصرف الراجحي في المرتبة الثانية بوصفه الأعلى ربحية؛ إذ بلغت أرباحه 5.1 مليار ريال، وبارتفاع بنحو 22.82 في المائة على أساس سنوي، مقارنة بـ4.15 مليار ريال للربع الثالث من العام السابق.

فيما حقق بنك الرياض أعلى وتيرة نمو بين البنوك خلال الربع الثالث من 2024 بنسبة نمو وصلت إلى 27.03 في المائة وليحقق ثالث أعلى ربحية، بعد تحقيقه لأرباح بلغت 2.65 مليار ريال، مقارنة بأرباح الربع المماثل من العام الماضي، التي سجلت 2.08 مليار ريال.

وخلال الأرباع الثلاثة المنتهية من العام الحالي 2024 سجلت البنوك السعودية نمواً في صافي أرباحها بنسبة 11.6 في المائة، وبلغت أرباحها لكامل الفترة نحو 15.7 مليار دولار (58.7 مليار ريال) مقابل تحقيقها لأرباح بنحو 14 مليار دولار (52.6 مليار ريال) خلال ذات الفترة من العام السابق 2023، وبزيادة تقدر بـ1.6 مليار دولار (6.1 مليار ريال).

ووصف أستاذ المالية والاستثمار في جامعة الإمام محمد بن سعود، الدكتور محمد مكني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أداء البنوك السعودية خلال الربع الثالث من 2024 بـ«القوي» وأنه جاء مدعوماً بزيادة دخل العمولات، مما يعكس تحسناً ملحوظاً في أنشطة الإقراض رغم تراجع هامش صافي إيرادات التمويل والاستثمارات، مضيفاً أنه يظهر قوة البنوك السعودية في مواجهة التحديات الاقتصادية.

وأشار الدكتور مكني إلى أن أبرز العوامل التي دعمت هذا النمو هو تراجع المخصصات بنسبة 8 في المائة، لتصل إلى أدنى مستوياتها خلال أكثر من 6 سنوات، مما يعكس التحسن في إدارة المخاطر.

وأضاف أن مصرف الراجحي الذي يعد ثاني أكبر البنوك السعودية من حيث الموجودات، كان له دور رئيسي في دفع أرباح القطاع إلى جانب النمو الملحوظ في أعمال بنك الرياض، لافتاً إلى أن تسجيل البنك الفرنسي تراجعاً في الأرباح بعكس باقي البنوك، يستدعي دراسة عميقة لفهم الأسباب وراء هذا الأداء المخالف لبقية البنوك، مشيراً إلى أنه رغم النمو الإيجابي لصافي أرباح البنوك فإن هناك بعض الضغوط على السيولة بسبب النمو في محفظة التمويل بنسبة 12.4 في المائة، بينما نمت الودائع بنسبة 10.5 في المائة فقط، وهذا الفارق يضع البنوك تحت ضغط محدود في إدارة السيولة، وزاد أن التغيير في أسعار الفائدة كان له أثر على ربحية بعض البنوك، حيث تراجع هامش صافي إيرادات الفوائد في البنوك السعودية إلى 48 في المائة خلال الربع الثالث، مقارنة بنحو 53 في المائة في الفترة نفسها من العام الماضي.

وأضاف الدكتور مكني أن نتائج البنوك في الربع الثالث بشكل عام تعكس أداء قوياً للبنوك السعودية مع نمو إيجابي في الأرباح والتمويل ونجاح في إدارة السيولة، مشيراً إلى أنه من أجل ضمان الاستمرار في تحقيق نتائج إيجابية في الفترات المقبلة، يجب أن تكون البنوك مرنة وقادرة على التكيف مع التغيرات الاقتصادية، مما سيجعل البنوك قادرة على تحقيق نمو مستدام في الأرباح.

وتوقع أن تستمر البنوك السعودية في تحقيق صافي أرباح خلال الربع الأخير من 2024 بسبب نمو النشاط التجاري والقطاع الخاص، وهو ما يدعم الأداء المالي للبنوك، كما توقع أن تزداد فرص الإقراض في المستقبل مما سيعزز من قاعدة العملاء، وكذلك الاستثمار في المشاريع الكبيرة وزيادة الاستثمارات الأجنبية والتي ستسهم في تعزيز الطلب على الخدمات المصرفية.

من جهته، أرجع محلل الأسواق المالية عبد الله الكثيري، خلال حديثه إلى «الشرق الأوسط»، نمو صافي أرباح البنوك السعودية وتحقيقها أرباحاً قياسية منذ مطلع العام الماضي 2023 واستمرار ربحيتها خلال الأرباع الماضية من العام الحالي إلى ارتفاع استثمارات البنوك والعمولات الناشئة عنها، وكذلك دخل العمولات الخاصة من عمليات تمويل الأفراد والمنشآت، مضيفاً أن البنوك لا تزال تقدم أداءً جيداً وتزيد من أعمالها وخدماتها المقدمة للعملاء، وأغلب هذه الزيادة جاءت من توسع أعمال الشركات وبالذات الشركات التي تجاوبت مع قرار الحكومة السعودية في افتتاح مقار لها داخل المملكة، وتوجهها لطلب التمويل والاقتراض من البنوك السعودية، لتغطية توسع أعمالها، وما تزامن مع ذلك من نمو في النشاط الاقتصادي في السوق السعودية.

ويتوقع المحلل الكثيري أن تستمر أرباح البنوك في النمو خلال الأرباع المقبلة مع تزايد حجم الودائع لدى جميع البنوك من دون استثناء وباختلاف أحجام ونسب نموها بين كل بنك وآخر، وكذلك النمو في حجم ومحافظ الإقراض والتمويل، لافتاً إلى أن بعض البنوك تجاوزت حجم الودائع في عمليات الإقراض، مما سيؤدي لزيادة صافي أرباحها والدخل، رغم ارتفاع مخاطر ذلك، كما أن بعض البنوك بدأت تتجه لإصدار صكوك وسندات مالية وحسابات توفير لاستقطاب الأموال وتغطية أحجام طلبات التمويل والإقراض.

مضيفاً أنه في حال صحة التوقعات بانخفاض أسعار الفائدة خلال الأرباع المقبلة، فسوف تزداد ربحية البنوك من خلال زيادة الطلب على تمويل الأفراد وكذلك الشركات التي أوقفت في فترات سابقة عمليات التوسع والاقتراض بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، وستعود خلال الفترات المقبلة إلى طلب التمويل والاقتراض وإكمال خططها التوسعية.


مقالات ذات صلة

المصارف تستعد لإعادة ضبط العولمة بسبب تهديدات ترمب الجمركية

الاقتصاد امرأة تسير بجانب فرع لبنك «بي بي في إيه» في شارع غران فيا في بلباو بإسبانيا (رويترز)

المصارف تستعد لإعادة ضبط العولمة بسبب تهديدات ترمب الجمركية

قال كبار المصرفيين يوم الثلاثاء إن العولمة تشهد «إعادة ضبط» في ظل تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض تعريفات جمركية على التجارة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

«المركزي الروسي»: الاقتصاد آمن بأسعار النفط الحالية ومهدد دون 60 دولاراً

قال البنك المركزي الروسي إن مستويات أسعار النفط الحالية لا تشكل تهديداً لاستقرار الاقتصاد الروسي، لكنها قد تتحول إلى تحدٍّ خطير إذا انخفضت دون الهدف المحدد.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد أحد فروع "مصرف الراجحي" (الموقع الإلكتروني للمصرف)

«الراجحي» السعودي يسجل أعلى أرباح فصلية على الإطلاق

قفزت أرباح «مصرف الراجحي» السعودي خلال الربع الثالث من العام بنسبة 22.8 % على أساس سنوي، لتبلغ 5.1 مليار ريال، مسجّلة أعلى أرباح فصلية على الإطلاق.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مبنى «بنك الرياض» بالمركز المالي في العاصمة السعودية (الشرق الأوسط)

أرباح «بنك الرياض» ترتفع 27 % إلى 705 ملايين دولار في الربع الثالث

ارتفع صافي أرباح «بنك الرياض» بنسبة 27 في المائة خلال الربع الثالث من 2024 بسبب زيادة الدخل وانخفاض المصاريف.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد متداول في قاعة التداول ببورصة نيويورك (رويترز)

تراجع الأسهم الأميركية مع نتائج إيجابية للمصارف وهبوط أسعار النفط

هبطت الأسهم الأميركية قرب مستوياتها القياسية بعد أن حققت عدة مصارف كبرى أرباحاً أقوى في الصيف مما توقعه المحللون بينما تراجع سعر النفط الخام مرة أخرى.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

قبيل بيانات التضخم... الدولار قرب أعلى مستوى في أسبوعين

أوراق نقدية من فئة الدولار الأميركي (رويترز)
أوراق نقدية من فئة الدولار الأميركي (رويترز)
TT

قبيل بيانات التضخم... الدولار قرب أعلى مستوى في أسبوعين

أوراق نقدية من فئة الدولار الأميركي (رويترز)
أوراق نقدية من فئة الدولار الأميركي (رويترز)

تداول الدولار بالقرب من أعلى مستوى له في أسبوعين مقابل الين، اليوم الأربعاء، قبيل صدور بيانات التضخم الأميركي المنتظرة، التي قد تكشف عن مؤشرات حول وتيرة خفض أسعار الفائدة من «الاحتياطي الفيدرالي».

وهبط الدولار الأسترالي بالقرب من أدنى مستوى له في أربعة أشهر، بعد التصريحات المتشائمة التي أدلى بها البنك الاحتياطي الأسترالي في اليوم السابق. كما أثّرت هذه التصريحات بشكل سلبي على الدولار النيوزيلندي، الذي تراجع إلى أدنى مستوى له في عام، وفق «رويترز».

وينتظر المستثمرون أيضاً تفاصيل من مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي للصين، الذي يُعقَد، هذا الأسبوع، والذي قد يقدم إشارات بشأن السياسة الاقتصادية الصينية.

وحصلت العملات الأسترالية والنيوزيلندية على دعم في بداية الأسبوع، بعد تعهد الصين بتقديم مزيد من الدعم المالي والنقدي للاقتصاد في العام المقبل، لكن هذا التفاؤل سرعان ما تراجع بعد البيان المتشائم من البنك الاحتياطي الأسترالي يوم الثلاثاء. ومن المتوقع أن يتحدث نائب محافظ البنك الاحتياطي الأسترالي، أندرو هاوزر، في وقت لاحق اليوم الأربعاء.

وتراجع الدولار بنسبة 0.12 في المائة إلى 151.80 ين، في الساعة 00:45 بتوقيت غرينيتش، لكنه بقي قريباً من ذروته السابقة عند 152.18 ين، وهو أقوى مستوى له منذ 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكان مؤشر الدولار، الذي يقيس العملة الأميركية مقابل الين وخمسة عملات رئيسية أخرى، ثابتاً عند 106.36، بعد أن ارتفع إلى أعلى مستوى له في أسبوع عند 106.63 في الجلسة السابقة.

وفي الوقت الراهن، يضع المتداولون احتمالية 85 في المائة لتخفيض الفائدة بمقدار ربع نقطة من «الاحتياطي الفيدرالي» في 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

ويتوقع الاقتصاديون أن ترتفع أسعار المستهلكين الأساسية والعامة بنسبة 0.3 في المائة خلال نوفمبر، مقارنة بزيادات سابقة بلغت 0.2 في المائة و0.3 في المائة على التوالي.

وقال جيمس كنيفتيون، كبير المتداولين بقسم الشركات في «كونفيرا»: «إذا تحقق هذا السيناريو، فقد تنشأ مخاوف من أن (الاحتياطي الفيدرالي) قد لا يتمكن من خفض الفائدة بالسرعة التي يأملها، مما قد يعزز من قوة الدولار الأميركي».

وفيما يتعلق بأستراليا، أضاف كنيفتيون: «بينما تتوقع السوق تخفيضات مبكرة، فإن البنك الاحتياطي الأسترالي لم يؤكد هذه الخطط بعدُ، وهناك سابقة للسوق تتقدم على البنك المركزي، مما يؤدي في النهاية إلى تعديل التوقعات».

ورفع المتداولون رهاناتهم على تخفيض ربع نقطة في فبراير (شباط) إلى 62 في المائة، مقارنة بنحو 50 في المائة في اليوم السابق.

واستقر الدولار الأسترالي عند 0.6380 دولار أميركي، بعد أن تراجع إلى 0.63655 دولار في اليوم السابق، وهو أدنى مستوى له منذ 5 أغسطس (آب) الماضي. كما استقر الدولار النيوزيلندي عند 0.57985 دولار أميركي، بعد أن انخفض إلى 0.5792 دولار يوم الثلاثاء، وهو أدنى مستوى له منذ نوفمبر من العام الماضي.

وتتمحور أنظار المستثمرين أيضاً حول قرار البنك المركزي الأوروبي، يوم الخميس، وهو الحدث الأبرز لبقية الأسبوع، مع توقعات الأسواق بتخفيض الفائدة بمقدار ربع نقطة على الأقل.

واستقر اليورو عند 1.052975 دولار. كما استقر الجنيه الاسترليني عند 1.2777 دولار.

كذلك استقر الفرنك السويسري عند 0.8830 دولار، في حين حددت الأسواق احتمالات بنسبة 61 في المائة لقيام البنك الوطني السويسري بخفض أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، يوم الخميس.

ومن المتوقع أن يقوم بنك كندا بتخفيض الفائدة بمقدار نصف نقطة، في وقت لاحق من اليوم الأربعاء، مما يعزز الضغط على الدولار الكندي، ليظل بالقرب من أدنى مستوى له منذ 4 سنوات ونصف السنة مقابل الدولار الأميركي، حيث بلغ سعر الدولار الأميركي 1.4173 دولار كندي.