المصارف تستعد لإعادة ضبط العولمة بسبب تهديدات ترمب الجمركية

امرأة تسير بجانب فرع لبنك «بي بي في إيه» في شارع غران فيا في بلباو بإسبانيا (رويترز)
امرأة تسير بجانب فرع لبنك «بي بي في إيه» في شارع غران فيا في بلباو بإسبانيا (رويترز)
TT

المصارف تستعد لإعادة ضبط العولمة بسبب تهديدات ترمب الجمركية

امرأة تسير بجانب فرع لبنك «بي بي في إيه» في شارع غران فيا في بلباو بإسبانيا (رويترز)
امرأة تسير بجانب فرع لبنك «بي بي في إيه» في شارع غران فيا في بلباو بإسبانيا (رويترز)

قال كبار المصرفيين يوم الثلاثاء إن العولمة تشهد «إعادة ضبط» في ظل تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض تعريفات جمركية على التجارة، ومخاوف من التلاعب التنظيمي بين بنوك «وول ستريت» ومنافسيها الدوليين.

وكان ترمب قد أعلن الشهر الماضي أنه سيفرض رسوماً جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع المنتجات القادمة من المكسيك وكندا، إضافة إلى رسوم بنسبة 10 في المائة على السلع الواردة من الصين في أول يوم من ولايته الثانية، ما أثار قلقاً بشأن العلاقات التجارية العالمية، وفق «رويترز».

ومع ذلك، قال الرئيس التنفيذي لبنك «بي بي في إيه» الإسباني، أونور جينك، في مؤتمر «فاينانشيال تايمز العالمي للخدمات المصرفية» في لندن، إن الرسوم الجمركية المقترحة من ترمب لن تُلحق ضرراً كبيراً بأعمال البنك في المكسيك. وأضاف جينك: «نحن غير قلقين على الإطلاق». وشرح قائلاً: «إذا كانت تكلفة العمالة في الولايات المتحدة 100 دولار، فإن التكلفة في المكسيك هي 10 دولارات... وبالتالي، إذا فرضت رسوماً بنسبة 25 في المائة على 10 دولارات، فهذا يعني أن المكسيك ستظل قادرة على التنافس».

ويُعد بنك «بي بي في إيه» من أكثر المقرضين الأجانب تأثراً بأي تحول في الوضع التنافسي أو النمو الاقتصادي في المكسيك بسبب الرسوم الجمركية المقترحة، حيث يعد بنك «بي بي في إيه المكسيك» أكبر بنك في السوق المكسيكية، ويشكل 47 في المائة من دخل المجموعة الإسبانية في عام 2023.

فرص جديدة

من جهته، قال كبير مسؤولي الاستراتيجية والمواهب في بنك «ستاندرد تشارترد»، تانوغ كابيلاشرامي، في الحدث نفسه، إن الرسوم الجمركية المقترحة من ترمب قد تؤدي إلى تعطيل سلاسل التوريد العالمية، لكنها قد تفتح أيضاً فرصاً للبنوك في مناطق مثل آسيا والشرق الأوسط.

وفي سياق منفصل، أشار عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، بييرو سيبولوني، إلى أن الرسوم الجمركية الأميركية على الواردات قد تؤثر سلباً على النمو الاقتصادي والتضخم في الدول العشرين التي تتشارك في اليورو.

وقد توقع بعض المعلقين حدوث موجة من التحرير المالي في «وول ستريت» خلال فترة ترمب الثانية، مما يعزز التكهنات بأن قواعد «بازل إندغيم» المصممة لحماية النظام المصرفي العالمي من الصدمات قد لا يتم تطبيقها في الولايات المتحدة بالوتيرة نفسها التي تُطبق بها في أوروبا.

وقال الرئيس التنفيذي لبنك «باركليز» البريطاني، سي إس فينكاتاكريشنان، إنه ما زال يأمل في أن يتم تبني القواعد المصرفية العالمية في التوقيت نفسه تقريباً في كل من الولايات المتحدة وأوروبا، مما سيدعم جهود البنوك الأوروبية للحفاظ على قدرتها التنافسية في مواجهة منافسيها الأميركيين. وأضاف: «إنه أمر واقعي... لقد استثمر العالم الكثير في هذا، ونحن أحياناً نتأثر بالأفراد، لكن الولايات المتحدة دولة ذات مؤسسات قوية وعظيمة، وهي تدرك جيداً دورها المهم في العالم الدولي».

ويشعر المسؤولون التنفيذيون في البنوك الأوروبية بالقلق من أن الأرباح العالية التي تحققها البنوك الأميركية في السنوات الأخيرة قد تتزايد إذا كانت تدابير ترمب تصب في مصلحة السوق الأميركية.

وأظهرت أبحاث أجرتها شركة «ألفاريز آند مارشال» للخدمات المهنية أن البنوك الأميركية تتفوق على نظيراتها الأوروبية في توليد الإيرادات، حيث بلغ هامش الفائدة الصافي للبنوك الأميركية 1.8 في المائة مقارنة بنحو 1.2 في المائة للبنوك الأوروبية.


مقالات ذات صلة

رئيس اتحاد البنوك الألمانية يتوقع استمرار تراجع عدد فروع البنوك في 2025

الاقتصاد فرع دويتشه بنك في برلين (رويترز)

رئيس اتحاد البنوك الألمانية يتوقع استمرار تراجع عدد فروع البنوك في 2025

توقع رئيس اتحاد البنوك الألمانية، كريستيان زيفينج، حدوث مزيد من التراجع في عدد فروع البنوك في ألمانيا.

الاقتصاد لافتة خارج المقر الرئيسي لبنك «جيه بي مورغان تشيس» بنيويورك (رويترز)

أكبر 4 بنوك أميركية تحقق أعلى حصة من أرباح القطاع منذ عقد

تتجه أكبر 4 بنوك أميركية نحو الاستحواذ على أكبر حصة لها من أرباح القطاع المصرفي منذ ما يقارب العقد، في دلالة على تعزيز مكانتها المهيمنة بالسوق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

«المركزي الروسي»: الاقتصاد آمن بأسعار النفط الحالية ومهدد دون 60 دولاراً

قال البنك المركزي الروسي إن مستويات أسعار النفط الحالية لا تشكل تهديداً لاستقرار الاقتصاد الروسي، لكنها قد تتحول إلى تحدٍّ خطير إذا انخفضت دون الهدف المحدد.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض توجد بها مقار رئيسية لأكبر البنوك (رويترز)

دخل الاستثمارات والعمليات يدفع البنوك السعودية لتحقيق أعلى أرباح ربعية في تاريخها

واصلت البنوك السعودية تسجيل مستويات قياسية جديدة خلال الربع الثالث من 2024 بعد أن نما صافي أرباحها بنسبة 13.49 في المائة عن الربع المماثل.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد أحد فروع "مصرف الراجحي" (الموقع الإلكتروني للمصرف)

«الراجحي» السعودي يسجل أعلى أرباح فصلية على الإطلاق

قفزت أرباح «مصرف الراجحي» السعودي خلال الربع الثالث من العام بنسبة 22.8 % على أساس سنوي، لتبلغ 5.1 مليار ريال، مسجّلة أعلى أرباح فصلية على الإطلاق.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

أميركا تفرض قيوداً جديدة على صادرات الرقائق والذكاء الاصطناعي

شرائح أشباه الموصلات على لوحة دائرة كهربائية لجهاز كمبيوتر (رويترز)
شرائح أشباه الموصلات على لوحة دائرة كهربائية لجهاز كمبيوتر (رويترز)
TT

أميركا تفرض قيوداً جديدة على صادرات الرقائق والذكاء الاصطناعي

شرائح أشباه الموصلات على لوحة دائرة كهربائية لجهاز كمبيوتر (رويترز)
شرائح أشباه الموصلات على لوحة دائرة كهربائية لجهاز كمبيوتر (رويترز)

أعلنت الحكومة الأميركية يوم الاثنين أنها ستفرض قيوداً إضافية على صادرات الرقائق وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، بهدف تقسيم العالم للحفاظ على قوة الحوسبة المتقدمة في الولايات المتحدة وحلفائها، ومنع وصول الصين إليها.

وستتضمن اللوائح الجديدة تحديد حد أقصى لعدد شرائح الذكاء الاصطناعي التي يمكن تصديرها إلى معظم الدول، مع السماح لأقرب حلفاء الولايات المتحدة بالحصول على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الأميركية من دون قيود. كما سيستمر حظر الصادرات إلى الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية، وفق «رويترز».

وتعد هذه القواعد جزءاً من استراتيجية إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن لتعزيز الهيمنة الأميركية في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال التحكم في تدفق هذه التكنولوجيا في جميع أنحاء العالم، في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة لتضييق الخناق على الصين في هذا المجال.

وقالت وزيرة التجارة الأميركية جينا رايموندو: «الولايات المتحدة تقود مجال الذكاء الاصطناعي حالياً، سواء في تطوير التكنولوجيا أو في تصميم شرائح الذكاء الاصطناعي، ومن الأهمية بمكان أن نواصل الحفاظ على هذه القيادة».

وتمثل هذه اللوائح استمراراً للجهود الأميركية التي بدأت منذ أربع سنوات لتقييد وصول الصين إلى الرقائق المتقدمة التي يمكن أن تعزز قدراتها العسكرية، في مسعى لتأمين الريادة الأميركية في الذكاء الاصطناعي من خلال سد الثغرات وفرض حواجز جديدة على تدفق الرقائق.

ورغم أنه من غير الواضح كيف ستتعامل الإدارة المقبلة للرئيس المنتخب دونالد ترمب مع هذه القواعد، فإن هناك توافقاً بين الإدارتين بشأن التهديد الذي تشكله الصين في هذا المجال. ومن المقرر أن تدخل اللوائح حيز التنفيذ بعد 120 يوماً من النشر، مما يتيح لإدارة ترمب الوقت للبت في التدابير الجديدة.

وتستهدف القواعد بشكل خاص وحدات معالجة الرسومات المتقدمة (GPUs) المستخدمة لتشغيل مراكز البيانات لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي. وتعد شركة «إنفيديا»، التي يقع مقرها في سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا، من أبرز الشركات المنتجة لهذه الشرائح، بينما تقدم شركة «أدفانسد مايكرو ديفايسز» (إيه إم دي) أيضاً شرائح الذكاء الاصطناعي. وانخفضت أسهم «إنفيديا» و«إيه إم دي» بنسبة تتراوح بين 2 و3 في المائة في تداولات ما قبل السوق يوم الاثنين.

وسيتمكن مزودو خدمات السحابة الكبرى مثل «مايكروسوفت» و«غوغل» و«أمازون» من الحصول على تراخيص عالمية لبناء مراكز البيانات، وهو جزء رئيس من القواعد الجديدة، مما يعفي مشروعاتهم من القيود المفروضة على البلدان بالنسبة للرقائق. وانخفضت أسهم الشركات الثلاث في تداولات ما قبل السوق بنحو 1 في المائة.

وللحصول على هذه التراخيص، يجب على الشركات الامتثال لشروط وقيود صارمة أبرزها متطلبات الأمان، ومتطلبات الإبلاغ.

ومنذ وقت طويل، فرضت إدارة بايدن قيوداً شاملة على وصول الصين إلى الرقائق المتقدمة والمعدات اللازمة لإنتاجها، وقامت بتحديث الضوابط بشكل دوري لتشديد القيود ضد البلدان المعرضة لخطر تحويل التكنولوجيا إلى الصين.

وأثارت القواعد الجديدة انتقادات من بعض الأصوات الصناعية القوية، حيث وصفت شركة «إنفيديا» هذه اللوائح بأنها «تجاوز شامل» وأكدت أن هذه القيود ستؤثر أيضاً على «التكنولوجيا المتاحة بالفعل في أجهزة الكمبيوتر المخصصة للألعاب وأجهزة المستهلك». كما زعم مزود خدمات مركز البيانات «أوراكل» أن هذه القواعد ستمنح «معظم سوق الذكاء الاصطناعي ووحدات معالجة الرسومات العالمية إلى منافسينا الصينيين».

وتتضمن اللوائح الجديدة فرض تراخيص عالمية على بعض الرقائق، مع استثناءات معينة، كما تضع ضوابط على ما يُعرف بـ«أوزان النماذج» التي تعد من العناصر الأكثر قيمة في نماذج الذكاء الاصطناعي. وتساعد هذه الأوزان في تحديد عملية اتخاذ القرار في التعلم الآلي.

كما سيُسمح لمقدمي الخدمات الذين يقع مقرهم في الولايات المتحدة، مثل «أمازون ويب سيرفيسز» و«مايكروسوفت»، بنشر 50 في المائة فقط من إجمالي قوة الحوسبة الخاصة بالذكاء الاصطناعي خارج الولايات المتحدة، على أن يكون 25 في المائة فقط في الدول المصنفة ضمن المستوى الأول، و7 في المائة فقط في دولة واحدة غير مصنفة من المستوى الأول.

من ناحية أخرى، يعد الذكاء الاصطناعي ذا إمكانات ضخمة لتحسين الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم والغذاء، ولكنه قد يُستغل أيضاً لتطوير الأسلحة البيولوجية، وشن الهجمات الإلكترونية، وتعزيز المراقبة.

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان: «يجب على الولايات المتحدة أن تكون مستعدة للتطور السريع في قدرة الذكاء الاصطناعي خلال السنوات المقبلة، والتي يمكن أن يكون لها تأثير تحويلي على اقتصادنا وأمننا القومي».