الصين تتطلع إلى جمع 700 مليون دولار في صفقة سندات خارجية

دعوات لتسيير التحفيز جنباً إلى جنب مع الإصلاحات

طاهٍ يعمل في أحد المطاعم بوسط العاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)
طاهٍ يعمل في أحد المطاعم بوسط العاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)
TT

الصين تتطلع إلى جمع 700 مليون دولار في صفقة سندات خارجية

طاهٍ يعمل في أحد المطاعم بوسط العاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)
طاهٍ يعمل في أحد المطاعم بوسط العاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

تتطلع الصين إلى جمع 5 مليارات يوان (701.20 مليون دولار) في صفقة سندات سيادية خارجية باليوان على شريحتين، وفقاً لمصدرين على دراية مباشرة بالأمر.

وقالت ورقة الشروط إن السندات ستصدر على شريحتين لمدة عامين وخمسة أعوام إذا مضت الصفقة قدماً. ولم يتسنَ ذكر أسماء المصادر لمناقشة معلومات سرية.

ووفقاً لورقة الشروط، ستستخدم وزارة المالية العائدات الصافية لأغراض حكومية عامة. ولم ترد وزارة المالية الصينية على طلب للتعليق من «رويترز».

وأظهرت ورقة الشروط أن السندات ستُدرج في ماكاو، وكان من المتوقع الانتهاء من الصفقة يوم الأربعاء. وتحددت إرشادات السعر الأوّلية عند نحو 2.25 في المائة للسندات لأجل عامين، و2.45 في المائة للسندات الأطول أجلاً، وفقاً لوثيقة الشروط.

وذكرت «رويترز»، الثلاثاء، نقلاً عن مصدرين أن الصين تدرس الموافقة الأسبوع المقبل على إصدار أكثر من 10 تريليونات يوان (1.4 تريليون دولار) من الديون الإضافية في السنوات القليلة المقبلة لإحياء اقتصادها. وذكرت «رويترز» أن المسألة ستنظر فيها اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني المقرر عقدها في الفترة من 4 إلى 8 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وساعدت احتمالات حزمة تحفيز مالي جديدة كبرى الأسواق المالية في البر الرئيسي للصين وهونغ كونغ على الارتفاع في الأسبوع الأخير، لكن المستثمرين كانوا حريصين على الحصول على تفاصيل محددة بشأن التدابير الجديدة.

وتضرر اقتصاد الصين بشدة من أزمة العقارات المستمرة ومستويات الديون المتزايدة في الحكومات المحلية. وأظهرت بيانات رسمية أن النمو الاقتصادي للبلاد في الربع الثالث من عام 2024 كان بأبطأ وتيرة منذ أوائل عام 2023، وهو ما قال خبراء الاقتصاد إنه يسلط الضوء على الحاجة إلى حافز مالي جديد لتعزيز النمو.

وأصدر البنك المركزي الصيني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، أقوى تدابير الدعم النقدي منذ جائحة كوفيد-19 لمساعدة اقتصاده.

وفي غضون ذلك، قال ليو شيغين، المستشار السابق للبنك المركزي الصيني، في تصريحات نشرت يوم الأربعاء، إن جهود التحفيز في الصين قد تكون لها تكلفة ويجب تنفيذها جنباً إلى جنب مع الإصلاحات لضمان النمو الاقتصادي المستدام.

ونقلت وكالة «ييكاي» الإعلامية الصينية عن ليو قوله في منتدى يوم الثلاثاء: «قد تكون للتحفيز تكلفة، ويجب أن نجمع بين التحفيز والإصلاحات». وأضاف أن الأموال يجب أن تستخدم لتعزيز المجالات التي تعد حاسمة للتنمية الاقتصادية طويلة الأجل.

وقال ليو إن الصين يجب أن تعطي الأولوية لتحسين خدمات الرعاية الصحية الأساسية للعمال المهاجرين الداخليين البالغ عددهم 300 مليون في البلاد، إذ تواجه عجزاً كبيراً في الرعاية الصحية العامة.

ويتوقع المحللون أن تكون جهود التحفيز بمثابة عامل استقرار للاقتصاد وليس معزز النمو الفوري الذي كانت الأسواق تتوق إليه. وتكافح الصين لمعالجة مشكلة الديون المتراكمة نتيجة للتحفيز السابق. ففي عامي 2008 و2009، نجحت حزمة إنفاق بقيمة 4 تريليونات يوان في حماية اقتصاد الصين إلى حد كبير من الأزمة المالية العالمية، ولكنها أثقلت كاهل الحكومات المحلية بجبال من الديون.

وقال ليو، الشهر الماضي، إن الصين قد تصدر سندات خزانة طويلة الأجل للغاية في غضون عامين لتوليد ما لا يقل عن 10 تريليونات يوان من التحفيز للاقتصاد، وفقاً لوسائل الإعلام الرسمية. وفي اجتماع مهم في يوليو (تموز) الماضي، حدد القادة الصينيون خطوات الإصلاح التي تتراوح بين تطوير الصناعات المتقدمة وتحسين مالية الحكومات المحلية، ولكن لا يزال من غير الواضح مدى السرعة التي سيتم بها تنفيذ مثل هذه الخطوات.

وقال ليو إن الصين تحتاج إلى توسيع مجموعة الطبقة المتوسطة من نحو 400 مليون نسمة، التي تشكل حالياً نحو ثلث السكان، إلى 800-900 مليون نسمة في العقد المقبل، من خلال تسريع التحضر ومعالجة التفاوت في الخدمات العامة الحضرية والريفية. لكن ليو حذر من التحفيز من خلال «أموال الهليكوبتر» أو الإعانات النقدية المباشرة للسكان، بحجة أن هذا من شأنه أن يفيد في المقام الأول السكان الأثرياء، في حين أن الفئات ذات الدخل المنخفض لن تشهد سوى تخفيف ضئيل نظراً لاحتياجاتها الأساسية.

وفي الأسواق، انخفضت أسهم الصين وهونغ كونغ، الأربعاء، مع توخي المستثمرين الحذر قبل الانتخابات الأميركية، بينما ينتظرون أيضاً اجتماعاً للقيادة العليا الأسبوع المقبل قد يكشف عن تفاصيل التحفيز المالي... كما أثر قرار الاتحاد الأوروبي بزيادة التعريفات الجمركية بشكل كبير على المركبات الكهربائية المصنعة في الصين على المعنويات وسحب أسهم المركبات الجديدة التي تعمل بالطاقة.

وانخفض مؤشر «سي إس آي 300» الصيني للأسهم القيادية 0.9 في المائة، بينما انخفض مؤشر شنغهاي المركب 0.6 في المائة، وانخفض مؤشر هانغ سنغ القياسي في هونغ كونغ 1.6 في المائة.

ويشعر المستثمرون بالتوتر بشأن سباق الانتخابات الأميركية الذي قد يكون له تداعيات ضخمة على الصين، مع تعهد المرشح الجمهوري دونالد ترمب بفرض رسوم بنسبة 60 في المائة على الواردات من الصين.

وتركز الأسواق هذا الأسبوع أيضاً على قراءات مؤشر مديري المشتريات في البلاد، المقرر صدورها يومي الخميس والجمعة، التي من شأنها أن تقدم أدلة جديدة على صحة ثاني أكبر اقتصاد في العالم.


مقالات ذات صلة

بكين تستقبل وفد شركات أميركية كبرى... وتغازل أوروبا

مشاة في إحدى الطرقات بالحي المالي وسط العاصمة الصينية بكين (أ.ب)

بكين تستقبل وفد شركات أميركية كبرى... وتغازل أوروبا

قالت غرفة التجارة الأميركية في الصين إن مجموعة من المسؤولين التنفيذيين من الشركات الأجنبية والصينية التقت رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، في بكين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أفق فرانكفورت مع الحي المالي (رويترز)

معنويات الأعمال في ألمانيا تتراجع... مؤشر «إيفو» يشير إلى ركود محتمل

تراجعت المعنويات الاقتصادية في ألمانيا أكثر من المتوقع في نوفمبر (تشرين الثاني)، مما يمثل مزيداً من الأخبار السلبية لبلد من المتوقع أن يكون الأسوأ أداءً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد زوار إحدى الحدائق الوطنية في العاصمة اليابانية طوكيو يتابعون التحول الخريفي للأشجار (أ.ف.ب)

عائد السندات اليابانية العشرية يتراجع عقب اختيار بيسنت للخزانة الأميركية

تراجع عائد السندات الحكومية اليابانية لأجل 10 سنوات الاثنين مقتفياً أثر تراجعات عائد سندات الخزانة الأميركية

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد أعضاء المؤتمر الهندي للشباب يحتجون ضد غوتام أداني ويطالبون باعتقاله (رويترز)

المعارضة الهندية تعطّل البرلمان بسبب «أداني»

تم تعليق عمل البرلمان الهندي بعد أن قام نواب المعارضة بتعطيله للمطالبة بمناقشة مزاعم الرشوة ضد مجموعة «أداني»، فيما انخفضت أسعار سندات «أداني»

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد شخص يمشي أمام بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

نائبة محافظ «بنك إنجلترا»: خطر ارتفاع التضخم أكبر من انخفاضه

عبّرت نائبة محافظ بنك إنجلترا، كلير لومبارديللي، يوم الاثنين، عن قلقها بشأن احتمال ارتفاع التضخم إلى مستويات أعلى من التوقعات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بيسنت يدفع «وول ستريت» نحو مكاسب تاريخية

متداولون يعملون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
TT

بيسنت يدفع «وول ستريت» نحو مكاسب تاريخية

متداولون يعملون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)

ارتفعت الأسهم الأميركية إلى مستويات قياسية، مما أضاف إلى المكاسب التي حققتها الأسبوع الماضي. فقد حقق المؤشر القياسي «ستاندرد آند بورز 500»، ومؤشر «داو جونز» الصناعي مستويات قياسية جديدة خلال تعاملات يوم الاثنين، بينما شهد أيضاً مؤشر «ناسداك» ارتفاعاً ملحوظاً، مدعوماً بترشيح سكوت بيسنت وزيراً للخزانة في إدارة ترمب المقبلة، مما عزز معنويات المستثمرين بشكل كبير.

وارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي 459.25 نقطة، أو بنسبة 1.03 في المائة، ليصل إلى 44,753.77 نقطة، وزاد مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بمقدار 43.12 نقطة، أو بنسبة 0.72 في المائة، ليصل إلى 6,012.50 نقطة، بينما سجل مؤشر «ناسداك» المركب قفزة قدرها 153.88 نقطة، أو بنسبة 0.81 في المائة، ليصل إلى 19,157.53 نقطة. كما شهد مؤشر «راسل 2000»، الذي يتتبع أسهم الشركات الصغيرة المحلية، زيادة بنسبة 1.5 في المائة، مقترباً من أعلى مستوى له على الإطلاق، وفق «رويترز».

وانخفضت عائدات الخزانة أيضاً في سوق السندات وسط ما وصفه بعض المحللين بـ«انتعاش بيسنت». وانخفضت عوائد السندات الحكومية الأميركية لأجل 10 سنوات بنحو 10 نقاط أساس، بينما تراجعت عوائد السندات لأجل عامين بنحو 5 نقاط، مما أدى إلى انقلاب منحنى العوائد بين العائدين على هذين الاستحقاقين.

وقد أدت التوقعات باتساع عجز الموازنة نتيجة لتخفيضات الضرائب في ظل إدارة ترمب الجمهورية إلى ارتفاع عائدات السندات في الأسابيع الأخيرة. ومع ذلك، رأى المستثمرون أن اختيار بيسنت قد يخفف من التأثير السلبي المتوقع لسياسات ترمب على الصحة المالية للولايات المتحدة، ومن المتوقع أيضاً أن يحد من الزيادات المتوقعة في التعريفات الجمركية.

وكان بيسنت قد دعا إلى تقليص عجز الحكومة الأميركية، وهو الفارق بين ما تنفقه الحكومة وما تحصل عليه من الضرائب والإيرادات الأخرى. ويُعتقد بأن هذا النهج قد يساعد في تقليل المخاوف التي تراكمت في «وول ستريت» من أن سياسات ترمب قد تؤدي إلى تضخم العجز بشكل كبير، مما قد يضغط على عوائد الخزانة.

وقال المدير العام في مجموعة «ميشلار» المالية، توني فارين: «إنه رجل (وول ستريت)، وهو جيد جداً فيما يفعله. ليس متطرفاً سواء من اليسار أو اليمين، إنه رجل أعمال ذكي ومعقول، وأعتقد بأن السوق تحب ذلك، كما أنه ضد العجز».

وفي التداولات المبكرة، الاثنين، كانت عوائد السندات لأجل 10 سنوات نحو 4.3 في المائة، منخفضة من 4.41 في المائة يوم الجمعة. كما كانت عوائد السندات لأجل عامين، التي تعكس بشكل أكثر دقة توقعات السياسة النقدية، عند نحو 4.31 في المائة، منخفضة من 4.369 في المائة يوم الجمعة.

وأضاف فارين: «كثير من الناس كانوا يعتقدون بأن ترمب سيكون سيئاً للأسعار، وكانوا يراهنون ضد ذلك، وأعتقد بأنهم الآن يتعرضون للعقاب».

وشهد منحنى العوائد بين السندات لأجل عامين و10 سنوات انقلاباً بمقدار 1.3 نقطة أساس بالسالب، حيث كانت العوائد على السندات قصيرة الأجل أعلى من العوائد على السندات طويلة الأجل.

وتابع فارين: «مع وجود ترمب سيكون الاحتياطي الفيدرالي أقل عدوانية، وهذا ما تجلى بوضوح في الفترة الأخيرة، لذلك لا أفاجأ بتسطح منحنى العوائد خلال الأسابيع الماضية».

وكانت عقود الفائدة المستقبلية، الاثنين، تشير إلى احتمال بنسبة 52.5 في المائة لخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس من قبل الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر (كانون الأول)، مقارنة باحتمال 59 في المائة في الأسبوع الماضي، وفقاً لبيانات مجموعة «فيد ووتش».

وقال الاستراتيجيون في «بيمو كابيتال ماركتس» في مذكرة إن منطق انتعاش السندات، الاثنين، كان «بسيطاً نسبياً»، حيث كان يعتمد على رؤية أن بيسنت سيسعى إلى «التحكم في العجز، واتخاذ نهج مدروس بشأن التعريفات الجمركية».

وقال بيسنت في مقابلة مع «وول ستريت جورنال» نُشرت يوم الأحد إنه سيعطي الأولوية لتحقيق وعود تخفيضات الضرائب التي قدمها ترمب أثناء الانتخابات، بينما سيركز أيضاً على تقليص الإنفاق والحفاظ على مكانة الدولار بوصفه عملة احتياطية عالمية.

وأضاف استراتيجيون في «بيمو كابيتال ماركتس»: «بيسنت لن يمنع استخدام التعريفات أو زيادة احتياجات الاقتراض، لكنه ببساطة سيتعامل معهما بطريقة أكثر منهجية مع الالتزام بالسياسة الاقتصادية التقليدية».

أما في الأسواق العالمية، فقد ارتفعت المؤشرات الأوروبية بشكل طفيف بعد أن أنهت الأسواق الآسيوية تداولاتها بشكل مختلط.

وفي سوق العملات المشفرة، تم تداول البتكوين حول 97,000 دولار بعد أن اقتربت من 100,000 دولار في أواخر الأسبوع الماضي لأول مرة.