الطلب الإجمالي على الذهب يتجاوز الـ100 مليار دولار لأول مرة

المعدن النفيس يصل لأعلى مستوى تاريخي عند 2795.60 دولار للأونصة

سبائك من الذهب الخالص في مصنع «نوفوسيبيرسك» لتكرير ومعالجة المعادن الثمينة في روسيا (رويترز)
سبائك من الذهب الخالص في مصنع «نوفوسيبيرسك» لتكرير ومعالجة المعادن الثمينة في روسيا (رويترز)
TT

الطلب الإجمالي على الذهب يتجاوز الـ100 مليار دولار لأول مرة

سبائك من الذهب الخالص في مصنع «نوفوسيبيرسك» لتكرير ومعالجة المعادن الثمينة في روسيا (رويترز)
سبائك من الذهب الخالص في مصنع «نوفوسيبيرسك» لتكرير ومعالجة المعادن الثمينة في روسيا (رويترز)

شهدت سوق الذهب تحولاً لافتاً، بعدما تجاوز إجمالي الطلب العالمي على المعدن النفيس حاجز الـ100 مليار دولار للمرة الأولى في تاريخه. ووفقاً لتقرير اتجاهات الطلب على الذهب للربع الثالث من عام 2024، الصادر عن مجلس الذهب العالمي، ارتفع إجمالي الطلب العالمي بنسبة 5 في المائة على أساس سنوي، ليصل إلى 1.313 طن، مسجلاً ربعاً قياسياً. هذه الزيادة مدعومة باستثمارات قوية في بيئة أسعار مرتفعة غير مسبوقة.

وارتفع الطلب العالمي على الاستثمار بأكثر من الضعف على أساس سنوي، ليصل إلى 364 طناً، نتيجة تحول الطلب على صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب بشكل رئيسي من قِبَل المستثمرين الغربيين. وعلى الصعيد العالمي، أضافت صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب 95 طناً، مسجلة بذلك أول ربع إيجابي منذ الربع الأول من عام 2022. ورغم انخفاض الطلب على السبائك والعملات المعدنية بنسبة 9 في المائة، فإن إجمالي الطلب حتى الآن من العام لا يزال قوياً عند 853 طناً، مقارنة بمتوسط 774 طناً على مدى السنوات العشر الماضية.

ومع هذا الارتفاع في الطلب، سجلت أسعار الذهب مستويات قياسية؛ إذ بلغ متوسط السعر 2.474 دولار للأونصة، ما أثّر على الطلب العالمي على المجوهرات الذهبية. وانخفض إجمالي استهلاك المجوهرات بنسبة 12 في المائة على أساس سنوي من حيث الحجم، لكنه ارتفع بنسبة 13 في المائة من حيث القيمة، ما يُشير إلى استعداد المستهلكين لإنفاق المزيد على كميات أقل من المنتجات الذهبية.

كما نما إجمالي الطلب على الذهب في قطاع التكنولوجيا بنسبة 7 في المائة على أساس سنوي، مدعوماً بنمو قطاع الإلكترونيات؛ إذ تستمر طفرة الذكاء الاصطناعي في دعم الطلب على المعدن النفيس.

وفي سياق متصل، ارتفع سعر الذهب إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، يوم الأربعاء، إذ اندفع المستثمرون نحو المعدن الأصفر بوصفه ملاذاً آمناً قبل أقل من أسبوع على انتخابات الرئاسة الأميركية. وفي الوقت نفسه، ينتظر المتعاملون بيانات اقتصادية لتقييم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة.

وسجّل الذهب في المعاملات الفورية ارتفاعاً بنسبة 0.3 في المائة بحلول الساعة 05:45 (بتوقيت غرينتش)، ليصل إلى 2783.72 دولار للأوقية، بعد أن بلغ 2783.96 دولار، وهو أعلى مستوى له في الجلسة. كما زادت العقود الأميركية الآجلة للذهب بنسبة 0.5 في المائة، لتصل إلى 2795.60 دولار، وفق «رويترز».

وقال كبير محللي السوق في منطقة آسيا والمحيط الهادي لدى «أواند»، كلفن وونغ: «الذهب مرتبط بشكل كبير بنتيجة الانتخابات الأميركية... في الأمد القريب، سيواجه الذهب مقاومة عند مستوى 2800 دولار، تليها مقاومة عند 2826 دولاراً».

وتدخل الحملة الانتخابية المقررة في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) مرحلتها النهائية، مع احتدام المنافسة بين المرشحين دونالد ترمب وكامالا هاريس. من جهة أخرى، أسهمت توقعات خفض أسعار الفائدة الأميركية في دفع أسعار الذهب للارتفاع؛ إذ إن الفائدة المنخفضة تقلل من التكلفة البديلة لحيازة الذهب، الذي لا يدر عائداً.

وتشير التوقعات إلى أن صانعي السياسات في البنك المركزي الأميركي سيقررون خفضاً بمقدار ربع نقطة في تكاليف الاقتراض قصيرة الأجل الأسبوع المقبل؛ إذ أظهر تقرير وزارة العمل الأميركية انخفاض فرص العمل في سبتمبر (أيلول) إلى أدنى مستوى منذ يناير (كانون الثاني) 2021.

وأضاف وونغ: «إذا شهدنا أرقام تضخم مرتفعة أو تقرير وظائف قوياً، فقد نرى تقلبات في أسعار الذهب». ومن المقرر إصدار بيانات مهمة أخرى هذا الأسبوع، بما في ذلك تقرير التوظيف يوم الأربعاء، ونفقات الاستهلاك الشخصي يوم الخميس، وتقرير الرواتب يوم الجمعة.

وفي سياق متصل، خفض بنك «غولدمان ساكس» توقعاته لسعر الذهب من 3080 دولاراً إلى 3000 دولار بحلول ديسمبر (كانون الأول) 2025، مع الإبقاء على موقفه التصاعدي.

وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، انخفضت الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.6 في المائة، لتصل إلى 34.25 دولار للأوقية. كما انخفض البلاديوم بأكثر من 2 في المائة، ليبلغ 1197.75 دولار للأوقية، في حين ارتفع البلاتين بنسبة 0.3 في المائة إلى 1048.85 دولار.

وبالعودة إلى تقرير مجلس الذهب العالمي، فقد تباطأت مشتريات البنوك المركزية في الربع الثالث، ولكن الطلب ظل قوياً عند 186 طناً. وبلغ الطلب من البنوك المركزية حتى الآن 694 طناً، متماشياً مع الفترة نفسها من عام 2022.

في المقابل، ارتفع إجمالي المعروض من الذهب بنسبة 5 في المائة على أساس سنوي، مع زيادة بنسبة 3 في المائة في إنتاج المناجم، وزيادة بنسبة 11 في المائة في إعادة التدوير.

وقالت كبيرة محللي الأسواق في مجلس الذهب العالمي، لويز ستريت: «شهد الربع الثالث زيادة في الاستثمار ونشاطاً خارج البورصة، ما دعّم الطلب العالمي على الذهب، ودفع أداء الأسعار. وفي حين أدى ارتفاع أسعار الذهب إلى إضعاف الطلب في غالبية أسواق المستهلكين، فإن خفض الرسوم الجمركية على الواردات في الهند أبقى الطلب على المجوهرات والسبائك والعملات المعدنية مرتفعاً بشكل ملحوظ في بيئة تحطيم الرقم القياسي للأسعار».

وخلصت لويز ستريت «إلى أن (الخوف من تفويت الفرصة) بين المستثمرين كان المحرك الرئيسي لزيادة الطلب هذا الربع؛ إذ أعربوا عن رغبتهم في الشراء مع ارتفاع الأسعار، ما يعكس شعورهم بالتفاؤل إزاء احتمالات خفض أسعار الفائدة في المستقبل ودور الذهب بوصفه ملاذاً آمناً، في ظل عدم اليقين السياسي في الولايات المتحدة، وتصاعد الصراعات في الشرق الأوسط».

وأضافت: «بالنظر إلى المستقبل، فإن التغيُّر التدريجي في تدفقات الاستثمار في الذهب يعد اتجاهاً من المرجح استمراره، ما قد يبقي مستويات الطلب والأسعار مرتفعة. ومن جهة أخرى، شهدنا أكثر من 30 ارتفاعاً قياسياً في الأسعار خلال عام 2024، وستظل هذه البيئة تُشكل تحدياً للمستهلكين. ومع ذلك، فإن احتمالات النمو الاقتصادي تظل عاملاً آخر يخضع للمراقبة، وقد يرجح كفة الميزان».


مقالات ذات صلة

الذهب يستقر مع ترقب الأسواق بيانات الوظائف الأميركية

الاقتصاد عملة من أوركسترا فيينا الفيلهارمونية في ميونيخ تبلغ قيمتها أكثر من 5 ملايين يورو وليست للبيع (رويترز)

الذهب يستقر مع ترقب الأسواق بيانات الوظائف الأميركية

استقرت أسعار الذهب يوم الأربعاء، مع ترقُّب الأسواق مزيداً من بيانات الوظائف، وتعليقات رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع ببيت الذهب «برو أوره» بميونيخ (رويترز)

الذهب يرتفع بدعم من زيادة توقعات خفض الفائدة الأميركية

ارتفعت أسعار الذهب يوم الثلاثاء بدعم من توقعات مزدادة بخفض أسعار الفائدة الأميركية هذا الشهر، مع تحول التركيز إلى البيانات الاقتصادية المقبلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رقائق من ورق الذهب في طوكيو (رويترز)

الذهب يتراجع بفعل قوة الدولار وجني الأرباح... والتركيز على بيانات أميركية رئيسية

أنهت أسعار الذهب موجة صعود استمرت أربع جلسات لتهبط يوم الاثنين، تحت ضغط قوة الدولار الأميركي وجني الأرباح.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سبائك ذهبية في مصنع «أويغوسا» لفصل الذهب والفضة في فيينا (رويترز)

رغم الارتفاع... الذهب يتجه لتسجيل أكبر انخفاض شهري في عام

ارتفعت أسعار الذهب، يوم الجمعة، بدعم من ضعف الدولار وتصاعد التوترات الجيوسياسية، لكنها لا تزال على مسار تسجيل أكبر انخفاض شهري في أكثر من عام بعد فوز ترمب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع ببيت الذهب «برو أوره» بميونيخ (رويترز)

الذهب يتراجع بضغط من قوة الدولار... وبيانات التضخم الأميركي تثير الحذر

تراجعت أسعار الذهب، الخميس، بضغط من ارتفاع الدولار، في وقت يعكف فيه المستثمرون على تقييم بيانات اقتصادية حول الفائدة الأميركية.


بوتين: لماذا نراكم الاحتياطيات إذا كانت سهلة المصادرة؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحضر جلسة عامة في منتدى «في تي بي» للاستثمار في موسكو (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحضر جلسة عامة في منتدى «في تي بي» للاستثمار في موسكو (رويترز)
TT

بوتين: لماذا نراكم الاحتياطيات إذا كانت سهلة المصادرة؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحضر جلسة عامة في منتدى «في تي بي» للاستثمار في موسكو (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحضر جلسة عامة في منتدى «في تي بي» للاستثمار في موسكو (رويترز)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء، إنه يطرح تساؤلاً بشأن ضرورة الاحتفاظ بالاحتياطيات الحكومية بالعملات الأجنبية، في ظل إمكانية مصادرتها بسهولة لأسباب سياسية، مشيراً إلى أن الاستثمار المحلي لهذه الاحتياطيات يعدّ خياراً أكثر جذباً وموثوقية.

وكانت الدول الغربية قد جمدت نحو 300 مليار دولار من الاحتياطيات الروسية، التي تم جمعها من عائدات الطاقة الفائضة، في بداية حرب أوكرانيا عام 2022. وتُجري دول مجموعة السبع مناقشات حالياً حول كيفية استخدام هذه الأموال لدعم أوكرانيا، وفق «رويترز».

وقال بوتين في تصريحات أمام مؤتمر استثماري: «سؤال مشروع: لماذا نراكم الاحتياطيات إذا كان من السهل فقدانها؟». وأوضح أن استثمار المدخرات الحكومية في البنية التحتية واللوجيستيات والعلوم والتعليم يعدّ أكثر أماناً وفاعلية من الاحتفاظ بها في الأصول الأجنبية.

كما أشار بوتين إلى أن الإدارة الأميركية الحالية تساهم في إضعاف دور الدولار الأميركي بصفته عملةً احتياطية في الاقتصاد العالمي من خلال استخدامه لأغراض سياسية؛ مما يدفع الكثير من الدول إلى البحث عن بدائل، بما في ذلك العملات الرقمية.

وأضاف بوتين: «على سبيل المثال، من يستطيع حظر (البتكوين)؟ لا أحد». وأكد أن تطوير تقنيات الدفع الجديدة أصبح أمراً حتمياً، بالنظر إلى انخفاض تكلفتها وموثوقيتها العالية.