مستثمرو «خيارات الفائدة» يراهنون على فوز الجمهوريين وسط توقعات بتقلبات كبيرة

متداولون في قاعة «بورصة نيويورك»... (نيويورك)
متداولون في قاعة «بورصة نيويورك»... (نيويورك)
TT

مستثمرو «خيارات الفائدة» يراهنون على فوز الجمهوريين وسط توقعات بتقلبات كبيرة

متداولون في قاعة «بورصة نيويورك»... (نيويورك)
متداولون في قاعة «بورصة نيويورك»... (نيويورك)

مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية الأسبوع المقبل، ينفذ المستثمرون في «خيارات أسعار الفائدة» صفقات من شأنها تحقيق أرباح إذا استمرت أسعار الفائدة مرتفعة، مما يشير إلى أن السوق تسعّر على فوز الحزب الجمهوري.

وتستعد «سوق الخيارات» أيضاً لأكبر تقلبات في عوائد الخزينة الأميركية بعد الانتخابات، وذلك منذ أكثر من 30 عاماً. إذا فاز الجمهوريون بمجلسَيْ الكونغرس وبالرئاسة، فمن المرجح أن يؤدي ذلك إلى فرض رسوم جمركية أعلى، وبالتالي ارتفاع أسعار الفائدة، خصوصاً في نهايات منحنى العائد نتيجة للتضخم. كما أن زيادة ديون الخزينة الأميركية لتمويل عجز مالي كبير سترفع أيضاً العوائد على المدى الطويل، وفق «رويترز».

و«سوق الخيارات» هي سوق مالية تُتداول فيها خيارات الشراء والبيع، وهي عقود تمنح المستثمرين الحق، لكن ليس الالتزام، في شراء أو بيع أصل معين (مثل الأسهم أو السندات) بسعر محدد (سعر التنفيذ) في موعد معين أو قبل ذلك.

واشترى المستثمرون ما تُعرف بـ«خيارات (السواب) طويلة الأجل»، وهي صفقة تمنح المستثمرين الحق في دفع معدل ثابت والحصول على معدل متغير، مما يتيح لهم الاستفادة عندما تظل أسعار الفائدة مرتفعة.

وقال المدير الإداري لـ«استراتيجية الدخل الثابت» في «باركليز»، أمات ناسيكار: «تتصرف (سوق الخيارات) كما لو كان لديها احتمال أكبر لفوز الجمهوريين». وأكد: «هذه الحركة السعرية هي ما يمكنك توقعه: ارتفاع أسعار الفائدة وزيادة أسعار الفائدة على المدى الطويل».

ومع ذلك، فإذا فاز الديمقراطيون، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة الضرائب على الشركات والأسر ذات الدخل المرتفع، مما قد يؤثر سلباً على النمو الاقتصادي. ومن المرجح حدوث انخفاض في التضخم، وبالتالي قد يكون هناك تخفيف أكثر عدوانية من «بنك الاحتياطي الفيدرالي». في هذا السياق، من المتوقع أن تنخفض أسعار الفائدة، بقيادة الجزء الأمامي من المنحنى (التخفيض سيبدأ أولاً في أسعار الفائدة قصيرة الأجل).

وتعدّ «خيارات السواب»، التي تُستخدم للتحوط من مخاطر أسعار الفائدة، من القطاعات في سوق المشتقات المالية التي تتجاوز قيمتها 600 تريليون دولار. وتعكس المبادلات عموماً توقعات الأسعار مع «معدل التمويل المعزز بين البنوك (SOFR)» بوصفه معدلاً مرجعياً.

وشهدت «خيارات السواب» اهتماماً خاصاً في فترات استحقاق أطول بين 5 سنوات و30 عاماً، حيث ارتفعت تكلفة «التقلب الضمني»، وهو مقياس يُستخدم لتسعير هذه الخيارات، قبل أسابيع عدة مع ازدياد احتمالات فوز الرئيس السابق دونالد ترمب على منصات المراهنة مثل «بوليماركت». ومع ذلك، تظل المنافسة متكافئة في استطلاعات الرأي الوطنية.

ووصل «التقلب الضمني» بـ«خيارات السواب» لمدة شهر واحدة على أسعار «السواب» لمدة 30 عاماً، إلى أعلى مستوى له هذا العام، وهو 31.06 نقطة أساس في 21 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي. ثم انخفض إلى 30.5 نقطة أساس يوم الجمعة.

وقال ناسيكار: «النصف الطويل تاريخياً حساس للسياسة المالية بسبب الزيادة المتوقعة في إصدار الخزينة، التي تكون عادة أعلى في نهاية المنحنى».

كما ارتفعت «التقلبات الضمنية» على خيارات لمدة شهر واحدة لمواعيد استحقاق أطول؛ من 5 إلى 10 سنوات.

وقال «الاستراتيجي الأول» بأسعار الفائدة في «بنك أوف أميركا»، برونو برايزينها: «لقد زادت بمقدار أكبر بكثير مما شهدناه في دورات الانتخابات السابقة قبل انتخابات 2020».

ومع ارتفاع «التقلبات»، يراهن المستثمرون أيضاً على ارتفاع الأسعار لفترات استحقاق أطول، مثل أسعار «السواب» لمدة 30 عاماً، بمقدار 50 نقطة أساس إضافية، في غضون شهر. وارتفعت تكلفة الصفقات ذات الاستحقاق الأطول إلى أعلى مستوى لها في 18 شهراً يوم 22 أكتوبر الحالي، حيث بلغت 33 نقطة أساس، مما يشير إلى زيادة التوقعات بأن أسعار «السواب» لمدة 30 عاماً ستنتهي بارتفاع قدره 50 نقطة أساس في شهر. ومن المتوقع أيضاً أن ترتفع عوائد الخزينة لمدة 30 عاماً.

وقال برايزينها: «أسوأ السيناريوهات للسندات هو انتصارات الجمهوريين، والمستثمرون يتحوطون بنشاط الآن لحماية محافظهم».

إلى جانب فوز الجمهوريين، يستعد المستثمرون أيضاً لتحرك كبير يبلغ 18 نقطة أساس في عوائد الخزينة في أي اتجاه يوم 6 أو 7 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بناءً على مؤشر «موف (MOVE)». وهذا يعادل نحو مرتين ونصف أعلى من متوسط ما يتوقعه المؤشر حالياً للحركة اليومية المتوسطة على مدى شهر.

وكان مؤشرُ «موف (MOVE)»؛ المعيارُ لتقلبات الأسعار، قد بلغ 128.4 يوم الجمعة الماضي، مما يعكس توقعات بأن عوائد الخزينة عبر معظم فترات الاستحقاق ستتحرك بمعدل متوسط قدره 8 نقاط أساس في اليوم بأي اتجاه على مدار الأيام الثلاثين المقبلة.

وقال هارلي باسمان، مبتكر مؤشر «موف (MOVE)» والشريك الإداري في «سيمبليفاي آسيت مانجمنت»، إن «أسعار الخيارات» تنتظر تحركاً حاداً في عوائد الخزينة بعد الانتخابات، ربما الأكبر منذ حرب الخليج عام 1991. وأشار إلى أن تقلبات الأسعار كانت أعلى بكثير من سوق الأسهم، التي يشعر باسمان بأنها أصبحت أكثر هدوءاً بشأن الانتخابات.

وتشهد تقلبات الأسهم الأميركية انخفاضاً، حيث يعتقد باسمان أن أسواق الأسهم لا تهتم بمن سيفوز في الانتخابات. وقد اقترح كل من ترمب ونائبة الرئيس كامالا هاريس زيادات كبيرة في العجز بالموازنة من خلال زيادة الإنفاق المالي، وهو ما يُعدّ جيداً لسوق الأسهم والاقتصاد.

وقال: «سيكون هناك إنفاق ضخم على العجز بغض النظر عن الفائز، مما يخلق دافعاً مالياً كبيراً، يدفع بالتالي الاقتصاد نحو الأمام».


مقالات ذات صلة

«مبادلة» الإماراتية تبدأ بيع صكوك لأجل 5 سنوات

الاقتصاد شعار شركة «مبادلة» الإماراتية (الموقع الإلكتروني لشركة «مبادلة»)

«مبادلة» الإماراتية تبدأ بيع صكوك لأجل 5 سنوات

كشفت وثيقة مصرفية أن شركة «مبادلة» للاستثمار، أحد صناديق الثروة السيادية في أبوظبي، بدأت في تلقي عروض على صكوكها لأجل 5 سنوات المقومة بالدرهم الإماراتي.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد متداولون في قاعة التداول ببورصة نيويورك (رويترز)

الأسواق الأميركية ترتفع قبل تقارير أرباح شركات التكنولوجيا الكبرى

ارتفعت الأسهم الأميركية الاثنين مع اقتراب موعد تقارير الأرباح المرتقبة من شركات التكنولوجيا الكبرى

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد أوراق من اليورو والفرنك السويسري (رويترز)

عائدات السندات الحكومية بمنطقة اليورو تصل لأعلى مستوياتها

ارتفعت عائدات السندات الحكومية في منطقة اليورو إلى أعلى مستوياتها في عدة أسابيع يوم الاثنين متأثرة بتحركات سندات الخزانة الأميركية

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد متعامل يراقب تحرك أسعار الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

موجة بيع سندات الخزانة الأميركية تتردد أصداؤها في الأسواق العالمية

تسببت عمليات البيع المكثفة في سندات الخزانة الأميركية في إحداث موجات من التموجات عبر الأسواق من الذهب إلى العملات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في قاعة «بورصة نيويورك»... (رويترز)

ارتفاع الأسهم الأوروبية والعقود الآجلة الأميركية بعد موجة بيع سابقة

ارتفعت الأسهم الأوروبية والعقود الآجلة للأسهم الأميركية، يوم الخميس، بعد أن عانت أسواق الأسهم من عمليات بيع يوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (لندن - سيدني)

الاقتصاد السعودي يستعيد نموه بدعم الأنشطة غير النفطية

الاقتصاد السعودي يستعيد نموه بدعم الأنشطة غير النفطية
TT

الاقتصاد السعودي يستعيد نموه بدعم الأنشطة غير النفطية

الاقتصاد السعودي يستعيد نموه بدعم الأنشطة غير النفطية

استعاد الاقتصاد السعودي نموه في الربع الثالث من العام الحالي، مع استمرار نمو القطاع غير النفطي بسرعة، ليسجل ما نسبته 2.8 في المائة على أساس سنوي، وهو الأسرع منذ أوائل عام 2023. وحسب تقديرات أولية نشرتها «الهيئة العامة للإحصاء»، جاء النمو غير النفطي بواقع 4.2 في المائة على أساس سنوي، بانخفاض عن 4.9 في المائة في الربع الثاني. في حين نمت الأنشطة النفطية بواقع 0.3 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث، بعد انكماشها على مدى فصول سابقة. وكان القطاع قد انكمش بمعدل 8.9 في المائة في الربع الثاني.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد السعودي بنسبة 1.5 في المائة هذا العام، و4.6 في المائة في العام المقبل. في حين توقعت وزارة المالية السعودية، في البيان التمهيدي لموازنة عام 2025، أن يسجل النمو ما نسبته 0.8 في المائة في 2024، مدعوماً بنمو الأنشطة غير النفطية التي ترجح الوزارة أن تسجّل ما يقارب 3.7 في المائة.

تعافي الاقتصاد

وفي هذا الإطار، قال كبير الاقتصاديين في «بنك الرياض»، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا التحول الإيجابي في الناتج المحلي يعكس تعافي الاقتصاد من التحديات السابقة؛ حيث إن الأنشطة غير النفطية تُسهم بدور محوري في تعزيز النمو الاقتصادي.

وأوضح أن «رؤية 2030» تتضمّن مجموعة من المبادرات الاستراتيجية التي تسعى لتحفيز الطلب المحلي وزيادة الإنتاجية في مختلف القطاعات، و«هذه الجهود أدت إلى تعزيز الثقة بالأسواق المحلية؛ مما انعكس بشكل إيجابي على مؤشرات الأداء الاقتصادي، مثل مؤشر (بنك الرياض) للقطاع غير النفطي، الذي أظهر توجهات توسعية واضحة».

وقال: «تُسهم هذه المبادرات في تنشيط جانب الطلب المحلي، حيث تعمل على تطوير البنية التحتية، وتحسين بيئة الأعمال، وجذب الاستثمارات الأجنبية. هذه الجهود لا تدعم فقط النمو الاقتصادي المستدام، بل تُسهم أيضاً في خلق فرص عمل جديدة وزيادة التنوع الاقتصادي».

وأوضح أنه من المتوقع أن يستمر النمو في القطاع غير النفطي بمعدلات تتجاوز 4 في المائة خلال العام الحالي. وقال إن «هذا النمو يُعدّ مؤشراً إيجابياً على قدرة الاقتصاد السعودي على التكيّف مع المتغيرات العالمية والمحلية، والاستفادة من الفرص المتاحة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة». ويعُدّ الغيض أن هذا النمو الإيجابي في الناتج المحلي الإجمالي يعكس قدرة المملكة على تنفيذ استراتيجيات فعّالة لتعزيز النمو الاقتصادي، وتقليل التأثيرات السلبية للانكماش السابق. ويشير إلى إمكانية تحقيق مزيد من التقدم في المستقبل، مع استمرار التركيز على تنفيذ مشروعات «رؤية 2030» وتعزيز الدور المحوري للقطاعات غير النفطية في دعم الاقتصاد الوطني.

الأداء الإيجابي

من جهته، أرجع عضو «جمعية الاقتصاد» السعودية، الدكتور عبد الله الجسار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، هذا النمو بشكل رئيسي إلى الأداء الإيجابي للقطاعات غير النفطية، مثل: السياحة، والترفيه، والخدمات اللوجيستية، التي شهدت توسعاً سريعاً بفعل الإصلاحات الاقتصادية التي تنفّذها المملكة في إطار «رؤية 2030»، الهادفة إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط مصدراً رئيسياً للإيرادات.

وأوضح الجسار أن الارتفاع في الأنشطة النفطية جاء بتأثير من استقرار أسعار النفط عند مستويات ملائمة تدعم النمو، ويرجع ذلك إلى السياسات التي اتخذها تحالف «أوبك بلس»، للحفاظ على مستويات الإنتاج بما يضمن استقرار أسواق النفط العالمية بعيداً عن المؤثرات الخارجية.

وشرح الجاسر أن تحسّن بيئة العمل وتراجع معدلات البطالة كان لهما وقع إيجابي على الاقتصاد؛ حيث زادا من الطلب المحلي وأسهما في دعم الاستهلاك الخاص، ما يعكس ديناميكية صحية في سوق العمل السعودية. كما أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر أدت إلى تحفيز نمو قطاعات اقتصادية ناشئة، وأسهمت في تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد.

وقال: «أعتقد أن تقديرات وزارة المالية بأن يبلغ معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي 0.8 في المائة لعام 2024 تأخذ في الاعتبار الأداء المستدام والمتوازن للاقتصاد خلال العام بأكمله، حيث يشير التقدير السنوي إلى أن النمو الكلي للاقتصاد سيظل مستقراً، مع تزايد إسهامات القطاعات غير النفطية التي تستمر في تحقيق نمو ملحوظ وتوسعٍ أسهم في دفع عجلة الاقتصاد نحو الأمام».