موجة بيع سندات الخزانة الأميركية تتردد أصداؤها في الأسواق العالمية

تتجه نحو تسجيل أحد أسوأ شهورها في سنوات مع عودة التقلبات قبيل الانتخابات

متعامل يراقب تحرك أسعار الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متعامل يراقب تحرك أسعار الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

موجة بيع سندات الخزانة الأميركية تتردد أصداؤها في الأسواق العالمية

متعامل يراقب تحرك أسعار الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متعامل يراقب تحرك أسعار الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

تسببت عمليات البيع المكثفة في سندات الخزانة الأميركية في إحداث موجات من التموجات عبر الأسواق من الذهب إلى العملات، حيث حذر المستثمرون من أن التقلبات «محصورة» قبل الانتخابات الرئاسية الشهر المقبل.

تتجه سندات الحكومة الأميركية نحو تسجيل أحد أسوأ شهورها في السنوات الأخيرة، حيث ارتفعت عائدات 10 سنوات بنحو 0.4 نقطة مئوية إلى 4.2 في المائة بعد أن دفعت البيانات الاقتصادية القوية و«تجارة ترمب» الناشئة المتداولين إلى إعادة رسم توقعاتهم لمسار أسعار الفائدة، وفق ما ذكرت صحيفة «فايننشال تايمز».

جاء الانعكاس بعد أسابيع فقط من إشارة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إلى أن عصر التيسير بدأ بخفض نصف نقطة مئوية، مما دفع المستثمرين إلى توقع خفض آخر بمقدار ربع نقطة على الأقل في الاجتماعين المتبقيين هذا العام.

أما الآن، فقد دفعت البيانات الاقتصادية القوية والرهانات على تزايد احتمالية فوز الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية، مما يؤدي إلى سياسات انكماشية، المستثمرين إلى تقليص تلك الرهانات.

ترمب يوجه التحية إلى أنصاره بعد أن تحدث في تجمع انتخابي في مطار شيري كابيتال (أ.ب)

تراجع عن الحماسة المفرطة

وقال مايك كودزيل، مدير المحفظة في «بيمكو»، إن المستثمرين «يتراجعون عن بعض الـحماسة المفرطة» بعد خفض أسعار الفائدة من قِبَل الاحتياطي الفيدرالي. ولفت إلى أنه «نمط ترسخت آثاره في الأسواق على مدى الأشهر الثمانية عشرة الماضية. فالأسواق تمسك بسردية معينة وتنفذها، وتتجاوزها، وتدفع الأسعار إلى الارتفاع إلى أبعد مما ينبغي».

وقال روب بوروز، مدير صندوق السندات الحكومية في شركة «إم آند جي» للاستثمارات، إن بعض الرهانات الحذرة كانت مدفوعة بـ«الخوف من تفويت دورات خفض أسعار الفائدة» بالنسبة للمستثمرين الذين اعتادوا على حقبة انخفاض أسعار الفائدة التي أعقبت الأزمة المالية العالمية.

ثم مع أرقام الوظائف القوية التي دعمت الرأي القائل إن هناك حاجة إلى تخفيضات أقل حدة، «انتاب الخوف السوق»، كما أضاف بوروز. وقال «في بعض الأحيان يكون الباب صغيراً ونحاول جميعاً الهروب من نفس الباب».

تحول اجتاح العالم

لقد اجتاح التحول الأميركي الأسواق العالمية: حقق الدولار أفضل شهر له خلال عامين مقابل سلة من العملات، حيث ارتفع بأكثر من 3 في المائة خلال الشهر الماضي.

وأدى ذلك إلى انخفاض الين الياباني إلى ما دون مستوى 150 يناً للدولار، مما دفع المسؤولين إلى التحذير من ضعف العملة، في حين عانى البيزو المكسيكي -الذي كان ضحية لتهديد الرئيس السابق دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على السيارات المستوردة- أيضاً.

وقال مارك كابانا، رئيس استراتيجية أسعار الفائدة الأميركية في «بنك أوف أميركا»، إن البيانات الاقتصادية الأخيرة «سكبت الماء البارد» على الحاجة إلى خفض آخر لأسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، و«أجبرت» السوق على التراجع عن توقعاتها بحدوث ركود في الولايات المتحدة.

متعاملون في بورصة لندن للمعادن (رويترز)

مصير الفائدة لما تبقى من هذا العام

ويظهر التداول في أسواق المقايضات أن هناك احتمالاً كبيراً بأن يبقي الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في أحد اجتماعيه المتبقيين هذا العام. وبلغت التقلبات في سوق سندات الخزانة، وفقاً لقياس مؤشر «آيس بنك أوف أميركا موف»، هذا الأسبوع أعلى مستوى لها منذ نهاية العام الماضي حيث قام المتداولون بتعديل مراكزهم.

وقال أكشاي سينغال، رئيس تداول أسعار الفائدة قصيرة الأجل في «سيتي غروب»: «تأتي حالة عدم اليقين من عدة أماكن - الأساسيات الاقتصادية، ووظيفة رد فعل الاحتياطي الفيدرالي والبيئة السياسية، والتي يمكن أن تدفع إلى تغييرات في السياسة المالية». وأضاف أن مسار خفض أسعار الفائدة «أوسع بكثير مما كان عليه في الماضي»، قائلاً هناك سيناريو معقول حيث لن يخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة على الإطلاق في عام 2025 وآخر حيث خفضها بمقدار 1.25 نقطة مئوية أو أكثر. وقال العديد من المستثمرين إن التقلبات وعدم اليقين الأكبر جاء من تركيز السوق الأكبر على بيانات الوظائف بعد أن بدأ التضخم في الانخفاض. فالرقم الضعيف غير المتوقع في يوليو (تموز)، والذي مهد الطريق لقرار الاحتياطي الفيدرالي خفضاً بمقدار نصف نقطة مئوية، أعقبه بعد شهرين تقرير الوظائف الذي حطم التوقعات.

وقال ويليام فوغان، مدير المحفظة المساعد في شركة «برانديواين» لإدارة الاستثمارات العالمية، إنه بالنسبة لأسواق السندات العالمية «التقلبات محصورة على المدى القصير إلى المتوسط» حيث يترقب المستثمرون موازنة المملكة المتحدة والانتخابات الأميركية وقرارات البنوك المركزية الرئيسية.

يُضاف إلى ذلك التوقعات بأن تقلص احتمالات فوز ترمب في الانتخابات قد زاد من احتمالية فرض التعريفات الجمركية والتخفيضات الضريبية وغيرها من السياسات التي ستؤجج التضخم المحلي، وتضغط على عوائد السندات.

متداولو العملات يراقبون شاشات في غرفة تداول العملات الأجنبية في مقر بنك «كيب هانا» في سيول (أ.ب)

ارتفاع علاوة الأجل

وقد أشار الخبراء الاستراتيجيون إلى ارتفاع ما يسمى بعلاوة الأجل - وهي نسبة عوائد السندات طويلة الأجل التي لا تعكس توقعات أسعار الفائدة على المدى القريب - باعتبارها وكيلاً لمخاوف المستثمرين بشأن الاقتراض المكثف من قبل الحكومات.

وأدت الشكوك المالية والسياسية إلى رفع أصول الملاذ الآمن الأخرى مثل المعادن الثمينة، مما ساعد على دفع الذهب إلى مستوى قياسي مرتفع.

ويستعد مستثمرو سندات الخزانة الآن لفترة طويلة من عدم اليقين بشأن الانتخابات ولكن أيضاً بشأن الاقتصاد، حيث من المتوقع أن تجعل الإضرابات والأعاصير في أكتوبر (تشرين الأول) بيانات الوظائف الأميركية لهذا الشهر صعبة القراءة.

وقالت لورا كوبر، رئيسة الائتمان الكلي في شركة إدارة الأصول «نوفين»: «سيكون من الصعب فك رموز مكاننا في (الدورة الاقتصادية) الأميركية لأن هذه البيانات ستكون صاخبة للغاية».

ومع ذلك، يُحذر بعض المستثمرين الآن من أن العوائد ربما تكون قد ارتفعت أكثر من اللازم، فيما لا يزال من المتوقع أن تكون دورة تيسير بالنسبة للولايات المتحدة ومعظم البنوك المركزية الرئيسية الأخرى.

فقد أشار جيم كارون، كبير مسؤولي الاستثمار في مجموعة حلول المحافظ الاستثمارية لدى «مورغان ستانلي» لإدارة الاستثمار، إلى أن التضخم كان يتجه نحو الانخفاض، ولا يزال من المتوقع أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة. أضاف «في النهاية، قد تظل عوائد السندات محتواة ومن غير المحتمل أن يكون هذا بداية اتجاه جديد نحو عوائد أعلى (ولكن) مجرد تعديل».


مقالات ذات صلة

قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد صورة لعلم على مبنى البنك الوطني السويسري في برن (رويترز)

الأكبر له منذ أكثر 10 سنوات... البنك الوطني السويسري يخفّض الفائدة بـ50 نقطة أساس

خفّض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس يوم الخميس، وهو أكبر تخفيض له منذ ما يقرب من 10 سنوات.

«الشرق الأوسط» (برن)
الاقتصاد محافظ بنك الاحتياطي الهندي المعين حديثاً سانجاي مالهوترا في مؤتمر صحافي (أ.ف.ب)

المحافظ الجديد لـ«المركزي» الهندي يتولّى منصبه مع تباطؤ النمو وارتفاع التضخم

عيّنت الهند محافظاً جديداً للبنك المركزي، الأربعاء، مع تباطؤ النمو الاقتصادي في البلاد وارتفاع التضخم.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع ببيت الذهب «برو أوره» بميونيخ (رويترز)

الذهب قُرب أعلى مستوى في أسبوعين وسط تركيز على بيانات التضخم الأميركي

ظلت أسعار الذهب قُرب ذروة أسبوعين، بدعم من تصاعد التوترات الجيوسياسية، وتوقعات إقدام مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» على خفض آخر لأسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رجل يقف بالقرب من شاشة تعرض لقطات إخبارية للرئيس الصيني شي جينبينغ في مبنى لجنة تنظيم الأوراق المالية  (رويترز)

في أول تحول من نوعه منذ 2010... الصين تقرر تبني سياسة نقدية متساهلة

في أول تحول من نوعه نحو التيسير منذ عام 2010، قررت الصين تبنّي سياسة نقدية «متساهلة بشكل مناسب»، العام المقبل، بوصفه جزءاً من خطوات لدعم النمو الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (بكين)

السعودية تُرتب تسهيلات ائتمانية بـ2.5 مليار دولار لتمويل الميزانية

العاصمة السعودية الرياض (واس)
العاصمة السعودية الرياض (واس)
TT

السعودية تُرتب تسهيلات ائتمانية بـ2.5 مليار دولار لتمويل الميزانية

العاصمة السعودية الرياض (واس)
العاصمة السعودية الرياض (واس)

أعلن المركز الوطني لإدارة الدَّين في السعودية إتمام ترتيب اتفاقية تسهيلات ائتمانية دوَّارة متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية؛ بهدف تمويل احتياجات الميزانية العامة بقيمة 2.5 مليار دولار (ما يعادل 9.4 مليار ريال)، تمتد على مدى ثلاث سنوات، وقد جرى تأمينه بمشاركة ثلاث مؤسسات مالية إقليمية ودولية.

ووفق بيانٍ، نشره المركز، الخميس، يأتي ترتيب هذه التسهيلات الائتمانية ضمن استراتيجية المملكة للدين العام متوسطة المدى، بتنويع مصادر التمويل لتلبية الاحتياجات التمويلية بتسعير عادل، ضمن أُطر وأسس مدروسة لإدارة المخاطر، ووفقاً لخطة الاقتراض السنوية المعتمَدة باستغلال فرص الأسواق لتنفيذ عمليات التمويل الحكومي البديل التي من شأنها تعزيز النمو الاقتصادي، مثل تمويل المشاريع التنموية ومشاريع البنية التحتية.