من رياح الدنمارك إلى صلب الهند... دائرة تهديدات «المنافسة الصينية» تزداد

اتفاق مع أوروبا على مزيد من المحادثات بشأن بدائل رسوم السيارات

سيارات جديدة أغلبها واردة من الصين في ميناء زيبروغ في بلجيكا (رويترز)
سيارات جديدة أغلبها واردة من الصين في ميناء زيبروغ في بلجيكا (رويترز)
TT

من رياح الدنمارك إلى صلب الهند... دائرة تهديدات «المنافسة الصينية» تزداد

سيارات جديدة أغلبها واردة من الصين في ميناء زيبروغ في بلجيكا (رويترز)
سيارات جديدة أغلبها واردة من الصين في ميناء زيبروغ في بلجيكا (رويترز)

يبدو أن دائرة التهديدات التي تمثلها الصين للأسواق تزداد، وبينما تشتعل جبهة الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية مع الاتحاد الأوروبي، فإن قضايا أخرى لا تزال ساخنة في مناطق أخرى، تمتد من الدنمارك إلى الهند.

وقالت المفوضية الأوروبية يوم الجمعة إن الاتحاد الأوروبي والصين اتفقا على إجراء مزيد من المفاوضات الفنية قريبا بشأن البدائل المحتملة للرسوم الجمركية على المركبات الكهربائية المصنعة في الصين، على الرغم من وجود فجوات كبيرة في الأفكار المطروحة.

ومن المقرر أن يفرض الاتحاد الأوروبي رسوما جمركية إضافية تصل إلى 35.3 في المائة الأسبوع المقبل على المركبات الكهربائية المصنعة في الصين عند انتهاء تحقيقاته في مكافحة الدعم، لكنه قال إن المحادثات يمكن أن تستمر بعد ذلك.

وينظر الجانبان في التزامات محتملة بالحد الأدنى للسعر من المنتجين الصينيين، أو الاستثمارات في أوروبا كبديل للرسوم الجمركية.

وقالت المفوضية بعد مكالمة فيديو بين كبير مسؤولي التجارة بالاتحاد الأوروبي فالديس دومبروفسكيس ووزير التجارة الصيني وانغ وينتاو: «اتفق المسؤولان الرئيسيان على إجراء المزيد من المفاوضات الفنية قريبا».

وعقدت المفوضية الأوروبية، التي تشرف على السياسة التجارية للاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة، ثماني جولات من المفاوضات الفنية مع نظرائها الصينيين، وقالت إن هناك «فجوات كبيرة متبقية». وقالت المفوضية إن دومبروفسكيس ووانغ أكدا التزامهما بإيجاد حل مقبول للطرفين، والذي سيحتاج إلى ضمان تكافؤ الفرص في سوق الاتحاد الأوروبي والتوافق مع قواعد منظمة التجارة العالمية.

وحثت الصين الاتحاد الأوروبي قبل أسبوعين على عدم إجراء مفاوضات منفصلة مع الشركات، محذرة من أن هذا من شأنه أن «يهز أسس» المفاوضات. وقالت المفوضية إن دومبروفسكيس أكد أن مفاوضات المفوضية الأوروبية مع غرفة التجارة الصينية لاستيراد وتصدير الآلات والمنتجات الإلكترونية لا تستبعد المناقشات مع المصدرين الأفراد. كما أثار دومبروفسكيس مخاوف بشأن تحقيقات الصين في براندي الاتحاد الأوروبي ولحم الخنزير ومنتجات الألبان، قائلاً إن الاتحاد الأوروبي وجدها إجراءات «غير مبررة».

الصلب الهندي

وفي مكان آخر من العالم، قال مسؤول حكومي هندي كبير مطلع على الأمر، إن علامات تحسن العلاقات بعد يوم من لقاء زعيمي الهند والصين من غير المرجح أن تثني نيودلهي عن خططها لفرض الرسوم الجمركية على الصلب، لأنها ليست إجراءات خاصة بكل دولة.

وتكافح مصانع الصلب الهندية في ثاني أكبر منتج للصلب الخام في العالم تدفق الواردات الرخيصة، وخاصة تلك القادمة من الصين، والتي بلغت أعلى مستوى لها في سبع سنوات خلال الفترة من أبريل (نيسان) إلى أغسطس (آب) الماضيين.

وأثار ارتفاع صادرات الصلب الصينية شكاوى من عدد متزايد من الدول، حيث فرضت بعضها، مثل تركيا وإندونيسيا، رسوم إغراق، قائلة إن تدفق الصلب الصيني الرخيص يضر بالمصنعين المحليين.

وفي الأسبوع الماضي، ذكرت وكالة رويترز أن وزارة الصلب الهندية تدعم فرض تعريفة مؤقتة أو «رسوم وقائية»، وهو إجراء واسع النطاق يشمل أيضا الدول التي أبرمت معها الدولة الواقعة في جنوب آسيا اتفاقيات تجارة حرة.

ولكن بعد يوم من عقد رئيس الوزراء ناريندرا مودي والرئيس الصيني شي جينبينغ أول محادثات رسمية بينهما منذ خمس سنوات على هامش قمة مجموعة البريكس في روسيا، قال المصدر إن تحسين العلاقات لم يؤد إلى تغيير في خطة التعريفة.

وأضاف المصدر، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، لأن المداولات غير علنية، «إذا تم طرح الرسوم، فسوف تكون ضد الجميع، جميع البلدان. ​​والرسوم الوقائية ليست موجهة ضد أي دولة بعينها». وأضاف المصدر أن اتخاذ قرار بشأن خطة فرض مثل هذه التعريفة سيستغرق ما يصل إلى ستة أشهر.

ولم يستجب المتحدثون باسم وزارتي الصلب والمالية في الهند على الفور لرسالة بريد إلكتروني من «رويترز» لطلب التعليق.

وحول النمو الاقتصادي السريع وزيادة الإنفاق على البنية الأساسية الهند إلى نقطة ساخنة عالمية لنمو الطلب على الصلب مع بقاء الأسواق ضعيفة في أوروبا والولايات المتحدة. وكانت نيودلهي مستوردا صافيا منذ السنة المالية الماضية.

وأثار كبار منتجي الصلب في الهند، مثل «جيه إس دبليو ستيل» و«تاتا ستيل» و«أرسيلور ميتال نيبون ستيل إنديا»، مخاوف بشأن الواردات الأرخص من الصين.

طاقة الرياح

وفي مسألة أخرى منفصلة تتعلق بالمنافسة الصينية، قال وزير المناخ والطاقة الدنماركي يوم الخميس إن الدنمارك ستسعى إلى التوصل إلى نهج مشترك للاتحاد الأوروبي بشأن كيفية التعامل مع المنافسة الصينية المتزايدة في سوق طاقة الرياح الأوروبية.

وتهيمن شركتا تصنيع توربينات الرياح المحليتان «فيستاس» و«سيمنس» على سوق توربينات الرياح الأوروبية، لكن شركات تصنيع التوربينات الصينية اكتسبت زخما في المنطقة مؤخرا، ما أضاف إلى المخاوف في صناعة الاتحاد الأوروبي من أنها تواجه تهديدا وجوديا.

وقال وزير الطاقة والمناخ الدنماركي لارس أغارد لـ«رويترز»: «بالنسبة لي كوزير دنماركي، ومع الدور الذي تلعبه صناعة توربينات الرياح في بلدنا، فأنا بالطبع قلق بشأن ما إذا كانت الشركات المصنعة الأوروبية تتفوق عليها المساعدات الحكومية بطريقة غير عادلة».

وكان يتحدث قبل اجتماع بين وزراء الطاقة من دول بحر الشمال ومفوضية الاتحاد الأوروبي وقادة الصناعة لمناقشة التحديات الحالية في تلبية أهدافهم الطموحة. وقال أغارد في إشارة إلى زيادة المنافسة الصينية: «من المهم أن نحصل على بعض الإجابات الأوروبية المشتركة، لأنه تحدٍّ سيكون من الصعب للغاية التعامل معه على المستوى الوطني».

وفي أبريل (نيسان)، قال الاتحاد الأوروبي إنه سيحقق في الإعانات التي يتلقاها الموردون الصينيون لتوربينات الرياح المخصصة لأوروبا، وهي خطوة تهدف إلى حماية الشركات المحلية من منتجات التكنولوجيا النظيفة الرخيصة.

وفي العام الماضي، تعهدت دول بحر الشمال ببناء 120 غيغاواط من طاقة الرياح البحرية بحلول عام 2030، وما لا يقل عن 300 غيغاواط من طاقة الرياح البحرية في بحر الشمال بحلول عام 2050، أي ما يعادل حوالي 20 ألف توربين رياح بحرية.

ووفقًا لبيانات من مجموعة الصناعة «وينديوروب»، فإن أوروبا بأكملها لديها اليوم 35 غيغاواط من الطاقة البحرية المثبتة. وقال أغارد إنه «من الجيد أن يكون لدينا أهداف طموحة»، لكنه أقر بأن هذه الأهداف تم تحديدها في وقت انخفضت فيه تكاليف بناء طاقة الرياح البحرية.


مقالات ذات صلة

فرنسا تقترح يوم عمل مجانياً سنوياً لتمويل الموازنة المثقلة بالديون

الاقتصاد عامل في مصنع «رافو» الذي يزوِّد وزارة الدفاع الفرنسية وشركات الطيران المدني الكبرى بالمعدات (رويترز)

فرنسا تقترح يوم عمل مجانياً سنوياً لتمويل الموازنة المثقلة بالديون

تواجه موازنة فرنسا الوطنية أزمة خانقة دفعت المشرعين إلى اقتراح قانون يُلزم الفرنسيين العمل 7 ساعات إضافية كل عام دون أجر، وهي ما تعادل يوم عمل كاملاً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد جانب من توقيع الاتفاقية في تونس (الصندوق)

تمويل كويتي بـ32 مليون دولار لتطوير الخطوط الحديدية لنقل الفوسفات في تونس

وقَّع الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، الخميس، اتفاقية قرض مع حكومة الجمهورية التونسية بمبلغ 10 ملايين دينار كويتي (32 مليون دولار).

«الشرق الأوسط» (تونس)
الاقتصاد البنك المركزي التركي

«المركزي التركي» يثبّت سعر الفائدة عند 50 % للشهر الثامن

أبقى البنك المركزي التركي على سعر الفائدة عند 50 في المائة دون تغيير، للشهر الثامن، مدفوعاً بعدم ظهور مؤشرات على تراجع قوي في الاتجاه الأساسي للتضخم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد أشخاص يعبرون الطريق في شينجوكو، طوكيو (رويترز)

اليابان تخطط لإنفاق 90 مليار دولار في حزمة تحفيزية جديدة

تفكر اليابان في إنفاق 13.9 تريليون ين (89.7 مليار دولار) من حسابها العام لتمويل حزمة تحفيزية جديدة تهدف إلى التخفيف من تأثير ارتفاع الأسعار على الأسر.

«الشرق الأوسط» (طوكيو )
الاقتصاد منظر عام لأفق مدينة عمان (رويترز)

الأردن يقر موازنة 2025 ويخفض العجز الأولي إلى 2%

أقر مجلس الوزراء الأردني مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2025، تمهيداً لإحالته إلى مجلس الأمة خلال الأيام المقبلة.

«الشرق الأوسط» (عمان)

عصر ذهبي جديد للعملات المشفرة مع تجاوز قيمتها السوقية 3 تريليونات دولار

تمثيلات عملات الريبل والبتكوين والإيثيريوم واللايتكوين الرقمية (رويترز)
تمثيلات عملات الريبل والبتكوين والإيثيريوم واللايتكوين الرقمية (رويترز)
TT

عصر ذهبي جديد للعملات المشفرة مع تجاوز قيمتها السوقية 3 تريليونات دولار

تمثيلات عملات الريبل والبتكوين والإيثيريوم واللايتكوين الرقمية (رويترز)
تمثيلات عملات الريبل والبتكوين والإيثيريوم واللايتكوين الرقمية (رويترز)

وسط موجة من التفاؤل والتوقعات بتحولات جذرية، حافظت سوق العملات المشفرة على زخم صعودي قوي عقب فوز الرئيس المنتخب دونالد ترمب في انتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني). هذا الحدث لم يكن مجرد منعطف سياسي، بل شكل لحظة فارقة في تاريخ العملات المشفرة؛ إذ ارتفعت قيمة «البتكوين» بشكل هائل حيث وصلت إلى ما يقرب من 100 ألف دولار.

ولم تقتصر هذه الطفرة على «البتكوين» فقط، بل امتدت إلى العملات المشفرة البديلة، مما أدى إلى تجاوز القيمة السوقية الإجمالية للعملات المشفرة 3 تريليونات دولار، وهو إنجاز غير مسبوق يعكس عمق التحولات في سوق الأصول المشفرة. وفي ظل هذه الأجواء، يراهن المستثمرون على أن دعم الإدارة الجديدة للعملات المشفرة قد يمهد الطريق لعصر ذهبي لهذه الأصول، مدعوماً بمؤشرات قوية على زيادة الاهتمام المؤسسي والمشاركة المالية على نطاق واسع.

ويوم الخميس، تسارعت وتيرة ارتفاع سعر «البتكوين» نحو حاجز الـ100 ألف دولار، حيث تجاوزت قيمته 98 ألف دولار لأول مرة خلال التداولات الأوروبية، مسجلاً ارتفاعاً بنحو 4 في المائة وفق «رويترز». وقد شهدت العملة قفزة هائلة هذا العام؛ إذ تضاعف سعرها وارتفع بنحو 40 في المائة خلال الأسبوعين الأخيرين، عقب انتخاب ترمب رئيساً، إلى جانب فوز عدد من النواب المؤيدين للعملات المشفرة بمقاعد في الكونغرس.

وفي هذا السياق، صرّح توني سيكامور، المحلل لدى شركة «آي جي ماركتس»، قائلاً: «رغم أن السعر الحالي يبدو في منطقة مبالغ فيها، فإن الاتجاه العام يشير بوضوح إلى استهداف مستوى 100 ألف دولار بثبات».

كما تدفق أكثر من 4 مليارات دولار إلى صناديق تداول «البتكوين» المدرجة في الولايات المتحدة منذ الانتخابات. وشهد هذا الأسبوع نشاطاً قوياً في الخيارات المرتبطة بصندوق «بلاك روك» المدرج، حيث هيمنت الخيارات الشرائية التي تتوقع ارتفاع السعر على الخيارات البيعية التي تتوقع انخفاضه.

وفي موازاة ارتفاع سعر «البتكوين»، قفزت أسهم الشركات المرتبطة بالعملات المشفرة بشكل ملحوظ. فقد ارتفعت أسهم شركة «مارا هولدينغز»، المتخصصة في تعدين «البتكوين»، بنسبة تقارب 14 في المائة، بينما سجلت أسهم شركة «مايكروستراتيجي»، المعروفة باقتنائها كميات كبيرة من «البتكوين»، زيادة بنسبة 10 في المائة لتصل قيمتها السوقية إلى أكثر من 100 مليار دولار.

من جانبه، علّق ويل بيك، رئيس الأصول الرقمية في شركة «ويزدم تري»، قائلاً: «يتساءل الكثير من المتابعين عن قدرة الإدارة الحالية على تقديم الوضوح التنظيمي الذي ينتظره مجتمع العملات المشفرة. ومع ذلك، قد يكون من السابق لأوانه تحديد مدى تحقق ذلك بدقة».

وقد عززت السوق تفاؤلها بعد تقارير تفيد بتفاوض مجموعة «ترمب ميديا» للاستحواذ على منصة «باكت» للعملات المشفرة، مما أضاف زخماً إيجابياً. كما أن الاجتماع الخاص الذي عقده ترمب مع الرئيس التنفيذي لشركة «كوين بيس»، براين أرمسترونغ، أثار تكهنات حول احتمال تعيين شخصية مؤيدة للعملات المشفرة لرئاسة هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية قريباً. مثل هذا التوجه قد يعزز الثقة بالسوق، ويعطي دفعة إضافية لهذه العملات على الساحة الاقتصادية.

وفي خطوة تعكس الاهتمام المؤسسي المتزايد، بدأ، الثلاثاء، التداول في صناديق الاستثمار المتداولة بـ«البتكوين» (Bitcoin ETFs) على منصة «ناسداك»، مسجلةً حجم تداول بلغ نحو 2 مليار دولار في اليوم الأول. ويُبرز هذا الإقبال الكبير الدعم المتزايد من المؤسسات المالية، خاصة بعد اعتماد صناديق البتكوين الفورية (Spot Bitcoin ETFs) التي ساهمت في جذب مستثمرين مؤسسيين إلى هذا القطاع.

على صعيد موازٍ، أظهر مؤشر مشاعر المستثمرين حالة من التفاؤل المفرط، حيث بلغ مؤشر الخوف والطمع للعملات المشفرة مستوى 90 من 100، الثلاثاء، مشيراً إلى «الجشع الشديد». وتُعد هذه النتيجة دليلاً على التفاؤل الكبير الذي يسود بين المستثمرين، ما يعزز التوقعات بمواصلة «البتكوين» مسيرتها التصاعدية في الفترة المقبلة.