ألمانيا تراهن على الهند لتقليل الاعتماد على الصين

أولاف شولتز يقود وفداً رفيع المستوى إلى نيودلهي لاستكشاف فرص الاستثمار

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدث مع المستشار الألماني أولاف شولتز خلال قمة مجموعة السبع بإيطاليا 14 يونيو 2024 (رويترز)
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدث مع المستشار الألماني أولاف شولتز خلال قمة مجموعة السبع بإيطاليا 14 يونيو 2024 (رويترز)
TT

ألمانيا تراهن على الهند لتقليل الاعتماد على الصين

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدث مع المستشار الألماني أولاف شولتز خلال قمة مجموعة السبع بإيطاليا 14 يونيو 2024 (رويترز)
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدث مع المستشار الألماني أولاف شولتز خلال قمة مجموعة السبع بإيطاليا 14 يونيو 2024 (رويترز)

يقود المستشار أولاف شولتز وفداً رفيع المستوى إلى نيودلهي، هذا الأسبوع، مراهناً على أن زيادة الوصول إلى السوق الهندية الشاسعة يمكن أن تقلل اعتماد ألمانيا على بكين، حتى لو لم تتحول الهند إلى «الصين الجديدة».

ومن السيارات إلى الخدمات اللوجستية، تتحمس الشركات الألمانية، إلى حد كبير، لإمكانات النمو في الهند، مستفيدة من ثروة من العمال الشباب المهرة، وقاعدة تكلفة أرخص، ونمو اقتصادي يبلغ نحو 7 في المائة، وفق «رويترز».

تأتي هذه الزيارة في وقت حساس لألمانيا، حيث يواجه اقتصادها الموجَّه نحو الصادرات عاماً ثانياً من الانكماش، وقلقاً بشأن النزاع التجاري بين الاتحاد الأوروبي والصين، والذي يمكن أن ينعكس على الشركات الألمانية.

وبعد أن أُصيبت ألمانيا بالصدمة بسبب اعتمادها الكبير على الغاز الروسي الرخيص قبل حرب أوكرانيا في عام 2022، اتبعت استراتيجية لتقليل تعرضها لبكين.

وقال وزير الاقتصاد روبرت هابيك، يوم الأربعاء: «الهند، الدولة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في العالم، هي شريك رئيسي للاقتصاد الألماني في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وتلعب دوراً رئيسياً في تنويع الاقتصاد الألماني».

وأضاف: «يجب أن نقلل الاعتماد الحرِج، ونقوّي مرونة الشركات الألمانية وسلاسل إمداداتها من وإلى آسيا».

لكن الصين لا تزال هي الحدث الأكبر في المدينة.

وقال رئيس التجارة الخارجية في غرفة التجارة الألمانية، فولكر تراير، إن الاستثمارات الألمانية المباشرة في الهند كانت نحو 25 مليار يورو (27 مليار دولار) في عام 2022، أي نحو 20 في المائة من حجم الاستثمار بالصين. ويعتقد أن هذه الحصة يمكن أن ترتفع إلى 40 في المائة، بحلول نهاية العقد.

وتابع تراير: «لن تختفي الصين، لكن الهند ستصبح أكثر أهمية للشركات الألمانية».

وأضاف: «الهند هي الاختبار الحاسم، إذا جاز التعبير. وإذا كان لتقليص المخاطر في الصين أن ينجح، فإن الهند هي المفتاح لذلك، بسبب حجم السوق والديناميكية الاقتصادية في البلاد».

ومن المقرر أن يلتقي شولتز، الذي سيرافقه معظم أعضاء حكومته، بما في ذلك وزيرا الخارجية والدفاع، رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، يوم الجمعة، قبل أن يرأس الجولة السابعة من المشاورات الحكومية الهندية الألمانية.

وسيصل هابيك قبل يوم واحد لافتتاح مؤتمر الأعمال الألماني في آسيا والمحيط الهادئ، الذي يُعقَد كل سنتين.

الصين + 1

وتشير الشركات الألمانية إلى البيروقراطية والفساد والنظام الضريبي في الهند بوصفها عقبات استثمارية، وفقاً لدراسة أجرتها شركة الاستشارات «كيه بي إم جي»، وغرف التجارة الألمانية في الخارج.

ومع ذلك فإنهم يرون مستقبلاً مشرقاً في الهند، حيث يتوقع 82 في المائة منهم نمو إيراداتهم، خلال السنوات الخمس المقبلة. ويخطط نحو 59 في المائة من الشركات لتوسيع استثماراتها، مقارنة بنحو 36 في المائة فقط خلال عام 2021.

على سبيل المثال، تخطط شركة الخدمات اللوجستية الألمانية العملاقة «دي إتش إل» لاستثمار نصف مليار يورو في الهند، بحلول عام 2026، والاستفادة من سوق التجارة الإلكترونية سريعة النمو.

وقال رئيس قسم بالشركة أوسكار دي بوك: «نرى إمكانات نمو هائلة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث تمتلك الهند حصة كبيرة منها».

وتدرس شركة «فولكس فاغن»، التي تضررت من انخفاض المبيعات في الصين، وارتفاع تكاليف الإنتاج في الداخل، إقامة شراكات جديدة في الهند؛ من أجل الإنتاج المشترك. ولديها بالفعل مصنعان، ووقّعت اتفاقية توريد مع شريكها المحلي ماهيندرا في فبراير (شباط) الماضي.

وقال المدير المالي للمجموعة، أرنو أنتليتز، في مايو (أيار) الماضي: «أعتقد أننا ينبغي ألا نقلل من شأن الإمكانات في الهند من حيث السوق... ومن حيث عدم اليقين التنظيمي بين الولايات المتحدة والصين».

وعلى نحو مماثل، أعلنت شركة «دوتز» لصناعة المحركات؛ ومقرُّها كولونيا، صفقة، هذا العام، مع شركة «تافي» الهندية؛ ثالث أكبر شركة لصناعة الجرارات في العالم، بحيث تنتج شركتها الفرعية «تافي موتورز» 30 ألف محرك «دوتز» بموجب ترخيص.

وقال المدير الإداري لمجموعة «بوسطن الاستشارية»، جوناثان براون: «إن الحجج الرئيسية لصالح الهند تتمثل في الاستقرار السياسي، وانخفاض تكاليف العمالة. لذا يتعين علينا أن نتبع استراتيجية (الصين + 1) التي تلعب فيها الهند دوراً كبيراً».

ومن المتوقع أن يسجل التبادل التجاري رقماً قياسياً جديداً في عام 2023 بين ألمانيا والهند، التي من المقرر أن تتفوق على ألمانيا واليابان، لتصبح ثالث أكبر اقتصاد في العالم بحلول نهاية العقد.

ولا تزال المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي والهند، والتي استمرت لسنوات، لا تظهر أي علامة على نهايتها.

وقال براون: «إن العقبات التي تحول دون اكتساب موطئ قدم في السوق كبيرة، لكن بمجرد الوصول إلى هناك، فإنك تتمتع بإمكانات كبيرة. وما لا ينجح هو مجرد بيع المنتجات الألمانية محلياً».


مقالات ذات صلة

رئيس «تداول»: رفع «موديز» التصنيف الائتماني للسعودية يعزز ثقة المستثمرين

الاقتصاد مستثمر أمام شعار شركة «تداول» السعودية (الشرق الأوسط)

رئيس «تداول»: رفع «موديز» التصنيف الائتماني للسعودية يعزز ثقة المستثمرين

قال الرئيس التنفيذي لمجموعة «تداول» السعودية، المهندس خالد الحصان، إن إعلان وكالة «موديز» رفع التصنيف الائتماني للمملكة إلى «إيه إيه 3» يعزز ثقة المستثمرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مبنى اتحاد الغرف السعودية في الرياض (الموقع الإلكتروني لاتحاد الغرف السعودية)

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

أعلن اتحاد الغرف السعودية تشكيل أول لجنة وطنية من نوعها للطاقة والبتروكيماويات تحت مظلة القطاع الخاص، لتعزيز مشاركته في صناعة سياسات هذا القطاع الحيوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد رئيسة المركزي الأوروبي كريستين لاغارد خلال اجتماع غير رسمي لقادة الاتحاد الأوروبي في بودابست 8 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

لاغارد تجدد دعوتها لتعزيز التكامل الاقتصادي في أوروبا

جدّدت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، دعوتها لتعزيز التكامل الاقتصادي في أوروبا يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الولايات المتحدة​ حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت يتحدث خلال فعالية (رويترز-أرشيفية)

حاكم تكساس الأميركية يأمر أجهزة الولاية بوقف الاستثمار في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري غريغ أبوت، الأجهزة المعنية بوقف استثمار أموال الولاية في الصين، وبيع هذه الاستثمارات في أقرب فرصة.

«الشرق الأوسط» (أوستن (تكساس))
الاقتصاد مركز الملك عبد الله المالي في الرياض (الشرق الأوسط)

التراخيص الاستثمارية في السعودية ترتفع 73.7%

حققت التراخيص الاستثمارية المصدرة في الربع الثالث من العام الحالي ارتفاعاً بنسبة 73.7 في المائة، لتصل إلى 3.810 تراخيص.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«كوب 29»: اتفاق على تمويل سنوي قدره 300 مليار دولار

شعار قمة «كوب 29» (رويترز)
شعار قمة «كوب 29» (رويترز)
TT

«كوب 29»: اتفاق على تمويل سنوي قدره 300 مليار دولار

شعار قمة «كوب 29» (رويترز)
شعار قمة «كوب 29» (رويترز)

تعهّدت الدول المُتقدّمة، يوم الأحد، في باكو، تقديم مزيد من التمويل للدول الفقيرة المهددة بتغير المناخ.

وبعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، وافقت دول العالم المجتمعة في باكو، الأحد، على اتفاق يوفر تمويلاً سنوياً لا يقل عن 300 مليار دولار للدول النامية التي كانت تطالب بأكثر من ذلك بكثير لمكافحة التغير المناخي.

ويتمثل هذا الالتزام المالي من جانب دول أوروبية والولايات المتحدة وكندا وأستراليا واليابان ونيوزيلندا، تحت رعاية الأمم المتحدة، في زيادة القروض والمنح للدول النامية من 100 مليار إلى «300 مليار دولار على الأقل» سنوياً حتى عام 2035.

والأموال مخصصة لمساعدة هذه الدول على التكيف مع الفيضانات وموجات الحر والجفاف، وأيضاً للاستثمار في الطاقات منخفضة الكربون.

وعبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن مشاعر متباينة حيال الاتفاق بشأن تمويل المناخ الذي تم التوصل إليه في أذربيجان، فجر الأحد، حاضاً الدول على اعتباره «أساساً» يمكن البناء عليه.

وقال غوتيريش: «كنت آمل في التوصل إلى نتيجة أكثر طموحاً... من أجل مواجهة التحدي الكبير الذي نواجهه»، داعياً «الحكومات إلى اعتبار هذا الاتفاق أساساً لمواصلة البناء» عليه.

وأعربت وزيرة الانتقال البيئي الفرنسية أنياس بانييه - روناشيه عن أسفها، لأن الاتفاق الذي تم التوصل إليه، الأحد، في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين في أذربيجان «مخيب للآمال»، و«ليس على مستوى التحديات».

وقالت الوزيرة في بيان، إنه على الرغم من حصول «كثير من التقدّم»، بما في ذلك زيادة التمويل للبلدان الفقيرة المهددة بتغيّر المناخ إلى 3 أضعاف، فإنّ «النص المتعلّق بالتمويل قد اعتُمِد في جوّ من الارتباك واعترض عليه عدد من الدول».

اتفاق حاسم في اللحظة الأخيرة

في المقابل، أشاد المفوض الأوروبي فوبكه هوكسترا، الأحد، بـ«بداية حقبة جديدة» للتمويل المناخي. وقال المفوض المسؤول عن مفاوضات المناخ: «عملنا بجدّ معكم جميعاً لضمان توفير مزيد من الأموال على الطاولة. نحن نضاعف هدف الـ100 مليار دولار 3 مرات، ونعتقد أن هذا الهدف طموح. إنه ضروري وواقعي وقابل للتحقيق».

من جهته، رحب وزير الطاقة البريطاني إد ميليباند بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين، واصفاً إياه بأنه «اتفاق حاسم في اللحظة الأخيرة من أجل المناخ». وقال ميليباند: «هذا ليس كل ما أردناه نحن أو الآخرون، لكنها خطوة إلى الأمام لنا جميعاً».

كما أشاد الرئيس الأميركي جو بايدن، السبت، باتفاق «كوب 29» بوصفه «خطوة مهمة» في مكافحة الاحترار المناخي، متعهداً بأن تواصل بلاده عملها رغم موقف خلفه دونالد ترمب المشكك بتغيّر المناخ.

وقال بايدن: «قد يسعى البعض إلى إنكار ثورة الطاقة النظيفة الجارية في أميركا وحول العالم أو إلى تأخيرها»، لكن «لا أحد يستطيع أن يعكس» هذا المسار.