الشركات الصناعية تنتقد «المركزي الروسي» بسبب ارتفاع الفائدة

حذرت من التداعيات على النمو والاستثمار ومشاريع البنية التحتية

مجمع ماغنيتوجورسك للحديد والصلب «إم إم كيه» (رويترز)
مجمع ماغنيتوجورسك للحديد والصلب «إم إم كيه» (رويترز)
TT

الشركات الصناعية تنتقد «المركزي الروسي» بسبب ارتفاع الفائدة

مجمع ماغنيتوجورسك للحديد والصلب «إم إم كيه» (رويترز)
مجمع ماغنيتوجورسك للحديد والصلب «إم إم كيه» (رويترز)

تشكو مجموعة متزايدة من الشركات الصناعية الروسية ومجموعات الضغط من ارتفاع أسعار الفائدة بشكل غير محتمل، محذرة من أن أهداف تطوير البنية التحتية قد تفشل، مع تحمل البنك المركزي العبء الأكبر من الانتقادات.

وفي ظل السعي لمكافحة التضخم المستمر، وسط زيادة الإنفاق الحكومي على الصراع في أوكرانيا وضعف الروبل، من المتوقع أن يرفع البنك المركزي الروسي سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 100 نقطة أساس على الأقل ليصل إلى 20 في المائة خلال اجتماعه المقرر يوم الجمعة، ما يمثل تحدياً كبيراً للشركات التي تعاني بالفعل من تكاليف اقتراض مرتفعة، وفق «رويترز».

ويؤكد رؤساء الشركات الكبرى والمجموعات التجارية أن هذه القضية أصبحت حرجة، مهددة بتعطيل مشاريع الاستثمار المستقبلية والنمو الاقتصادي. ويشير الملياردير الروسي أليكسي موردشوف، أكبر مساهم في شركة «سيفيرستال»، إلى أن التضخم الحالي، الذي يبلغ نحو 8.5 في المائة، يمثل تحديات يمكن التعامل معها بشكل أكبر مقارنةً بأسعار الفائدة المرتفعة.

وقال موردشوف في أوائل أكتوبر (تشرين الأول): «من الواضح أن الحاجة لرفع الأسعار للحد من التضخم موجودة، لكننا بدأنا نتجاوز الحدود». وأضاف: «نحن نقترب من وضع قد يصبح فيه العلاج أكثر خطراً من المرض».

وتشير علامات مقلقة إلى أن الشركات تقيّد تمويل مشاريع الاستثمار، مفضلة الاحتفاظ بالأموال في حسابات ودائع ذات فوائد مرتفعة، مما سيعوق التنمية والنمو الاقتصادي، وفقاً لموردشوف.

وأدت زيادة الإنفاق العسكري إلى انتعاش النمو الاقتصادي بعد انكماش بنسبة 1.2 في المائة في عام 2022، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي لروسيا بنسبة 3.6 في المائة العام الماضي، ويتوقع أن تسجل وزارة الاقتصاد نمواً بنسبة 3.9 في المائة هذا العام.

وقال رئيس مجموعة «روستك» الصناعية الحكومية، سيرغي تشيميزوف، إن القطاعات عالية التقنية تُعد محركات التنمية، لكن ارتفاع سعر الفائدة الرئيسي للبنك المركزي يعوق المزيد من النمو الصناعي. وأضاف: «هذا يجعل القروض الجديدة لتطوير الشركات بلا معنى تقريباً».

والأسبوع الماضي، كرر البنك أن السياسة النقدية الصارمة ستكون ضرورية لفترة طويلة نظراً لاستمرار الضغوط التضخمية.

ارتفاع أسعار الكهرباء

في قطاع الطاقة، الذي يتطلب استثمارات كبيرة، تتقلص القدرة على بناء محطات جديدة وتحديث القديمة. فقد أدى التضخم المرتفع إلى زيادة حادة في تكاليف المعدات، وقد قللت العقوبات الغربية بسبب الصراع في أوكرانيا من إمكانية وصول روسيا إلى التكنولوجيا.

تقول رئيسة مجلس منتجي الطاقة في روسيا، ألكسندرا بانينا، إن مستوى سعر الفائدة يعني أن الفائدة تشكل الآن الجزء الأكبر من سداد القروض. وأضافت: «تثقل المعدلات الحالية تكلفة مشاريع الاستثمار بشكل كبير. أي زيادة أخرى في سعر الفائدة ستؤدي إلى زيادة أسعار مشاريع الطاقة، وبالتالي، أسعار الكهرباء في روسيا».

وأضافت: «نحن بحاجة إلى الكفاح للحفاظ على كفاءة نظامنا للطاقة».

ومن عام 2025 إلى عام 2042، تريد روسيا تركيب أكثر من 90 غيغاواط من قدرة الطاقة الجديدة، والتي قد تكلف نحو 40 تريليون روبل (414 مليار دولار)، لتلبية احتياجات الاقتصاد المتزايدة وتجنب النقص المحتمل.

وتسبب الطقس الحار غير المعتاد والحادث في محطة روستوف للطاقة النووية في انقطاع التيار الكهربائي في العديد من المناطق الجنوبية هذا الصيف، مما أثار احتجاجات نادرة في مدينة كراسنودار.

وقال رئيس المجموعة التحليلية في وزارة الطاقة، أليكسي إيلشوك، إنه إذا ظلت أسعار الفائدة مرتفعة بهذا القدر لفترة طويلة، فإن تكاليف الاقتراض ستشكل أكثر من 50 في المائة من تكاليف الكهرباء النهائية.

وإذا استمرت أسعار الفائدة بهذا الارتفاع لفترة طويلة، ستشكل تكاليف الاقتراض أكثر من 50 في المائة من تكاليف الكهرباء النهائية، حسبما قال إيلشوك.

وأضاف: «هذا يمثل عقبة أساسية أمام المزيد من تطوير الصناعة وتجديد الطاقة».

المال مكلف للغاية

تؤثر أسعار الفائدة المرتفعة بالفعل على قطاعات البناء والطاقة والصلب.

وقالت بانينا إن بعض المناقصات الخاصة بمحطات الطاقة في سيبيريا وجنوب روسيا فشلت جزئياً بسبب ارتفاع تكاليف الاقتراض. وذكرت أن سبع شركات تناقش التخلي عن 17 مشروعاً بطاقة 2.13 غيغاواط.

واتهمت شركة الصلب «إم إم كيه» الأسبوع الماضي أسعار الفائدة المرتفعة كواحدة من أسباب انخفاض المبيعات بنسبة 18.7 في المائة على أساس ربع سنوي.

وفي منتدى في سوتشي هذا الشهر، أعلنت شركة «غازبروم إينرغوهولدينغ» في عرض تقديمي أن «المال مكلف للغاية».

كما أن الشركات الصغيرة تضيق الخناق على نفقاتها. وتوقع رئيس مجموعة الضغط الصغيرة «أوبورا روسيا»، ألكسندر كالينين، أن تصل أسعار الفائدة على القروض للشركات الصغيرة والمتوسطة إلى 30 في المائة العام المقبل، مما سيقلل الاستثمارات ويؤثر سلباً على النمو الاقتصادي، لكنه قد يسهم في تحقيق التهدئة التي يسعى إليها البنك المركزي.

وأضاف: «مستوى السعر بالفعل حرج»، مشيراً إلى عاملين سلبيين رئيسيين للشركات الصغيرة والمتوسطة: ارتفاع تكاليف رأس المال ونقص العمالة.

ويتأثر تجار النفط الروس أيضاً بارتفاع أسعار الفائدة، حيث زادت تكلفة تمويل التجارة لصادرات الطاقة. ووفقاً لثلاثة تجار، اضطرت بعض شركات التجارة إلى مغادرة السوق لأنها بالكاد تحقق ربحاً بعد دفع تكاليف النفط والنقل والقرض.

وما يجمع معظم الانتقادات والدعوات للمساعدة هو إلقاء اللوم على البنك المركزي. وفي حين أن العديد من الشركات قد تكافح بسبب ما تسميه موسكو «عملية عسكرية خاصة» في أوكرانيا، والتي قطعت روسيا عن الأسواق الرئيسية وإمكانيات الإيرادات، فإن إلقاء اللوم على الكرملين ليس خياراً في المناخ السياسي الحالي في روسيا، حسبما قال كبير الاقتصاديين في شركة «بي إف كابيتال»، يفجيني نادورشين.

وقال لـ«رويترز»: «كل من يكافح من أجل التنمية ولديه الكثير من الديون يعاني كثيراً الآن. الأمر ليس ممتعاً على الإطلاق فماذا يمكن أن نفعل إذن؟ لا يزال من الممكن انتقاد البنك المركزي».


مقالات ذات صلة

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

الاقتصاد موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد منظر جوي لناطحة سحاب «شارد» في لندن مع الحي المالي «كناري وارف» (رويترز)

انكماش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ عام 2023

انكمش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ أكثر من عام، كما أثرت الزيادات الضريبية في أول موازنة للحكومة الجديدة على خطط التوظيف والاستثمار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مستثمران يتابعان أسعار الأسهم على شاشة «تداول» السعودية (رويترز)

سوق الأسهم السعودية تُنهي الأسبوع بتراجع إلى 11840 نقطة

أغلق مؤشر الأسهم السعودية الرئيسية «تاسي» آخِر جلسات الأسبوع متراجعاً بمقدار 27.40 نقطة، وبنسبة 0.23 في المائة، إلى 11840.52 نقطة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من توقيع الاتفاقية خلال «المعرض والمؤتمر السعودي للخطوط الحديدية»... (سار)

اتفاقية بين «الخطوط الحديدية السعودية» و«ألستوم» الفرنسية لرفع جاهزية «قطارات الشرق»

وقّعت «الخطوط الحديدية السعودية (سار)»، الخميس، عقداً مع شركة «ألستوم ترانسبورت إس إيه» الفرنسية، لرفع مستوى جاهزية أسطول قطارات «شبكة الشرق».

«الشرق الأوسط» (الرياض)

أميركا توسّع لائحتها السوداء ضد الشركات الصينية

حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
TT

أميركا توسّع لائحتها السوداء ضد الشركات الصينية

حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، أنها وسّعت مجدداً لائحتها السوداء التي تحظر استيراد منتجات من منطقة شينجيانغ الصينية، أو التي يُشتبه في أنها صُنعت بأيدي أويغور يعملون قسراً.

وقد اتُّهمت نحو 30 شركة صينية جديدة باستخدام مواد خام أو قطع صنِعَت أو جمِعَت بأيدي أويغور يعملون قسراً، أو بأنها استخدمت هي نفسها هذه العمالة لصنع منتجاتها.

وبهذه الإضافة، يرتفع إلى 107 عدد الشركات المحظورة الآن من التصدير إلى الولايات المتحدة، حسبما أعلنت وزارة الأمن الداخلي.

وقالت الممثلة التجارية الأميركية، كاثرين تاي، في بيان: «بإضافة هذه الكيانات، تواصل الإدارة (الأميركية) إظهار التزامها بضمان ألّا تدخل إلى الولايات المتحدة المنتجات المصنوعة بفعل العمل القسري للأويغور أو الأقليات العرقية أو الدينية الأخرى في شينجيانغ».

وفي بيان منفصل، قال أعضاء اللجنة البرلمانية المتخصصة في أنشطة «الحزب الشيوعي الصيني» إنهم «سعداء بهذه الخطوة الإضافية»، عادّين أن الشركات الأميركية «يجب أن تقطع علاقاتها تماماً مع الشركات المرتبطة بالحزب الشيوعي الصيني».

يحظر قانون المنع الذي أقرّه الكونغرس الأميركي في ديسمبر (كانون الأول) 2021، كل واردات المنتجات من شينجيانغ ما لم تتمكّن الشركات في هذه المنطقة من إثبات أن إنتاجها لا ينطوي على عمل قسري.

ويبدو أن المنتجات الصينية ستجد سنوات صعبة من التصدير إلى الأسواق الأميركية، مع تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية تزيد على 60 في المائة على السلع الصينية جميعها، وهو ما أثار قلق الشركات الصينية وعجَّل بنقل المصانع إلى جنوب شرقي آسيا وأماكن أخرى.

كانت وزارة التجارة الصينية، قد أعلنت يوم الخميس، سلسلة من التدابير السياسية التي تهدف إلى تعزيز التجارة الخارجية للبلاد، بما في ذلك تعزيز الدعم المالي للشركات وتوسيع صادرات المنتجات الزراعية.

وكانت التجارة أحد المجالات النادرة التي أضاءت الاقتصاد الصيني في الآونة الأخيرة، في وقت يعاني فيه الاقتصاد من ضعف الطلب المحلي وتباطؤ قطاع العقارات، مما أثقل كاهل النمو.

وقالت الوزارة، في بيان نشرته على الإنترنت، إن الصين ستشجع المؤسسات المالية على تقديم مزيد من المنتجات المالية؛ لمساعدة الشركات على تحسين إدارة مخاطر العملة، بالإضافة إلى تعزيز التنسيق بين السياسات الاقتصادية الكلية للحفاظ على استقرار اليوان «بشكل معقول».

وأضاف البيان أن الحكومة الصينية ستعمل على توسيع صادرات المنتجات الزراعية، ودعم استيراد المعدات الأساسية ومنتجات الطاقة.

ووفقاً للبيان، فإن الصين سوف «ترشد وتساعد الشركات على الاستجابة بشكل نشط للقيود التجارية غير المبررة التي تفرضها البلدان الأخرى، وتخلق بيئة خارجية مواتية لتعزيز الصادرات».

وأظهر استطلاع أجرته «رويترز»، يوم الخميس، أن الولايات المتحدة قد تفرض تعريفات جمركية تصل إلى 40 في المائة على وارداتها من الصين في بداية العام المقبل، مما قد يؤدي إلى تقليص نمو الاقتصاد الصيني بنسبة تصل إلى 1 نقطة مئوية.