الاقتصاد الصيني يسجل أبطأ وتيرة نمو فصلي منذ مطلع 2023

الأسواق تنتعش بفضل إجراءات الدعم

سيدة تختار بعض المأكولات البحرية في متجر بالعاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)
سيدة تختار بعض المأكولات البحرية في متجر بالعاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)
TT

الاقتصاد الصيني يسجل أبطأ وتيرة نمو فصلي منذ مطلع 2023

سيدة تختار بعض المأكولات البحرية في متجر بالعاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)
سيدة تختار بعض المأكولات البحرية في متجر بالعاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)

سجل اقتصاد الصين في الربع الثالث أبطأ وتيرة نمو منذ أوائل عام 2023، وعلى الرغم من أن بيانات الاستهلاك والإنتاج الصناعي جاءت أفضل من التوقعات الشهر الماضي، فإن قطاع العقارات المتعثر لا يزال يشكل تحدياً كبيراً لبكين، التي تسعى جاهدة لإنعاش النمو.

وعززت السلطات الصينية بشكل حاد إجراءات التحفيز منذ أواخر سبتمبر (أيلول)، لكن الأسواق تنتظر المزيد من التفاصيل حول حجم حزمة التحفيز وخارطة طريق أكثر وضوحاً لاستعادة متانة الاقتصاد في الأمد البعيد.

وأظهرت بيانات رسمية أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم نما بواقع 4.6 بالمائة في الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر، متجاوزاً بقليل توقعات المحللين في استطلاع لـ«رويترز» بنمو 4.5 بالمائة، لكن النمو جاء متباطئاً عن وتيرة بلغت 4.7 بالمائة في الربع الثاني.

وعبَّر المسؤولون، الجمعة، في مؤتمر صحافي بعد نشر البيانات، عن ثقتهم في قدرة الاقتصاد على تحقيق هدف النمو الحكومي للعام بأكمله، الذي يبلغ نحو 5 في المائة، عبر المزيد من السياسات الداعمة وخفض آخر للاحتياطيات التي يمكن أن تحتفظ بها البنوك.

وأظهر استطلاع لـ«رويترز» أن الناتج المحلي الإجمالي من المرجح أن ينمو بنسبة 4.8 بالمائة في العام بأكمله، وهو ما يقل عن هدف الحكومة، وأن يتباطأ النمو إلى 4.5 بالمائة في عام 2025.

وعلى أساس فصلي سجل الاقتصاد نمواً 0.9 بالمائة في الربع الثالث، وهو ما يقل قليلاً عن التوقعات التي كانت تشير إلى ارتفاع 1 في المائة، ومقارنة مع نمو معدل بلغ 0.7 بالمائة في الفترة من أبريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران).

وبالتزامن مع بيانات النمو، أظهرت بيانات أن الناتج الصناعي ذا القيمة المضافة، وهو مؤشر اقتصادي مهم، زاد بنسبة 5.8 في المائة على أساس سنوي في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2024.

وفي سبتمبر الماضي، ارتفع الناتج الصناعي بنسبة 5.4 في المائة على أساس سنوي، وكانت وتيرة النمو أسرع بـ0.9 نقطة مئوية عن الشهر الأسبق، وفقاً لوكالة «شينخوا» الصينية. ويقيس الناتج الصناعي نشاط الشركات التي تبلغ إيرادات الأعمال السنوية لكل منها 20 مليون يوان (نحو 2.8 مليون دولار).

وفي الأسواق، ارتفعت الأسهم الصينية يوم الجمعة لتسجل مكاسب أسبوعية، بعد أن أطلق البنك المركزي خطط التمويل وحث على تبني سريع لسياسات لدعم أسواق رأس المال، في حين أبقت البيانات الاقتصادية المختلطة الضغوط على صناع السياسات لمزيد من التحفيز.

وأطلق بنك الشعب الصيني خطتين لضخ ما يصل إلى 800 مليار يوان (112 مليار دولار) في سوق الأسهم من خلال أدوات السياسة النقدية التي تم إنشاؤها حديثاً، مما عزز معنويات المستثمرين.

وبعد تعاملات صباحية متقلبة، أغلق مؤشر «سي إس آي 300» للأسهم القيادية مرتفعاً بنسبة 3.6 في المائة، بينما أغلق مؤشر شنغهاي المركب مرتفعاً بنسبة 2.9 في المائة. وعلى مدار الأسبوع، حقق المؤشران مكاسب بنسبة 1 في المائة. وأغلق مؤشر هانغ سنغ القياسي في هونغ كونغ مرتفعاً بنسبة 3.6 في المائة، لكنه انخفض بنسبة 2 في المائة خلال الأسبوع.

وانخفضت أسهم الصين بنحو 11 في المائة عن ذروتها في 8 أكتوبر (تشرين الأول) بعد أسابيع مضطربة، حيث تفوق الحذر على النشوة التي غذت ارتفاعاً بأكثر 20 بالمائة في غضون أسبوع واحد فقط في أواخر سبتمبر بعد تدابير التحفيز التي اتخذتها بكين.

وفي سبتمبر، أعلن بنك الشعب الصيني عن خطوات الدعم النقدي الأكثر قوة منذ جائحة كوفيد-19، مثل خفض أسعار الفائدة وحقن السيولة بقيمة تريليون يوان (140 مليار دولار) للمساعدة في دعم الأسواق.

وحث البنك المركزي، في بيان، الجمعة، المؤسسات المالية على تعزيز الدعم الائتماني للاقتصاد الحقيقي والحفاظ على نمو معقول في إجمالي حجم المال والائتمان.

وقد التقى بنك الشعب الصيني والهيئات التنظيمية المالية بمسؤولين من المؤسسات المالية الرئيسية، مثل البنوك وشركات الوساطة وشركات الصناديق.

وقال محللو «يو بي إس» في مذكرة: «هذه إشارة أخرى إلى أن الهيئات التنظيمية تدرك تماماً تراجع الثقة. ومع ذلك، فمن المرجح أن يركز المستثمرون، وخصوصاً المستثمرين في الخارج، نسبياً على الأرقام المطلوبة والجدول الزمني لتنفيذ التحفيز المالي».

وقال محافظ البنك المركزي الصيني، الجمعة، إن نسبة الاحتياطي الإلزامي للمقرضين التجاريين قد يتم خفضها بمقدار 25-50 نقطة أساس بحلول نهاية العام اعتماداً على ظروف السيولة، مما يبقي الباب مفتوحاً لمزيد من خطوات تخفيف السياسة.


مقالات ذات صلة

بوتين: مجموعة «بريكس» ستولد أغلب النمو الاقتصادي العالمي

الاقتصاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال ندوة للمسؤولين ورجال الأعمال في منتدى الأعمال لمجموعة «بريكس» في موسكو (أ.ب)

بوتين: مجموعة «بريكس» ستولد أغلب النمو الاقتصادي العالمي

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، إن مجموعة «بريكس» ستولد أغلب النمو الاقتصادي العالمي في السنوات المقبلة، بفضل حجمها ونموها السريع.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد وزيرة المالية راشيل ريفز تلقي خطاباً بوزارة الخزانة تعلن فيه عن خطوات الحكومة لتحقيق النمو الاقتصادي، 8 يوليو 2024 (رويترز)

ريفز ستشدد على الاستقرار في أول زيارة لصندوق النقد وزيرةً للمالية البريطانية

ستؤكد راشيل ريفز، في أول رحلة لها وزيرةً للمالية البريطانية، التزامها بالاستقرار خلال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي في واشنطن الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مصفاة «فيلبس 66 ويلمنغتون» في لوس أنجليس بالولايات المتحدة الأميركية (رويترز)

النفط يعاني أكبر خسارة أسبوعية في أكثر من شهر

تراجعت العقود الآجلة للنفط الخام قليلا يوم الجمعة لتتجه الأسعار صوب تسجيل أكبر خسارة أسبوعية في أكثر من شهر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد عاملون يتابعون حركة الأسهم داخل بورصة العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

التضخم الياباني مرشح للانزلاق تحت «هدف المركزي»

تباطأ التضخم الأساسي في اليابان في سبتمبر بسبب دعم الطاقة، لكن مؤشراً يستثني تأثير الوقود ظل ثابتاً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد عامل وعاملة يقومان بإمداد السيارات بالوقود في إحدى المحطات بالعاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

مصر ترفع أسعار الوقود للمرة الثالثة هذا العام

رفعت مصر أسعار الوقود، يوم الجمعة، للمرة الثالثة هذا العام مع استمرارها في تقليص دعم السولار والبنزين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

من البتكوين إلى البيزو المكسيكي... «تداولات ترمب» تتجدد بالأسواق

المرشح الجمهوري دونالد ترمب خلال حدث «بتكوين 2024» بناشفيل في تينيسي... 27 يوليو 2024 (رويترز)
المرشح الجمهوري دونالد ترمب خلال حدث «بتكوين 2024» بناشفيل في تينيسي... 27 يوليو 2024 (رويترز)
TT

من البتكوين إلى البيزو المكسيكي... «تداولات ترمب» تتجدد بالأسواق

المرشح الجمهوري دونالد ترمب خلال حدث «بتكوين 2024» بناشفيل في تينيسي... 27 يوليو 2024 (رويترز)
المرشح الجمهوري دونالد ترمب خلال حدث «بتكوين 2024» بناشفيل في تينيسي... 27 يوليو 2024 (رويترز)

بدأت بعض زوايا الأسواق المالية، التي قد تتأثر بفوز الرئيس السابق دونالد ترمب، في التحرك من جديد مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية، حيث يتبقى أقل من ثلاثة أسابيع على يوم الاقتراع. وشهدت أصول تتراوح بين الأسهم الصغيرة والبتكوين ارتفاعاً في الأسابيع الأخيرة، بينما تراجع البيزو المكسيكي وسندات الخزانة، مع إظهار الاستطلاعات سباقاً محموماً بين المرشح الجمهوري ترمب وخصمته الديمقراطية، نائبة الرئيس كامالا هاريس.

وتعكس هذه التحركات ما يُعرف بـ «تداولات ترمب» التي حصلت في وقت سابق من هذا العام عندما كان ترمب يتقدم على الرئيس جو بايدن، لكن تلك المكاسب تراجعت بعد انسحاب بايدن. وأظهر استطلاع حديث من «رويترز/إبسوس» أن هاريس تتقدم على ترمب بفارق ضئيل، حيث حصلت على 45 في المائة مقابل 42 في المائة لترمب، ما يدل على سباق أكثر تقارباً مقارنةً بنتائج استطلاعات سابقة.

وحقق ترمب تقدماً في أسواق التوقعات الإلكترونية مثل «بريديكت» و «بولي ماركت». ومع ذلك، يحذر المستثمرون من صعوبة ربط تحركات الاستثمار بترمب هذه المرة، حيث يمكن أيضاً ربط كثير من هذه التحركات بالتفاؤل الاقتصادي المتزايد، عقب صدور تقرير قوي عن الوظائف في الولايات المتحدة الشهر الجاري، وخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في الشهر الماضي.

وقال ستيف سوسنيك، كبير الاستراتيجيين في «إنتراكتيف بروكرز» يمكن أن يكون جزء من هذا التحسن نتيجة لتقدم ترمب في الأسواق التنبؤية». لكنه أضاف: «بفضل البيانات الاقتصادية القوية، من الصعب للغاية فصل السبب عن النتيجة، ناهيك عن فصل الأسباب المختلفة».

ومن بين أكبر الرابحين، أسهم «مجموعة ترمب للإعلام والتكنولوجيا»، التي تتبع بشكل كبير حظوظ ترمب في الاستطلاعات. وشهدت الأسهم ارتفاعاً يزيد على 140 في المائة منذ 23 سبتمبر (أيلول). وأضاف سوسنيك: «هذا هو الاستثمار الأكثر ارتباطاً بفرص فوز ترمب في الانتخابات».

ومن بين المستفيدين الآخرين شركات تشغيل السجون الخاصة، مثل «مجموعة جيو» و«كورسيفيك»، حيث ارتفعت أسهمهما بنسبة 18 و10 في المائة على التوالي هذا الشهر. وقد وعد ترمب بالتشديد على مكافحة الهجرة غير الشرعية، مما قد يعزز الطلب على مراكز الاحتجاز.

وارتفع مؤشر «راسل 2000»، الذي يركز على الشركات الصغيرة، بنسبة 4 في المائة منذ 10 أكتوبر (تشرين الأول)، ويتداول بالقرب من أعلى مستوياته منذ أواخر 2021. وتُعزز توقعات ترمب للحفاظ على الضرائب منخفضة وتقليل اللوائح أسهم الشركات الصغيرة، رغم أن المحللين يعتقدون أنها تستفيد أيضاً من الثقة المتزايدة في الاقتصاد.

وفي أسواق العملات الأجنبية، تُظهر «تداولات ترمب» انعكاس الدولار مقابل مجموعة من العملات، خاصة البيزو المكسيكي، وفقاً لاستراتيجيين. ويُعتبر البيزو ضعيفاً أمام التعريفات الجمركية الجديدة التي يخطط ترمب لفرضها، حيث انخفض بنسبة 4 في المائة منذ ذروته في سبتمبر. كما انخفض مؤشر «إم إس سي آي» للعملات اللاتينية الأميركية بأكثر من 3 في المائة خلال تلك الفترة.

وقال كبير استراتيجيي السوق في شركة المدفوعات «كورباي» في تورنتو، كارل شاموتا: «لقد تزايدت التقلبات الضمنية في زوج الدولار والبيزو تماشياً مع مكاسب ترمب في أسواق المراهنات». وصرح ترمب مؤخراً بأنه سيقوم بفرض تعريفات جمركية تصل إلى 200 في المائة على السيارات المستوردة من المكسيك.

وتُعتبر سياسات ترمب الاقتصادية صديقة للنمو ومحفزة للتضخم، وهما عاملان قد يترجمان إلى زيادة في عوائد سندات الخزانة، التي تتحرك عكسياً مع أسعار السندات، وقوة الدولار. فقد أعرب خبراء الاقتصاد عن مخاوفهم من أن الخطة الاقتصادية التي وضعها ترمب قد تعيد إشعال التضخم، الذي انخفض بشكل حاد منذ أن بلغ ذروته خلال جائحة «كوفيد-19».

وارتفع مؤشر الدولار، الذي يقيس قوة العملة الأميركية مقابل ست عملات رئيسية، بأكثر من 3 في المائة منذ أواخر سبتمبر، حيث يقوم المستثمرون بتسعير توقعات لمسار أقل حدة لتخفيضات أسعار الفائدة. ومع ذلك، يمكن أن تكون بعض مكاسب الدولار مرتبطة بالثقة المتزايدة في فوز ترمب، كما كتب تييري ويزمان، استراتيجي العملات والفائدة العالمية في «ماكواري».

ويبدو أن تحسن فرص ترمب، الذي وضع نفسه كمؤيد للعملات المشفرة، يدعم عملة البتكوين. وارتفعت أكبر عملة مشفرة في العالم بنسبة 12 في المائة منذ 10 أكتوبر، وهو الارتفاع الذي يعزوه شون فاريل، رئيس استراتيجية الأصول الرقمية في شركة «فندترست غلوبال أدفايسرز» إلى الثقة المتزايدة في فوز ترمب.

وقال شون فاريل: «إذا فاز ترمب بولاية ثانية، فإن المخاطر التنظيمية المرتبطة بالعملات المشفرة قد تتقلص بشكل كبير، وسيتعين على المستثمرين تسعير احتمال، وإن كان ضئيلاً، أن تعتمد الحكومة احتياطيات استراتيجية من البتكوين».

وفي أسواق السندات الحكومية، يعتقد بعض المستثمرين أن تحسن موقف ترمب ساهم في ارتفاع العلاوة على العائدات طويلة الأجل، وهو مقياس للتعويض الذي يطلبه المستثمرون لحيازة ديون حكومية طويلة الأجل، بسبب المخاوف من أن مقترحات ترمب لخفض الضرائب قد تزيد من عجز الموازنة. وسجل مؤشر العلاوة التابع لبنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك ارتفاعاً إيجابياً الأسبوع الماضي لأول مرة منذ يوليو (تموز). وجاء ذلك في ظل ارتفاع واسع في عوائد سندات الخزانة.

وقال مدير المحفظة ورئيس فريق الإدارة في شركة «لوميس سايلز آند كومباني»، مات إيغان، إن جزءاً من هذه الخطوة مدفوع بتوقعات فوز ترمب.

ومع ذلك، لا يعتقد الجميع أن هذه التحركات في الأسواق هي رهانات على فوز ترمب. وقال استراتيجي الاقتصاد الكلي العالمي في مجموعة «كارسن»، سونو فارغيز: «أعتقد أن نتائج الانتخابات لا تزال غير مؤكدة إلى حد كبير». وأضاف: «القصة هي في الحقيقة عن نمو اقتصادي أقوى واحتياطي فيدرالي داعم».