​شبح تباطؤ التضخم دون الهدف يطارد مجدداً صنّاع السياسات بمنطقة اليورو

توقعات على نطاق واسع بأن يخفض «المركزي» الفائدة يوم الخميس

​شبح تباطؤ التضخم دون الهدف يطارد مجدداً صنّاع السياسات بمنطقة اليورو
TT

​شبح تباطؤ التضخم دون الهدف يطارد مجدداً صنّاع السياسات بمنطقة اليورو

​شبح تباطؤ التضخم دون الهدف يطارد مجدداً صنّاع السياسات بمنطقة اليورو

حذّر خبراء الاقتصاد من أن ضعف النمو الاقتصادي في منطقة اليورو، وارتفاع أسعار المستهلك البطيء، أثارا مخاوف من أن البنك المركزي الأوروبي قد يواجه خطر التضخم القليل جداً وليس الكثير.

ويُعد احتمال حدوث موجة من انخفاض ارتفاع الأسعار تحولاً حاداً عن مستويات التضخم التاريخية الأخيرة، التي أجبرت البنك المركزي الأوروبي على رفع أسعار الفائدة إلى مستوى قياسي بلغ 4 في المائة في سبتمبر (أيلول) 2023؛ وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز».

سيجتمع صنّاع السياسة النقدية هذا الخميس، ومن المتوقع على نطاق واسع أن يخفضوا الأسعار. وبعد أن كانوا لا يتوقعون في السابق خفضاً حتى ديسمبر (كانون الأول)، ينظر المستثمرون الآن إلى خفض ربع نقطة مئوية إلى 3.25 في المائة بوصفه أمراً مسلّماً به.

وقال خبراء الاقتصاد إن خفض أكتوبر (تشرين الأول) قد يبشر بسلسلة من التخفيضات الأسرع والأكثر حدة في تكاليف الاقتراض، في محاولة لمنع التضخم من الانخفاض المستمر عن هدفه.

وتضع الأسواق المالية الآن في الحسبان أن البنك المركزي الأوروبي سيخفض أسعار الفائدة إلى 1.7 في المائة فقط بحلول النصف الثاني من العام المقبل.

وانخفض التضخم السنوي إلى 1.8 في المائة في سبتمبر الماضي، مما جعله أقل من هدف البنك المركزي الأوروبي في الأمد المتوسط ​​البالغ 2 في المائة لأول مرة منذ أكثر من ثلاث سنوات.

وقال جينز آيزنشميت، كبير خبراء الاقتصاد الأوروبي في «مورغان ستانلي»، وعمل في البنك المركزي الأوروبي حتى عام 2022 إن «تجنب العودة إلى عالم ما قبل (كوفيد - 19)، حيث التضخم كان أقل من 2 في المائة، سيكون أحد أكبر التحديات التي يواجهها البنك المركزي الأوروبي». ويتوقع أن ينخفض ​​سعر فائدة الودائع الرئيسي للبنك المركزي الأوروبي إلى النصف إلى 1.75 في المائة بحلول ديسمبر 2025، لكنه أضاف: «من المحتمل جداً ألا يكون هذا المستوى هو نهاية (دورة التيسير)».

التضخم القليل جداً... مشكلة

تاريخياً، كان التضخم القليل جداً وليس الكثير جداً هو المشكلة الأكبر التي واجهت البنك المركزي الأوروبي.

ففي 93 من 120 شهراً حتى يوليو (تموز) 2021 عندما بدأت الزيادة الأخيرة في الأسعار مع انتعاش الطلب أثناء الوباء، كان التضخم أقل من هدف البنك المركزي الأوروبي. وتم تقديم هدف الـ2 في المائة خلال الصيف. وقد حل محل هدف أكثر تحفظاً للتضخم «أقل من ولكن بالقرب من 2 في المائة».

ولوقف مزيد من الانخفاضات في التضخم، شرع البنك المركزي الأوروبي في سياسة نقدية غير تقليدية، فتضخمت ميزانيته العمومية من خلال شراء السندات، ودفع أسعار الفائدة الرئيسية إلى المنطقة السلبية.

من شأن الزيادات الطفيفة في الأسعار أن تزيد من خطر الوقوع في منطقة الانكماش، مما قد يؤدي إلى دورة هبوطية ذاتية التعزيز، حيث يؤجل المستهلكون عمليات الشراء، بينما يجعل تقلص الدخل من الصعب سداد الديون.

قد يكون التغلب على الانكماش أصعب بكثير بالنسبة للبنوك المركزية من كبح جماح التضخم. في الوقت الحالي، تتوقع أحدث توقعات موظفي البنك المركزي الأوروبي أن يصل التضخم السنوي إلى هدفه البالغ 2 في المائة في الربع الرابع من عام 2025، ويبقى أعلى بكثير من هذا المستوى خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، لكنّ مسؤولي البنك المركزي كانوا قلقين من أن التوقعات، التي نُشرت في سبتمبر، قد تكون وردية للغاية حتى قبل نشر رقم التضخم السنوي البالغ 1.8 في المائة لهذا الشهر.

ووفقاً لمحضر اجتماع سبتمبر، أشار واضعو أسعار الفائدة إلى أن «خطر عدم تحقيق الهدف أصبح الآن غير قابل للإهمال».

وقال محافظ بنك اليونان يانيس ستورناراس، هذا الأسبوع، إن أحدث البيانات «تشير إلى أننا ربما نصل إلى 2 في المائة خلال الربع الأول من عام 2025». هذا على الرغم من الارتفاع المؤقت المتوقع في الأرقام الرئيسية بحلول نهاية العام.

ومع استجابة ارتفاع الأجور في الاقتصادات الرائدة في منطقة اليورو بفارق زمني للارتفاع السابق في التضخم، من المتوقع أيضاً أن تكون أرقام التضخم الرئيسية في العام المقبل أعلى مما قد تشير إليه الديناميكيات الاقتصادية الأساسية الأكثر ضعفاً، وفقاً لما قاله أحد الأشخاص المطلعين على تفكير أحد أعضاء مجلس الإدارة. وقال هذا الشخص: «في الأمد القريب، فإن توقعات النمو الضعيفة هي العامل الأكثر أهمية، ولكن خطر عدم تحقيق (هدف التضخم البالغ 2 في المائة) هو بالفعل جزء من المعادلة».

وقالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، الأسبوع الماضي، إن البنك المركزي سيأخذ في الاعتبار الثقة الزائدة في أن هدف التضخم المتوسط ​​الأجل للبنك المركزي الأوروبي أصبح على مسافة قريبة، وهي الملاحظة التي زادت من توقعات المستثمرين بخفض أسعار الفائدة.

ومع ذلك، قال سيباستيان دولين، مدير الأبحاث في معهد السياسة الاقتصادية ومقره دوسلدورف، إن النمو الضعيف، وانخفاض التضخم بشكل حاد يشيران إلى أن البنك المركزي الأوروبي «يتصرف ببطء شديد (في تعديل الأسعار) مرة أخرى»، مضيفاً أن تحليل البنك المركزي لدوافع التضخم كان «معيباً».

وأكد دولين أن الارتفاع التضخمي بين عامي 2021 و2023 كان مؤقتاً ومدفوعاً بارتفاع أسعار الطاقة واختناقات سلسلة التوريد، وليس ارتفاعاً أساسياً في الطلب. وقال إن البنك المركزي الأوروبي زاد أسعار الفائدة كثيراً، مما أضر باقتصاد تضرر بالفعل من انخفاض الإنتاجية، والاستثمار الفاتر، والشيخوخة السكانية. وأضاف: «لقد أدت السياسة النقدية المفرطة في التقييد إلى تفاقم بعض القضايا الهيكلية».


مقالات ذات صلة

«المركزي» التركي يمدد تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن

الاقتصاد المصرف المركزي التركي (رويترز)

«المركزي» التركي يمدد تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن

مدَّد البنك المركزي التركي تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن على التوالي، إذ قرر إبقاء سعر إعادة الشراء لمدة أسبوع دون تغيير عند 50 في المائة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الاقتصاد سبائك من الذهب النقي بمصنع «نوفوسيبيرسك» لصياغة وتصنيع المعادن الثمينة في روسيا (الشرق الأوسط)

الذهب يبلغ أعلى مستوى في أسبوع مع تراجع الدولار

ارتفعت أسعار الذهب لأعلى مستوى في أسبوع بدعم من تراجع الدولار، بينما تنتظر السوق تعليقات من مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي حول الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جزء من احتياطي الذهب في مجمع بنك البرتغال المحصّن في كاريغادو (رويترز)

بعد انخفاضاته الحادة الأسبوع الماضي... الذهب يعاود ارتفاعه

ارتفعت أسعار الذهب اليوم الاثنين بعد التراجع الحاد الذي شهدته الأسبوع الماضي، لكن التوقعات بشأن تخفيضات أقل لأسعار الفائدة الأميركية حدّت من هذا التعافي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد المستهلكون يتسوقون في أحد مراكز التسوق في لوس أنجليس (أ.ف.ب)

التضخم الأميركي يرتفع كما هو متوقع في أكتوبر

ارتفع مؤشر أسعار المستهلك الأميركي (التضخم) بنسبة 2.6 في المائة عن العام السابق في أكتوبر، وهو ارتفاع طفيف عن الزيادة السنوية في الأسعار في سبتمبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد باول في مؤتمره الصحافي بعد قرار لجنة السياسة النقدية (أ.ف.ب)

باول بعد قرار خفض الفائدة: جاهزون للتعامل مع المخاطر

قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن التضخم الأساسي لا يزال مرتفعا نوعاً ما، موضحاً أن «سوق العمل ليست مصدراً للضغوط التضخمية».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الخطيب: توقيع اتفاقيات استراتيجية مصرية - سعودية تمتد 5 أعوام

وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري أثناء مشاركته في المؤتمر السنوي العالمي الثامن والعشرين للاستثمار بالرياض (الشرق الأوسط)
وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري أثناء مشاركته في المؤتمر السنوي العالمي الثامن والعشرين للاستثمار بالرياض (الشرق الأوسط)
TT

الخطيب: توقيع اتفاقيات استراتيجية مصرية - سعودية تمتد 5 أعوام

وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري أثناء مشاركته في المؤتمر السنوي العالمي الثامن والعشرين للاستثمار بالرياض (الشرق الأوسط)
وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري أثناء مشاركته في المؤتمر السنوي العالمي الثامن والعشرين للاستثمار بالرياض (الشرق الأوسط)

أفصح وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري المهندس حسن الخطيب عن توقيع اتفاقيات استراتيجية بين القاهرة والرياض في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تستمر 5 سنوات، وذلك في سياق حل المشكلات الاقتصادية التي استمرت 4 عقود.

وأكد أن الاتفاقيات المتعددة الأطراف تمثل جزءاً أساسياً من استراتيجية بلاده لتطوير الاقتصاد الوطني، وجذب الاستثمارات، وأن القاهرة توفر للمستثمرين فرصة الوصول إلى 70 في المائة من السوق المحلية، مشيراً إلى أن البلاد تهدف إلى تحسين البيئة الاستثمارية، وتعزيز التعاون مع شركاء مصر الدوليين، خصوصاً مع المملكة العربية السعودية.

وأضاف الخطيب في جلسة حوارية بعنوان: «تحدي الجاذبية: الدور المتغير للاقتصادات الناشئة في الاقتصاد العالمي والبيئة الاستثمارية» ضمن المؤتمر السنوي العالمي الثامن والعشرين للاستثمار، في الرياض، أن الاستقرار في السياسات الاقتصادية المصرية يعد أحد العوامل الأساسية لجذب الاستثمارات، مع التركيز على القطاعات الصحيحة مثل التحول الأخضر والتكنولوجيا.

وأكد أن القطاع الخاص سيكون له دور محوري في دعم الناتج المحلي بنسبة تتراوح بين 6 إلى 7 في المائة خلال الأعوام المقبلة.

وأشار الوزير إلى أن مصر قد استثمرت أكثر من 550 مليار دولار في إطار أوسع للتعاون مع الشركاء الدوليين.

وعن مستقبل مصر في مجالات السياحة والطاقة، أضاف الخطيب أن هناك خططاً طموحة لزيادة قدرة البلاد على توليد الطاقة البديلة بمقدار 50 غيغاواط في الفترة من 2030 إلى 2040، مشيراً إلى أهمية تعزيز قطاع السياحة من خلال مضاعفة عدد الغرف الفندقية وعدد الأسرة في المستشفيات حتى عام 2030.

وأردف الخطيب: «نحن نبني أطر التعاون التاريخية، ونعمل على تحقيق أهداف طويلة المدى تضمن استدامة النمو الاقتصادي في مصر، وتعزيز مكانتها وجهة استثمارية رئيسية في المنطقة».