طموح ألمانيا في قطاع «الهيدروجين» يواجه انتكاسات

محطة تعبئة الهيدروجين للشاحنات والسيارات في برلين (رويترز)
محطة تعبئة الهيدروجين للشاحنات والسيارات في برلين (رويترز)
TT

طموح ألمانيا في قطاع «الهيدروجين» يواجه انتكاسات

محطة تعبئة الهيدروجين للشاحنات والسيارات في برلين (رويترز)
محطة تعبئة الهيدروجين للشاحنات والسيارات في برلين (رويترز)

يواجه الرهان الطموح لألمانيا على «الهيدروجين» انتكاساتٍ كبيرةً، بعد أن غيّر اثنان من أكبر مورديها المحتملين مسارهما.

وعقب ثلاثة أسابيع فقط من تعليق شركة «إكوينور إيه إس إيه» النرويجية خططها لمد خط أنابيب إلى ألمانيا، أرجأت الدنمارك قبل أيام بدء خط مماثل حتى عام 2032.

وحسب وكالة «بلومبرغ»، من المرجح أن تؤدي هذه التحركات إلى تعقيد الخطط الرامية إلى تعزيز سوق «الهيدروجين» بحلول نهاية العقد، حيث قالت برلين إنه من المرجح تلبية ما يصل إلى 70 في المائة من الطلب في البلاد بحلول ذلك الوقت من الواردات.

وتأمل القيادات السياسية في ألمانيا أن يلعب «الهيدروجين» دوراً رئيسياً في إزالة الكربون من الصناعة الثقيلة في البلاد، وقد وافقت على استثمار مليارات اليورو في إنشاء شبكة ومحطات طاقة يمكنها في النهاية العمل بالوقود النظيف.

وتساءل المراقبون عن جدوى زيادة الإنتاج وسط ارتفاع التكاليف، إذ استشهدت شركة «إكوينور» بنقص العملاء والإمدادات والإطار التنظيمي الكافي في قرارها بتعليق خط الأنابيب.

وقال مشغل نظام النقل «إنرجينيت» إن التأخير الدنماركي مرتبطٌ بزيادة تعقيد المشروع وحاجة مطوري «الهيدروجين» إلى مزيد من الوقت.

وبينما أعرب مسؤول حكومي ألماني كبير، الأسبوع الماضي، عن قلقه بشأن قرار النرويج، قالت وزارة الاقتصاد إن أحدث التطورات من الدنمارك لا ينبغي أن تؤثر على أهداف إزالة الكربون. وقال متحدث باسم الوزارة إن هناك خيارات أخرى لاستيراد الهيدروجين، مضيفاً أن صناع القرار سيعملون مع نظرائهم الدنماركيين على خيارات تسريع محتملة.

ومع ذلك، يسلط تحول الأحداث الضوء على صعوبة إطلاق سوق «الهيدروجين» دون التأكد من قاعدة العملاء.

وقال بريت أورلاندو، رئيس قسم التحول السلعي العالمي في مصرف «بنك أوف أميركا»: «لا يزال خط أنابيب مشاريع (الهيدروجين) في أوروبا وأميركا الشمالية صغيراً نسبياً... في الوقت الحالي، لا يزال هناك الكثير من المخاطر السلبية لدخول رأس المال من أطراف ثالثة إلى القطاع».

وقالت شركة الطاقة الألمانية «يونيبر»، التي تريد المشاركة في بناء جيل جديد من محطات الغاز التي يمكن تحويلها لاحقاً إلى «هيدروجين»، إن إلغاء خط الأنابيب النرويجي يشير إلى وجود عدد قليل فقط من العملاء الكبار المستعدين للالتزام بشراء كميات أكبر من «الهيدروجين» على المدى الطويل. وقال المتحدث باسم الشركة إن المشروع كان سيصبح جيداً لتنشيط «اقتصاد الهيدروجين».

وأعلنت الشركة نفسها، يوم الخميس، أن نقص الطلب - من بين أسباب أخرى - سيجبرها على تأجيل استثمارات بقيمة 8 مليارات يورو (8.8 مليار دولار) في «الهيدروجين الأخضر» وغيره من التقنيات الصديقة للبيئة بعد عام 2030.

وقالت شركة «إي أون» الألمانية للطاقة إنه من المشكوك فيه ما إذا كان من الممكن تحقيق أهداف «الهيدروجين» في البلاد في الإطار الزمني المحدد، نظراً لعدم وجود قرارات استثمارية نهائية.

وفي الوقت نفسه، قد لا يزال هناك حل بديل لألمانيا لتلقي بعض «الهيدروجين» في السنوات المقبلة. وقالت مصادر مطلعة إن النرويج تستكشف تحويل الغاز الطبيعي في هولندا إلى ما يُسمى بـ«الهيدروجين الأزرق»، ثم تغذيته في شبكة ألمانيا الأساسية.

وقال وزير الطاقة النرويجي تارجي آسلاند: «يتعين علينا مواصلة العمل بالهيدروجين في الشراكة الصناعية التي لدينا، وهو أمر مهم للغاية بالنسبة لألمانيا والنرويج... ما زلنا نعتقد أن الهيدروجين سيلعب دوراً مهماً للغاية».


مقالات ذات صلة

​استثمارات «أكوا باور» في أفريقيا تتجاوز 7 مليارات دولار

الاقتصاد مقر الشركة في العاصمة السعودية الرياض (أكوا باور)

​استثمارات «أكوا باور» في أفريقيا تتجاوز 7 مليارات دولار

تجاوزت استثمارات «أكوا باور» السعودية وهي أكبر شركة خاصة بمجال تحلية المياه بالعالم والأولى في مجال الهيدروجين الأخضر حاجز 7 مليارات دولار

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد محطة تعبئة الهيدروجين للشاحنات والسيارات في برلين (رويترز)

ألمانيا والهند تتفقان على التعاون في مجال الهيدروجين

تعتزم ألمانيا والهند تعزيز التعاون بينهما في مجال الهيدروجين الصديق للمناخ في التحول نحو الطاقة النظيفة، خاصة إذا تم استخدام مصادر طاقة متجددة في إنتاجه.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد تدرس «سوناطراك» جدوى سلسلة قيمة الهيدروجين الأخضر من الجزائر إلى الاتحاد الأوروبي (موقع الشركة)

«سوناطراك» وشركاؤها يوقعون مذكرة لدراسة توفير الهيدروجين الأخضر من الجزائر إلى أوروبا

قالت شركة «سوناطراك» الجزائرية إنها وقعت مذكرة تفاهم مع عدد من الشركاء لتقييم جدوى سلسلة قيمة الهيدروجين الأخضر من الجزائر إلى الاتحاد الأوروبي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الاقتصاد شعار محطة وقود «شل» في جنوب شرقي لندن (رويترز)

بعد «إكوينور»... «شل» تلغي مشروع الهيدروجين في النرويج

ألغت شركة الطاقة «شل» خططاً لإنشاء مصنع للهيدروجين منخفض الكربون على الساحل الغربي للنرويج بسبب نقص الطلب.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
الاقتصاد أوكساجون التابعة لمنطقة «نيوم» السعودية (الشرق الأوسط)

شراكة بين «كاوست» و«نيوم» لتطوير تقنيات إنتاج الهيدروجين والوقود المستدام بالسعودية

أعلنت جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية عن شراكة مع «نيوم» لدعم خطط التحول نحو الاقتصاد الأخضر بتطوير تقنيات إنتاج الهيدروجين والوقود المستدام في السعودية.

«الشرق الأوسط» (جدة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
TT

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن الرئيس المنتخب دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه الاقتصادي بنجاح، دون الانجرار إلى حرب تجارية شاملة أو تفاقم العجز الفيدرالي.

وحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» زيادة تفوق 24 في المائة في عام 2024، مما جعله في الصدارة بين مؤشرات الأسهم في أوروبا وآسيا والأسواق الناشئة. وبمعدل 22 ضعفاً للأرباح المستقبلية المتوقعة، فإن علاوته مقارنة بمؤشر «إم إس سي آي» للأسواق من أكثر من 40 دولة، تعد الأعلى منذ أكثر من عقدين، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وعلى الرغم من أن الأسهم الأميركية قد تفوقت على نظيراتها العالمية لأكثر من عقد من الزمان، فإن الفجوة في التقييم قد اتسعت هذا العام بفضل النمو الاقتصادي المتين والأرباح القوية للشركات، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، حيث ساعدت التطورات المثيرة في مجال الذكاء الاصطناعي على تعزيز أسهم شركات رائدة مثل «إنفيديا».

ويعتقد بعض المشاركين في السوق أن أجندة ترمب الاقتصادية، التي تشمل تخفيض الضرائب، وتخفيف القيود التنظيمية، وحتى فرض الرسوم الجمركية، قد تعزز من تفوق الولايات المتحدة، متفوقة على المخاوف المتعلقة بتأثيراتها المزعزعة المحتملة على الأسواق وزيادة التضخم.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في بنك «باركليز»، فينو كريشنا: «نظراً للتوجهات المؤيدة للنمو في هذه الإدارة الجديدة، أعتقد أنه سيكون من الصعب مواجهة الأسهم الأميركية، على الأقل في عام 2025». وكانت هناك مؤشرات على تزايد تفضيل المستثمرين للأسهم الأميركية مباشرة بعد الانتخابات التي جرت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما استقبلت صناديق الأسهم الأميركية أكثر من 80 مليار دولار في الأسبوع الذي تلا الانتخابات، في حين شهدت صناديق الأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة تدفقات خارجة، وفقاً لبنك «دويتشه».

ويعد «مورغان ستانلي»، و«يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية، ومعهد الاستثمار «ويلز فارغو» من بين المؤسسات التي توصي بزيادة الوزن للأسهم الأميركية في المحافظ الاستثمارية أو تتوقع تفوقها في العام المقبل.

محرك الأرباح

أحد المحركات الرئيسية لقوة الأسهم الأميركية هو ميزة أرباح الشركات الأميركية، حيث من المتوقع أن ترتفع أرباح شركات «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 9.9 في المائة هذا العام وبنسبة 14.2 في المائة في 2025، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وفي المقابل، من المتوقع أن ترتفع أرباح الشركات في مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 1.8 في المائة هذا العام وبنسبة 8.1 في المائة في 2025.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «ستيت ستريت غلوبال أدفايزر»، مايكل أرون: «الولايات المتحدة تظل المنطقة الجغرافية التي تحقق أعلى نمو في الأرباح وأكبر قدر من الربحية على مستوى العالم».

ويسهم الدور المهيمن للشركات التكنولوجية العملاقة في الاقتصاد الأميركي، وأوزانها الكبيرة في مؤشرات مثل «ستاندرد آند بورز 500»، في تعزيز هذا النمو. إذ تبلغ القيمة السوقية لأكبر خمس شركات أميركية («إنفيديا» و«أبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون دوت كوم» وألفابت) أكثر من 14 تريليون دولار، مقارنة بحوالي 11 تريليون دولار لجميع شركات «ستوكس 600»، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.8 في المائة في 2024 وبنسبة 2.2 في المائة في 2025، مقارنة بنسبة 0.8 في المائة هذا العام و1.2 في المائة في العام المقبل لمجموعة من حوالي 20 دولة تستخدم اليورو، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي.

وقد تساعد خطط ترمب لزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الولايات المتحدة في تعزيز هذا التفوق، رغم المخاطر التي قد تترتب على ذلك، وفقاً لما قاله مايك مولاني، مدير أبحاث الأسواق العالمية في «بوسطن بارتنرز»، الذي يفضل الأسهم الأميركية. وقال مولاني: «إذا فرض ترمب رسوماً جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على السلع الأوروبية، فإنهم سيتأثرون أكثر منا بشكل نسبي».

وقد دفع تحكم الجمهوريين في السلطة في واشنطن، ما يسهل على ترمب تنفيذ أجندته، اقتصاديي «دويتشه بنك» إلى رفع توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأميركي في 2025 إلى 2.5 في المائة مقارنة بـ 2.2 في المائة.

وبينما من المتوقع أن تعزز تخفيضات الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية النمو الاقتصادي، فإن الهوامش الضيقة نسبياً في الكونغرس الأميركي وحساسية الإدارة تجاه ردود الفعل السوقية قد تحدان من نطاق بعض السياسات «المتطرفة»، مثل الرسوم الجمركية، كما ذكر البنك في تقريره الأخير.

من جانبه، يتوقع «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6600 في العام المقبل، مدفوعاً بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وانخفاض أسعار الفائدة، وتخفيضات الضرائب، وإلغاء القيود التنظيمية. وأغلق المؤشر عند 5948.71 يوم الخميس. مع ذلك، قد تؤدي حرب تجارية شاملة مع الصين ودول أخرى إلى التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الأميركي وزيادة التضخم. وفي سيناريو يتم فيه فرض دول ردود فعل على الرسوم الجمركية الأميركية الواسعة، قد ينخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 5100، رغم أن الأسهم العالمية ستتراجع أيضاً، وفقاً لتوقعات «يو بي إس».

ويمكن أن تكون بعض القطاعات في السوق أكثر عرضة لتأثيرات سياسات ترمب، حيث أدت المخاوف بشأن خطط تقليص الفائض البيروقراطي إلى تراجع أسهم شركات المقاولات الحكومية الأسبوع الماضي، بينما تراجعت أسهم شركات الأدوية بعد اختيار ترمب للمشكك في اللقاحات روبرت ف. كينيدي جونيور لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.

كما قد تثير التخفيضات الضريبية الواسعة القلق بشأن زيادة الدين الأميركي. وقد أسهمت المخاوف المتعلقة بالعجز في تراجع بيع السندات الحكومية الأميركية مؤخراً، مما دفع عائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات إلى أعلى مستوى له في خمسة أشهر الأسبوع الماضي.

وفي الوقت نفسه، قد تصبح الفجوة في التقييم بين الولايات المتحدة وبقية العالم واسعة لدرجة تجعل الأسهم الأميركية تبدو باهظة الثمن، أو قد تصبح الأسهم الدولية رخيصة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك، في الوقت الراهن، تظل الاتجاهات طويلة المدى لصالح الولايات المتحدة، مع ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 180 في المائة مقارنة بارتفاع بنسبة 50 في المائة تقريباً لمؤشر «ستوكس» في أوروبا على مدار العقد الماضي. وقال رئيس استراتيجيات الأصول المتعددة في «روبيكو»، كولين غراهام: «الزخم شيء رائع. إذا كان لديك شيء يستمر في التفوق، فإن المستثمرين سيتبعون الأموال».