الأجور والإنفاق يتراجعان في اليابان

توقعات بألا تؤثر البيانات على مسار الفائدة

يابانيون في أحد الأحياء التجارية المزدحمة بالعاصمة طوكيو (أ.ف.ب)
يابانيون في أحد الأحياء التجارية المزدحمة بالعاصمة طوكيو (أ.ف.ب)
TT

الأجور والإنفاق يتراجعان في اليابان

يابانيون في أحد الأحياء التجارية المزدحمة بالعاصمة طوكيو (أ.ف.ب)
يابانيون في أحد الأحياء التجارية المزدحمة بالعاصمة طوكيو (أ.ف.ب)

انخفضت الأجور المعدلة وفقاً للتضخم (الأجور الحقيقية) في اليابان في أغسطس (آب) الماضي، في حين تراجع إنفاق الأسر أيضاً، لكنّ المحللين يقولون إن الاتجاهات الأساسية تشير إلى تعافٍ تدريجي في الأجور والاستهلاك، وينبغي أن تدعم تلك الاتجاهات خطط البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى.

وهبطت الأجور الحقيقية في رابع أكبر اقتصاد في العالم بنسبة 0.6 في المائة في أغسطس، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي؛ وفقاً لبيانات أصدرتها وزارة الصحة والعمل والرفاهية يوم الثلاثاء. وجاء ذلك بعد ارتفاع منقح بنسبة 0.3 في المائة في يوليو (تموز).

وكانت الأجور الحقيقية قد ارتفعت في يونيو (حزيران) للمرة الأولى منذ أكثر من عامين، مع زيادة الشركات لمكافآت الصيف، رغم أن وزارة العمل قالت إن مساهمة مثل هذه المدفوعات الخاصة في البيانات سوف تتضاءل بدءاً من أغسطس... لكن هذه المدفوعات زادت بنسبة 2.7 في المائة في أغسطس، مقابل 6.6 في المائة في يوليو، و7.8 في المائة في يونيو.

وفي الوقت نفسه، أظهرت بيانات الأجور الكلية في أغسطس، أن الراتب الأساسي سجل أكبر ارتفاع في نحو 32 عاماً بنسبة 3.0 في المائة، وهو ما يعكس مفاوضات الأجور بين العمال والإدارة هذا الربيع، التي قادت الشركات إلى تحقيق أكبر زيادة في ثلاثة عقود.

وقال ماساتو كويكي، كبير خبراء الاقتصاد في معهد سومبو بلس: «كان من المتوقع أن تتراجع الأجور الحقيقية إلى منطقة سلبية. وفيما يتصل بالبيانات نفسها، فإن الأمر ليس بهذا السوء».

وأظهرت بيانات منفصلة أن إنفاق الأسر انخفض بنسبة 1.9 في المائة عن العام السابق في أغسطس، وهو ما قد يثير الشكوك حول قوة الاستهلاك الخاص، الذي يمثل أكثر من نصف اقتصاد اليابان.

ومع ذلك، كان الانخفاض أقل من تقديرات السوق لهبوط بنسبة 2.6 في المائة، استناداً إلى استطلاع أجرته «رويترز». وعلى أساس معدل موسمياً، ارتفع الإنفاق بنسبة 2.0 في المائة عن الشهر السابق، وهو ما يمثل أسرع وتيرة زيادة في عام.

وقال يوتارو سوزوكي، الخبير الاقتصادي في شركة «دايوا للأوراق المالية»: «على الرغم من أن معدل الادخار الأسري يظل مرتفعاً، فإن الاستهلاك ربما يتعافى تدريجياً، إذا أدى إدراك زيادة الأجور إلى تحسين معنويات المستهلكين».

ويعد النمو المستدام للأجور شرطاً أساسياً لبنك اليابان لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى بعد أول زيادة له منذ 17 عاماً في مارس (آذار)، وزيادة لاحقة في يوليو. وفي حين قال البنك المركزي في تقريره ربع السنوي يوم الاثنين إن ارتفاع الأسعار والأجور ينتشر في جميع أنحاء اليابان، فقد أشار أيضاً إلى قلق الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم بشأن الضغوط المصاحبة على الأرباح.

وزادت الأجور الاسمية، أو متوسط ​​إجمالي الأرباح النقدية لكل عامل شهرياً، بنسبة 3.0 في المائة إلى 296588 يناً (1999.11 دولار) مقارنة بأغسطس من العام الماضي، ومقابل ارتفاع بنسبة 3.4 في المائة على أساس سنوي في يوليو. كما زاد أجر العمل الإضافي، وهو مقياس لقوة الشركات، بنسبة 2.6 في المائة.

وارتفع مؤشر أسعار المستهلك الذي يستخدمه المسؤولون لحساب الأجور الحقيقية، والذي يشمل أسعار المواد الغذائية الطازجة لكنه يستبعد الإيجار المكافئ للملاك، بنسبة 3.5 في المائة في أغسطس، وهو أعلى ارتفاع منذ أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي.

وتوسع الاقتصاد الياباني بمعدل سنوي بلغ 2.9 في المائة بفضل الاستهلاك القوي، وظل التضخم الأساسي أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، مما يبقي التوقعات حية لمزيد من رفع أسعار الفائدة.

ومن جهة أخرى، أظهرت بيانات وزارة المالية اليابانية الصادرة يوم الثلاثاء ارتفاع فائض الحساب الجاري خلال أغسطس الماضي إلى 3.804 تريليون ين، في حين كان المحللون يتوقعون تراجعه إلى 2.43 تريليون ين، ومقابل 2.8 تريليون ين خلال يوليو.

وزادت واردات اليابان خلال أغسطس بنسبة 1.3 في المائة سنوياً إلى 8.766 تريليون ين، في حين زادت الصادرات بنسبة 6.2 في المائة إلى 8.388 تريليون ين، لتسجل اليابان عجزاً تجارياً بقيمة 377.9 مليار ين.

كما أظهر الحساب الرأسمالي لليابان عجزاً بقيمة 24.4 مليار ين، في حين سجل الحساب المالي فائضاً بقيمة 4.187 تريليون ين.


مقالات ذات صلة

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

الاقتصاد المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

سيذهب الغانيون إلى صناديق الاقتراع في السابع من ديسمبر لاختيار رئيس جديد وبرلمان، في انتخابات تراقبها الأوساط الاستثمارية من كثب.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
الاقتصاد رئيسة منظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو - إيويالا في اجتماع سابق بمقر المنظمة في مدينة جنيف السويسرية (أ.ف.ب)

ولاية جديدة لرئيسة منظمة التجارة العالمية وسط شبح «حروب ترمب»

قالت منظمة التجارة العالمية إن رئيسة المنظمة نغوزي أوكونجو - إيويالا أُعيد تعيينها لفترة ثانية في اجتماع خاص يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
الاقتصاد مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

قالت مصادر مطلعة لـ«رويترز» إن بنك «إتش إس بي سي» سينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين بعد 8 سنوات من إطلاقها.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد موظفان يرفعان علم الصين أمام مقر البورصة في جزيرة هونغ كونغ (رويترز)

الصين تمدد الإعفاءات الجمركية على بعض المنتجات الأميركية حتى 2025

قالت الصين إنها ستمدد إعفاءات التعريفات الجمركية على واردات بعض المنتجات الأميركية حتى 28 فبراير 2025.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا يلقي كلمته أمام البرلمان في طوكيو الجمعة (أ.ف.ب)

اليابان تستكمل ميزانية إضافية بقيمة 92 مليار دولار لحزمة إنفاق جديدة

استكملت الحكومة اليابانية ميزانية تكميلية بقيمة 92 مليار دولار، الجمعة، لحماية الأسر من ارتفاع تكاليف المعيشة

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

«المركزي الروسي»: الاقتصاد آمن بأسعار النفط الحالية ومهدد دون 60 دولاراً

العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
TT

«المركزي الروسي»: الاقتصاد آمن بأسعار النفط الحالية ومهدد دون 60 دولاراً

العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

قال البنك المركزي الروسي إن مستويات أسعار النفط الحالية لا تشكل تهديداً لاستقرار الاقتصاد الروسي، لكنها قد تتحول إلى تحدٍّ خطير إذا انخفضت الأسعار دون الهدف الذي حُدد في الموازنة والذي يبلغ 60 دولاراً للبرميل.

وتشكل عائدات النفط والغاز نحو ثلث إيرادات الموازنة الروسية، وعلى الرغم من التوقعات بتراجع هذه النسبة في السنوات المقبلة، فإن إيرادات السلع الأساسية تظل تلعب دوراً محورياً في الاقتصاد الروسي، كما أن سعر النفط بالروبل يعد عنصراً مهماً في الحسابات المالية للموازنة.

ووفقاً لحسابات «رويترز»، فإن سعر مزيج النفط الروسي «أورال» في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) قد تجاوز السعر المُستخدم في حسابات موازنة الدولة لعام 2024، وذلك بفضل الانخفاض الحاد في قيمة الروبل. وأكد البنك المركزي أن سعر النفط «أورال» بلغ 66.9 دولار للبرميل بداية من 15 نوفمبر.

وفي مراجعته السنوية، قال البنك المركزي: «لا تشكل مستويات أسعار النفط الحالية أي مخاطر على الاستقرار المالي لروسيا»، لكنه حذر من أنه «إذا انخفضت الأسعار دون المستوى المستهدف في الموازنة، البالغ 60 دولاراً للبرميل، فإن ذلك قد يشكل تحديات للاقتصاد والأسواق المالية، بالنظر إلى الحصة الكبيرة التي تمثلها إيرادات النفط في الصادرات الروسية».

كما أشار البنك إلى أن روسيا قد خفضت إنتاجها من النفط بنسبة 3 في المائة ليصل إلى 9.01 مليون برميل يومياً في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك في إطار التزامها باتفاقات مجموعة «أوبك بلس». وأضاف أن الخصم في سعر النفط الروسي مقارنة بسعر المؤشر العالمي قد تقلص إلى 14 في المائة في أكتوبر، مقارنة بـ 16-19 في المائة في الفترة من أبريل (نيسان) إلى مايو (أيار).

الإجراءات لدعم الروبل فعّالة

من جانبه، قال نائب محافظ البنك المركزي الروسي، فيليب جابونيا، إن البنك سيواصل اتباع سياسة سعر صرف الروبل العائم، مؤكداً أن التدابير التي اتخذها لدعم قيمة الروبل كافية وفعالة.

ووصل الروبل إلى أدنى مستوى له منذ مارس (آذار) 2022، إثر فرض أحدث جولة من العقوبات الأميركية على القطاع المالي الروسي. وفي خطوة لدعم العملة الوطنية، تدخل البنك المركزي، وأوقف شراء العملات الأجنبية بداية من 28 نوفمبر.

وفي مؤتمر صحافي، صرح جابونيا: «نعتقد أن التدابير المتبعة حالياً كافية، ونحن نلاحظ وجود مؤشرات على أن الوضع بدأ في الاستقرار». وأضاف: «إذا كانت التقلبات قصيرة الأجل الناجمة عن مشكلات الدفع تشكل تهديداً للاستقرار المالي، فنحن نمتلك مجموعة من الأدوات الفعّالة للتعامل مع هذا الوضع».

وأكد جابونيا أن سعر الفائدة القياسي المرتفع، الذي يبلغ حالياً 21 في المائة، يسهم في دعم الروبل، من خلال تعزيز جاذبية الأصول المقومة بالروبل، وتهدئة الطلب على الواردات.

وكانت أحدث العقوبات الأميركية على القطاع المالي الروسي قد استهدفت «غازبروم بنك»، الذي يتولى مدفوعات التجارة الروسية مع أوروبا، ويعد المصدر الرئيسي للعملات الأجنبية في السوق المحلية. وقد أدت هذه العقوبات إلى نقص حاد في سوق العملات الأجنبية الروسية، ما تَسَبَّبَ في حالة من الهلع واندفاع المستثمرين نحو شراء العملات الأجنبية. ورغم هذه التحديات، أصر المسؤولون الروس على أنه لا توجد أسباب جوهرية وراء تراجع قيمة الروبل.

النظام المصرفي يتمتع بمرونة عالية

وفي مراجعة للاستقرار المالي، يوم الجمعة، قال المركزي الروسي إن الشركات الصغيرة فقط هي التي تواجه مشكلات في الديون في الوقت الحالي، في وقت يشكو فيه بعض الشركات من تكاليف الاقتراض المرتفعة للغاية مع بلوغ أسعار الفائدة 21 في المائة.

وأضاف أن نمو المخاطر الائتمانية قد أدى إلى انخفاض طفيف في نسبة كفاية رأس المال للبنوك الروسية في الربعين الثاني والثالث، لكنه وصف القطاع المصرفي بأنه يتمتع بمرونة عالية. كما نصح البنوك بإجراء اختبارات ضغط عند تطوير منتجات القروض، بما في ذلك سيناريوهات تتضمن بقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترات طويلة.