الموازنة الفرنسية إلى الواجهة مجدداً في ظل الارتفاع «الهائل» للعجز والديون

حكومة بارنييه تعهدت أن تكون متوافقة «بالكامل» مع قواعد الاتحاد الأوروبي

رئيس الوزراء الفرنسي ميشيل بارنييه يلقي خطابه حول السياسة العامة في الجمعية الوطنية في باريس (رويترز)
رئيس الوزراء الفرنسي ميشيل بارنييه يلقي خطابه حول السياسة العامة في الجمعية الوطنية في باريس (رويترز)
TT

الموازنة الفرنسية إلى الواجهة مجدداً في ظل الارتفاع «الهائل» للعجز والديون

رئيس الوزراء الفرنسي ميشيل بارنييه يلقي خطابه حول السياسة العامة في الجمعية الوطنية في باريس (رويترز)
رئيس الوزراء الفرنسي ميشيل بارنييه يلقي خطابه حول السياسة العامة في الجمعية الوطنية في باريس (رويترز)

عادت المخاوف بشأن استدامة المالية العامة في فرنسا إلى دائرة الضوء، في وقت تستعد فيه حكومة ميشال بارنييه لتقديم الموازنة الوطنية لعام 2025 يوم الخميس إلى الجمعية الوطنية (البرلمان)، والتي تأمل من خلالها أن تعالج الديون «الهائلة» والعجز الكبير، وأن تكون متوافقة «بالكامل» مع قواعد الإنفاق الجديدة للاتحاد الأوروبي.

وبلغ الدين العام الفرنسي رقماً قياسياً هو 3.228 تريليون يورو، أي ما يعادل 112 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وفق بيانات المعهد الوطني الفرنسي للإحصاء والدراسات الاقتصادية. وهو ما يتجاوز بكثير الحد الأقصى البالغ 60 في المائة الذي حددته لوائح الاتحاد الأوروبي.

أما العجز، فمن المتوقع أن يبلغ ما نسبته 6.1 في المائة من الناتج المحلي هذا العام (من 5.5 في المائة في 2023) أي أعلى من قواعد الاتحاد الأوروبي التي حددت بأن يكون العجز أقل من 3 في المائة. وهو ما دفع ببروكسل إلى توبيخ باريس في يوليو (تموز) الماضي، لخرقها قواعد الموازنة ووضعها في إجراء رسمي.

وكانت الحكومة السابقة قد وعدت بالوصول إلى هدف العجز في عام 2027، وهو الموعد الذي عدَّه كثير من الخبراء غير واقعي؛ إذ يتطلب الوصول إلى هدف 3 في المائة توفير 110 مليار يورو بين الآن وعام 2027، وهو جهد لم يتم بذله قط في فرنسا.

ومنذ تعيينه رئيساً للوزراء في أوائل سبتمبر (أيلول)، أوضح بارنييه أن خفض ديون فرنسا هو أولويته القصوى. ووعد مراراً وتكراراً بأن يكون صادقاً مع الفرنسيين بشأن حالة مالية البلاد، بما في ذلك خلال خطابه الأول أمام البرلمان يوم الثلاثاء الماضي. في ذلك الخطاب، أعلن بارنييه أن فرنسا ستحتاج حتى عام 2029 للامتثال لقواعد الاتحاد الأوروبي.

وتوجه وزير المالية الجديد أنطوان أرمان يوم الاثنين إلى لوكسمبورغ، لعقد اجتماع مع نظرائه في منطقة اليورو، لتقديم عرض تقديمي حول أولويات السياسة الفرنسية في هذا الإطار.

وزير المالية الفرنسي أنطوان أرمان (حسابه الخاص)

وقال مفوض الاقتصاد باولو جينتيلوني للصحافيين، قبل اجتماع مجموعة اليورو مع الوزير الفرنسي، إن مناقشات المفوضية الأوروبية مع الحكومة الفرنسية الجديدة بشأن موازنة البلاد والمالية العامة بدأت بشكل واعد. وأضاف جينتيلوني أنه تحدث إلى وزير المالية الفرنسي الجديد أنطوان أرمان بشأن هذه المسألة، قبل أيام.

من جهته، قال أرمان قبل توجهه إلى لوكسمبورغ: «لقد أعددنا موازنة لتعزيز السيادة المالية والوطنية للبلاد»، مضيفاً أن احترام قواعد الاتحاد الأوروبي «مسألة مصداقية دولية».

وكان يتعين على فرنسا تقديم خطة لخفض عجزها العام؛ لكن باريس حصلت على تأجيل بعد تعيين حكومة جديدة في أعقاب انتخابات مبكرة.

وأعرب أرمان عن تفاؤله بشأن مساعي فرنسا لخفض العجز إلى ما دون قواعد الاتحاد الأوروبي. وقال: «هدفنا هو خفض عجزنا إلى ما دون الثلاثة في المائة بحلول عام 2029»، وهو ما يزيد بعامين على وعد سلفه برونو لومير في وقت سابق من عام 2024. وأكد عزم فرنسا خفض العجز إلى 5 في المائة العام المقبل.

وقال: «لقد أعطاني رئيس الوزراء تفويضاً واضحاً للغاية: الدفاع عن المصالح الفرنسية والأوروبية في العالم، في المسائل الاقتصادية والمالية».

وتسعى فرنسا إلى تحسين وضعها المالي بنحو 60 مليار يورو (66 مليار دولار) في عام 2025، على أمل خفض العجز إلى 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، من نحو 6.1 في المائة هذا العام.

وتأمل باريس أن يطمئن هذا التعديل في موازنتها بروكسل والأسواق المالية، إلى جدية فرنسا في خفض عجزها الهائل.

من حيث زيادة الإيرادات، تخطط الحكومة لزيادة الضرائب على الشركات الكبرى. ومن المتوقع أيضاً أن تطلب من أغنى دافعي الضرائب في فرنسا «مساهمة خاصة». وقال مسؤولون حكوميون إن هذه التدابير من المتوقع أن تجلب 20 مليار يورو العام المقبل.

ومع ذلك، تواجه الحكومة انتقادات من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

صورة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وهو ينتظر وصول رئيس فيتنام قبل غداء عمل في قصر الإليزيه (أ.ف.ب)

وفي حديثه أثناء حدث في برلين يوم الأربعاء، قال ماكرون إنه قلق بشأن رفع معدلات الضرائب على الشركات الكبرى لأكثر من عام. وقال: «من الأذكى العمل على (خلق فرص العمل) بدلاً من التركيز بشكل مهووس على التعديل قصير الأجل الذي يمكن أن يقتل النمو».


مقالات ذات صلة

انكماش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ عام 2023

الاقتصاد منظر جوي لناطحة سحاب «شارد» في لندن مع الحي المالي «كناري وارف» (رويترز)

انكماش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ عام 2023

انكمش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ أكثر من عام، كما أثرت الزيادات الضريبية في أول موازنة للحكومة الجديدة على خطط التوظيف والاستثمار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متسوقون يمشون في شارع أكسفورد في لندن (رويترز)

تراجع مبيعات التجزئة البريطانية أكثر من المتوقع قبيل موازنة ستارمر

تراجعت مبيعات التجزئة البريطانية بشكل أكبر من المتوقع في أكتوبر (تشرين الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية التي أضافت إلى مؤشرات أخرى على فقدان الزخم الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد عامل في مصنع «رافو» الذي يزوِّد وزارة الدفاع الفرنسية وشركات الطيران المدني الكبرى بالمعدات (رويترز)

فرنسا تقترح يوم عمل مجانياً سنوياً لتمويل الموازنة المثقلة بالديون

تواجه موازنة فرنسا الوطنية أزمة خانقة دفعت المشرعين إلى اقتراح قانون يُلزم الفرنسيين العمل 7 ساعات إضافية كل عام دون أجر، وهي ما تعادل يوم عمل كاملاً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد أشخاص يعبرون الطريق في شينجوكو، طوكيو (رويترز)

اليابان تخطط لإنفاق 90 مليار دولار في حزمة تحفيزية جديدة

تفكر اليابان في إنفاق 13.9 تريليون ين (89.7 مليار دولار) من حسابها العام لتمويل حزمة تحفيزية جديدة تهدف إلى التخفيف من تأثير ارتفاع الأسعار على الأسر.

«الشرق الأوسط» (طوكيو )
الاقتصاد منظر عام لأفق مدينة عمان (رويترز)

الأردن يقر موازنة 2025 ويخفض العجز الأولي إلى 2%

أقر مجلس الوزراء الأردني مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2025، تمهيداً لإحالته إلى مجلس الأمة خلال الأيام المقبلة.

«الشرق الأوسط» (عمان)

رئيسة «وايبا»: المشروعات السعودية تدمج التكنولوجيا والاستدامة لتحقيق جودة الحياة

نيفروتي راي تتحدث إلى الحضور في «المؤتمر السنوي العالمي الثامن والعشرين للاستثمار» في الرياض (الشرق الأوسط)
نيفروتي راي تتحدث إلى الحضور في «المؤتمر السنوي العالمي الثامن والعشرين للاستثمار» في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

رئيسة «وايبا»: المشروعات السعودية تدمج التكنولوجيا والاستدامة لتحقيق جودة الحياة

نيفروتي راي تتحدث إلى الحضور في «المؤتمر السنوي العالمي الثامن والعشرين للاستثمار» في الرياض (الشرق الأوسط)
نيفروتي راي تتحدث إلى الحضور في «المؤتمر السنوي العالمي الثامن والعشرين للاستثمار» في الرياض (الشرق الأوسط)

وصفت العضو المنتدب الرئيسة التنفيذية لـ«استثمر في الهند» رئيسة منظمة «وايبا»، نيفروتي راي، مشروعات السعودية الكبرى، مثل «نيوم»، بأنها «حلم يتحقق» و«مثال على كيفية دمج التكنولوجيا والاستدامة لتحقيق جودة حياة استثنائية»، مؤكدةً أنّ التعاون بين الدول الأعضاء في المنظمة «سيسهم في تحقيق رؤية مشتركة للنمو المستدام والتحول الرقمي، مما يفتح آفاقاً جديدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية».

وأكدت على «أهمية التعاون الدولي في تحقيق التحول الرقمي والنمو المستدام»، وذلك في كلمتها خلال أعمال «المؤتمر السنوي العالمي الثامن والعشرين للاستثمار (دبليو آي سي)»، الذي تنظمه منصة «استثمر في السعودية»، بالتعاون مع «الرابطة العالمية لوكالات ترويج الاستثمار (WAIPA)»، والذي يقام في فندق «فيرمونت الرياض».

وتطرقت إلى «رؤية 2030» الطموح، التي «تُعدّ نموذجاً يُحتذى لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، عبر التركيز على التكنولوجيا والتعليم، إلى جانب تعزيز قطاع السياحة».

وقالت: «العالم استهلك نحو 2.5 تريليون طن متري من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وما تبقى للاستهلاك المستدام يتراوح بين 500 و700 مليار طن متري فقط. هذا التحدي الهائل يتطلب من دول مثل السعودية والهند وغيرهما قيادة الابتكار لتحقيق استدامة بيئية عبر مصادر الطاقة المتجددة مثل: الطاقة الشمسية، والرياح، والهيدروجين الأخضر».

وأشارت إلى التزام المملكة بالابتكار في مجالات الطاقة والمياه، موضحة أنّ «التقنية والبنية التحتية هما المدخل الأساسي للنمو».

وأكدت أنّ دول «وايبا»، التي تضم 110 أعضاء، تضطلع بدور رئيسي في مواجهة التحديات العالمية من خلال الاستفادة من الذكاء الاصطناعي والبيانات، مفيدةً بأنّ «الالتزام بتطوير إطار عمل عالمي للذكاء الاصطناعي يعزز الصحة والطاقة ويحسن جودة الحياة».