حرب الجبهتين تضع الاقتصاد الإسرائيلي في مرمى النيران بعد عام من النزاع

تكلفتها قدّرت بنحو 95 مليار دولار بما يوازي 18 % من الناتج المحلي الإجمالي

TT

حرب الجبهتين تضع الاقتصاد الإسرائيلي في مرمى النيران بعد عام من النزاع

تصاعد الدخان عقب الضربات الإسرائيلية في مدينة غزة 11 أكتوبر 2023 (رويترز)
تصاعد الدخان عقب الضربات الإسرائيلية في مدينة غزة 11 أكتوبر 2023 (رويترز)

قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، كان الاقتصاد الإسرائيلي يتمتع بنمو مستقر؛ حيث شهد قطاعا التكنولوجيا الفائقة والسياحة ازدهاراً ملحوظاً.

ومع ذلك، فإن تداعيات الحرب التي اندلعت لاحقاً مع «حماس» ومؤخراً مع «حزب الله»، أحدثت تأثيرات سلبية عميقة. فقد أدت الأوضاع الأمنية المتدهورة إلى زيادة كبيرة في التكاليف العسكرية، وانخفاض ملحوظ في معدلات الاستثمار، وتراجع التصنيف الائتماني، مما أسفر عن تدهور عام في النشاط الاقتصادي.

وبالتالي، لم يعد الاقتصاد الإسرائيلي بعد عام من الحرب كما كان؛ بل دخل مرحلة جديدة مليئة بالتحديات الاقتصادية المعقدة؛ حيث تقدر التكلفة الإجمالية للحرب حتى الآن بنحو 95 مليار دولار، وهو ما يمثل نحو 18 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي السنوي.

واقع الاقتصاد قبل الحرب

كان الاقتصاد الإسرائيلي في وضع قوي؛ حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي السنوي للفرد بنسبة 6.8 في المائة في عام 2021، و4.8 في المائة في عام 2022، مما يفوق بكثير معظم الدول الغربية. ووصلت احتياطياته من العملات الأجنبية إلى 200 مليار دولار، وحقق فائضاً في ميزان المدفوعات بلغ 20 مليار دولار. كما كانت مرونته المالية واضحة من خلال تقديم قروض عالمية تصل إلى 200 مليار دولار.

محلياً، حققت إسرائيل نسبة توظيف كاملة، وكان مستوى الدين العام منخفضاً نسبياً عند 61 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وكان من المتوقع أن يدور العجز المالي لعام 2023، في حال عدم اندلاع حرب، حول 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

تكلفة الحرب وتأثيرها

أدت الحرب الحالية إلى تدهور الشعور بالأمن على الحدود، مما أثر سلباً على موازنة الدفاع. تُقدر النفقات المباشرة للحرب، العسكرية والمدنية، بنحو 180 مليار شيقل (48.37 مليار دولار) من الربع الأخير من 2023 حتى نهاية 2024، مما يؤدي إلى عجز كبير في موازنة 2024 يُقدّر بنحو 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وازدادت الديون العامة ونفقات الفائدة، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف التعبئة الاحتياطية واستهلاك الذخائر والوقود والغذاء وقطع الغيار. ففي عامي 2023 و2024، زاد الدين نتيجة ارتفاع العجز بسبب الحرب بنحو 175 مليار شيقل (47.02 مليار دولار).

وبحلول عام 2025، ستضطر إسرائيل لدفع 7 مليارات شيقل (1.88 مليار دولار) إضافية في نفقات الفائدة مقارنة بعام 2024، ومن المتوقع أن تصل هذه القيمة إلى 10 مليارات شيقل (2.69 مليار دولار) في عام 2026.

تشير التقديرات إلى أن خسارة الناتج المحلي الإجمالي منذ بداية الحرب حتى نهاية 2024 ستبلغ نحو 17 مليار دولار. النفقات المستمرة للدفاع والخدمات المدنية تُقدر بنحو 45 مليار دولار، في حين من المتوقع أن تصل تكلفة إعادة تأهيل المباني والبنية التحتية والشركات الصغيرة إلى نحو 20 مليار دولار.

وتقدر تكلفة إعادة تأهيل المعدات العسكرية وتجديد المخزونات بنحو 15 مليار دولار. وحتى سبتمبر (أيلول) 2024، أسفرت الحرب عن وفاة 1630 جندياً ومدنياً، وإصابة نحو 6000 شخص، وتُقدر تكاليف إعادة تأهيلهم وتعويض عائلاتهم بنحو 15 مليار دولار.

منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية تعترض الصواريخ كما شوهدت من عسقلان (رويترز)

المخاطر الاقتصادية المتفاقمة

تسببت الحرب مع «حماس» في تفاقم المخاطر الاقتصادية بسبب غياب سياسة اقتصادية ملائمة. تركِّز الحكومة على القطاعات غير المنتجة. وزيادة نفقات الحرب أدت إلى تصعيد حالة عدم اليقين المحيطة بموازنة 2025، مما زاد من مخاطر الاقتراض وصعوبات إعادة التضخم إلى مستوياته المستهدفة. ونتيجة لذلك، ارتفعت مخاطر الركود التضخمي، وهو تحدٍّ كبير للسياسة الاقتصادية. ووفقاً للبيانات الرسمية، تسارع التضخم في أغسطس (آب) بشكل أكبر من المتوقع؛ حيث بلغ معدل التضخم السنوي 3.6 في المائة، وهو الأعلى منذ أكتوبر، متجاوزاً هدف الحكومة بين 1 و3 في المائة للشهر الثاني على التوالي.

وفي ظل هذا القدر الكبير من عدم اليقين، فإن أسعار الفائدة المرتفعة التي يفرضها بنك إسرائيل، والتي تصل إلى 4.5 في المائة تخنق النمو، وتجعل من الصعب على الأسر تلبية التزاماتها، مثل أقساط الرهن العقاري.

كما تفاقمت المشكلات التي كانت تعاني منها إسرائيل قبل 7 أكتوبر، مثل نقص البنية التحتية، وانخفاض الإنتاجية، وارتفاع أسعار السكن. كذلك انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.1 في المائة في الأسابيع الأولى من الحرب، وتواصل الانخفاض في 2024 بتراجع قدره 1.1 في المائة، و1.4 في المائة في الربعين الأولين.

في يوليو (تموز) 2024، خفض بنك إسرائيل توقعاته للنمو إلى 1.5 في المائة، بعد أن كانت 2.8 في المائة في بداية العام. وفي سبتمبر، توقعت وكالة «ستاندرد آند بورز» نمواً صفرياً لعام 2024، وعجزاً بنسبة 9 في المائة نتيجة لتصاعد النزاع مع «حزب الله».

ورغم تمكن الاقتصاد الإسرائيلي من التكيف مع أزمة «كوفيد - 19» بفضل هيمنة قطاع التكنولوجيا الفائقة الذي يمثل 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، فإن الحرب الحالية تختلف عن أزمة الجائحة؛ حيث تؤثر بشكل مستمر على الاقتصاد بدلاً من أن تكون مؤقتة.

النظام المالي والتصنيف الائتماني بعد 7 أكتوبر

انخفضت قيمة الشيقل إلى نحو 4 شواقل لكل دولار. وأعلن بنك إسرائيل عن استعداده للتدخل في سوق العملات الأجنبية بتخصيص حتى 30 مليار دولار من احتياطياته، مما ساهم في استقرار سعر الشيقل.

وفي أكتوبر 2023، باع البنك نحو 8 مليارات دولار لضمان نشاط سوق الصرف.

وبعد إعلان إسرائيل عن عملية برية في جنوب لبنان، هبط الشيقل 1.1 في المائة أمام الدولار. وارتفعت تكلفة التأمين ضد مخاطر التعثر في سداد الديون السيادية الإسرائيلية إلى أعلى مستوى منذ 12 عاماً، مدفوعة بتصعيد العمليات العسكرية في لبنان والهجمات الصاروخية الإيرانية.

وفقاً لبيانات «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، قفزت مبادلات مخاطر الائتمان لأجل 5 سنوات لإسرائيل 10 نقاط أساس، لتسجل 160 نقطة أساس، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2012. ودفعت الحالة المالية المتدهورة في إسرائيل وكالات التصنيف الائتماني الكبرى إلى خفض تصنيف البلاد.

فقد خفضت وكالة «فيتش» تصنيف إسرائيل من «إيه+» إلى «إيه» في أغسطس، بينما خفضت «موديز» تصنيفها في سبتمبر مرتين، مشيرة إلى المخاطر الجيوسياسية المتزايدة والنزاع المستمر مع «حزب الله»، لتنخفض من «إيه 2» إلى «بي إيه إيه 1» مع نظرة مستقبلية سلبية. كما قامت «ستاندرد آند بورز» بتقليص تصنيفها من «إيه+» إلى «إيه» بشكل غير متوقع، مضيفة نظرة سلبية أيضاً.

تدهور التصنيع والعمالة وتراجع الاستثمار

أدى استدعاء الاحتياط عند بدء الحرب إلى تدهور التصنيع المحلي؛ حيث شمل نحو 8 في المائة من قوة العمل، مما أثر سلباً على الصناعات وقطاع التكنولوجيا الفائقة والزراعة. كما تسببت مغادرة كثير من السائقين في اضطرابات بسلاسل الإمداد؛ خصوصاً في قطاع البناء، بينما زاد قطاعا «التكنولوجيا العالية» و«المالية» من نسبة العاملين عن بُعد.

وتُظهر سوق العمل تناقضاً؛ حيث يبقى معدل البطالة منخفضاً رغم النمو البطيء، ويرجع ذلك إلى نقص نحو 100 ألف عامل فلسطيني. فقد قفز معدل البطالة من 3.5 في المائة في سبتمبر إلى 9.3 في المائة في أكتوبر، ورغم تراجعها إلى 2.8 في المائة في يوليو، فإن ذلك لم يكن نتيجة لخلق فرص عمل جديدة؛ بل بسبب إخراج جزء من العاطلين عن العمل من التعريف الرسمي.

كما أثرت الحرب بشكل عميق على قطاعات معينة من الاقتصاد. فقد تباطأ قطاع البناء بنسبة تقارب الثلث خلال الشهرين الأولين من الحرب، وهو قطاع يشكل نحو 6.5 في المائة من الناتج المحلي. وتأثرت أنشطته بشدة بعد منع نحو 100 ألف عامل فلسطيني من دخول إسرائيل، وعودة نحو 15 ألف عامل أجنبي إلى بلدانهم.

كما انخفض إنتاج الزراعة بنسبة تصل إلى الربع في بعض المناطق، مما زاد من الحاجة لاستيراد المواد الغذائية. وتأثرت الأعمال الصغيرة والمتناهية الصغر بشكل كبير بالحرب؛ حيث فاق عدد الشركات المغلقة عدد الجديدة.

وتظهر التوقعات أن ما يصل إلى 60 ألف شركة إسرائيلية قد تغلق في 2024 بسبب نقص العمالة، وانقطاع سلاسل التوريد، وتراجع ثقة الأعمال، بينما تؤجل شركات كثيرة مشاريعها. كما تراجع الاستثمار الأجنبي في قطاع التكنولوجيا الفائقة الذي يمثل نحو 50 في المائة من صادرات إسرائيل، مما دفع بعض الشركات للانتقال للخارج.

وفي قطاع السياحة، انخفض عدد السياح بشكل دراماتيكي؛ حيث يواجه واحد من كل عشرة فنادق احتمال الإغلاق.

ووفقاً لمكتب الإحصاء المركزي، انخفضت السياحة بأكثر من 75 في المائة. كما علقت شركات طيران أجنبية كثيرة رحلاتها، مما أثر على واردات الشحن الجوي، وزاد من تكلفة الشحن البحري نتيجة ارتفاع المخاطر.

أما الصناعة، فقد تأثرت أيضاً بنقص العمالة بسبب استدعاء الاحتياط، مع زيادة الطلب في قطاعات الصناعات الغذائية والأمن والأدوية. كما عانت المصانع المنتجة للمواد الخام لقطاع البناء من تراجع الطلب، بسبب توقف العمل في مواقع البناء.

عمال التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل يحتجون ضد خطة الحكومة للإصلاح القضائي في تل أبيب (رويترز)

نوع مختلف من الحرب

تُعد الحرب الحالية متميزة عن سابقاتها بسبب نطاقها الواسع وطبيعتها المعقدة؛ حيث تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية تؤثر بعمق على الاقتصاد والمجتمع الإسرائيلي.

ويكمن الاختلاف الرئيسي في أن الحرب الحالية لا تؤثر فقط على القطاعات التقليدية، بل تمتد أيضاً لتشمل قطاعات أكثر حساسية، مثل التكنولوجيا الفائقة والاستثمار الأجنبي والسياحة.

فقد ساهم استدعاء الاحتياط والعمليات العسكرية المكثفة في تفاقم الأضرار الاقتصادية بشكل ملحوظ. كما أن تداخل الصراع على الجبهتين (غزة ولبنان) يضيف بُعداً جيوسياسياً يزيد من تعقيد الوضع، ويخلق ضغوطاً طويلة الأمد على الاقتصاد.

إضافة إلى ذلك، لم تُظهر السياسات الحكومية استجابة سريعة أو فعالة لتخفيف حدة هذه الأزمة، مما يزيد من القلق حول معدلات النمو.

على سبيل المثال لا الحصر، جاءت موازنة 2024 مخيبة للآمال؛ إذ افتقرت إلى محركات نمو واضحة وإصلاحات اقتصادية فعالة، كما غابت عنها خطة مُحكمة للخروج من الأزمة الحالية.

وفي ظل غياب تدابير تقشفية حاسمة، من المتوقع أن يؤدي العجز المالي إلى رفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 80 في المائة بحلول عام 2025، مما يزيد من مخاطر حدوث أزمة مالية قد تهدد استقرار الاقتصاد الإسرائيلي.


مقالات ذات صلة

«مورغان ستانلي»: «المركزي التركي» قد يخفض الفائدة إلى 48 %

الاقتصاد مقر البنك المركزي التركي (رويترز)

«مورغان ستانلي»: «المركزي التركي» قد يخفض الفائدة إلى 48 %

يسود ترقب واسع لقرار البنك المركزي التركي بشأن سعر الفائدة الذي من المقرر أن يعلنه عقب اجتماع لجنته للسياسة النقدية الأخير للعام الحالي يوم الخميس المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد مبنى غرفة المدينة المنورة (الموقع الرسمي)

الأحد... «منتدى المدينة المنورة للاستثمار» ينطلق بفرص تتجاوز 15 مليار دولار

تنطلق، يوم الأحد، أعمال «منتدى المدينة المنورة للاستثمار» (غرب السعودية) بمشاركة 18 متحدثاً وأكثر من 40 جهة تقدم 200 فرصة استثمارية بقيمة تتجاوز 57 مليار ريال.

«الشرق الأوسط» (المدينة المنورة)
الاقتصاد صرَّاف يجري معاملة بالدولار الأميركي والليرة السورية لصالح أحد العملاء في أحد شوارع دمشق (أ.ف.ب)

مستقبل الإيرادات في سوريا… تحديات وفرص أمام الحكومة المؤقتة

تشهد سوريا تحديات واسعة مع الحديث عن مرحلة ما بعد سقوط نظام بشار الأسد، حول كيفية تأمين الإيرادات اللازمة للحكومة السورية المؤقتة.

مساعد الزياني (الرياض)
الاقتصاد العلم الوطني يرفرف فوق مقر البنك المركزي الروسي في موسكو (رويترز)

«المركزي الروسي» يفاجئ الأسواق ويثبت أسعار الفائدة

أبقى البنك المركزي الروسي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 21 في المائة، يوم الجمعة، مما فاجأ السوق التي كانت تتوقّع زيادة تبلغ نقطتين مئويتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد ناقلة نفطية راسية في ميناء روستوك الألماني (رويترز)

مخاوف الطلب وقوة الدولار يدفعان النفط لتراجع أسبوعي 3 %

انخفضت أسعار النفط، الجمعة، وسط مخاوف بشأن نمو الطلب خلال 2025، خصوصاً في الصين، أكبر مستورد للخام

«الشرق الأوسط» (لندن)

«مورغان ستانلي»: «المركزي التركي» قد يخفض الفائدة إلى 48 %

مقر البنك المركزي التركي (رويترز)
مقر البنك المركزي التركي (رويترز)
TT

«مورغان ستانلي»: «المركزي التركي» قد يخفض الفائدة إلى 48 %

مقر البنك المركزي التركي (رويترز)
مقر البنك المركزي التركي (رويترز)

يسود ترقب واسع لقرار البنك المركزي التركي بشأن سعر الفائدة الذي من المقرر أن يعلنه عقب اجتماع لجنته للسياسة النقدية الأخير للعام الحالي يوم الخميس المقبل.

وتوقعت مؤسسة «مورغان ستانلي» الأميركية أن يبدأ البنك المركزي التركي خفض سعر الفائدة الرئيسي 200 نقطة أساس في اجتماعه، الخميس المقبل، لينخفض من 50 إلى 48 في المائة.

وكشف أحدث تقرير لـ«مورغان ستانلي» نشرته وسائل إعلام تركية السبت، عن أن «المركزي التركي» قد يتبع ذلك بتخفيضات أخرى في أسعار الفائدة، مع توقع خفضين إضافيين بمقدار 200 نقطة أساس بحلول نهاية الربع الأول من عام 2025، وهو ما سيؤدي إلى خفض سعر الفائدة إلى 44 في المائة بحلول مارس (آذار) المقبل.

وقدر تقرير «مورغان ستانلي» أن التضخم الرئيسي سينخفض ​​إلى 39 في المائة بحلول مارس، قائلا: «نرى أن التضخم الرئيسي سينخفض ​​إلى 39 في المائة بحلول مارس، ما يعني متوسط ​​سعر فائدة حقيقيا بعد ذلك بنحو نقطة مئوية في الربع الأول من عام 2025».

وأضاف: «ومع ذلك، فإن مسألة ما إذا كان هذا المستوى من الأسعار الحقيقية ضيقاً بما فيه الكفاية، ستعتمد على البيانات القادمة»، لافتا إلى أن عدم اليقين المحيط بتعديلات الحد الأدنى للأجور لعام 2025 يضيف تعقيداً إلى القرارات النقدية للبنك المركزي التركي.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «مورغان ستانلي» أن تكون زيادة الحد الأدنى للأجور في تركيا في نطاق يتراوح ما بين 30 إلى 35 في المائة من الحد الأدنى الحالي، وهو 17 ألف ليرة تركية.

ورجح الخبراء أن تؤثر أي زيادة كبيرة في الحد الأدنى للأجور على التضخم، ما قد يضيق من مساحة الحركة أمام البنك المركزي للتيسير النقدي.

متسوقة تعاين الأسعار في إحدى أسواق السوبر ماركت في إسطنبول (إعلام تركي)

وتقدر «مورغان ستانلي» أن زيادة الأجور بمقدار 10 في المائة قد تضيف 2 إلى 2.5 نقطة مئوية إلى توقعات التضخم.

توقعات التضخم

وعدل البنك المركزي التركي، الجمعة، توقعات التضخم في نهاية العام إلى 45.25 في المائة، وفقاً لنتائج استطلاع المشاركين في السوق لشهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي، من 44.81 في المائة في استطلاع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ولحسب نتائج الاستطلاع، الذي شارك فيه 69 من ممثلي القطاعين المالي والحقيقي، انخفضت توقعات التضخم خلال الشهور الـ12 المقبلة إلى 27.07 في المائة، مقابل 27.20 في المائة في الاستطلاع السابق.

وبالنسبة إلى سعر الفائدة، أظهر الاستطلاع انخفاضاً طفيفاً في توقعات الفائدة على القروض إلى 48.59 في المائة، مقابل 50 المائة في استطلاع الشهر الماضي.

وتوقع اقتصاديون أتراك أن يخفض البنك المركزي سعر الفائدة بمقدار 150 نقطة أساس في اجتماع الخميس إلى 48.50 في المائة، بعدما حافظ عليه عند 50 في المائة لثمانية أشهر.

وتراوحت توقعات الاقتصاديين لسعر الفائدة بين 47.50 في المائة و50 في المائة، بمتوسط 48.50 في المائة، وكان متوسط ​​توقعات الاقتصاديين لسعر الفائدة في نهاية عام 2025 هو 29.50 في المائة.

ظروف غير مواتية

بدوره، عد رئيس جامعة «توبكابي» في إسطنبول، الدكتور إيمري ألكين، إعلان البنك المركزي بشأن ضرورة تحديد الحد الأدنى للأجور وفقاً للتضخم المتوقع، بمثابة اعتراف بأننا «نحتاج إلى إجراءات صادمة في الوقت الحالي».

أتراك يتجولون في «السوق المصري» في إسطنبول (إعلام تركي)

وحذر ألكين من أن الوضع حاليا لا يسير على ما يرام، ومسار التضخم ليس جيدا كما كان يعتقد، وفي هذه الحالة لا ينبغي للبنك المركزي أن يخفض أسعار الفائدة في اجتماع الخميس.

وقال: «إذا لم يتمكن الناس من الحصول على قروض أرخص ولم ينته خطر التضخم، باعتراف البنك الكرزي الذي يعترف بأنه لا تزال هناك مشكلة خطيرة تتعلق بالتضخم، فلماذا يتعين عليه خفض أسعار الفائدة؟».

وقال ألكين: «على الأرجح يتعرض البنك المركزي لضغط شديد جدا، من الحكومة لأن هناك دائما شكاوى، والجميع لا يشعرون بارتياح، سواء في عالم السياسة أو الأعمال، والمواطنون منزعجون، وهذا يخلق قدرا هائلا من التوتر، ولذلك يجب على الإدارة الاقتصادية الآن أن تقترب قليلا من المواطنين وعالم الأعمال».