كابوس مساكن الصين يغزو القرى الجنوبية بعد الشمال المزدهر

مع انخفاض متوسط الأسعار للشهر الرابع عشر على التوالي

مناطق سكنية وتجارية في مدينة ييوو بمقاطعة زيغيانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
مناطق سكنية وتجارية في مدينة ييوو بمقاطعة زيغيانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

كابوس مساكن الصين يغزو القرى الجنوبية بعد الشمال المزدهر

مناطق سكنية وتجارية في مدينة ييوو بمقاطعة زيغيانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
مناطق سكنية وتجارية في مدينة ييوو بمقاطعة زيغيانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

لطالما سعى مشترو المساكن الصينيون، الذين لديهم ميزانية محدودة، إلى هيغانغ، وهي مدينة مزدهرة سابقة للفحم على الحدود الروسية. والآن، ومع انتشار أزمة العقارات في الصين، بدأت أسعار هيغانغ المنخفضة تظهر في المناطق الأكثر ثراءً، في تهديد جديد للاقتصاد.

وهبطت أسعار المساكن الجديدة في 70 مدينة رئيسية، بما في ذلك بكين، للشهر الرابع عشر في أغسطس (آب)، على الرغم من التراجعات الدرامية في سياسات الشراء التي كانت مقيدة في الصين في وقت من الأوقات... بل إن الأسعار في الجنوب النابض بالحياة اقتصادياً هبطت، ما أثار مناقشات مكثفة على وسائل التواصل الاجتماعي حول انكماش أسعار العقارات المتزايد.

وفي هويزو، وهي مدينة جنوبية، كانت سوق العقارات فيها مزدهرة ذات يوم بسبب قربها من شنتشن، ووفرة الشقق المطلة على البحر، دفعت ويندي يي وزوجها في عام 2021 نحو 11000 يوان (1551 دولاراً) مقابل المتر المربع في شقة. وانخفضت قيمة منزلهما منذ ذلك الحين بنسبة مذهلة بلغت 45.5 بالمائة إلى 6000 يوان للمتر المربع.

وأدى الانخفاض الحاد إلى تحويل استثمار الزوجين إلى مصدر للتوتر المستمر، والذي تفاقم بسبب رهن عقاري شهري كبير بقيمة 9000 يوان على شقة ثانية في شنتشن. وقالت يي، وهي معلمة في مدرسة ابتدائية، إنها تفكر في الاقتراض من والديها لتخفيف بعض الضغوط المالية بعد خفض راتبها مؤخراً.

وقالت يي لـ«رويترز»: «أحاول ألا أركز على انخفاض الأصول في الوقت الحالي، لكن ضغط الرهن العقاري ثقيل».

وفي جميع أنحاء الصين، انخفضت قيم المساكن المتوسطة بنحو 30 بالمائة عن أعلى مستوياتها في عام 2021، بعد أن فرضت السلطات قيوداً صارمة على الديون المفرطة بين المطورين في صيف عام 2020. وقد أثار ذلك أزمات نقدية شديدة، وأدى إلى مشاريع غير مكتملة، وتخلف عن السداد وحتى احتجاجات عامة من قبل مشتري المنازل، ما أثّر سلباً على معنويات السوق.

وأدى الركود العقاري المطول إلى تآكل ثروة الأسر الصينية، التي غالباً ما تعدّ منازلها أكبر استثمار لها، ما أدى إلى تجميد الطلب المحلي، وتقويض النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وارتفعت مبيعات التجزئة، وهي مقياس رئيسي للاستهلاك، بنسبة 2.1 بالمائة فقط في أغسطس، مقارنة بنمو بنحو 8 بالمائة قبل «كوفيد-19».

وقال لين سونغ، كبير خبراء الاقتصاد الصيني في بنك «آي إن جي»: «من الصعب للغاية أن نتوقع من الأسر أن تنفق بثقة إذا كانت قيمة أكبر أصولها تتراجع كل شهر».

ويحذر المحللون من أن انخفاض أسعار المساكن الجديدة والقائمة في جنوب الصين قد يؤدي أيضاً إلى سلسلة من ردود الفعل تؤثر على أكبر اقتصادات المقاطعات في البلاد، بما في ذلك قوانغدونغ.

ومن شأن موجة جديدة من مشتري المساكن المترددين أن تضرب مبيعات أكبر المطورين في الصين، والتي يقع مقر عدد منها في قوانغتشو ومدن جنوبية أخرى، ما يكبح جماح خططهم الاستثمارية.

وقال ما هونغ، كبير المحللين في مؤسسة أبحاث «جي دي دي سي إي»: «إن انخفاض الاستثمار العقاري الإجمالي في الصين بنسبة 10 بالمائة سنوياً قد يؤدي مباشرة إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.5 بالمائة». كما أن التردد في الاستثمار من شأنه أن يبطئ مشتريات المطورين للأراضي من الحكومات المحلية.

وأضاف ما: «إن انخفاض مبيعات الأراضي من شأنه أن يضعف المواقف المالية للحكومات المحلية، خصوصاً الأموال المتاحة للاستثمار في الاقتصادات المحلية».

وكانت هيغانغ مدينة فحم صاخبة، ساعدت في تغذية التصنيع في الصين، ولكنها أصبحت سوق العقارات الأرخص في السنوات الأخيرة، بسبب تراجع قطاعي التعدين والصناعة وهجرة السكان. ويبلغ متوسط ​​الأسعار 1878 يواناً للمتر المربع، وفقاً لشركة «أنجوك»، وهي منصة تسعير العقارات الصينية الكبرى.

ولا يزال البعض ينظر إلى منازل هيغانغ الرخيصة بوصفها جنة للشباب ذوي الرواتب الصغيرة. وتظل عبارات مثل «30 ألفاً لشراء جناح في هيغانغ»، و«تعال إلى هيغانغ للاسترخاء» من بين الوسوم الشائعة على وسائل التواصل الاجتماعي.

ولكن في الجنوب، لا يُنظر إلى أسعار العقارات المنخفضة على أنها حافز للشراء، ولكن علامة على الضيق الاقتصادي الأوسع، وعلامة خطر لمشتري المنازل.

في قوانغدونغ، أكبر اقتصاد إقليمي في الصين، انخفضت الأسعار في مدن مثل جيانغ، وهي مركز صغير للنسيج، وتشينغيوان، وهي مركز لوجستي محلي، إلى مستويات هيغانغ.

وقال وكلاء عقارات محليون لـ«رويترز» إن شقة مساحتها 132 متراً مربعاً في جيانغ يمكن الحصول عليها مقابل 238 ألف يوان (1831 يواناً للمتر المربع)، ووحدة مساحتها 110 أمتار مربعة مقابل 148 ألف يوان (1345 يواناً للمتر المربع). وفي تشينغيوان، انخفضت الأسعار المتوسطة بنسبة 23.9 بالمائة منذ أواخر عام 2019 قبل الوباء، وقبل حملة بكين الصارمة على الديون بين المطورين، وفقاً لبيانات «أنجوك».

وقال أحد سكان تشينغيوان، واسمه يو، 20 عاماً: «تظهر تشينغيوان علامات على أنها ستصبح مثل هيغانغ. وأدى اعتماد المدينة على صناعة واحدة، ونقص فرص العمل إلى تدفق السكان إلى الخارج، وحلقة مفرغة... ويرى الشباب ذلك على أنه فخ وليس يوتوبيا».


مقالات ذات صلة

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

الاقتصاد مبنى اتحاد الغرف السعودية في الرياض (الموقع الإلكتروني لاتحاد الغرف السعودية)

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

أعلن اتحاد الغرف السعودية تشكيل أول لجنة وطنية من نوعها للطاقة والبتروكيماويات تحت مظلة القطاع الخاص، لتعزيز مشاركته في صناعة سياسات هذا القطاع الحيوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

أعلنت وزارة الطاقة السعودية انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود، وذلك ضمن مساعي البلاد لدعم الجهود الدولية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف السعودية إلى «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1»، مشيرة إلى جهودها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك) «الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أبراج إدارية وخدمية في الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

حاكم تكساس يأمر الوكالات المحلية ببيع أصولها في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية وكالات الولاية بالتوقف عن الاستثمار في الصين، وبيع أصول هناك في أقرب وقت ممكن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بكين)

مجموعة «أداني»: الاتهامات الأميركية مرتبطة بعقد تجاري واحد

رجل يسير أمام مكتب شركة «أداني غروب» بمدينة جورجاون بالهند (رويترز)
رجل يسير أمام مكتب شركة «أداني غروب» بمدينة جورجاون بالهند (رويترز)
TT

مجموعة «أداني»: الاتهامات الأميركية مرتبطة بعقد تجاري واحد

رجل يسير أمام مكتب شركة «أداني غروب» بمدينة جورجاون بالهند (رويترز)
رجل يسير أمام مكتب شركة «أداني غروب» بمدينة جورجاون بالهند (رويترز)

قال جوجيشيندر سينغ المدير المالي لمجموعة «أداني»، اليوم السبت، إن لائحة الاتهامات التي وجهتها الولايات المتحدة للملياردير الهندي جوتام أداني مرتبطة بعقد واحد لشركة «أداني غرين إنرجي» يشكل نحو 10 في المائة من أعمالها، ولم توجه اتهامات لأي شركات أخرى في المجموعة بارتكاب مخالفات.

ووجه ممثلو ادعاء أميركيون يوم الأربعاء اتهامات إلى جوتام أداني، رئيس مجموعة «أداني» الهندية العملاقة وأحد أثرياء العالم وسبعة متهمين آخرين بالاحتيال لموافقتهم على دفع نحو 265 مليون دولار في شكل رشاوى لمسؤولين حكوميين هنود للحصول على عقود توريد في الطاقة الشمسية.

ونفى أداني جميع الاتهامات ووصفها بأنها «لا أساس لها من الصحة». وسعى المدير المالي للمجموعة لدحض الاتهامات اليوم السبت قائلاً إنها لم تطل أياً من الشركات المطروحة في البورصة التابعة لأداني وعددها 11 أو يتم اتهامها «بارتكاب أي مخالفات» في القضية.

وقال سينغ على «إكس» إن الاتهامات الواردة في لائحة الاتهام الأميركية تتعلق «بعقد واحد لشركة (أداني غرين)، والذي يمثل نحو 10 في المائة من إجمالي أعمال (أداني غرين)».

وتمثل اتهامات الادعاء العام الأميركي أكبر انتكاسة لمجموعة «أداني» الهندية التي تبلغ قيمتها 143 مليار دولار، والتي تضررت العام الماضي من اتهامات شركة «هيندينبورغ ريسيرش» بشأن الاستخدام غير السليم للملاذات الضريبية الخارجية، وهو ما نفته الشركة.

وللاتهامات الأميركية بالفعل تأثير كبير على المجموعة، إذ هوت أسهمها وتدرس بعض البنوك العالمية وقف إصدار ديون جديدة لها مؤقتاً، كما ألغت كينيا صفقتين مع «أداني» بقيمة تزيد عن 2.5 مليار دولار.