هيئة رقابية تحذّر: مالية الحكومة البريطانية تسير على مسار «غير مستدام»

قالت إن الضغوط الديموغرافية وتكاليف تغير المناخ ستؤثر على الموازنة

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يلقي كلمة في لندن (أ.ب)
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يلقي كلمة في لندن (أ.ب)
TT

هيئة رقابية تحذّر: مالية الحكومة البريطانية تسير على مسار «غير مستدام»

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يلقي كلمة في لندن (أ.ب)
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يلقي كلمة في لندن (أ.ب)

حذّرت هيئة مراقبة المالية العامة من أن الدين العام في المملكة المتحدة يسير على مسار تصاعدي «غير مستدام» بسبب اتجاهات مثل شيخوخة السكان وتكاليف تغير المناخ، وأن جبل الديون سيتضاعف ثلاث مرات تقريباً ليتجاوز 270 في المائة من الدخل الوطني على مدى السنوات الخمسين المقبلة.

من المتوقع أن يؤدي ارتفاع الإنفاق العام إلى ارتفاع نسبة الدين العام إلى 274 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات الخمسين المقبلة، مقارنة بأقل من 100 في المائة الآن، وفقاً لمكتب مسؤولية الموازنة. وخلال الفترة نفسها، من المتوقع أن يرتفع الإنفاق العام من 45 إلى أكثر من 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، حتى مع بقاء الإيرادات عند نحو 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وقال مكتب مسؤولية الموازنة في تقريره عن المخاطر المالية والاستدامة الصادر الخميس، والذي يحلل الاتجاهات الأطول أجلاً في مالية المملكة المتحدة: «تظهر هذه التوقعات أن الدين على مسار غير مستدام على مدى السنوات الخمسين المقبلة».

يأتي ذلك في وقت تحذّر حكومة حزب العمال من الخيارات المؤلمة قبل موازنتها الأولى، والتي تقول إنها ضرورية لمعالجة الإنفاق العام الزائد في العام والذي بلغ ما يقرب من 22 مليار جنيه إسترليني.

وأشارت وزيرة الخزانة راشيل ريفز إلى أن الضرائب سترتفع في موازنة 30 أكتوبر (تشرين الأول)، جنباً إلى جنب مع القرارات الصعبة بشأن الإنفاق والرعاية الاجتماعية، حيث تحاول الحكومة تعزيز المالية العامة.

في أحدث موازنة، في ظل الإدارة المحافظة السابقة، بلغ الدين 98.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي - وهو أعلى مستوى له منذ أوائل الستينات.

وقال تقرير مكتب مسؤولية الموازنة: «بالإضافة إلى حتمية المزيد من الصدمات، تواجه الحكومات في المملكة المتحدة وحول العالم عدداً من الضغوط الأطول أمداً والتي من المرجح أن تثقل كاهل ماليتها العامة بشكل أكبر». ووجدت الهيئة الرقابية أن فترة مستدامة من السياسة المالية الأكثر صرامة ستكون ضرورية لإعادة المالية العامة إلى حالة أكثر صحة.

وفقاً لتوقعاتها المركزية، فإن سحب الدين إلى مستويات ما قبل الوباء سيتطلب خفضاً متوسطاً للموازنة بنسبة 1.5 في المائة لكل عِقد على مدى نصف القرن.

يمكن التخفيف من ارتفاع الديون إذا عززت البلاد النتائج الصحية في السكان وبدأت الجهود المبذولة للحد من الانحباس الحراري العالمي تؤتي ثمارها.

لكن المكاسب الأكبر ستنبع من الجهود الناجحة لرفع الإمكانات الاقتصادية للاقتصاد. كل زيادة بنسبة 0.1 في المائة في نمو الإنتاجية تقلل من ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 25 نقطة مئوية، حسب مكتب مسؤولية الموازنة. وعلى هذا النحو، فإن زيادة بنسبة 1 في المائة في نمو الإنتاجية، والتي من شأنها أن تعيد الزيادات إلى المعدلات التي شوهدت قبل الأزمة المالية، يمكن أن تبقي الدين أقل من 100 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي طوال السنوات الخمسين المقبلة، وفقاً صحيفة «فاينانشال تايمز».

وقال دارين جونز، السكرتير الأول لوزارة الخزانة، إن تقرير مكتب مسؤولية الموازنة كشف عن أن المالية العامة في «حالة صادمة». وأضاف: «لهذا السبب بدأت هذه الحكومة العمل على الفور لمعالجة الميراث باختيارات صعبة بشأن الإنفاق جنباً إلى جنب مع العمل الطموح لدفع النمو. من خلال إصلاح الأسس، سنعيد بناء بريطانيا ونجعل كل جزء من البلاد أفضل حالاً».

وأشار مكتب مسؤولية الموازنة إلى ثلاثة ضغوط طويلة الأجل على المالية العامة في المملكة المتحدة، وهي الشيخوخة السكانية والتوترات الجيوسياسية المتزايدة. وتضيف الأخيرة إلى الإنفاق، حيث تهدف الحكومة إلى زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 2.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وقال إن الشيخوخة السكانية، مع انخفاض معدل المواليد وجيل «طفرة المواليد» الذي ينتقل إلى التقاعد، من المرجح أن يؤثر على الإيرادات ويدفع الإنفاق إلى الارتفاع. ومن المتوقع أن يزيد عدد سكان المملكة المتحدة بمقدار 13 مليون شخص بحلول عام 2070، مع ثلثي هذا التوسع بين أولئك الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو أكثر، وهو العمر الذي تبدأ فيه تكاليف الرعاية الصحية للفرد في الارتفاع بشكل حاد.

وحذّر مكتب مسؤولية الموازنة من أن تغير المناخ، بما في ذلك التكاليف المالية لإكمال الانتقال إلى الصفر الصافي مع التعامل أيضاً مع الأضرار الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة والطقس الأكثر شدة، من المرجح أن يرفع الدين العام بنسبة تتراوح بين 20 و30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.


مقالات ذات صلة

خبير جيوسياسي ﻟ«الشرق الأوسط»: سياسة الصين في أفريقيا تتعثّر

العالم الرئيس الصيني شي جينبينغ (وسط الصورة) وقادة أفارقة خلال التقاط صورة جماعية خلال قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي (FOCAC) في قاعة الشعب الكبرى في بكين، الصين، 5 سبتمبر 2024 (رويترز)

خبير جيوسياسي ﻟ«الشرق الأوسط»: سياسة الصين في أفريقيا تتعثّر

في مقابلة خاصة مع صحيفة «الشرق الأوسط» يتحدث البروفيسور الفرنسي كزافييه أوريغان، الخبير بشؤون العلاقات الصينية - الأفريقية، عن واقع العلاقات بين الصين وأفريقيا.

شادي عبد الساتر (بيروت)
الاقتصاد ميشال بارنييه يتحدّث خلال اليوم الثاني من الجلسة العامة في البرلمان الأوروبي ببروكسل (رويترز)

ميشال بارنييه يعزّز الأسواق الفرنسية: الأسهم والديون واليورو تشهد صعوداً ملحوظاً

ارتفعت أسعار الديون الحكومية الفرنسية إلى جانب أسهم المصارف واليورو بعد تعيين ميشال بارنييه رئيساً جديداً للوزراء.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد منظر عام لمنطقة أدابراكا في أكرا (رويترز)

غانا تطلق عرض إعادة هيكلة لسنداتها البالغة 13 مليار دولار

دعت غانا حاملي سنداتها الدولية التي تبلغ قيمتها نحو 13 مليار دولار إلى مبادلة حيازاتهم بأدوات جديدة.

«الشرق الأوسط» (أكرا)
الاقتصاد الرئيس الصيني يلقي كلمته الرئيسية في حفل افتتاح القمة التاسعة لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي (رويترز)

«إنفوغراف»: كيف تتوزع القروض الصينية إلى بلدان أفريقيا؟

ضخت الصين أكثر من 180 مليار دولار من القروض الممولة من الحكومة، عن طريق مبادرتها «الحزام والطريق» على مدى أكثر من عقدين من الزمن.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا الرئيس الصيني شي جينبينغ وزوجته بنغ لي يوان يصلان إلى قاعة للترحيب بقادة دول أفريقية خلال حفل استقبال في منتدى التعاون الصيني الأفريقي في قاعة الشعب الكبرى في بكين، الصين 4 سبتمبر 2024 (رويترز)

خبير فرنسي: الصين لم تعد تملك الوسائل لتحقيق طموحاتها في أفريقيا

يرى الخبير الفرنسي كزافييه أوريغان المتخصص بالعلاقات الصينية - الأفريقية، أن الصين لم تعد تمتلك الوسائل لتحقيق طموحاتها في أفريقيا.

شادي عبد الساتر (بيروت)

«سدايا» السعودية توقع مذكرتي تفاهم مع «أوراكل» و«ديل» في مجال الذكاء الاصطناعي

صورة جماعية بعد توقيع مذكرة التفاهم بين «سدايا» و«أوراكل» (واس)
صورة جماعية بعد توقيع مذكرة التفاهم بين «سدايا» و«أوراكل» (واس)
TT

«سدايا» السعودية توقع مذكرتي تفاهم مع «أوراكل» و«ديل» في مجال الذكاء الاصطناعي

صورة جماعية بعد توقيع مذكرة التفاهم بين «سدايا» و«أوراكل» (واس)
صورة جماعية بعد توقيع مذكرة التفاهم بين «سدايا» و«أوراكل» (واس)

وقّعت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» وشركة «أوراكل» الأميركية، الخميس، مذكرة تفاهم تهدف إلى تعزيز وعي المواطنين ورفع مستوى مهارات المواهب الوطنية في مجالات البيانات والذكاء الاصطناعي لدعم سوق العمل من خلال سلسلة من المبادرات التعاونية.

كذلك، أبرمت «سدايا»، خلال أعمال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي التي تختتم أعمالها اليوم في الرياض، مذكرة تفاهم مع «ديل» للتكنولوجيا، بهدف بناء القدرات في الذكاء الاصطناعي وتطوير المواهب الوطنية في المملكة.

صورة جماعية بعد توقيع مذكرة التفاهم بين «سدايا» و«ديل» (واس)

وتشمل المذكرة بين «سدايا» و«أوراكل» تقديم ورشات العمل والبرامج التدريبية الشاملة التي تقدم الشهادات الاحترافية في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي.

ونصّت المذكرة، على تعاون الطرفين في بناء القدرات الوطنية في مجالات الذكاء الاصطناعي والبيانات، من خلال تقديم سلسلة من البرامج والمبادرات المشتركة بين أكاديمية «سدايا» وأكاديمية «أوراكل».

في حين، تتضمن مذكرة التفاهم بين «سدايا» و«ديل» تنظيم ورش عمل وبرامج تدريبية متخصصة، تركز على علوم البيانات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وصممت لتعزيز قدرات المواهب الوطنية بالخبرة العملية والمعرفة النظرية حول مفاهيم الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته.

وتدعم هذه الشراكة تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي في المملكة، وتطوير قوة عمل ماهرة في مجالات البيانات والذكاء الاصطناعي التي تشهد توسعاً سريعاً، علاوة على تقديم برنامج تدريب داخلي يوفر للأفراد المؤهلين فرصة اكتساب خبرة عملية في مجالي الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات.

وسيحصل المشاركون في هذه البرامج التدريبية على شهادات مهنية من شركة «ديل» تعزز فرصهم المهنية في قطاع الذكاء الاصطناعي.