«المراجعات» تظهر نمواً يابانياً أقل من التقييمات الأولية

الأسواق عادت نقطة جذب لصناديق التحوط بعد طول تهميش

مشاة يعبرون شارعاً مزدحماً في العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
مشاة يعبرون شارعاً مزدحماً في العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
TT

«المراجعات» تظهر نمواً يابانياً أقل من التقييمات الأولية

مشاة يعبرون شارعاً مزدحماً في العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
مشاة يعبرون شارعاً مزدحماً في العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

أظهرت بيانات حكومية يوم الاثنين أن اقتصاد اليابان توسع في الفترة من أبريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران) بوتيرة أبطأ قليلاً مما ورد في التقييمات الأولية، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى التعديلات النزولية في الإنفاق المؤسسي والشخصي.

وأظهرت البيانات المعدلة لمكتب مجلس الوزراء أن الناتج المحلي الإجمالي الياباني توسع بنسبة سنوية بلغت 2.9 في المائة في الربع الثاني مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة، مقابل متوسط ​​توقعات خبراء الاقتصاد لنمو بنسبة 3.2 في المائة، وارتفاع بنسبة 3.1 في المائة في التقدير الأولي. ويترجم الرقم المعدل إلى توسع ربع سنوي بنسبة 0.7 في المائة من حيث الأسعار المعدلة، مقارنة بارتفاع بنسبة 0.8 في المائة صدر الشهر الماضي.

ويتوقع المحللون أن يستمر الاقتصاد الياباني في التحسن تدريجيا بدعم من الاتجاهات الإيجابية في الأجور والإنفاق الشخصي وإنفاق الشركات، في حين تظل المخاطر قائمة من العوامل الخارجية مثل التباطؤ المحتمل في الاقتصاد الأميركي والصيني.

ورفع بنك اليابان في يوليو (تموز) سعر الفائدة الرئيسي إلى 0.25 في المائة، وتحرص الأسواق على قياس توقيت خطوته التالية على أساس الاستهلاك وغيره من البيانات.

ولم يتوقع أي من خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم الشهر الماضي رفع أسعار الفائدة في اجتماعات وضع السياسات المقبلة يومي 19 و20 سبتمبر (أيلول)، في حين توقع أغلبهم تشديد السياسة النقدية بحلول نهاية العام.

وصعد عنصر الإنفاق الرأسمالي في الناتج المحلي الإجمالي، وهو مقياس لقوة الطلب الخاص، بنسبة 0.8 في المائة في الربع الثاني، بعد تعديله نزولاً من ارتفاع بنسبة 0.9 في المائة في التقدير الأولي. وكان خبراء الاقتصاد قد قدروا ارتفاعاً بنسبة 1.0 في المائة.

وزاد الاستهلاك الخاص، الذي يمثل أكثر من نصف الاقتصاد الياباني، بنسبة 0.9 في المائة، مقابل القراءة الأولية لنمو بنسبة 1.0 في المائة.

وخفض الطلب الخارجي، أو الصادرات ناقص الواردات، النمو بمقدار 0.1 نقطة مئوية، دون تغيير عن القراءة الأولية. ومن ناحية أخرى، ساهم الطلب المحلي بنحو 0.8 نقطة مئوية.

ومن جهة أخرى، أظهرت بيانات بنك اليابان المركزي الصادرة يوم الاثنين نمو قيمة الإقراض المصرفي في البلاد خلال الشهر الماضي بنسبة 3 في المائة سنويا إلى 624 تريليون ين (نحو 4.36 تريليون دولار)، وهو ما جاء متفقا مع توقعات المحللين بعد نمو حجم الإقراض المصرفي في الشهر السابق بنسبة 3.2 في المائة سنويا.

ومع استبعاد صناديق الادخار، زاد الإقراض المصرفي خلال أغسطس (آب) الماضي بنسبة 3.4 في المائة سنويا إلى 546.7 تريليون ين، في حين ارتفع الإقراض من صناديق الادخار بنسبة 0.7 في المائة إلى 77.5 تريليون ين. كما يذكر أن الإقراض من البنوك الأجنبية العاملة في اليابان زاد بنسبة 24.7 في المائة إلى 4.9 تريليون ين.

وفي غضون ذلك، برزت اليابان كواحدة من أبرز وجهات قطاع صناديق التحوط الخافتة في آسيا، والتي تبلغ قيمتها 400 مليار دولار، حيث اجتذبت إطلاق صناديق بينما عانت مناطق أخرى من الإغلاق، في مؤشر على أن التقلبات الجامحة في أغسطس لم تعرقل انتعاش أسواق رأس المال اليابانية.

وتجاوزت عمليات تصفية صناديق التحوط في آسيا عمليات الإطلاق الجديدة منذ عام 2023، ويرجع ذلك في الغالب إلى تعثر سوق الأسهم في الصين. ومع ذلك، شهد عدد الصناديق التي تركز على اليابان زيادة صافية بأكثر من 10 مرات خلال هذه الفترة، وفقاً لبيانات «بريكوين».

وتم إطلاق خمسة صناديق أخرى على الأقل تركز على اليابان في الربعين الثالث والرابع من العام، وتتراوح استراتيجياتها بين الأسهم الطويلة والقصيرة والكمية، وفقاً لصناديق أو أشخاص مطلعين على خططهم. وتأتي عمليات الإطلاق من الداخل والخارج، وتلقى استحساناً من المستثمرين.

وتشير هذه المصادر إلى الثقة في اليابان بعدما تجاهلتها صناديق التحوط وقطاع عريض من المستثمرين الآخرين لفترة طويلة، والتي هزتها مؤخراً أكبر ضربة للأسهم في يوم واحد منذ عام 1987. وتؤكد المصادر أن أسواق اليابان المالية تعود إلى الحياة بعد عقود من التهميش بالنسبة للعديد من المستثمرين الكبار.

وقال سويتشي أوتسومي، مؤسس شركة «شينكا كابيتال مانجمنت» التي تطلق صندوقاً للأسهم الطويلة والقصيرة في اليابان: «اليابان تتغير أخيراً بطريقة إيجابية، مع التضخم ونمو الأجور... لم أر قط مثل هذه الاتجاهات الكبيرة في حياتي المهنية بأكملها».

وبلغت أسواق الأسهم اليابانية أعلى مستوياتها على الإطلاق في يوليو، وسط موجة من الاهتمام الأجنبي وحملة إصلاح حوكمة الشركات. كما أن أسعار الفائدة في منطقة إيجابية وترتفع لأول مرة منذ زمن بعيد مع نمو الاقتصاد.

وقال أوتسومي إن صندوقه سيركز على تغيير الحوكمة والفرص في أسعار الفائدة المرتفعة، ويقول المستشارون إن الموضوعات تلقى صدى لدى المستثمرين. وقال جون كابليس، الرئيس التنفيذي لشركة أبحاث صناديق التحوط «بيفوتال باث»: «لقد رأينا المزيد من الاهتمام من المديرين الذين يركزون على اليابان».


مقالات ذات صلة

بين الدمار والضغوط المالية... تداعيات اقتصادية كارثية تضرب لبنان وإسرائيل

الاقتصاد دخان يتصاعد فوق جنوب لبنان بعد الغارات الإسرائيلية (رويترز)

بين الدمار والضغوط المالية... تداعيات اقتصادية كارثية تضرب لبنان وإسرائيل

شكَّل النزاع بين إسرائيل و«حزب الله» محطةً فاصلة؛ حملت في طياتها تداعيات اقتصادية وإنسانية عميقة على كلٍّ من لبنان وإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)

وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

قال وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، إنه يسعى لتغيير قواعد الديون التي تم التفاوض عليها بشق الأنفس داخل الاتحاد الأوروبي، واصفاً إياها بـ«الخطر الأمني».

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد رجل يعدُّ أوراق الدولار الأميركي بمحل صرافة في بيروت (رويترز)

سندات لبنان السيادية ترتفع لأعلى مستوى في عامين وسط آمال بوقف إطلاق النار

ارتفعت سندات لبنان السيادية المقوَّمة بالدولار إلى أعلى مستوياتها منذ عامين؛ حيث راهن المستثمرون على أن الهدنة المحتملة مع إسرائيل قد تدفع لتحسين اقتصاد البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)

مجلس الوزراء السعودي يقر ميزانية الدولة للعام المالي 2025

أقر مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ميزانية العام المالي 2025، التي تتوقع إيرادات بقيمة 1.184 تريليون ريال.

الاقتصاد رجل يمر أمام لوحة تحمل شعار «نيبون ستيل» على مقرها في العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

اليابان تناشد بايدن الموافقة على صفقة «نيبون - يو إس ستيل»

أرسل رئيس الوزراء الياباني، شيغيرو إيشيبا، رسالةً إلى الرئيس الأميركي جو بايدن يطلب منه الموافقة على استحواذ «نيبون ستيل» على «يو إس ستيل».

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

محضر «الفيدرالي»: المسؤولون أيَّدوا وتيرة تدريجية لخفض أسعار الفائدة

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

محضر «الفيدرالي»: المسؤولون أيَّدوا وتيرة تدريجية لخفض أسعار الفائدة

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

أيَّد مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي التحرك «تدريجياً» نحو خفض أسعار الفائدة، في ظل النمو الاقتصادي الأميركي الأقوى من المتوقع، وتلاشي المخاوف بشأن صحة سوق العمل، وفقاً لمحضر اجتماع نوفمبر (تشرين الثاني).

ويشير محضر الاجتماع إلى أن مسؤولي البنك المركزي الأميركي لم يعودوا يرون حاجة ملحة للوصول بسرعة إلى مستوى أسعار «محايدة» لا يعوق النمو، بعد خفض كبير بنحو نصف نقطة في سبتمبر (أيلول).

وفي اجتماع نوفمبر، خفَّضت لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة إلى نطاق 4.5- 4.75 في المائة، وهو الخفض الثاني.

ويجتمع بنك الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر (كانون الأول)، وهو اجتماعه الأخير قبل عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

ومن المتوقع أن يمضي البنك المركزي قدماً بخفض آخر بنحو ربع نقطة، على الرغم من أن المسؤولين يراقبون البيانات الواردة من كثب.

وقال رئيس البنك، جيروم بأول، في وقت سابق من هذا الشهر، إن الاقتصاد الأميركي القوي يعني أن البنك المركزي لا يحتاج إلى «التسرع» في خفض أسعار الفائدة.

ولا يزال التضخم -على الرغم من انخفاضه الحاد عن ذروته في عام 2022- أعلى من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة.

وأشار مسؤولو البنك المركزي إلى أن التضخم كان يتراجع، وفقاً للمحضر؛ لكن البعض حذَّر من أنه قد يستغرق وقتاً أطول من المتوقع، نظراً للقوة الأساسية للاقتصاد، واحتمال أن تؤدي المخاطر الجيوسياسية وانقطاعات سلسلة التوريد إلى إبطاء الانخفاض.

وأظهر أحدث تقرير لمؤشر أسعار المستهلك ارتفاع التضخم إلى 2.6 في المائة، بعد زيادة بنسبة 0.2 في المائة على أساس شهري.

واتخذ المسؤولون أيضاً موقفاً أكثر تفاؤلاً مما كان عليه في اجتماعهم السابق بشأن آفاق سوق العمل، قائلين إنه «لا توجد علامة» على التدهور السريع.

ومع ذلك، فإن التوقف المؤقت في خفض أسعار الفائدة سيكون مبرراً «إذا ظل التضخم مرتفعاً»، كما أشار المحضر، وهو ما يعكس وجهة نظر توم باركين، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند، وعضو التصويت في لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية لهذا العام، لصحيفة «فايننشيال تايمز» في مقابلة الأسبوع الماضي. وقال: «إذا كان التضخم يظل أعلى من هدفنا، فهذا يجعل من الضروري توخي الحذر بشأن خفض أسعار الفائدة... إذا كانت معدلات البطالة تتسارع، فإن هذا يجعل القضية أكثر توجهاً نحو المستقبل».

وحسب أسواق العقود الآجلة، يفضل المتداولون خفضاً آخر بمقدار ربع نقطة مئوية في ديسمبر. وقال نيل كاشكاري، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس، هذا الأسبوع، إن خفض أسعار الفائدة في ديسمبر «معقول»، في حين أيد رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو أوستن غولسبي فكرة تخفيضات أسعار الفائدة الإضافية.