«أسبوع عاصف» للنفط وسط مخاوف الطلب

«الوظائف الأميركية» لم تفلح في تحسين الموقف

مضخات ومخازن نفطية في أحد الحقول بكندا (رويترز)
مضخات ومخازن نفطية في أحد الحقول بكندا (رويترز)
TT

«أسبوع عاصف» للنفط وسط مخاوف الطلب

مضخات ومخازن نفطية في أحد الحقول بكندا (رويترز)
مضخات ومخازن نفطية في أحد الحقول بكندا (رويترز)

ارتفعت أسعار النفط قليلاً، الجمعة، عقب نشر بيانات التوظيف الأميركية، لكنها كانت في طريقها لتكبد خسارة أسبوعية كبيرة؛ حيث طغت مخاوف الطلب على تأخير زيادات الإمدادات من جانب منتجي أوبك بلس.

وصعدت العقود الآجلة لخام برنت 21 سنتاً أو 0.29 في المائة إلى 73.07 دولار للبرميل بحلول الساعة 14:16 بتوقيت غرينتش. وارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 25 سنتاً أو 0.36 في المائة إلى 69.57 دولار. وعلى مدار الأسبوع، كان برنت في طريقه لتسجيل انخفاض بنسبة 7 في المائة، بينما كان خام غرب تكساس الوسيط يتجه نحو انخفاض بنحو 5 في المائة.

وبعد أسبوع من الإشارات المتضاربة بشأن الاقتصاد الأميركي، أظهرت البيانات ارتفاع الوظائف في الولايات المتحدة بأقل من المتوقع في أغسطس (آب)، لكن انخفاض معدل البطالة إلى 4.2 في المائة يشير إلى استمرار تباطؤ معتدل في سوق العمل قد لا يستدعي خفضاً كبيراً لسعر الفائدة في اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) هذا الشهر. وكان نشاط قطاع الخدمات الأميركي ثابتاً في أغسطس، لكن نمو الوظائف الخاصة تباطأ، ليظل متسقاً مع سوق العمل المتراجعة.

وقال ييب جون رونغ، استراتيجي السوق في «آي جي»، إن ذكريات عمليات البيع في أوائل أغسطس في الأسواق العالمية أبقت المستثمرين حذرين من خطر أن ظروف العمل الأميركية قد تقدم جانباً سلبياً مفاجئاً.

واستقر خام برنت، الخميس، عند أدنى مستوى له منذ يونيو (حزيران) 2023؛ حيث عوضت المخاوف بشأن الطلب الأميركي والصيني الدعم من الانسحاب الكبير من مخزونات النفط الأميركية وقرار أوبك بلس، الخميس، بتأجيل زيادات إنتاج النفط المخطط لها.

وانخفضت مخزونات الخام بمقدار 6.9 مليون برميل إلى 418.3 مليون برميل، مقارنة بانخفاض متوقع قدره 993 ألف برميل في استطلاع أجرته «رويترز» للمحللين. بينما ضغطت الإشارات إلى أن الفصائل المتنافسة في ليبيا قد تكون أقرب إلى اتفاق لإنهاء النزاع الذي أوقف صادرات البلاد من النفط على أسعار النفط هذا الأسبوع. ولا تزال الصادرات مغلقة في الغالب، ولكن تم السماح ببعض التحميلات من التخزين.

وخفض بنك أوف أميركا توقعاته لسعر برنت للنصف الثاني من عام 2024 إلى 75 دولاراً للبرميل من نحو 90 دولاراً سابقاً، مشيراً إلى بناء المخزونات العالمية وضعف نمو الطلب والقدرة الإنتاجية الاحتياطية لأوبك بلس.

واتفق تحالف أوبك بلس، الخميس، على إرجاء زيادة إنتاج النفط المقررة في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني). وأضاف أنه قد يعلق تنفيذ الزيادة لفترة أطول أو يتراجع عنها إذا لزم الأمر.

ومن جانبه، قال بنك جيه بي مورغان في مذكرة، مساء الخميس، إنه يتوقع أن يبقي تحالف أوبك بلس على مستويات إنتاجه الحالية لمدة عام آخر على الأقل، بما سيجعل سعر خام برنت يسجل في المتوسط 75 دولاراً في 2025.

وقال جيه بي مورغان إن فرصة الإلغاء التدريجي لتخفيضات الإنتاج تبددت الآن، وإنه من المتوقع أن تنخفض الأسعار إلى مستوى 60 دولاراً للبرميل بحلول نهاية عام 2025. وأضاف البنك: «60 دولاراً ليس سعراً جيداً للمنتجين ولا المستهلكين، وستحتاج أوبك إلى خفض أعمق للإنتاج بمقدار مليون برميل يومياً، إذا كان التحالف سيلتزم بإدارة السوق».


مقالات ذات صلة

«مورغان ستانلي»: «المركزي التركي» قد يخفض الفائدة إلى 48 %

الاقتصاد مقر البنك المركزي التركي (رويترز)

«مورغان ستانلي»: «المركزي التركي» قد يخفض الفائدة إلى 48 %

يسود ترقب واسع لقرار البنك المركزي التركي بشأن سعر الفائدة الذي من المقرر أن يعلنه عقب اجتماع لجنته للسياسة النقدية الأخير للعام الحالي يوم الخميس المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد مبنى غرفة المدينة المنورة (الموقع الرسمي)

الأحد... «منتدى المدينة المنورة للاستثمار» ينطلق بفرص تتجاوز 15 مليار دولار

تنطلق، يوم الأحد، أعمال «منتدى المدينة المنورة للاستثمار» (غرب السعودية) بمشاركة 18 متحدثاً وأكثر من 40 جهة تقدم 200 فرصة استثمارية بقيمة تتجاوز 57 مليار ريال.

«الشرق الأوسط» (المدينة المنورة)
الاقتصاد صرَّاف يجري معاملة بالدولار الأميركي والليرة السورية لصالح أحد العملاء في أحد شوارع دمشق (أ.ف.ب)

مستقبل الإيرادات في سوريا… تحديات وفرص أمام الحكومة المؤقتة

تشهد سوريا تحديات واسعة مع الحديث عن مرحلة ما بعد سقوط نظام بشار الأسد، حول كيفية تأمين الإيرادات اللازمة للحكومة السورية المؤقتة.

مساعد الزياني (الرياض)
الاقتصاد العلم الوطني يرفرف فوق مقر البنك المركزي الروسي في موسكو (رويترز)

«المركزي الروسي» يفاجئ الأسواق ويثبت أسعار الفائدة

أبقى البنك المركزي الروسي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 21 في المائة، يوم الجمعة، مما فاجأ السوق التي كانت تتوقّع زيادة تبلغ نقطتين مئويتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد ناقلة نفطية راسية في ميناء روستوك الألماني (رويترز)

مخاوف الطلب وقوة الدولار يدفعان النفط لتراجع أسبوعي 3 %

انخفضت أسعار النفط، الجمعة، وسط مخاوف بشأن نمو الطلب خلال 2025، خصوصاً في الصين، أكبر مستورد للخام

«الشرق الأوسط» (لندن)

عام حاسم لباول: هل سيتمكن من تحقيق الهبوط الناعم قبل نهاية ولايته؟

جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)
جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)
TT

عام حاسم لباول: هل سيتمكن من تحقيق الهبوط الناعم قبل نهاية ولايته؟

جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)
جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)

من المرجح أن يكون العام المقبل آخر عام كامل لرئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، في منصبه على رأس البنك المركزي الأميركي، حيث من المقرر أن تنتهي ولايته في مايو (أيار) 2026. وعليه، تتوجه الأنظار نحو تقييم إرثه والآفاق المستقبلية للبنك المركزي، بعد أن شكّلت فترة رئاسته مرحلة حرجة في تاريخ السياسة النقدية الأميركية، إذ واجه خلالها تحديات اقتصادية عالمية وتحولات غير مسبوقة في الأسواق المالية.

وفيما يلي قائمة بأولوياته وطموحاته لإنهاء فترة قيادته بشكل إيجابي، وتقديم إرث يدوم في تاريخ «الاحتياطي الفيدرالي»، وفقاً لما أوردته «رويترز».

إشارة «توقف» واضحة

تتمثل المهمة الرئيسية لباول في «إتمام الهبوط الناعم» مع وصول التضخم إلى 2 في المائة والعمالة كاملة، في بيئة اقتصادية قد تكون أكثر تعقيداً بسبب السياسات الضريبية والجمركية والهجرة التي قد تجعل من الصعب فهم المشهد الاقتصادي، وفقاً لما صرح به دونالد كون، نائب رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» السابق، الذي يعمل الآن زميلاً كبيراً في مؤسسة «بروكينغز».

وعلى الرغم من الانتقادات التي وُجهت إلى باول بسبب تأخر رفع أسعار الفائدة في بداية تسارع التضخم في عام 2021، فإن الزيادات السريعة التي تم تنفيذها في أسعار الفائدة، والعودة التدريجية للاقتصاد العالمي إلى وضعه الطبيعي بعد جائحة كوفيد-19، قد جعلت التضخم قريباً من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة. لكن المهمة لم تكتمل بعد. على مدار العام المقبل، سيضطر باول إلى توجيه النقاش بين صانعي السياسة بشأن متى يجب التوقف عن خفض أسعار الفائدة دون المبالغة في ذلك، مما قد يؤدي إلى انتعاش التضخم، أو التباطؤ بشكل مفرط مما يتسبب في تدهور سوق العمل، مع الأخذ في الاعتبار السياسات الاقتصادية التي قد تنفذها إدارة ترمب الجديدة.

بيئة مالية مستقرة

وَعَدَ الرئيس المنتخب، دونالد ترمب، بإجراء تغييرات واسعة في السياسات الضريبية والتجارية والهجرة والتنظيمية التي قد تجعل مهمة «الاحتياطي الفيدرالي» في الحفاظ على الأسعار المستقرة وتحقيق التوظيف الكامل أكثر صعوبة. ومع احتمالية تشغيل الاقتصاد عند أو فوق إمكاناته، قد تؤدي الضرائب المنخفضة أو التنظيمات الأكثر تساهلاً إلى زيادة التضخم عن طريق تعزيز الطلب والنمو بشكل أكبر؛ بينما قد تؤدي عمليات الترحيل الواسعة للمهاجرين إلى تقليص العرض العمالي مما يضع ضغوطاً على الأجور والأسعار؛ كما يمكن أن ترفع التعريفات الجمركية من تكلفة السلع المستوردة.

لكن الآثار لن تكون أحادية الاتجاه، فأسعار الاستيراد المرتفعة قد تضعف الطلب أو تحول المستهلكين إلى البدائل المحلية، على سبيل المثال، مما يفرض على «الاحتياطي الفيدرالي» بذل جهد لفهم التأثير الكامل للسياسات التي قد يستغرق تنفيذها وقتاً طويلاً، وقد يكون تحديد كيفية تأثير ذلك على القضايا التي تهم «الاحتياطي الفيدرالي»، مثل التضخم ومعدل البطالة، أحد التحديات الرئيسية لباول في المرحلة الأخيرة من قيادته للبنك المركزي.

نهاية هادئة للتشديد الكمي

شهدت حيازة «الاحتياطي الفيدرالي» للسندات الأميركية والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري انفجاراً خلال جائحة كوفيد-19 في إطار جهوده للحفاظ على استقرار الأسواق ودعم التعافي الاقتصادي. الآن، يقوم البنك المركزي بتقليص ميزانيته العمومية مع انتهاء صلاحية الأوراق المالية المستحقة، وهي عملية تعرف بالتشديد الكمي.

وهناك حد لما يمكن أن تصل إليه الميزانية العمومية قبل أن تترك النظام المالي دون احتياطيات كافية. وبشكل عام، يرغب باول وزملاؤه في أن تستمر فترة الارتفاع لأطول فترة ممكنة، ولكنهم يريدون أيضاً تجنب تعطيل أسواق التمويل بين عشية وضحاها كما حدث في عام 2019.

كما أن العثور على نقطة التوقف الصحيحة وتحديد كيفية إدارة الميزانية العمومية في المستقبل هو جزء من العمل غير المكتمل من عملية الإنقاذ المالي المرتبطة بالوباء، التي يحتاج باول إلى إتمامها لإعادة السياسة النقدية إلى «طبيعتها».

إطار عمل أقوى

جزء من إرث باول سيكون مرتبطاً بالتغييرات في استراتيجية السياسة النقدية التي ناقشها «الاحتياطي الفيدرالي» في عام 2019، ووافق عليها في عام 2020، عندما كان تركيز البنك المركزي مُنصبّاً على معالجة البطالة الضخمة التي نشأت بسبب الجائحة. ومع عقد من التضخم المنخفض كخلفية، اعتمدوا إطار عمل جديداً يضع وزناً أكبر على تعافي سوق العمل، ووعد باستخدام فترات التضخم المرتفع لتعويض الأخطاء السابقة في استهداف التضخم.

لكن هذا النهج أصبح سريعاً غير متوافق مع اقتصاد تعافى فيه سوق العمل بسرعة، وفي عام 2021 بدأت تظهر علامات على تصاعد التضخم.

واعترف باول بأن التغييرات التي أشرف عليها في 2020 كانت مركزة على مجموعة من الظروف التي من المحتمل أن تكون فريدة، وسوف يتم مراجعتها هذا العام لتحديد ما إذا كان يجب تعديل الإطار مرة أخرى.

وتكمن أحد التحديات في كيف يمكن التأكد من أن الإرشادات التشغيلية تتجنب الالتزام المفرط بأي من ولايتين لـ«الاحتياطي الفيدرالي». وقال إد الحسيني، الاستراتيجي الكبير في الأسواق العالمية في «كولومبيا ثريدنيدل»: «إذا خرج (الاحتياطي الفيدرالي) من هذه الحلقة مع تركيز أقل على التوظيف مقارنة بالتضخم، فإننا نعرض أنفسنا للعودة إلى بيئة حيث يتجاوز التضخم الهدف، وتستغرق تعافي الوظائف من الركود وقتاً أطول من اللازم».

تجنب حرب تنظيمية

بالإضافة إلى السياسة المالية، قد تحاول إدارة ترمب إجراء إصلاحات في كيفية تنظيم البنوك، وهي منطقة يتولى فيها «الاحتياطي الفيدرالي» مسؤولية مباشرة بوصفه جهة إشرافية، بالإضافة إلى اهتمامات أوسع تتعلق بالاستقرار المالي والسياسة النقدية مثل «المقرض الأخير» للمؤسسات المالية التي تتمتع بالجدارة الائتمانية ولكنها تواجه ضغوطاً في الأسواق.

وركز باول الكثير من وقته بصفته رئيساً لـ«الاحتياطي الفيدرالي» في بناء علاقات مع أعضاء الكونغرس، وهذه الروابط قد تكون مهمة مع مناقشة المشرعين للتغييرات المحتملة في لوائح البنوك والهيكل الإشرافي الذي يُنفذ هذه التغييرات.

وقال ديفيد بيكويرث، زميل أبحاث أول في مركز مرشاتوس بجامعة «جورج ميسون»: «أعتقد أنه ستكون هناك بعض المحاولات الكبيرة من إدارة ترمب لتغيير كيفية تنفيذ الحكومة الفيدرالية للسياسة المالية»، وأضاف: «قد تكون هناك أيضاً دعوات لإصلاح (الاحتياطي الفيدرالي) بشكل عام. آمل أن يضع باول (الاحتياطي الفيدرالي) في أفضل وضع ممكن للتعامل مع التغيير الكبير المحتمل».