تباين أداء قطاعي التصنيع والخدمات يثير القلق في أسواق الأسهم الأميركية

وسط مخاوف متجددة من الركود

متداول في بورصة نيويورك للأوراق المالية (أ.ف.ب)
متداول في بورصة نيويورك للأوراق المالية (أ.ف.ب)
TT

تباين أداء قطاعي التصنيع والخدمات يثير القلق في أسواق الأسهم الأميركية

متداول في بورصة نيويورك للأوراق المالية (أ.ف.ب)
متداول في بورصة نيويورك للأوراق المالية (أ.ف.ب)

تتسبب الفجوة الصارخة بين أداء قطاع التصنيع في الولايات المتحدة وقطاع الخدمات الأكثر هيمنة في صداع شديد لأسواق الأسهم في لحظة حرجة تتأرجح فيها ثقة المستثمرين.

ويسعى المستثمرون اليائسون لتحليل المزاج الاقتصادي وسط مخاوف متجددة من الركود، ويراقبون استطلاعات الأعمال الشهرية بحثاً عن علامات على التباطؤ، وفق «رويترز».

ولكن ما تقوله المصانع وشركات الخدمات في الوقت الحالي يبدو متناقضاً، حيث تواصل شركات التصنيع الأميركية تسجيل انخفاضات في النشاط الإجمالي، كما حدث خلال أغلب العامين الماضيين أثناء ضغوط أسعار الفائدة.

واتفق كل من استطلاعي معهد إدارة التوريد و«ستاندرد آند بورز غلوبال» على هذا في أغسطس (آب)، حيث بدأت السحب القاتمة في الصين وأوروبا تثقل كاهل قطاع المصانع.

وقد أبرزت تفاصيل بارزة في مسح معهد إدارة التوريد التصنيعي الجانب السلبي: ارتفاعا كبيرا في المخزونات المعلنة. وكان الارتفاع في أغسطس هو الأول منذ 18 شهراً.

ولكن من ناحية أخرى، عكس قطاع الخدمات الذي يواجه في معظمه تحديات محلية - والذي يمثل أكثر من 75 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الأميركي - صورة أكثر إشراقاً».

وسجل مسح «ستاندرد آند بورز غلوبال» لقطاع الخدمات في الولايات المتحدة لشهر أغسطس أسرع وتيرة توسع منذ أن بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة في مارس (آذار) 2022.

ونتيجة لذلك، فإن قراءة «ستاندرد آند بورز غلوبال» لجميع الصناعات تسير بشكل جيد حالياً، بالقرب من أفضل مستوياتها في أكثر من عامين.

وعلى الرغم من أن مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي لا تتجاوز 10 في المائة، فإن تراجع مؤشرات مديري المشتريات في القطاع الصناعي الأميركي قد هز أسواق الأسهم بقوة هذا الأسبوع.

وقد يعكس هذا القلق أن قراءات التصنيع تلتقط الآن معلومات حول شركات تصنيع الرقائق الساخنة التي تحتل مكانة بارزة للغاية في القيمة السوقية الإجمالية لمؤشرات الأسهم الرئيسية.

وعلى الرغم من أن حصة الولايات المتحدة في تصنيع الرقائق العالمية تبلغ حاليا 10 في المائة فقط، فإن قطاع تكنولوجيا المعلومات - الذي يضم كثيرا من شركات تصنيع الرقائق الكبرى - يمثل الآن ما يقرب من ثلث القيمة السوقية الإجمالية لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» البالغة 46 تريليون دولار.

وقد عززت جهود الإدارة الأميركية، من خلال قوانين مثل قانون الرقائق لعام 2022، طموحات إعادة إحياء الصناعة الأميركية، ما أثار آمالاً كبيرة بزيادة حصة الولايات المتحدة في سوق أشباه الموصلات لتصل إلى 14 في المائة بحلول عام 2032.

وعليه، فإن قراءات التصنيع السلبية قد تغذي المخاوف المتزايدة بشأن متانة موضوع الذكاء الاصطناعي السائد، وبالتالي تؤدي إلى استمرار الاضطرابات في السوق.

هل هذا خداع من المصانع؟

بغض النظر عن تقلبات السوق، فإن ما يقوله الانقسام بين الثروات السائدة على جانبي الاقتصاد عن الخطر الحقيقي للركود يظل سؤالاً مفتوحاً.

ورغم أن قطاع التصنيع لا يمثل سوى حصة ضئيلة من الناتج المحلي الإجمالي الأميركي، ولا يوظف سوى 8 في المائة من العمال الأميركيين، فإن طبيعته الدورية السيئة السمعة تعني أنه يمكن النظر إليه باعتباره مؤشراً على بداية انكماش الاقتصاد العالمي. ومن المؤكد أن هذا القطاع أكثر حساسية لحالة الاقتصاد العالمي ككل من قطاع الخدمات.

ولكن حتى لو تم اعتبار مسوحات التصنيع بمثابة إشارة تحذيرية، فإنها لم تشتعل بعد. ففي حين أظهرت قراءة معهد إدارة التوريد لشهر أغسطس تراجع النشاط للشهر الخامس على التوالي، فإن معهد إدارة التوريد نفسه يزعم أن مؤشر التصنيع الذي يقل عن خط الازدهار والكساد الذي يبلغ 50 نقطة ليس بالضرورة عاملاً في حد ذاته.

ويُصر على أن القراءات فوق مستوى 42.5 - والذي لم يتم اختراقه منذ أبريل (نيسان) 2020 - أشارت بمرور الوقت إلى استمرار توسع الاقتصاد الأوسع.

وإذا أضفنا إلى كل هذا هيمنة قطاع الخدمات وانتعاشه النسبي خلال فترة أواخر الصيف، فسوف يتضح لنا لماذا يحجم المستثمرون - على الرغم من الحذر المتزايد - عن الرهان على تباطؤ أوسع نطاقاً.

وتتجه كل التكهنات إلى تقرير التوظيف لتأكيد علامات ضعف سوق العمل التي تتسرب من كلا الاستطلاعين، فضلاً عن بيانات الوظائف الشاغرة والتسريحات من وقت سابق من الأسبوع.

وقد عاد انعكاس منحنى العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل من عامين إلى عشرة أعوام - والذي كان غالباً ما يبشر بالركود في الماضي - إلى الصِّفر هذا الأسبوع تحسباً لتقرير الوظائف الذي قد يوفر بعض الوضوح حول مدى صحة المخاوف بشأن الركود القادم.


مقالات ذات صلة

معهد «إيفو» يتوقع ركود الاقتصاد الألماني هذا العام

الاقتصاد العَلم الوطني الألماني يرفرف في برلين (رويترز)

معهد «إيفو» يتوقع ركود الاقتصاد الألماني هذا العام

من المتوقع أن يركد الاقتصاد الألماني هذا العام، حسبما أفاد معهد به «إيفو» الألماني يوم الخميس، متخلياً عن توقعاته السابقة بنمو قدره 0.4 في المائة.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد متجر بيع بالتجزئة يعلن عن وظيفة بدوام كامل في أوشنسايد بكاليفورنيا (رويترز)

تراجع فرص العمل في الولايات المتحدة مع ضعف الطلب على العمالة

سجلت الشركات الأميركية عدداً أقل من فرص العمل في يوليو مقارنة بالشهر السابق مما يشير إلى احتمال تباطؤ التوظيف بالأشهر المقبلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك للأوراق المالية (رويترز)

مخاوف الركود تتغلب على توقعات خفض الفائدة في الأسواق العالمية

أدت حالة القلق الزائدة بشأن التوقعات الاقتصادية للولايات المتحدة وشهر سبتمبر الذي يعد شهراً ضعيفاً تقليدياً لأسواق الأسهم إلى عاصفة مثالية جديدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد حلقات أولمبية للاحتفال بالإعلان الرسمي عن فوز باريس بمناقصة الألعاب الأولمبية (رويترز)

«الألعاب الأولمبية» تنعش مؤقتاً نشاط الأعمال في منطقة اليورو

حصل نشاط الأعمال في منطقة اليورو على دفعة من استضافة فرنسا للألعاب الأولمبية الشهر الماضي، لكن الركود في الكتلة من المحتمل أن يعود.

«الشرق الأوسط» (باريس - ألمانيا )
الاقتصاد مقر المصرف المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

لغز السياسة النقدية في منطقة اليورو... هل يتسبب في ركود جديد؟

يبدو أن أفضل تخمين للسوق هو أن المصرف المركزي الأوروبي لن يزيد من وتيرة رفع أسعار الفائدة في الدورة المقبلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

استثمار منتدى «أسواق الدين» لاكتشاف ديناميكيات السوق المالية السعودية

مؤتمر سابق تابع للأكاديمية المالية السعودية (الشرق الأوسط)
مؤتمر سابق تابع للأكاديمية المالية السعودية (الشرق الأوسط)
TT

استثمار منتدى «أسواق الدين» لاكتشاف ديناميكيات السوق المالية السعودية

مؤتمر سابق تابع للأكاديمية المالية السعودية (الشرق الأوسط)
مؤتمر سابق تابع للأكاديمية المالية السعودية (الشرق الأوسط)

ترتكز أعمال منتدى «أسواق الدين والمشتقات المالية 2024»، الذي ينطلق يوم الأحد في الرياض، على عدد من الأسس الرامية لاستكشاف ديناميكيات السوق المالية السعودية من خلال التطورات الناشئة ورؤى الخبراء، والرؤساء التنفيذيين في القطاع المالي للإسهام في تحقيق رؤية «الأكاديمية المالية» الهادفة لتسخير كافة إمكاناتها المادية والبشرية لتقديم خدمات تخصصية عالية المستوى تساعد في تحقيق أهداف رؤية البلاد، وتطوير القطاع وفق استراتيجية مستقبلية متكاملة وشاملة.

وتنظم الأكاديمية المالية منتدى «أسواق الدين والمشتقات المالية 2024»، برعاية محمد القويز، رئيس مجلس هيئة السوق المالية ورئيس مجلس أمناء الأكاديمية المالية، وبمشاركة قادة القطاع والخبراء والمختصين في مجال الأوراق المالية.

وأكد الرئيس التنفيذي للأكاديمية المالية مانع بن محمد آل خمسان، لـ«الشرق الأوسط»، أن إطلاق المنتدى يأتي تزامناً مع ما تشهده المملكة من تطور وتنمية في مختلف الجوانب التي تقودها «رؤية 2030» لتحقيق نتائج استثنائية في جميع قطاعات البلاد، لا سيما الاقتصادية التي تمثل ركيزة أساسية للمجتمع.

الرئيس التنفيذي للأكاديمية المالية مانع بن محمد آل خمسان

وواصل آل خمسان، أن الحدث جاء إسهاماً في تلك الجهود؛ إذ بادرت الأكاديمية المالية بتنظيم حدث مالي إقليمي بالشراكة مع مجموعة «تداول السعودية»، وتسعى من خلالها إلى استثمار هذا الحدث في بناء مجتمع مالي حيوي يسلط الضوء على الفرص الجذابة التي تقدمها السوق المالية السعودية.

محاور المنتدى

وتابع أن المنتدى يتناول عدداً من المحاور الأساسية في القطاعات المالية، مثل الشراكات الاستراتيجية مع البورصات المحلية والعالمية، والتي تم عقدها مع مجموعة «تداول السعودية» و«بورصة شيكاغو»، إضافةً إلى منظمات دولية مرموقة مثل معهد المحاسبين المعتمدين (CFA)، والجمعية العالمية للأسواق المالية (ICMA).

كما يركز المنتدى بشكل خاص على سوق الدين، وسوق المشتقات، وهي مجالات يُتوقع أن تشهد نمواً كبيراً في الفترة المقبلة، نظراً للتحولات الجارية على نظمها القانونية والتشريعية خلال الفترات الأخيرة، مفيداً بأن هذه السوق ستلعب دوراً حيوياً في تنويع مصادر التمويل وتعزيز السيولة. وقال آل خمسان إن الحدث يشكل وجهة رئيسية للمتحدثين المميزين في السوق المالية، إضافةً إلى الخبراء والمختصين، ويتقدمهم رئيس مجلس هيئة السوق المالية محمد القويز، إلى جانب نخبة من الرؤساء التنفيذيين من القطاع المحلي والإقليمي والدولي، ما يعطي أهمية كبرى للمنتدى، عبر إسهامه في قيادة تنمية القدرات البشرية من خلال مجموعة من الجلسات التي تتضمن حلولاً مصممة خصيصاً لتلبية الاحتياجات المتغيرة للقطاع المالي، وتمثل قيمة إضافية للمختصين في القطاع؛ لتسليطها الضوء على المفاهيم المرتبطة بالمتطلبات المالية وتوقع الاحتياجات المستقبلية.

وأضاف رئيس الأكاديمية المالية، أن سوق الدين والمشتقات المالية في المملكة تشهد نمواً كبيراً، ومتوقع لها أن تلعب دوراً حيوياً في تنويع مصادر التمويل وتعزيز السيولة خلال السنوات القادمة.

وستشهد هذه الأسواق توسعاً في إصدارات السندات والصكوك، نظراً لزيادة الاعتماد على هذه الأدوات لتمويل المشاريع الكبرى، بما في ذلك مشاريع البنية التحتية والطاقة، وكذلك ستشهد نمواً في استخدام المشتقات المالية كأدوات لإدارة المخاطر، خاصة مع تعزيز دور العقود الآجلة والخيارات في السوق السعودية.

وتوقع أيضاً زيادة في استثمارات الأجانب في السوق المالية السعودية، نتيجة لتحسين البيئة التنظيمية وارتفاع ثقة المستثمرين الدوليين.

التوجهات المستقبلية

وبحسب آل خمسان، فإن دور المنتدى هو تسليط الضوء على هذه التحولات من خلال جلسات حوارية ونقاشات تركز على التوجهات المستقبلية والتحديات التي تواجه هذه الأسواق، وتقديم رؤى حول الحلول المبتكرة لمواكبة تطورات الأسواق المالية عالمياً.

وأكمل أن المنتدى يعمل على تحقيق نتائج ملموسة من خلال مراقبة وقياس تأثير أنشطة وخدمات الأكاديمية المالية على التطوير الوظيفي للممارسين في القطاع، وغرس مبادئ وأنشطة التدريب المهني المستمر في القطاع المالي بالمملكة.

وأبان أن الأكاديمية المالية تسعى من خلال المنتدى إلى تحقيق عدة أهداف رئيسية، أهمها: تعزيز الحوار والتواصل بين القادة وصناع القرار وخبراء الأسواق المالية حول أحدث التطورات في أسواق الدين والمشتقات، واستكشاف الفرص التي يقدمها السوق السعودية في مجالَي السندات والصكوك، إلى جانب المشتقات المالية، بما يتماشى مع «رؤية 2030».

كما تهدف الأكاديمية من خلال الحدث لرفع الوعي وتبادل الخبرات حول الأدوات المالية الحديثة وإدارة المخاطر، وتعزيز مكانة المملكة كوجهة استثمارية رائدة على المستويين الإقليمي والدولي، من خلال التعاون مع جهات محلية ودولية مرموقة مثل مجموعة «تداول السعودية» و«بورصة شيكاغو» ومعهد المحاسبين المعتمدين.